كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

الشيخ جعفر كاشف الغطاء

كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرّاء - ج ٤

المؤلف:

الشيخ جعفر كاشف الغطاء


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-033-5
الصفحات: ٦٨٠

في الجناية فضلاً عن العلم بعدمها لا ضمان ، إلا في الإغلاق ، وإن يشاركه الدالّ في العصيان.

ولو ندب طفلاً إلى قتل أو جرح ففعله ، كان النادب ضامناً.

ولو عدل الدالّ عن الدلالة والمُغري عن الإغراء ، فإن نقض ما فعل بأن ردّ المُغري ، وأضلّ المدلول حتّى لم يبقَ لفعله الأوّل أثر ، فلا (١) ضمان.

ولو اشترك في الدلالة أو الإغراء جماعة ، وكان التأثّر مُختصّاً بالبعض ، كان الضمان مُختصّاً به ؛ وإن اشترك التأثير ، اشترك الضمان ؛ تساوت أفراده قوّة وضعفاً أو اختلفت.

ولو أغرى جماعة عدّة كلاب ، أو دلّوا جماعة ، فإن تعلّق كلّ واحد بواحد ضمن من يُغري المؤثّر دون غيره.

ولو رمى الصيد راميان ، وأصاب أحدهما ، وأخطأ الأخر ، كان على كلّ واحد منهما فداء كامل ، مع والدلالة من المُخطئ للمُصيب أو لا. ومع الدلالة عليه يترتّب حكمان.

وفي أصل الحكم ، ثمّ في تسريته إلى الرماة ، وفعل غير الرمي إشكال. وعلى الجامع بين صفة الدلالة والرمي والإصابة يترتّب الفداء بثلاثة وجوه (٢).

ولو كان الرمي من المحرم في الحرم ، تضاعف الفداء على إشكال. ولو كان الشريك في الرمي من يعلم بعدم تأثير رميه ، فلا عبرة برميته (٣). ولو اشترك في الرمي ناقص وكامل ، أو ناقصان ، أو مُحلّ ومُحرم ، تعلّق حكم كلّ بصاحبه.

ولو كان الرمي واحد بقاتل ، ومن الأخر بجارح ، جرى على أحدهما حكم القاتل ، وعلى الأخر حكم الجارح على إشكال.

ولو أو قد جماعة ناراً ، فوقع فيها طائر ، ضمنوا فداءً واحداً إن لم يكن عن قصد

__________________

(١) أضفناه لاقتضاء المعنى والسياق.

(٢) في النسخ قد تقرأ : بنية وجوده.

(٣) قد تقرأ في النسخ : بشرعيّته.

٦٠١

وعمد ، وإن كان عن عمد ، فعلى كلّ واحد فداء كامل.

ولو كان بعضهم عن عمد ، وبعضهم لا عن عمد ، أُجري الحكم في العامدين وغيرهم على النحو السابق (١).

وكذا لو اشتركوا في ماء وطين قضى بهلاك صيد أو جرحه أو إعابته. ولو كان كلّ جانب تطيينه (٢) أو طينه من واحد ، فوقع في جانب واحد ، كان الضمان على صاحب ذلك الجانب ، ويحتمل الاشتراك.

ولو خرج سليماً فلا بأس ، ولو خرج معيباً أو مجروحاً ، فالأرش مشترك بين الجميع. ويستوي في هذا من هو أشدّ تأثيراً ، ومن هو أضعف.

ولا فرق بين أن يقع الصيد بعينه ، وبين أن يقصد الوصول إلى ذلك فيقع فيه.

ولو رمى المحرم أو المحلّ في الحرم صيداً ، فجرح أو قتل فرخاً آخر ، أو الأخر آخر وهكذا ، ضمن الجميع. كما إذا رمى حجراً ، فتحرّك ، وحرّك حجراً آخر ، أو غيره في مرتبة أو مراتب ، فإنّه يضمن جميع ما ترتّب عليه.

ولو خافَ من صوت (٣) الرمي ، فمات ، أو سقط فجرح أو أعيب ، ضمن الرامي على إشكال.

ولو رماه ، فهرب عن فراخه ، فماتت ، كانت مضمونة عليه.

ولو رميت على يده أفعى أو عقرب ، فدفعها عن نفسه ، فوقعا على صيد ، أو دفع سبعاً ، وتبعه حتّى وصل إلى الصيد مع انحصار الطريق ، ضمن.

ولو أمسك المحرم صيداً في الحرم ، فمات ولده فيه ، ضمن. ولو أمسك الأُم في الحرم ، فمات الولد في الحلّ ، فالأقوى الضمان ، كما لو رمى من الحرم ، فأصاب صيداً في الحلّ.

ولو نفر صيداً فهلك لمصادفة شي‌ء أو أخذه آخر ضمن ، إلا أن يرجع إلى محلّه أو

__________________

(١) يعني : يتعدّد الفداء على العامدين ، وعلى الباقين فداء واحد.

(٢) في «ص» : حطيئه ، وفي «ح» : حطيته.

(٣) في «ح» : موت.

٦٠٢

وكره سليماً ويسكن ، وإذا رجع كذلك برئ من ضمانه. ولو تلف قبل ذلك بآفة سماوية ، ضمن على الأقوى.

ولو تعدّدوا ، واستند النفار إلى الجميع ، بحيث كان كلّ واحد سبباً مستقِلا ، احتمل تعدّد الكفّارة على عددهم ، واتّحادها. ولو استند إلى المجموع ، قوي الاتحاد ، وفيما لو تتابعت الأصوات ، احتمل الاختصاص بالمصوّت الأول ، والمصوّت الأخر ، والتشريك.

ولو كان التنفير لخوفٍ عليه من صيّاد أو سبع أو نحوهما من المهلكات أو المؤذيات ، احتمل سقوط القلب ، والتغيّر.

ولو نفّر صيداً فنفر غيره من جهة نفاره ، كان حكم التنفير جارياً في الأوّل والأخير.

