كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

الذكر ، وغلظة الصوت ، وتدوير على الثديين ، وانفصال طرف الأنف ، ونزول المذي عند الملاعبة ، ونحوها.

وقد يحصل العلم ببعضها ، كطول اللّحية ، وغلظ الشارب ، وطول الشعر ، مع الغلظ في بعض ما مرّ.

ولو وجد المَني في الثوب المختصّ ، وحصل العلم ، فلا بحث في الثبوت ، ومع قيام الاحتمال لا ثبوت على إشكال. ولو وجد في المشترك ، لم يحكم به على أحدهما ، ويحتسبان بواحد في مثل الجمعة ، ونحوها.

ثانيها : العقل ، فلا يجب على ذي الجنون المُطبق مطلقاً ، والأدواري حال عروضه.

ثالثها : السلامة من المرض ، وجميع المضارّ الّتي يُخاف منها على نفس مُحترمة ، أو عرض محترم ، أو من تلف شي‌ء يجب حفظه ، أو مشقّة لا تُتحمّل ونحو ذلك.

رابعها : الطهارة من دم الحيض والنّفاس.

خامسها : السلامة من الإغماء الغالب على العقل.

ولو كان العروض في الأقسام الأربعة اختيارياً ، عُوقب على الفعل بعد تعلّق الوجوب ، وسقَطَ الوجوب.

سادسها : الخلوّ عن السفر الموجب للقَصر في الصلاة ، عدا ما استثني منه ، كصوم البدل في طريق الحجّ ، وصوم الحاجة في المدينة ، وكفّارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب.

وأمّا ما لم يوجب القَصر ، كسفر المقيم عشرة أيّام ، أو العاصي بسفره ، أو كثير السفر ما لم ينقض حكمه بإقامةٍ ، أو المتردّد ثلاثين يوماً ممّا هو بحكم الإقامة ، فكالحَضَر.

والخائف في محلّه ، والخارج بعد الزوال من محلّ الصوم يصوم ، وإن قصّر صلاته. وكذا الداخل قبله مُمسكاً ؛ لعدوله عن الإقامة بعد الزوال.

والمُقصر صومه يتمّ صلاته لو (١) حصل موجب الإتمام بعد الزوال. ومواضع

__________________

(١) في «ح» : ولو.

٢١

التخيير مقصورة على الصلاة ، وتفصيل الأحكام سبق في كتاب الصلاة.

سابعها : أن لا تكون مرضعة قليلة اللّبن ، أو شيخاً ، أو شيخةً ، أو ذا عطاش ، وهو داء لا يروي صاحبه ، فإنّه لا يجب عليهم الصوم ، وإن تمكّنوا منه ، وسيجي‌ء تفصيل الحال إن شاء الله تعالى.

ثامنها : أن لا يكون باعثاً على ضعفٍ يمنع عن مقاومة عدوّ طالبٍ لقتله ، أو هتك عِرضه ، أو قتل نفس أو هتك عِرض محترمين ، ونحو ذلك.

تاسعها : أن لا يكون مانعاً عن تحصيل قوت ضروري ، وفي الحكم بالرجوع إلى السؤال في تلك الحال خصوصاً لأرباب العزّة والجلال نهاية الإشكال.

عاشرها : أن لا يخاف على نفسه من جوع أو عطش أو نحوهما ؛ فإنّه يجب عليه الإفطار حينئذٍ. والأقوى أنّه لا يجوز له ابتداء ، وإن علم بالعروض. والظاهر أنّه لا يجوز الإفطار لو توقّف عليه قضاء دين أو أداء واجب ، كالجماع لمن مضى عليها أربعة أشهر إذا قلنا بفوريّته حينئذٍ ، أو كان لا يتمكّن إلا في النهار.

وهل يجب عليه أن يقصد السفر ويخرج إلى محلّ الترخّص ليؤدّي الواجب ، أو لا؟ الظاهر الثاني. ومتى اختلّ شرط من الشروط في جزء من النهار ارتفع الوجوب.

القسم الثاني : في شروط الصحّة

وهي أُمور :

أوّلها : ما مرّ من شرائط الوجوب عدا مسألة الشيخ والشيخة وما أُلحق بهما.

والمميّز من غير البالغ عبادته صحيحة على الأصحّ.

ثانيها : الإيمان ، فلا يصحّ صومُ غير المؤمن ، مُسلماً كان أو لا. وسقوط القضاء عنه إذا استبصر لطفاً لا يستلزم الصحّة ، بناءً على أنّها موافقة الأمر. والقول بالصحّة بهذا المعنى ، والبقاء على حالها حتّى يموت على حاله ، كالقول بالكشف ، بعيد.

ثالثها : أن لا يكون في شهر رمضان من غيره ، ولا في وقت معيّن لغيره ، فإن كان في وقت أحدهما بطل.

٢٢

رابعها : فراغ الذمّة من قضاء شهر رمضان في غير الإجارة لمن أراد صوم الندب ، والأقوى لحوق مطلق التحمّل ، وإن لم يكن عن إجارة بها.

خامسها : أن يكون المحلّ مُتّسعاً له على وفق إرادة الشارع.

فلو شرع في صوم تتابع الشهرين في وقت لا يسلَم له شهر ويوم ، بطل.

سادسها : النيّة ، وتتحقّق بكون الباعث عليه هو الله ؛ لأنّه الله ، أو القُرب إليه قُربَ الوجيه من الغلمان إلى السلطان ، أو إلى رحمته ، أو طلباً لرضوانه ، أو غفرانه ، أو خوفاً من سخطه ، أو شكراً لنعمه السابقة ، أو جلباً لنعمه الحقة في الدنيا أو الآخرة ، أو دفعاً لعقوبات الدنيا أو الآخرة ، أو حياءً منه ، أو قضاءً لما يلزم العبد من خدمة المعبود ، أو للمركّب منها ، إلى غير ذلك ، وقد سبق ما يُغني عن التفصيل. وتختلف المراتب باختلاف القصود.

وهي روح العمل ، فلو خلا منها كان بدناً بلا روح.

وقد ورد الحثّ عليها في القرآن المُبين ، قال الله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١).

وورد في متواتر الروايات عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآله الهداة : «إنّما الأعمال بالنيّات» (٢).