ولو نصب شبكة في ملكه أو ملك غيره وهو محرم ، أو نصبها المُحلّ أو المُحرم في الحرم ، فتعلّق بها صيد فهلك كلّه أو بعضه ، ضمن. وإن كان نصبها لصيد مؤذيات الصيد على إشكال ؛ كما لو صاده وتركه في منزله حتّى هلك ، أو سلّمه لغيره فهلك.

ولو اشترك من فوق الواحد في النصب ، كان الضمان على جميع الشركاء.

ويجري الحكم في الحبل والخشب المنصوب للصّيد ونحوهما. ولو خرج منها سليماً ، فلا ضمان ، وإن ترتّب عليه العصيان.

ولو كانت شبكتان لصيّادَين ، فتعلّق بإحداهما ثمّ تخلّص ، وتعلّق بالأُخرى وبقي فيها ، كان الضمان على صاحب الثانية. ولو توقّف تخليصه من الشبكة على نقضها وإفسادها ، أفسدها ما لم يضرّ بالحال على إشكال.

ولو حلّ الكلب المربوط ، أو لم يُحكم رباطه ، أو لم يُحكم رباط الصيد ، فترتّب قتل الكلب ، ضمن. وإن لم يكن مقصّراً فلا ضمان ، ويحتمل الضمان ؛ لحصول السبب.

فلو أرسله ولا صيد فاتفق ذلك ، جاء فيه الوجهان ، ولو كان الصيد مقيّداً ففلّ قيده ، فقتل صيداً آخر ، احتمل فيه الوجهان : الضمان ، وعدمه ، والظاهر الأوّل.

٦٠٣

ولو كان قيد واحد ، وكان عنده مؤذيان ، فربط غير الضارّ وترك الضارّ ، ضمن. وكذا يضمن مع العكس في وجه قويّ.

ولو كان كلبه مربوطاً ، فحلّه آخر ، فالضمان على الحالّ.

ولو حفر بئراً في محلّ عدوان ، فوقع فيها صيد ، فهلك ضمن. وإن كان في ملكه أو مكان مباح ، ولا تقصير ، فلا ضمان. وإن كان في ملكه ، أو المكان المُباح في الحرم ، ضمن ، كمن نصب شبكة فيه ، ويحتمل الضمان في الجميع.

ولو اشترك في الحفر جماعة ، تعلّق الضمان بهم جميعاً على السوية ، وإن اختلفوا في كثرة العمل وقلّته ، ما لم يبلغ في الإغراق في القلّة إلى حيث لا يُعدّ شريكاً عرفاً.

ولو كان حفره لمصلحة الصيد ، بأن قصد وقوع السبع ونحوه من المؤذيات فيسلم الصيد ، أو كان الصيد مغموساً في رمل أو طين فحفر عليه لتخليصه من الهلاك أو مُطلق الأذيّة ، فوقع في الحفيرة صيد آخر ، احتمل الضمان وعدمه.

الثالث : في اليد

فمن قبض على صيد عصى وضمن ، وإن كان مملوكاً ضمن العوض للمالك أيضاً.

والمعني باليد : الاستيلاء عليه بوضعه تحت القدمين ، أو بين الرجلين ، أو في إله حبس ، أو تحت ثوب أو نحوه ممّا يتمكّن منه.

ويد الطفل والمجنون يد الوليّ مع اطلاعه.

ومع القبض يضمن بكلّه مع تعلّق التلف بكلّه ، ومع تعلّقه ببعضه لبعض.

وإذا أطلقه سليماً ، فلا ضمان عليه ، إلا أن يكون قد أخرجه من وكره ، فإنّه لا يرتفع الضمان عنه إلا بإرجاعه إليه وسكونه فيه.

ولو أمسك المُحرم صيداً في الحلّ ، فذبحه مُحرم آخر ، فعلى كلّ منهما فداء كامل. ولو كانا محرمين في الحرم ، تضاعف الفداء ، ما لم يبلغ البدنة. ولو كانا محلّين في الحرم ، لم يتضاعف. ولو اختلفا ، تضاعف على المُحرم فقط.

ولو أمسكه المُحرم ، فذبحه المحلّ أو بالعكس ، فليس على المحلّ شي‌ء ، ويضمن المُحرم.

٦٠٤

ولو أمسكه للحفظ من السباع ، أو لمداواة جراحته ، أو ليطعمه أو يسقيه حفظاً له من التلف ، ونحو ذلك ، قام فيه الوجهان.

ولو تعدّد الماسكون ، جرى على الضعيف حكم القويّ ، ويوزّع على الجميع بنسبة واحدة.

ولو أمسك حيوانات متعدّدة ، ولم يعلم بأنّ المذبوح منها أو من غيرها ، قوي الضمان.

ولو أمسك صيداً على صيد ، ضمنهما. ولو أمسك السافل ، لم يضمن العالي.

ولو نقل المُحرم بيضاً عن مَحلّه ، ففسد بالنقل أو بغير ذلك ، كان مضموناً على المحرم. ولو أحضنه طيراً فخرج الفرخ سليماً ، أو كسره فخرج فاسداً ، فالأقرب عدم الضمان. ولو حصل الشكّ في ذلك ترتّب حكم الضمان.

ولو لم يعلم بأنّ البيض بيض صيد أو غيره ، قوي الضمان. ولو لم يعلم بأنّه بيض أو بعض الحمامات ، لم يلزمه شي‌ء. ولو شكّ في عدده بنى على الأقلّ ؛ والأحوط مُراعاة الأكثر.

صيد الحرم :

ويحرم على المُحلّ في الحرم كلّما يحرم على المحرم في الحلّ إجماعاً ، وفي مساواة الوزر أو ترجيح أحدهما على الأخر وجوه ، أقواها ترجيح حُرمة الحرم ، خصوصاً ما دخل في المشاعر ، ثمّ مكّة ، ثمّ المساجد ، ثمّ المسجد (١).