فتوقّف الصوم عليها ، بل سائر العبادات من المعلومات ، وهي في جميع العبادات بالشرطيّة أولى من الشطريّة.

وفيها أبحاث :

أوّلها : لا يُشترط فيها نيّة الوجه من الوجوب والندب ، ولا صفة الأداء ، والقضاء ، والأصالة ، والتحمّل ، فلو لم ينوها ، أو نوى شيئاً منها في محلّ ضدّه على وجه

__________________

(١) البيّنة : ٥.

(٢) التهذيب ٤ : ١٨٦ ح ٥١٩ ، أمالي الطوسي : ٦١٨ ح ١٨٦ ، دعائم الإسلام ١ : ١٥٦ ، صحيح البخاري ١ : ٦ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١.

٢٣

لا ينافي التعيين ، ولا يقتضي تغيّر النوع ، ولا التشريع ، صحّ. وكذا لو نوى صفة خارجة ، صحّ. ولو لزم منها التشريع ، عُوقب ، ولا فساد.

نعم لو توقّف التعيين على شي‌ء منها أو من غيرها ، لزمت نيّته.

والترديد بين الفعل وعدمه يُفسدها ، إلا ما كان لاحتمال طروء العارض من حيض أو سفر ونحوهما.

وكذا لو ردّد بين نوعين متغايرين ، أو عيّن أحد المحتملين ، وإن أصاب الواقع. فمن ردّد بين شعبان ورمضان ، أو بين أحدهما وغيرهما من الشهور الّتي يُطلب صومها بالخصوص ، أو مطلقاً ، أو عيّن رمضان ، أو شهراً لاحقاً ممّا طلب صومه بالخصوص ، أو مطلقاً مع اشتباه الهلال ، بطلت نيّته.

ولو عيّن سابقاً ، صحّ مع إصابة الواقع فقط. ولو انكشف الخلاف ، فسد ، إلا في شعبان ؛ فتجزي عن رمضان نيّته إذا وافقت رمضان أيضاً.

ولو أطلق ولم يُعيّن شهراً ، صحّ حيث لا ترديد ولا اختلاف للنّوع ، أو كان اختلاف واشتباه ، وإلا لزم التعيين في غير المعيّن ، أو المعيّن غير شهر رمضان على إشكال.

ثانيها : يُشترط وقوع النيّة في بعض أجزاء اللّيل في الواجب المعيّن ، وفيه (١) مع العُذر ؛ لسهوٍ ، أو نسيانٍ أو جهلٍ بالموضوع. وفي الواجب الموسّع مطلقاً فيها أو في نهار الصوم قبل الزوال. وفي الندب فيها أو فيه إلى اللّيل.

وحيث تقع النيّة في محلّها ، يجزي استمرار حكمها.

ونيّة النهار لا تؤثّر في نهار آخر ، وكذا نيّة ليلةٍ لغير يومها ، فلكلّ يومٍ نيّة في محلّها.

ومن نوى في أثناء النهار في محلّ الجواز ، حُسب له بيومٍ تامّ.

ومن وقعت منه النيّة ، ولو في أوّل اللّيل ، ثمّ نامَ إلى اللّيلة الأُخرى ، صحّ صومه.

__________________

(١) يعني في النهار.

٢٤

وحصول مُفسدات الصوم بعدها ليلاً أو نهاراً مع العُذر ، من أكلٍ وجماع ، لا ينافي حكمها. وحيث إنّه لا يُشترط فيها الخطور ، أغنى عنها السحور.

ثالثها : لا يجوز العدول من نيّة صومٍ إلى غيره ، مُعيّناً كانَ أو غيره ، فَرضاً كانَ أو ندباً ، إلى موافقة في تلك الصفات أو مخالفة.

ويتأدّى كلّ معيّن بنيّة مخالفه مع العُذر في وجه ، ويمتنع مع العلم على الأقوى. ويتأدّى رمضان بنيّة غيره ، مع الجهل بالشهور ، إلا إذا تبيّن فساد النيّة الأُولى ، وبقي محلّ النيّة ، فيجوز العدول على الأقوى.

رابعها : لو عقد نيّة الصوم ودخل فيه ، ثمّ نوى القطع متّصلاً أو منفصلاً أو القاطع ، أو علم بالانقطاع ، أو تردّد فيها ، لم تبطل. وفي الابتداء يفسد في القسمين الأوّلين منهما ، ويعصي بسببهما مع التعيّن ، ويجري في التردّد. وفي كراهة ترك المفطرات ، وجميع المحرّمات ، وفعل الواجبات يقوى ذلك.

وفي الإجزاء مع عروض الارتداد في الأثناء إشكال ، والفساد أوجه.

ولو نوى الإبطال لزعم الاختلال ، فبانَ عدم الإشكال ، فلا إشكال. وكذا لو زعم رجحان ترك الصيام ، فبانَ الرجحان ؛ وفيه لمحض هوى النفس نهاية الإشكال ، وأمّا في التردّد في الأثناء ، متوقّفاً على السؤال ، فلا إشكال ، ولا لذلك فيه نهاية ولا إشكال.

خامسها : لو علم أنّ عليه صوماً مُعيّناً في الواقع ، مُشتبهاً في علمه ، دائراً بين وجوب وندب ونذر وتحمّل بإجارة ، وغير ذلك ، نوى ما في ذمّته. ولو قضت العادة بحضور نوعٍ ، أغنت عن إحضاره.

سادسها : يجوز قطع نيّة الصوم المندوب والواجبات الموسّعة في أيّ وقت شاء من النهار ، سوى قضاء شهر رمضان بعد الزوال في غير التحمّل بالإجارة ، وأمّا فيها ، بل في التحمّل مطلقاً ، فيجوز ذلك على الأقوى.

وفي جواز العدول مع بقاء محلّ النيّة إشكال ، أمّا لو عيّن السبب ، فظهر غيره ، جدّد التعيين ، ولو في شهر رمضان ، وإن لم يلزم في ابتدائه.

سابعها : يُستحبّ أن ينوي الصوم بل سائر العبادات تبرّعاً عن الأموات ، من

٢٥

الأنبياء ، والأوصياء ، والعلماء ، والأرحام ، وغيرهم ، وتشريكهم. ويتفاوت الأجر بتفاوت القَدر وأرجحيّة الوصل ؛ وقد تُلحظ مراتب الاحتياج.