ويكره للمُحلّ صيد ما يؤمّ الحرم ، والقول بالحرمة قويّ ، فإن أصابه ، ثمّ دخل الحرم فمات فيه ، ضمن في وجه قويّ.

ويتحقق كونه امّاً للحرم بتوجّهه إليه ماشياً أو طائراً ، مقبلاً أو مدبراً ، مختاراً أو مُلجَأً ، بنفسه أو محمولاً يؤم به حامله على إشكال.

ولو أمّ أصلاً فرعه في الحرم أو بالعكس ، فكأنّما أمّ الحرم. ولو كان في الحرم

__________________

(١) كذا.

٦٠٥

ما يؤذيه ، فصاده للحفظ ، كان ضامناً على الأقوى.

ويكره صيد ما بين البريد والحرم ، ويُستحبّ ما فيها من الجزاء احتياطاً. وتشتدّ الكراهة فيما يقرب منه إلى الحرم ؛ وكلّما اشتدّ قرباً ، اشتدّ كراهة. وما خرج بعض منه عن البريد بحكم ما في البريد ؛ لدخول بعض الأخر فيه ، فيغلب احترامه ، كما يغلب احترام الحرم على ما بعضه في الحرم وبعضه خارج عنه.

ومن قتل صيداً في الحرم فعليه جزاؤه. وإن اشترك فيه جماعة ، فعلى كلّ واحد فداء.

ولا كراهة في صيد ما يؤمّ البريد ، وهو حريم الحرم ، ولا في استعمال باقي مُحرمات الحرم منه ؛ لأنّه من الحلّ ، وتجري عليه أحكامه ، فيجوز تملّك الصيد ، وتذكيته ، ولا كراهة في صيد ما خرج منه من طيور.

ولا تجري فيه أحكام الشجر والنبات ، وأحكام التنفير ونحوها ، ولو وجدت فيه طيور ، فشكّ في أنّها طيوره أو طيور الحرم ، حكم بأنّها من طيوره ، دون الحرم.

ولو رمى المُحلّ في الحلّ صيداً في الحرم ، أو رمى من الحرم صيداً في الحلّ ، أو أصابه وبعضه في الحرم ، أو أصابه وكان على فرع شجرة في الحلّ ، وأصلها في الحرم أو بالعكس ، ضمن. وفيما إذا كان الرأس كذلك إشكال.

ولو رمى ما شكّ في أنّه من الحرم ، لم يحكم له بحكم حمام الحرم ، إلا إذا حصل الشكّ في محصور مع العلم بالاشتمال عليه.

ولو ربط صيداً في الحلّ ، فدخل الحرم برباطه ، حرم إخراجه.

ولو دخل بصيدٍ إلى الحرم ، وجب إرساله ، فإن لم يرسله أخرجه عنه أولا ضمنه وإن تلف بغير سببه.

ودخول بعض الصيد برباطه ، ولو ببعض ريشه ، كدخول كلّه.

وكذا دخول الصائد داخل الحرم في البيض أو الفراخ خارجه ، فلا يتبعه في الإحرام ، بخلاف العكس للسبب.

ولو حصل في يده طائر مقصوص أو منتوف بطل امتناعه ، وجبَ حفظه إلى أن

٦٠٦

يكمل ريشه ، ويرسله ، وعليه الأرش لو كان هو الناتف بإعطاء تفاوت ما بين السليم وغيره ، ولا يسقط الأرش حفظه وعود ريشه ، ولا فرق بين أن يكون هو القاصّ له أو غيره.

ويجب على القاصّ والناتف حفظه وإن لم يكن في اليد. ولو اجتمع القاصّ وصاحب اليد ، كان صاحب اليد أولى بالتكليف على إشكال.

ولو تعدّد القاصّ أو صاحب اليد ، وجب الحفظ على الجميع على السويّة ، من غير فرق بين قاصّ الأكثر والأقلّ ، ويحتمل اعتبار التفاوت ، ويتهايئون بينهم (١) ، ويحتمل الوجوب الكفائي ؛ حذراً من ضرب المهايأة (٢) ، ويحتمل الإقراع.

ولو أخرج صيداً من الحرم ، وجبت إعادته ؛ فإن تلف قبلها ضمنه ، ولا يخرج عن الضمان بمجرّد إرساله وإن ظنّ رجوعه.

ولا تكفي إعادته إلى مُطلق الحرم ، بل لا بدّ من إرجاعه إلى وكره أو محلّه الّذي كان فيه ، مع الاستقرار فيه.

ولو كان بعضه في الحرم ، وبعضه خارج الحرم ، فحكمه حكم ما كان تمامه في الحرم.

ولو أخرج ما يؤمّ الحرم عن محلّه ، احتمل فيه ذلك.

ولو ردّه فوجد في وكره سبعاً ، لم يجُز وضعه فيه ، وعليه حفظه ، فإن وضعه ، ضمن في علم التلف ، والشكّ فيه.

ولو نتف ريشة من حمام الحرم ، تصدّق بشي‌ء وجوباً باليد الجانية ، لا بالثانية.

ولو نتف بهما معاً ، احتمل وجوب التصدّق بهما معاً والتخيير ، ولو نتفها بأصابع رجليه ، تخيّر في التصدّق بيديه وغيرهما.

ولو اشترك اثنان فما زاد في النتف ، وجب التصدّق على الجميع. والناتف بالة

__________________

(١) تَهَايأ القوم تَهَايؤاً من الهيئة : جعلوا لكلّ واحدٍ هيئة معلومة ، والمراد النوبة. المصباح المنير : ٦٤٥.

(٢) في «ح» زيادة : ويحتمل من ضرب ثلثها المهايأة.

٦٠٧

بعضها بيده ناتف بيده في وجه قويّ ، والقرض بمقراض أو غيره ولو من الأصل لا يدخل في النتف.

ولو تعدّد الريش مترتّباً ، كان النتف متعدّداً ، فتتعدّد صدقته ؛ وإن اتّحد ، لزم الأرش ، والمدار على الاسم ، من غير فرق بين الصغار والكبار. وفي التعدّي إلى غير الحمام نظر.

ولو رمى بسهم من الحلّ فدخل الحرم ، ثم خرج منه ، فقتل صيداً في الحلّ ، فلا ضمان ؛ بخلاف العكس ، فإنّه مضمون فيه ، ويجري الحكم في كلّ جناية استندت إلى إله قتلت أو جرحت خارج الحرم بعد أن صدرت من الحلّ ودخلت في الحرم.

ولو دحرج إله من الحلّ ، فدخلت الحرم ، ثمّ خرجت منه ، وقد خرج صيد الحرم من الحرم خوفاً من صيدها أو حذراً من إصابتها ، فقتلته خارج الحرم أو جرحته إلى غاية ، ضمنَ.

وفي تحريم صيد حمام الحرم على المُحلّ في الحلّ إشكال ، ويعني به الحمام الّذي يسكن الحرم ويأوي إليه ، وقد يُراد به حمام مخصوص ، وقد يتمشّى إلى كلّ طير سكن الحرم ، دون غيره من أقسام الصيد.

وحيث نقول بتعلّق التحريم يجري عليه حكمه لو كان في الحرم ؛ من عدم جواز تذكيته ، وحكم تقدّمه على الميتة ، وتأخّره عنها.

ويجب فيما له فداء مخصوص على المحرم في الحلّ القيمة على المحلّ في الحرم. ويجتمعان على المحرم في الحرم حتّى يبلغ البدنة فلا يتضاعف. ويقوى أنّ المدار على التقييد ، فلو اتّفق أنّ قيمة البدنة أقلّ من قيمة البقرة أو الشاة ، لم يتغيّر الحكم. ويحتمل الرجوع إلى القيمة مع التنزّل الخارج عن المتعارف ، فيلزم مع اجتماع قيمتان.

ولا فرق بين زيادة قيمة البدنة على قيمة الصيد ونقصها عنها.

وفي كونه على وجه الرخصة أو العزيمة ، وجهان.

ولو قتله اثنان في الحرم ، فعلى كلّ واحد فداء وقيمة إذا كانا مُحرمين ، وإن كانا محلّين فعلى كلّ واحد قيمة ، وإن كان أحدهما محرماً ، والآخر محلا ، فعلى المحرم

٦٠٨

فداء وقيمة ، وعلى المُحلّ القيمة.

ولو جرحاه أو أعاباه فعلى جامع الوصفين أرشان ، وعلى ذي الوصف الواحد أرش واحد. ولو جرحاه أو أعاباه ثمّ قتلاه ، جرى حكم الأرش والفداء أو القيمة عليهما. وتتعدّد القيمة فيما لم يقرّر له فداء مع تعدّد الوصف ، وتتّحد مع اتّحاده.

وفداء المملوك لصاحبه ، فإن نقص عن القيمة أُضيفت إليه الزيادة ؛ وإن زاد عليها ، فللمالك الزائد على إشكال.

وفداء غير المملوك يتصدّق به ، سوى فداء حمام الحرم ، فإنّه يؤخذ به العلف له ، وما كان من النعم يذبح أو ينحر ويتصدّق به.

وإن كان وقفاً في محلّ يصحّ فيه الوقف ، كان للموقوف عليهم ، عامّاً أو خاصّاً ، ويجعل وقفاً بعينه إن أمكن ، وإلا اشترى ما يجعل وقفاً عوضه.

ولو ادّعى ملكيّته مُدّعٍ ، صُدّق بلا يمين مع عدم المنازع.

ولو كان مملوكاً من قبل ، ثمّ أرسله مُعرِضاً عنه ، فلا شي‌ء لمالكه ، ويرجع إلى حكم الصدقة.

ومنها : تكرّر الكفّارات بتكرّر القتل ونحوه سهواً.

وأمّا عمداً ؛ فلا تكرار على الأقوى إلا في إحرامين مختلفين.

ولا فرق بين القتل ، والكسر ، والجرح ، والعيب ، وكلّ سبب للضمان ، سوى بعض ما نصّ عليه ، كالجراد ونحوه.

وما دخل في الاسم الواحد كالقتل للجراد الكثير إن فعل تدريجاً تعدّدت أحكامه ، وإلا اتّحدت ، ما لم يكفّر في الأثناء ، فإن كفّر تعدّدت. ولا يتكرّر بتكرّر الآنات في الاستدامة ، وإن تضاعفت إثم ، فالإمساك ونحوه لا فرق بين قليله وكثيره.

ومنها : أنّه يضمن الصيد بقتله عمداً ، وسهواً ، وخطأً.

فلو رمى حجراً فأصاب صيداً ، أو رمى صيداً ، فمرق السهم وأصاب آخر ، ضمن.

٦٠٩

ولا يضمن المُجتهد ما أدّى رأيه إلى عدم ضمانه ، وأتلفه ، ثمّ عدل ، فرأى ضمانه ، والمقلّد إذا قلّد المُجتهد في عدم ضمان شي‌ء ، ثمّ عدل بنيّته إلى الضمان ، وقد كان عمل بفتواه.

ولو أوجب الشارع عليه قتل الصيد أو جرحه أو تنفيره ؛ لحفظ نفسه ، أو نفس محترمة لم يكن ضمان ، إلا ما أوجب الشارع فيه الضمان وإن كان الباعث على الإتلاف الخوف.

ومنها : أنّ كلّ من وجبت عليه شاة في الحجّ في كفّارة الصيد ، وعجز عنها ، فعليه إطعام عشرة مساكين ، فإن عجزَ صامَ ثلاثة أيّام ، وتقوى تسرية الحكم إلى العُمرة.

والظاهر اعتبار مُطلق الإطعام ، والاكتفاء في الإطعام بالإشباع ، وإعطاء مدّ مدّ.