وإهداء ما يُهدى من الأعمال إلى الأحياء من المؤمنين فيه ثواب جسيم.

ثامنها : تقع نيّة القُربة من الأجير ؛ لأنّ الالتزام بالأُجرة كالالتزام بالنَّذر.

تاسعها : نيّة الصبيّ المميّز وصومه وعباداته صحيحة على الأصحّ شرعيّة.

ولو نابَ عن الأموات ، وصلَ الأجر إليهم ، ولا تجزي نيابته عن الواجبات ظاهراً.

عاشرها : يُمرّن الصبيّ على الصوم ونيّته ، وسائر الأعمال ونيّتها ببلوغ تسع سنين إذا كان ذكراً ، وقيل : سبع سنين ، وروى : أنّه إذا أطاق صوم ثلاثة أيّام متتابعة أُمر بالصوم (١).

وفي الأُنثى ببلوغ سبع سنين في وجه قويّ.

والظاهر أنّ الحال يختلف بالقوّة والضعف ، والتمييز وعدمه ، فيختلف الحال باختلاف قابليّة الأطفال. ولا تمرين في المجانين.

حادي عشرها : يُمرّن العاجز من الأطفال عن إتمام الأيّام بصيام بعضها ، نصفها أو ثلثها ، أو أقلّ أو أكثر ، على حسب ما يُطيق ، ويُلقّن نيّة الصيام صورة. ويقوى استحباب تمرينهم بحسب الكيفيّة ، بتقليل الطعام والشراب مثلاً.

ثاني عشرها : نيّة المسافر الوارد قبل الزوال ولم يطعم ولم يفعل شيئاً مفسداً للصوم حين وروده إلى دون محلّ الترخّص ، فنيّته حين السفر لا أثرَ لها. وكذا كلّ من أُذِنَ له في النيّة أثناء النهار نيّته حين الدخول في الصيام ، ويُحسب لهم صوم يوم تامّ.

ثالث عشرها : لو نوى صوماً بزعم أنّه عليه ولم يكن عليه ، فصامه ، أُعطي الأجر عليه ، وإن لم يكن صحيحاً بالنسبة إليه.

رابع عشرها : لو ضمّ إلى نيّة الصوم في المبدأ أو في العارض نيّة الرياء ، فسدَ.

ولو ضمّ الراجح من تهذيب الأخلاق ، وكسر الشهوة ، وصفاء النفس ، ونحوها زاد

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٢٥ ح ٤ ، الفقيه ٢ : ٧٦ ح ٣٣٠ ، التهذيب ٤ : ٢٨١ ح ٨٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٣ ح ٤٩٩.

٢٦

أجره. ولو ضمّ مُباحاً ، فإن كان عارضاً والأصل القُربة ، فلا بأس. ولو كانا أصليين ، فالأقوى الصحّة. ولو اختصّ المباح بالأصالة ، أو كان المجموع أصلاً ، فالأقوى البطلان.

خامس عشرها : من فَسَد صومُه ، ووجب عليه الإمساك بقيّة النهار ممّا سيأتي في محلّه إن شاء الله تعالى لا تجب عليه النيّة ؛ لأنّه ليس بصوم.

سادس عشرها : مظنّة طروء العارض لا تُنافي نيّة الصيام ، ومظنّة زواله لا تسوّغها ، فلا عبرة بنيّة الحائض ، والمسافر ، ونحوهما ، قبل زوال العارض ، بل لا بدّ من تجديدها بعد الزوال.

سابع عشرها : لا مانعَ من النيّة في أثناء الأكل ، والجماع ، ونحوهما من مُفسدات الصوم.

ثامن عشرها : تكفي النيّة الإجماليّة في الصوم ، فلا حاجة إلى التفصيل فيما يُمسك عنه ، فتكفي نيّة الإمساك عن المفطرات إجمالاً.

تاسع عشرها : لا حاجة في نيّة الصوم إلى معرفة حقيقته من كونه التوطين أو الكفّ ، فيكون وجوديّاً ، أو الترك المشروط ، فيكون عدميّاً ، بل يكفي الإجمال.

العشرون : لا حاجة إلى تجديدها إذا فعل بعض المفطرات بحيث لا يفسد الصوم ، كالجماع سهواً ونحوه.

الحادي والعشرون : تكرير النيّة يؤكّدها ، فلو نوى ونسي ثمّ نوى ، لم يكن عليه بأس. ولو نوى الأبعاض بعد نيّة المجموع بقصد البعضيّة ، فقد أكّد النيّة.

الثاني والعشرون : قيل : دخول العُجب في أثناء الصوم أو غيره من الأعمال رافع للقبول دون الصحّة (١).

وفي بعض الأخبار ما يدلّ على أنّه مفسد (٢) ، وهو الأقوى.

الثالث والعشرون : نيّة الخوف والرجاء إن كانت على وجه المعاوضة الحقيقيّة في

__________________

(١) الانتصار : ٧١ ، كشف اللثام ١ : ٥١١.

(٢) الكافي ٢ : ٣٢٨ ح ٣ ، وص ٣٢٥ ح ٥ ، وص ٣١٣ باب العجب ، الصحيفة السجاديّة : ١١٠ ، إرشاد المفيد : ١٢٣.

٢٧

الدفع والنفع مع جبّار الأرض والسماء أبطلت العمل ؛ وإن كان الغرض الوصول لتحصيل المأمول فلا بأس بهما. وعليه يُنزّل قول بعض الفضلاء ببطلان عبادة الخوف والرجاء (١) ، فمتى لوحظ أمر الله ، كان العمل لله.

الرابع والعشرون : من اغتسل للجنابة ، وكان عليه صوم واجب ، موسّعاً كان أو مضيّقاً ، وأمكنه الصوم نهاراً ، نوى الوجوب في اللّيل لغسل جنابته. ولو اغتسل نهاراً ، ولم يكن عليه مشروط به ، وتعدّى وقت النيّة ، نوى الندب.

الخامس والعشرون : إنّ الرياء والعُجب المتأخّرين لا يُفسدان ، والأحوط البناء على الفساد.