والعجز عن الشاة يتحقّق بعدم التمكّن منها سليمة ، والعجز عن البعض في المرتبة الثانية يتحقّق بالعجز عن الجميع ، فيلزم التلفيق في العجز عن البعض. والأقوى أنّ العجز عن البعض عجز عن الجميع.

والمتمكّن من الشراء بأكثر ، ومن وجد بعض المُستثنيات في الديون ممّا لا يضطرّ إليه ، يدخل في حكم القادر.

ومنها : ما لا دم فيه كالعصفور ، والجرادة ، والزنبور ، والضبّ إذا أصابه المحرم في الحرم تتضاعف فيه القيمة ، فإن قدّرت في الشرع تضاعف المقدّر.

وإن لم تقدّر كما في البطّ ، والأوز ، والكركيّ ، والبلبل ، والصعوة ، والسماني ، والطاوس ، وابن أوى ، وابن عرس ، ونحوها ، ضعّف ما يحكم به العدلان.

ولا فرق بين أن يصيبه المُحرم في الحرم وهو خارج عنه ، وبين أن يصيبه وهو داخل فيه.

ولو أصاب محرماً ، فقتل أو جرح في الحرم بعد الإحلال ، أو أصاب مُحلًّا في

٦١٠

الحرم ، فقتل بعد الإحلال ، فالمدار على حال الإصابة في وجه قويّ.

ولا فرق في لزوم التضاعف بين كون الصيد تمامه في الحرم أو بعضه ، ومع التبعيض لا فرق بين إصابته في الجزء الداخل في الحلّ ، والخارج عنه. ويستوي في ذلك المباشرة والتسبيب.

وإن جرح جروحاً متعدّدة تضاعفت قيمتها. وإن جرح ، ثمّ قتل بجناية أُخرى ، تضاعفت فيهما.

ومنها : ما يلزم المُعتمر من الكفّارات مكانها مكّة ، وما يلزمه في الحجّ مكانه منى ، وما يلزم المعتمر في غير كفّارة الصيد ، يجوز نحره بمنى.

والطعام المخرج عوضاً عن المذبوح تابع له في محلّ الإخراج ، ولا يتعيّن الصوم بمكان.

ويراد بمكّة : ما كانت مؤسّسة زمان خطاب الشرع ، ويحتمل تعميم المستجدّ منها.

ولو وضع بعض المذبوح حال الذبح في مكّة ، والبعض الأخر في الخارج ، أو بعض المذبوح في منى ، والبعض الأخر في الخارج ، لم يجتزئ على الأقوى.

ولو ذبحه خارجاً عن الحدّ ، فتحرّك بعد الذبح ، ولم تخرج روحه حتى دخل ، دخل في حساب الخارج ؛ وبالعكس يدخل بحكم الداخل.

ومنها : لو كسرَ المحرم بيضاً جاز أكله للمُحلّ ولو في الحرم ، وليس للمحرم عليه سلطان. ولو كان البيض مملوكاً لهُ قبل الإحرام ، فليس له منعه ، ولا يطلب المحلّ الأكل أو المالك ، وإنّما الكفّارة على الكاسر ، وغرامة المالك عليهما ، كلّ على مقدار ما يلزمه. ولو ظهر في البيض فرخ سليم ، كان مضموناً ، والفاسد غير مضمون.

ومنها : لو أمر المحرم مملوكه بقتل الصيد ، فقتله ، ضمن المولى وإن كان المملوك محلا ، إلا أن يكون محلا في الحلّ على إشكال. وفي لحوق مجرّد الإذن بالأمر ،

٦١١

وتسرية الحكم إلى كلّ مولّى عليه إشكال.

ولو جبر المحرم شخصاً آخر مولّى عليه أو لا فالظاهر وجوب الكفّارة على الجابر. ولو أمر من في الحرم شخصاً في الحلّ على قتل صيد في الحلّ ، استحق المؤاخذة ، وفي لزوم الكفّارة إشكال.

المقام الرابع : في باقي المحظورات

في لبس المخيط ، والخفّ ، أو الشمشك ، وشبهه دم شاة مع العلم ، وإن كان مضطرّاً ، وإن انتفى التحريم معه.

واستثناء السراويل لا وجه له.

ولو دارَ أمره بين الملابس لجبره على أحدها ، أو لضررورة الحرّ والبرد ، لزم الاقتصار على ما تندفع به الضرورة ، وتقديم الضيّق على الواسع ، والأكثر خياطة على غيره.

وفي تقديم الدثار على الشعار ، والأقرب لمماسته البدن ابتداء واستدامة ، مباشرة أو بالواسطة على غيره ، وجه ضعيف.

وفي استعمال الطيب أكلاً أصالة أو إداماً وبخوراً ، وإطلاءً ، وشمّاً ، وعلوقاً ، ومسّاً ، واحتقاناً ، واكتحالاً ، وسعوطاً ، وتقطيراً ، وفي الملبوس ، والمفروش ، والموطوء ولو بفعله ، والوسادة ونحوها حيث يشمّ الطيب منها ، دم شاة.

ولا بأس بخلوق الكعبة ، وإن كان فيه زعفران ، وخلوق قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والكلام فيها قد مرّ.

وفي استعمال الدهن المُشتمل على الطيب شاة ، في الاختيار والاضطرار ، ظاهراً كان أو باطناً كالسعوط والحُقنة ابتداء واستدامة.

وفي الادهان بما ليس فيه طيب يقوى ذلك أيضاً.

وإذا وضع واستمرّ فواحد ، وإذا تعدّد بعد الإزالة فمتعدّد ، وإذا مزج أنواعاً من الطيب فوضعها مجتمعة ، كانت بحكم الطيب الواحد. ولو وضع في أماكن متعدّدة

٦١٢

دفعة واحدة ، جرى عليه حكمه ، وإن كانت متغايرة كالثوب والبدن.

والظاهر أنّ اشتداد الرائحة (١) باعث على شدّة التحريم ، وكذا الكثرة ، ففي صورة التعارض يقدّم الخفيف.

وفي قلم كلّ ظفر من يدٍ أو رجل كفّ من طعام ، وفي أظفار يديه أو رجليه أو هما في مجلس واحد من دون تخلّل تكفير دم شاة.

وبعض الظفر ككلّه ؛ إذ لا يعقل قصّ تمام الظفر ، وفي زيادة اليد والرجل إصبعاً أو أكثر أو نقصانهما كذلك إشكال ، والأقوى جري الحكم فيهما.

ولو قلم يديه في مجلس ، ورجليه في آخر ، فدمان.

وعلى المُفتي بالقلم مُحرماً أولا مُجتهداً أو لا ، لو قلم المُستفتي فأدمى إصبعه شاة.

والحكم في الشخص على حقو واحد ، مع الحكم بالوحدة محلّ بحث.

وفي إلحاق مطلق الإزالة لا سيّما الكسر ، والقلع ، والقطع إشكال.

وفي إجراء الحكم على المفتي في باقي المُحرّمات بُعد. ولو عمل بفتوى الميّت فلا رجوع على تركته.

ولو تعدّد المفتون دفعة أو متعاقبين تعدّدت ، وكان على كلّ واحد شاة. واحتمال (٢) الاتّحاد مطلقاً أو حال الدفعة ، أو حال الترتيب فيختصّ بالأوّل ، واحتمال التخصيص بالمعتمَد من العلماء وجه قويّ.

وإذا اشتركوا في الاعتماد ، فإن تعاقبوا ، احتمل الاختصاص بالأوّل ، وأن يكون على كل واحد فداء ، وأن يكون على المجموع فداء.

ولا فرق في المُفتي بين أن يكون عاصياً في فتواه أو لا. ولو كان مُستفتياً غيره فأفتاه بالمنع مع اعتماده عليه ، ثمّ استفتى الأخر فأفتاه بالجواز ، لم يكن على الثاني شي‌ء

__________________

(١) في النسخ : الواجبة ، بدل الرائحة.

(٢) في «ح» : واحتمل.

٦١٣

وإن عمل بقطعه على إشكال.

ولو نقل ناقل عن المُفتي التجويز ، ففعل مُعتمداً على النقل ، احتمل اللزوم ، وعلى كلّ من الناقل والمنقول عنه شاة ، ويحتمل اشتراكهما ، وخصوص الناقل ، والمنقول عنه ، والعدم.

وفي حلق الشعر أو إزالته بأيّ وجه كان منه أو من غيره بإذنه على إشكال من الرأس أو غيره ، كلّا أو بعضاً شاة أو إطعام عشرة مساكين ، لكلّ مسكين مدّ والأقوى الاكتفاء بالستّة ، لكلّ مسكين مُدّان أو صيام ثلاثة أيّام.

والقول بالتخيير بين إشباع عشرة ، واثنى عشر مدّاً لستة ، وبالستّة أمداد لستّة وبالتخصيص بمن حلق عن أذى ، وفي غيره تتعيّن الشاة ، وبتعيّن الشاة مطلقاً لا يخلو من بُعد.

ولا يبعد القول : بأنّ من حلق قفاه للحجامة لا شي‌ء عليه.

ولو وقع شي‌ء من شعر رأسه أو لحيته بمسّه في غير الوضوء فكفّ من طعام ، وأمّا في الوضوء واجباً أو ندباً ، فلا شي‌ء عليه فيه مُعلّلاً بالحرج. وفي تمشيته إلى الغسل والتيمّم وجه.

وفي نتف الإبطين شاة ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين ، سواء كان منه أو من غيره بإذنه في وجه ، وفي إلحاق سائر أقسام الإزالة به وجه.

ويوزّع على النسبة في التبعيض ، ولإلحاق البعض بالكلّ وجه وجيه.

وإذا بُني على مطلق الإزالة ، فلو قطع قطعة من لحم الإبط وجلده ومعها الشعر ، أو قضى النتف بقلع الجلد مع الشعر ، لم يجر عليه حكم على إشكال.

ولو نتفه دفعة واحدة ، كان نتفاً واحداً ولو نتف أوّلاً ، فأوّلاً ، فهو واحد إن اتّحد المجلس ، ولم يسبق التكفير. ولا فرق في النتف بين أن يكون بأصابعه أو ببعض الآلات.

٦١٤

ولو نتف قبل الإحرام ، ليكون نقيّاً بعده ، فلا بأس.

والاثنان على حقو إذا حكم بالوحدة يحتمل جعل الاثنين بمنزلة واحد ، والأربعة بمنزلة اثنين ، ويحتمل احتساب الاثنين باثنين.

وفي تغطية الرأس بثوب أو ماء مطلقاً أو طين يفدي عن كلّ يوم أو عن تمام المدّة شاة ، ولا يتعدّد بتعدّد الغطاء.

وفي التلبيد بالعسل أو الشمع أو الصمغ لدفع القمل أو الغبار يقوى عدم المنع. وليس في عصام القربة وما يشبهه ولا في الأشياء الدقيقة كخيط ونحوه شي‌ء.

ولا بأس بتغطيته بشي‌ء منه ، كيده وشعره ما لم ينفصلا ، ولا يجوز تغطيته بشي‌ء من بدن غيره.

والوسخ المكتسب في الرأس ما لم يحدث له جرم خارج عن العادة ليس بساتر.

وكذا القمّل ، والبرغوث ، والصئبان إذا تكاثرت ، ولم تخرج عن العادة. وأمّا القراد ، والحلم ، والدود ، والحيوانات المنفصلة ، فإذا تكاثرت ، عُدّت ساترة. وتغطية جانبيه بالوسادة إذا كانت لينة فلا بأس بها.

وفي التظليل سائراً شاة لكلّ يوم ، قيل : وللمضطر لجملة الأيّام (١).