السادس والعشرون : لا بدّ لكلّ يوم من نيّة مُستقلّة ، ولو من أيّام رمضان على الأقوى.

السابع والعشرون : إذن المالك والزوج مطلقاً ، وعدم منع الوالدين في صوم التطوّع ، ولا توقّف في الواجب الموسّع على الأقوى ، والمحافظة على الاحتياط خصوصاً في العبد أولى.

الثامن والعشرون : الأخذ عن الفقيه المأمون المجتهد الحيّ في كلّ حكم نظريّ ، أمّا الضروريات فلا تحتاج إلى تقليد.

التاسع والعشرون : أن لا يكون باعثاً على تعدّي حدود الشرع ، فقد بلغنا أنّ بعض الصائمين يؤذي المسلمين ، لخروجه عن الشعور ، فيقع في المحذور ، والتحفّظ له غير مقدور ، والله أعلم بحقائق الأُمور.

المبحث الرابع : في موانعه ومفسداته ومفطراته

وفي جعلها بتمامها مفطرات وجعل جميع مفسدات الصلاة أبين شاهد على أنّ نيّة القطع فضلاً عن نيّة القاطع والتردّد ليست من المفسدات.

__________________

(١) كالعلامة في المسائل المهنائية : ٨٩ ، والسيّد ابن طاوس في فلاح السائل : ٥٦ ، ٨١ ، ٨٨ ، ١٣١.

٢٨

وهي أُمور :

أوّلها وثانيها : الأكل والشرب.

ومنهما : الابتلاع للمُعتاد قدراً وجنساً وغيره ، على النحو المعتاد وغيره ، من غير فرق بين الطعام ، والشراب ، والجمادات ، والذباب ، بالغاً في القلّة أقصاها أو لا ، مقروناً بالمضغ أو لا ، جاهلاً بالحكم أو عالماً به ؛ غير أنّ ما وقع من الفقيه ومقلّديه لا يجب تداركه ، وإن تبدّل اجتهاده.

ولو حصل له القطع بالفساد أعادوا وأعاد.

ويصحّ صوم الناسي ، فرضاً أو نفلاً ، موسّعاً أو مضيّقاً ، وإن أتى بجميع المفطرات ، سوى ناسي غسل الجنابة ، كما سيجي‌ء بيانه.

ولو نسي نوع الصوم فظنّه ندباً ، فذكر وجوبه بعد الإفطار ، بطلَ. ومن شكّ في صومه ، فكالناسي. وطريق الاحتياط واضح.

ويلحق به أيضاً المكرَه المسلوب الاختيار ، ومن سقطت ذبابة أو شي‌ء في جوفه من حيث لا يدري.

ويفسد مع الخوف وبقاء الاختيار ، كالتقيّة على نفس أو عرض أو مال محترم ، ويلزم الاقتصار على ما يندفع معه الضرر ، ولا يجب الانصراف عن محلّ التقيّة إلى غيره مع الإمكان ، على إشكال ، وصاحبها أدرى بها.

ومن اضطُر إلى المفطر لجلب قوّةٍ في الحرب اللازم لدفاع ونحوه ، أو لحفظ نفس مُحترمة ، أو مال يضرّ فواته ، أو نحو ذلك ، فأفطر ، فسد صومه ، ولا إثم عليه.

والعلك ، وذوق المرق ، ومضغ الخبز كما روي عن الزهراء عليها‌السلام (١) وزقّ الطائر ، ومصّ الخاتم ، وجميع ما يُوضع في الفم إذا لم ينفصل منه شي‌ء إلى الجوف

__________________

(١) الكافي ٤ : ١١٤ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٣١٢ ح ٩٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٩٥ ح ٣٠٨ ، الوسائل ٧ : ٧٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣٨ ح ١.

٢٩

لا بأس به ، ومع الانفصال مفسد. ويُكره مصّ النواة وشبهها ، مع عدم لزوم الانفصال.

والسعوط ، والتقطير ، والكُحل من دون دخول الجوف ، أو معه مع عدم القصد ، لا بأس به.

وما دخل اتفاقاً من دون تعمّد الإدخال في المنافذ لا بأس به في الجميع ، على الأقوى.

ولو تمضمض لغير وضوء ، أو لوضوء لغير الصلاة ، فدخلَ الماء جوفه ، فسد الصوم. ولو توضّأ للصّلاة فدخل ، فلا بأس به. والقضاء في وضوء النافلة أحوط.

وفي إلحاق الاستنشاق فيه بالمضمضة ، ومضمضة الغُسل واستنشاقه بهما فيه وجه.

وبقاء الرطوبة غير ضارٍّ ، لكن يُستحبّ أن يبصق ثلاث مرّات.

ولو أكل ناسياً ، فظنّ فساد صومه فأكل عامداً ، بطل صومه.

وما ارتفع من المعدة ، ولم يبلغ فضاء الفم ، فلا بأس به ؛ دون ما بلغ ، فإنّه يفطر بابتلاعه. وما تحدّر من الدّماغ ، أو حصلَ في فضاء الفم ، أو خرج من الصدر من الرطوبات المتكوّنة فيها فلا بأس بها ، ما لم يبتلعها من خارج الفم.

وأمّا ما كان من خارج ، فمكث في الأسنان حتّى خرج بنفسه أو بالخلال إلى فضاء الفم ، أو تحدّر إليه ، أو حصل فيه من غير الرطوبات ، كلحمٍ أو سنّ أو نحوهما ، أو حصل في الأنف أو الأذن فابتلع عمداً حتّى وَصَلَ الحلق ولا بأس بالواصل إلى الدماغ أفسد.

ولو كان عن طعنة أو مداواة جرح فلا بأس.

ولو مصّ أحد الزوجين لسان الأخر ، فابتلع من ريقه عمداً ، فسد صومه ، وللاحتياط في غير العمد وجه.

وما خرج من المعدة إلى الحلق قبل البلوغ إلى فضاء الفم لا بأس بابتلاعه ، وكذا المشكوك في بلوغه.

٣٠

ويفسد ببلوغ المفسد من الفم إلى الجوف ، بل إلى أقصى الحلق.

ثمّ الخارج من المعدة إن وصل فضاء الفم غفلة أو قهراً أو عمداً ، ولم يُعدّ مستفرغاً ، وجب إخراجه ، ومع الدخول عمداً يفسد.