والقول بأنّ لكلّ يوم مدّاً من طعام ، وبأنّ التظليل إن كان لأذى أو مرض فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك ، والصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة ثلاثة أصوع من ستّة مساكين ، والنسك شاة ، وباختصاص الفدية بالمضطرّ ، وفي الحكم فيه ، وفي بعض ما تقدّمه بالنسبة إلى شخصين على حقوٍ واحد ، مع الحكم بالوحدة إشكال.

ولو كان الظلّ رقيقاً ، قُدّم على الكثيف ، وكذا تقدّم المتّحد على المتعدّد. وتشتدّ (٢) الحرمة للكثافة : والكثرة ، وتضعف للرقّة والقلّة على إشكال.

__________________

(١) الكافي في الفقه : ٢٠٤ ، الغنية (الجوامع الفقهية) : ٥١٥.

(٢) في «ح» : وتتعدد ، بدل وتشتدّ ، وفي نسخة في «ص» : وتتأكد.

٦١٥

والمدار على التظليل من جانب الفوق ، وفيما عداه من الجهات إشكال ، ولو فقد المقوّمين أخذ بالأكثر احتياطاً ، ويحتمل قويّاً الأخذ بالأقلّ. وكذا لو حصل التعارض ، ولم يكن ترجيح.

ولو توقّف التقويم على أُجرة مع بنائه على المداقّة أعطاها ، ويُعتبر تقويم أهل الخبرة منهم ، ويعرفون بشهادة أهل الخبرة لهم إن كان البناء على المداقّة.

وفي الجدال ثلاثاً صادقاً شاة ، ولا شي‌ء فيما دونها ، سوى الاستغفار والتوبة.

وفي الثلاث كاذباً بدنة إن لم يتخلّل التكفير ، وفي الاثنين كاذباً بقرة ، وفي الواحدة شاة.

والمراد بالكذب : خبر مخالف للواقع ، لا مخالف للاعتقاد ، ولا مخالفتهما معاً ، وإطلاق الكذب على الجدال مع أنّه عبارة عن قول : لا والله ، وبلى والله ، وهو من الإنشاء لأنّ المراد كذب متعلّقه ، ورجوع مضمونه إلى الكذب ، والمراد بالسلب سلب إحدى الصيغتين (١) ، لا كليهما.

ولو أتى ببعض الصيغة محرماً ، مثل لبيك الأخيرة (٢) مثلاً إن جاز فلا جدال.

وفي قلع الضرس شاة ، والقول فيه بأنّ فيه مُدّاً من طعام ضعيف. ولا فرق بين أن يقلعه بنفسه أو يأذن لغيره في قلعه ، من غير فرق بين أن تكون دامية أو لا.

ولو قلع ضرساً فانقلع آخر معه ، لزمته كفّارة ، ولو كان الضرس زائداً كان كغيره. ولو قلقله قبل الإحرام فقلعه بعد الإحرام ، لزمته الكفّارة ، بخلاف العكس. ولو كان مؤذياً لم يتغيّر حكمه.

والأضراس متساوية ، صغيرها وكبيرها ، قويّها وضعيفها ، صحيحها ومكسورها. ولو كسره ولم يقلعه ، لم يجرِ عليه الحكم. ولو كان مكسوراً فقلع بقيّته ،

__________________

(١) في «ص» : الصفتين.

(٢) في «ح» : لنبات الأجرة ، وفي «ص» : لنبات الأخيرة. وما أثبتناه من نسخة «ص».

٦١٦

دخل في حكم القلع.

وفي قلع الشجرة الكبيرة من شجر الحرم بقرة وإن كان محلا ، وفي قلع الصغيرة شاة ، وفي أبعاضها القيمة.

قيل : ويضمن قيمة الحشيش لو قلعه (١).

ولو قلع منه شجرة فغرسها في مكان آخر ، وجبت عليه إعادتها إلى الحرم. وفي وجوب غرسها في محلّها والاكتفاء بالغرس في أيّ مكان شاء من الحرم وجهان : أقواهما الأوّل.

ولو أعادها وجفّت ، فلم يؤثّر الغرس فيها ، ضمنها. ولو غرسها فنبتت ، فلا كفّارة.

وتجوز تخلية الإبل وسائر البهائم لترعى شجر الحرم وحشيشه.

وفي إلحاق ما كان أصلها في الحرم وأغصانها في الحلّ وجه قويّ ، وإجراء الحكم (٢) إلى العكس غير بعيد ، ولا سيّما مع كثرة الأغصان في الحرم. ويُلحق بذلك ما كان أصلها بعضه في الحرم وبعضه خارج في وجه قويّ.

وكلّما فيه لفظ «العجز» الباعث على النقل إلى مرتبة أُخرى لإيراد به مُطلق الفقر ، وإنّما المدار فيه على حصول الضرر بالدفع. وفي إخراج مُستثنيات الديون مع عدم الاضطرار إشكال.

ولو حصل العجز عن البعض ، احتمل لزوم النقل ، فحصول العجز عن المجموع بالعجز عن البعض ، ويحتمل التوزيع إن أمكن التبعيض في البدل.

ولو عجز ، فقدر بعد العجز ؛ فإن كانت قدرته بعد إتمام المرتبة الثانية ، مضى عمله ، ولا شي‌ء ، وإن عادت في الأثناء ولم يمكن التوزيع ، فكذلك ، وفي غيره بحث.

__________________

(١) المبسوط ١ : ٣٥٤.

(٢) في النسخ : الحلّ ، بدل الحكم.

٦١٧

ولا كفّارة على الجاهل ، والناسي ، والمجنون ، والصبي في شي‌ء منها ، مع إحدى الصفتين الإحراميّة والحرميّة ، إلا الصيد ، فلا بدّ من الكفّارة عليهم فيه ، وإن كان تعلّق الوجوب فيه مختلفاً ، فمنه ما يتعلّق بالفاعل ، ومنه ما يتعلّق بالوليّ في ماله ، ومنه ما يتعلّق به في مال المولّى عليه.

ولو صدرت الجناية حين النقص ، فمات بعد الكمال ، أو بالعكس ، فالمدار على المصدر.