ولو أدخل شيئاً في الجوف فقاءه من حينه فسد ، حتّى لو دخل السافل من دون اختيار أو عن نسيان أو قبل الصبح ، وبقي العالي ، جاز إخراج السافل ما لم يدخل في اسم القي‌ء. ولو دخلَ في اسمه ، بقي الداخل والخارج على حالهما ، أو فصلا إن أمكن. وإن دار بين إدخال الخارج والقي‌ء ، قدّم القي‌ء ، والأحوط القضاء.

ولو سقط شي‌ء في الفم ، فدخل إلى حيث لا يمكن إخراجه إلا بالنطق بحرفين فصاعداً وهو في الصلاة ، أو كان في ماء ، ولا يمكن سجوده إلا بإدخال رأسه في الماء ، أو كان بحيث لو فتح فاه للقراءة دخل الماء فيه ، ونحو ذلك ، فمع سعة الوقت للفريضة أو كون الصلاة نفلاً مطلقاً يقطع الصلاة ، ومع الضيق يرعى حرمة الصلاة على إشكال.

ومجرّد الطّعم من حلاوة أو مرارة أو غيرهما غير مُخلّ ، وإن بلغ الجوف ، إلا أنْ يقرن بوصول بعض الأجزاء العرفيّة ، دون المنتقلة لانتقال العرض إلى الجوف.

والأقوى أنّ الدخول من غير المنافذ المعلومة كطعنة ونحوها غير مفسد.

ولا حظرَ باستعمال المفطر قبل العلم بطلوع الفجر ، ولو مع الظنّ القائم مقام العلم في مقامه ، ما لم يكن في السماء علّة ، فيقوم الظنّ مقامه ؛ فإن صادف طلوع الفجر ، ولم يكن مُختبِراً بنفسه ، بطل مطلقاً ؛ ومع الاختبار يصحّ في الواجب المعيّن فقط. والأحوط إلحاق خبر العدلين بل العدل الواحد بالعلم في جواز الإفطار ، ووجوب الصوم.

ولو قطع بالغروب أو ظنّ وبالسماء علّة ، ولا طريق له إلى العلم ، فأفطر عملاً بظاهر الشرع ، فظهر الخلاف ، مضى صومه ، والأحوط القضاء.

ولو أفطر في الصحو عملاً بالظنّ الغير المبيح ، أثم مطلقاً ، ويقضي مع الخطأ.

ولو شكّ في حصول أصل المفسد ، أو في أنه قبل طلوع الفجر أو بعده ، أو في أيّام

٣١

أفطرها أنّها قبل البلوغ أو بعده ، أو حال الجنون أو الإفاقة ، أو حال الإغماء أو الصحو ، واستمرّ على الشكّ ، فلا قضاء عليه.

ولا فرق في ذلك كلّه بين أقسام الصيام ، وأقسام المفطرات ، عدا المستثنيات ، وما لا يقضي بالفساد قد يمنع عن الانعقاد ، كما إذا وقع مع اتّساع وقت النيّة.

ثالثها : وصول الغبار الغليظ إلى الجوف ، بإيصاله إليه ، أو بفعلٍ باعث عليه ، منه أو من غيره ، من غير فرقٍ بين غبار التراب والدقيق والنورة ونحوها ؛ دون ما يوصله الهواء من دون قصد. ودون الخفيف منه. ودون الدخان ، إلا لمن اعتاده ، وتلذّذ به ، فقام عنده مقام القوت ، فإنّه أشدّ من الغبار. ودون البخار ، إلا مع الغلبة والاستدامة ؛ فإنّه إذا فقد الماء قد يقوم هذا مقامه ، والأحوط تجنّب الغليظ منهما مطلقاً.

ولا يلزم سدّ الفم والأنف من غُبار الهواء ، ويلزم عمّا يحدث بكنسٍ أو نسفٍ أو تقليب طعامٍ أو حفر أرضٍ ونحوها. ومع النسيان والقهر والشكّ في الدخول في الغِلظ يرتفع المنعُ.

ووصوله إلى الجوف ، وخروج آثار الغبار بنخامته وبصاقه لا يبعث على فساد ، ولا يدلّ على غِلَظه ؛ إذ قد يحصل من استمرار الخفيف. ولو خرج إلى فضاء الفم بهيئة الطين فابتلعه أثم ، وأفسد صومه ، وكمن ابتلع النخامة والبصاق من خارج الفم.

رابعها : الارتماس عمداً ، وهو مُفسد للصوم بأقسامه.

ويحصل بغمس الرأس بتمامه وخروج الشعر وحده من الماء لا ينافي صدق التمام بما يُسمّى رمساً ، فلا بأس بالإفاضة ولو مع كثرة الماء.

وأمّا سدّ المنافذ وإدخال الرأس في مانعٍ من وصول الماء إليه متّصل به فلا يرفع حكم الغمس ، وفي المنفصل يقوى رفعه.

ولا فرقَ بين الابتداء به حال الصوم ، واستدامته.

ولو تعمّد الرمس في صوم واجب معيّن مطلقاً أو غيره من أقسام الصوم محرّماً ،

٣٢

بطل صومه وغسله. ولو نوى حال الإخراج ، قويت صحّة الغسل. وفي غيرهما يبطل الصوم وحده. والناسي لا يفسد صومه ولا غسله.

نعم لو ذكر بعد الرمس ، ولم يُبادر إلى الخروج ، بطل صومه لا غسله. وإذا ارتمس في المغصوب أو فيما كان في إنية من أحد النقدين ناسياً للصوم ذاكراً للنقدين والغصب ، يبطل الغسل وحده.

هذا إذا نوى الغسل حين الرمس ، ولو نواه حين المكث في المعيّن ، مع استلزام مضيّ بعض الزمان ، بطل الغسل أيضاً.

ولو نواه حين الإخراج أو مع عدم الاستلزام ، قويت الصحّة ، وإن بطل الصوم بالمكث. وإن توقّف إخراج نفس محترمة أو مالٍ محترم عليه ، أفسد الصوم من غير إثم ، وصحّ الغسل.

ولا فرق بين الغمس دفعةً وتدريجاً مع الانتهاء إلى حصول تمام رأسه تحت الماء حيناً. ولو اقتصر على إدخال بعضه فلا مانع ، وإن كان ما فيه المنافذ.

ويقوى عدم إدخال باقي المائعات في حكم الرّمس ، إلا ما كان من المياه المضافة ونحوها ، في وجه قويّ.

ولو شكّ في دخول تمام الرأس ، بنى على صحّة صومه. ولو أخبره عدل أو عدلان بدخوله بالتمام ، قوي بطلان الصيام. وذو الرأسين يبطل بغمسهما معاً ، ما لم يكن أحدهما زائداً ، فيكون المدار على الأصلي ، وطريق الاحتياط أسلم.

وما كان منه عن نسيان ، أو قهر ، أو سقوط من غير اختيار ، أو إلقاء نفسه زاعماً أنّ الإلقاء لا يسبّب انغماس الرأس بالماء لا يبعث على فساد.

خامسها : القي‌ء عامداً مختاراً ، ولو خرج من غير قصد فلا بأس به ، ولو كان عن ضرورة فلا إثم فيه ، ولكنّه مفسد للصّوم. والمدار على ما يُسمّى قيئاً ، فليس منه على الظاهر إخراج الحصاة ، والنواة ، والخيط ، وبعض الحيوانات في وجه قويّ.

٣٣

ولو أدخل المغصوب في جوفه ليلاً ، فوجب عليه قيئه نهاراً ، فقاءه ، فسد صومه ، وكذا إن لم يفعل في وجه قويّ.

ولو أحسّ به ولم يكن مغصوباً ، فأمكنه من غير عُسر حبسه ، وجب ، وإن أطلقه فسد صومه. ولو خرج إلى فضاء الفم فردّه ، فسد صومه ، وأفطر على حرام في وجه قويّ. ولو رجع من دون اختياره ، لم يفسد. وكلّما وصل أقصى الحلق فردّ قبل الخروج إلى الفم ، فليس فيه شي‌ء مع العمد ، والسهو ، والاختيار ، والاضطرار.

سادسها : الحُقنَةُ بما يُسمّى احتقاناً عُرفاً بالمائع مع تسميته مائعاً عُرفاً ، وهي مع العمد والاختيار مفسدة للصوم ، بأقسامه.

ولو صبّ في غير الدُّبُر من قُبُل الرجل أو المرأة ، أو جَرح أو قَرح أو طعنة أو احتقن بالجامد وإن ظنّه مائعاً إذ لا قطع لنيّة القطع أو المشكوك في ميعانه ، أو أدخل الدواء بالمِحقَنَة وأخرجه بها من غير صبّ ، أو صبّه بالآلة أو بدونها دون المحلّ ، أو فعل نسياناً أو مسلوب الاختيار ، فلا بأس.

ولا فرق في الإفساد بين الدواء وغيره مع الإيصال إلى الجوف ، ولا بين الواصل بالآلة وبغيرها ، ولا بين القليل والكثير. والمدار على حال الصبّ ، فلو أدخل الإله في الليل ، وصبّ في النهار ، فسد صومه ، وبالعكس بالعكس ويُعرف المائعُ بوضعِ جامدٍ فيه وإخراجه ، فإن لم يتقاطر منه ، فهو جامد.

ولو نسي فصبّ البعض وذكر ، أخرج الباقي مع الإمكان ، وإلا فسد صومه ، ولا بأس مع عدم الإمكان.

والنظر في الميعان ، وعدمه على ابتداء الحصول في المحلّ ، فلو وصل الجوف مائعاً ، فجمَدَ ، بطل الصوم ، ؛ بخلاف ما لو وصل جامداً فماعَ.

ويُصدّق الحاقن في الوصول ، والدخول ، والميعان ، وخلافها ، وإن لم يكن عدلاً ، حيث لا يعلم كذبه في وجه قويّ. ولا يلحق بذلك وصول الماء إلى جوف المرأة من جهة الفرج.

٣٤

سابعها : الجنابة ، مع العمد والاختيار ، إمّا بإنزال المني بدلكٍ أو خضخضة أو مُلاعبة أو غير ذلك ، أو بالجماع قُبُلاً أو دُبُراً موصولين ، من ذكر أو أُنثى لذكر ، أو ذكر لأُنثى ، إنسان أو حيوان ، حيّ أو ميّت ، مع الإنزال وعدمه ، مع غيبة الحشفة أو قدرها من مقطوعها فعلاً.

فلو دخل بجملته ملتوياً ، ولم يبلغ الحدّ ، ولو أُرسل بلغ ، فلا فساد فاعلاً أو مفعولاً. ولا فساد مع النسيان والقهر المانع عن الاختيار ، والشكّ في الأصل ، أو في غيبة الحشفة ، والإيلاج في غير الفرجين بلا إنزال ، وإدخال غير الذكر من إصبع وغيره ، وإدخال إله الطفل الصغير قبل نشرها (١) على إشكال.

ولو ارتفع القهر أو النسيان أو طلع الصبح بعد إدخاله فنزعه من حينه ، فلا بأس. ولو تراخي فسد الصوم. ولو طعنَ بزعم غير الفرج فدخل فيه من غير قصد ، فلا شي‌ء عليه ، وكذا العكس ؛ لعدم اعتبار نيّة القطع.

ولا فرق بين دخول الذكر ملفوفاً أو مكشوفاً ، منتصباً أو ملتوياً ، داخلاً بنفسه أو بحشوة ، مفصولاً من عرضه أو لا ؛ فإنّ الجميع مفسد للصوم ، دون المساحقة ، ونحوها ، مع عدم الإنزال.

ولا عبرة بالشكّ في خروج المني ، ولو بعد الإنزال وقبل الاستبراء وإن وجب الغسل مع العلم بالخروج والشكّ بالخارج من الرطوبات ، ولا بالاستبراء للمُحتلم في نهار الصوم ، ولا بجنابةِ مَن لم يعلم بجنابته إلا في النهار على نحو ما مرّ. ومن تحرّك منيّه إلى المجرى وأمكنه حبسه لم يلزمه ؛ خوفاً من الضرر.

وجماع الخنثى لمثله مُشكلاً أو لا ، قُبلاً أو دُبُراً يقضي بالفساد على الأقوى.

ومن خرج منه المني من غير قصد ، فإن كان بعد فعل ما تقضي العادة بخروجه

__________________

(١) في «ح» : نشوّه. أقول : النشر البسط ، والانتشار الانتفاخ في العصب. لسان العرب ٥ : ٢٠٨ ، فيكون المراد من نشر آلة الصبي تصلبها وانتفاخها.

٣٥

بعده ، فكالقاصد ، من غير فرق بين النظر ، واللمس ، والضمّ ، والتقبيل ، وغيرها ، وإلا فلا. والأحوط البناء على الفساد ، مع خروجه مطلقاً فيما عدا النظر ، من اللمس ، والضمّ ، والتقبيل ، ونحوها ، ولا سيّما في المحرّم منها.

وخروج مني الرجل من فرج المرأة لا يوجب غُسلاً ، ولا إفطار.

ثامنها : البقاء على الجنابة عمداً مُختاراً حتّى يطلع الفجر ، فتعمّد المقارنة لابتداء النهار. مع الاستمرار ، كتعمّد ابتداء الجنابة في أثناء النهار ، ومنه إحداث سببها في وقت لا يسع الغسل بعد حصوله ، ولا التيمّم ، ولو وسع التيمّم فقط ، عصى ، وصحّ الصوم على إشكال.

والنوم ناوياً لعدم الغسل ، أو متردّداً فيه على تردّد ، وكذا النوم مسبوقاً بنومٍ مسبوق بالجنابة ، عازماً على الغسل أو لا ، وقضاء العادة بعدم اليقظة عزم على العدم ، والنسيان هنا كالعمد في لزوم القضاء ، والجهل بالحكم في جميع الأقسام كالعمد في لزوم القضاء ، مع عدم خطور السؤال بالبال ، ومعه كالعمد في لزوم الكفّارة أيضاً.

والحكم ماشٍ في جميع أقسام الصوم ، سوى صوم التطوّع ، على الأصحّ.

ومطلق الإصباح في العمد وغيره مفسد في الواجب الموسّع.

وتارك التيمّم ، مع فقد الماء حتّى يصبح ، كتارك الغسل. والأحوط ، بل يجب بقاؤه معه متيقّظاً حتّى يصبح فيه ، وفي كلّما يصحّ فيه الصوم بالتيمّم عوضاً عن الغسل.

ولو تيقّظ بعد الصبح محتلماً ، فإن علم سبق الجنابة عليه ، ليبس المني مثلاً ، دخل في حكم البقاء جنباً غير متعمّد حتّى يصبح ، وإلا فهو كمن أجنب بالنهار من ذوي الأعذار ، فلا يُفرّق فيه بين الموسّع وغيره.

ولو جامع في الوقت الضيّق عن الغسل ، أو أخّر الغسل عمداً حتّى ضاق الوقت عنه ثمّ تيمّم ، عصى وصحّ صومه ، ولا شي‌ء عليه ، والأقوى القضاء والكفّارة.

ولا يجب البدار على من احتلم بالنهار أو أخّره لبعض الأعذار ، وإن كان أحوط.

٣٦

وغير العالم بالجنابة ؛ لعدم الخطور أو الشكّ ، ثمّ ظهر إصباحه بها ، لا شي‌ء عليه في المعيّن فقط.

ولو شكّ في يوم أصبح به جنباً فيما مضى في أنّه هل كان ممّا يفسده الإصباح جنباً أو لا ، وأنّه هل كان عن عمد فيفسد في محلّه أولا ، أو أنّه صادف الفجر أو لا ، بنى على الصحّة ؛ أو أنّه هل كان ممّا يجب قضاؤه أو لا ، بنى على عدم وجوبه. وكذا الحال في جميع المفطرات في جميع ضروب الصيام.

تاسعها : البقاء على حدث الحيض بعد النقاء حتّى تصبح ، مع العمد ، والاختيار ، إمّا بترك الغسل أو التيمّم في محلّه. وفي الواجب الموسّع لا يفرّق بين العمد وغيره في إفساده ، وفي التطوّع لا بأس به مطلقاً على إشكال.

وللفرق بين النومة الواحدة للعازم على الغسل ، والنومتين هنا وجه ، والقول بالصحّة فيهما معاً أوجه. ولو حصل النقاء حيث لم يبقَ مقدار فرصة الغسل أو بدله ، أو اشتغلت بالغسل أو بدله في وقت تظنّ سعته له ، ففاجأها الصبح ، أو لم تعلم

بنقائها في اللّيل ، حتّى دخل النهار ، صحّ صومها المعيّن أو المندوب ، دون الواجب الموسّع.

والنوم مع العزم على عدم الغسل أو التردّد بحكم عامد الترك.

ولا يجب البدار على من جاز تأخّرها إلى النهار لبعض الأعذار ، وإن كان الأحوط ذلك. ومع ضيق الوقت عن الغسل وإمكان التيمّم يتعيّن التيمّم.

والأحوط بقاؤها متيقّظة إلى الصبح ، بل يجب كما في بقاء الجنابة.

عاشرها : البقاء على حدث النفاس بعد النقاء حتّى تصبح ، مع العمد والاختيار ، إمّا بترك الغسل أو التيمّم في محلّه ، والأحكام السابقة في الحيض جارية هنا ؛ لأنّ دم النفاس والحيض واحد بالحقيقة ، وفي جميع الأحكام سوى ما استثني ، وليس هذا منها.

ولا يجوز لهما الانتظار إلى النهار لرجاء الماء الحارّ ، مع عدم الاضطرار. ولو

٣٧

تأخّرتا عن الغسل مع الاختيار حتّى ضاقَ وقته ، فتيمّمتا ، عصتا ، وفي صحّة الصوم إشكال.

حادي عشرها : ترك المستحاضة الّتي يلزمها الغسل لصلاتها النهارية ما يلزمها من الأغسال لها كلا أو بعضاً ، وفي توقّف صومها على فعل الوضوءات قبل الأغسال ، وما لزمها من فرائض الصلوات ، وجه قويّ. ولا توقّف على وضوءات من يلزمها الوضوءات فقط.

وتفصيل الحال : أنّها إن استمرّ بها الدم القليل الّذي لا يثقب القطنة تمام النهار ، لم يتوقّف صومها على شي‌ء ؛ إذ ليس عليها سوى الوضوءات لكلّ واحدة من الصلوات.

وإن استمرّ الدم للمتوسّطة الثاقب غير السائل ، توقّف الصوم على غسل واحد ؛ إذ لا غسل عليها مع الوضوء إلا لصلاة الصبح ، وليس لباقي الصلوات سوى الوضوءات.

وإن استمرّ الثاقب السائل ، توقّف صومها على غُسلين : غُسل للصبح ، وآخر قبل الظهرين ؛ والأحوط مُراعاة غسل العشاءين.

ويلزم الغُسل للانقطاع كما يلزم للاستمرار.

ومتى حدثت صفة توجب الغُسل في أثناء النهار بابتداء دمٍ ، أو تغيير صفة غير موجبة إلى صفة موجبة ، لزم الغسل قبل الصلاة الباقية.

ففي المتوسّطة والكثيرة ، إن سبق الدم الظهرين ، غسل للظهرين. والأحوط مُراعاة العشاءين. ولو انتقلت الوُسطى بعد صلاة الصبح إلى الكبرى ، كان عليها بإضافة الأوّل غسلان.

والظاهر عدم وجوب تقديم غسل صلاة الصبح عليه ، والاحتياط فيه. ولا يتوقّف صوم اليوم الاتي على غسل العشاءين للّيلة الماضية ، ولا المستقبلة على إشكال.

ولو شكّت في موجب الغسل بعد تمام اليوم فلا شي‌ء ، والأقوى وجوب البحث

٣٨

في الابتداء. ولا شي‌ء على الناسية للاستحاضة أو للصوم والمجبورة على عدم الغسل والمختلّ غسلها لا عن عمد.

ويفسد صومُ جاهلة الحكم ، والنائمة ، عازمة على عدمه أو متردّدة.

وفي جري حكم النوم ، مع العزم على الغسل كما في الجنابة ، من الفرق بين الوحدة والتعدّد وجه. والقول بالصحّة مطلقاً أصحّ.

ومؤخّرة صلاة الصبح عمداً إلى بعد طلوع الشمس لو أتت بالغسل قبلها صحّ صومها ، على إشكال.

والفاقد للماء تقصيره في ترك التيمّم بدل الغسل كتقصير تارك الغسل.

ولا توقّف للصوم على غُسلٍ ممّا عدا الأغسال المذكورة ، كغُسل مسّ الموتى ، فإنّ حدث المسّ لا يمنع إلا ما يمنعه الحدث الأصغر ، فلو صام الماسّ من غير غسل فلا بأس عليه.

ثاني عشرها : تعمّد الكذب ، وتعمّد كونه على الله أو رسوله أو أحد الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام وإلحاق الزهراء عليها‌السلام أحوط في نسبة الأحكام الشرعيّة ، مستفادة من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ ، رجع عن الكذب وأخبر بالصدق من حينه أو لا ، تابَ أو لا ، جاهلاً بالحكم أو عالماً به ، دون من عداهم من الأنبياء والأوصياء ، ودون الأُمور العاديّة والطبعيّة ، والاحتياط في تسرية الحكم إليهما ، وإلى القضاء والفتوى.

ولو نقلَ قول الكاذب عليهم ، أو قصدَ الهزل ، أو قصدَ الكذب فبانَ صِدقاً إذ لا إفساد في نيّة القطع أو الصدق فبانَ كِذباً ، أو أفادَ المعنى بفعلٍ أو تقرير ، أو كان ناسياً للصوم ، أو مجبوراً ، أو في مقام تقيّة ، أو دون البلوغ مميّزاً ، فلا فساد. وطريق الاحتياط غير خفيّ.

أمّا لو حدّث بحكم صادقٍ ، ثمّ قال كذبتُ ، أو كاذبٍ ، فقال : صدقتُ ، أو أخرج الخبر الكاذب إلى الإنشاء بعهدٍ أو يمينٍ ونحوهما ، أو أخبر بخبرٍ عن إمام مسند إلى واسطة ، أو كذب ليلاً فقال نهاراً : ما أخبرتُ به البارحة صِدق ، أو أخبر صادقاً

٣٩

في اللّيل فقال في النهار : خبري ذاك كذب ، أو سأله سائل هل قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا؟ فقال : نعم ، في مقام لا ، أو لا في مقام نعم ، أو أفاد المعنى بإشارة أو كناية ، ترتّب الفساد.

ولا فرقَ بين أقسام الصيام ، ولا بين ألفاظ اللُّغات. نعم يُشترط فيه قصد الإفهام ؛ فلو تكلّم بالخبر غير موجّه خطابه إلى أحد ، أو موجّهاً إلى من لا يفهم معنى الخطاب ، فلا فساد.

ثالث عشرها : خروج دم الحيض المعيّن في نفسه أو بتعيينها وإن عدلت على إشكال ولو قطرة منه قبل الغروب بدقيقة ، بعلاج وبدونه ، مع العلم والجهل ، والتذكّر والنسيان ، وفي جميع الأحوال.

رابع عشرها : خروج دم النفاس على نحو دم الحيض ، بل هو من الحيض ، فتجري فيه تلك التفاصيل. ولا فرق بين الخروج فيهما ، والإخراج.

خامس عشرها : السفر بالغاً محلّ الترخّص قبل الزوال ، مع الوصول إلى مكان يجوز فيه تقصير الصلاة. والأحوط مُراعاة محلّ الترخّص في الإفطار لمن تردّد في أثناء المسافة ثمّ عزم من محل العزم ، وإن كان الاكتفاء بالضرب في الأرض بعد العزم أقوى.

وكذا الحال في كلّ من فارقَ أسباب التمام ، من سفينة ، أو دواب ، أو معصية ، أو تجارة ، أو سعاية ، أو بيادر زراعة.

وأمّا في الوطن ونيّة الإقامة فلا تأمّل في اعتباره ، وكذا الأحوط مُراعاة الصيام بعد تجاوز مقدار محلّ الترخّص للراجع إلى سفينته أو دوابّه ، ونحو ذلك.

والحكم بوجوب الإفطار في السفر الشرعي جارٍ في جميع أقسام الصوم ، ما عدا ثلاثة أيّام متوالية للحاجة المعتبرة في المدينة المؤسّسة أيّام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

٤٠