ويستوي جاهل الموضوع في العُذر وجاهل الحكم ، غير أنّ جاهل الحكم مع خطور (١) الشبهة بباله عاص ، وجاهل الموضوع لا إثم عليه ، إلا مع الاشتباه بالمحصور.

ولو اشترك من يضمن ومن لا يضمن في جناية ، لحِقَ كلّ واحد حُكمه ، ولزم ضمان الجميع على الضامن.

ولو تعدّدت الكفّارة مختلفة ، كالصيد ، والوطء ، والطيب ، واللبس ، تعدّدت كفّاراتها ؛ اتّحد الوقت أو اختلف ، كفّر عن السابق أولا.

ولو تكرّر السبب الواحد ، فإن تقدّم التكفير ، تعدّدت ، فإن كانت ممّا يضمن بالمثل أو القيمة تعدّدت ، في مجلسٍ واحد أو متعدّد ، وإلا فإن كان ممّا لا يفصل الشرع أو العرف فيه بين المجلس الواحد والمتعدّد كالوطء تعدّدت.

وإن تكرّر ما يفرّق فيه الشرع في صدق الوحدة والتعدّد عليه بين الوصل والفصل ، تكرّرت مع الفصل الزماني ، كالحلق ، والقلم ، ونحوهما.

ولو شكّ في العدد ، بنى على الناقص ، والأوفق بالاحتياط الإتيان منها حتّى يطمئنّ بفراغ الذمّة.

__________________

(١) في «ح» : حضور.

٦١٨

ولو أتى بالكفّارات وعلم فساد واحدة لا على التعيين ، أعاد الجميع. ولو اختلف الجنس ولم يتمكّن من الجميع ، قدّم الأهمّ ، فالأهمّ.

ويتحقّق تكرار السبب فيما يستمرّ ، كاللبس ، والطيب ، (والتقبيل والتظليل) (١) ، ومع الاستمرار لا تكرار ، وإن استمرّ الوزر باستمراره.

ويتحقّق في الأكل بتكرار الإدخال في الفم ، فلو أدخل شيئاً (فابتلعه شيئاً) (٢) فشيئاً احتسب أكلاً واحداً ، إلا مع الفصل الطويل ففيه إشكال.

ويتعدّد الوطء بتعدّد الإيلاج ، فلو أولج واستمرّ ، عُدّ إيلاجاً واحداً. ولو أخرج بعضاً منه ، ثمّ أدخله مكرّراً ، لم يكن مكرّراً.

ويتعدّد الاستمناء بتعدّد الخروج ، مع تعدّد السبب ، وتعدّد الخروج مع وحدة السبب لا يقضي بالتكرار.

والمدار في الجميع على العُرف.

وكلّ مُحرِم أكلَ أو لبسَ ما لا يحلّ له أكله ولبسه ، فعليه شاة. ويتحقّق الأكل بالابتلاع ، فلو أدخل في فمه محلا ، وابتلع محرماً ، كفّر ، وبالعكس لا كفّارة.

ولو أكل شيئاً من لحم الصيد محلا فبقي في أسنانه أو بعض أطراف فمه أجزاء صغار إلى حين الإحرام ، فابتلعها مُحرماً ، فإن بلغت إلى حيث لا يُسمّى ابتلاعها أكلاً ، فلا بأس ، والأحوط الترك.

والمَدار في اللبس على ما يُسمّى لباساً ، فلا بأس بالغطاء ، والوطاء ، والحمل ، والملتصق من غير أن يدخل دخول الأبعاض فيه.

ويكره القعود عند العطّار المُباشر للطيب ، وعند المتطيّب إذا قصد الجلوس

__________________

(١) في النسخ : والنقص والتحديد.

(٢) ما بين القوسين ليس في «ح».

٦١٩

ولم يشمّه ، ولا فدية عليه. ويجب على الجالس التباعد عمّا عنده من الطيب ؛ حذراً من أن يمسّ ثيابه.

ولا بأس بمسّ الزعفران عنده والخلوق ، والأحوط التجنّب.

ولو اكتسبت ثيابه من طيبه ، وجب نزعها وغسلها ، أو تركها تذهب ريحها.

ويكره أيضاً الوقوف عنده إلا بمقدار الحاجة ، وتقوى تسريته إلى كلّ مكان فيه طيب ، وربّما يقال : بأنّ المظنّة كافية في ثبوت الكراهة.

ولو كانت حوله روائح نتنة تغلب رائحة الطيب ، فالظاهر ارتفاع الكراهة.

وكلّما كثر عطر العطّار أو كانت الرائحة أشدّ ، اشتدّت الكراهة.

ويجوز للمُحرم شراء الطيب ، والخيط ، والجواري ، وتملّكها كسائر التملّكات. وإن قصد الانتفاع بها بعد الإحلال. ولو قصد الانتفاع بها حال الإحرام ، وكان شراؤها لذلك عصى وبطل العقد في وجه قويّ.

وإن باعها البائع لذلك أو بشرطه ، وقصد المشتري الانتفاع بالوجه الحلال ، عصى البائع ، وفسد العقد أيضاً ، ومع العلم والخلوّ عن الشرطيّة والغلبة في ترتّب العصيان والفساد إشكال.

ولو شكّ فيما أراده المشتري أو ظنّ إرادته الحرام ، فليس فيه بأس ، ويُستحبّ تركه.

ويُعتبر في الحلق مسمّاه ، ولا تحديد بنصف الرأس أو ربعه ، أو بما يميط عنه الأذى ، أو بأربع شعرات أو ثلاث كما أفتى به العامّة. ولو كان أقلّ ، تصدّق بشي‌ء. والقول بالعدم ، وبالتصدّق بشي‌ء عن كلّ شعرة منه ، وبالتصدّق بدرهم ، وبالتصدّق بثلاث شياه لا وجه له.

وأقسام الحلق وإن اشتركت في التحريم وسببيّة الكفّارة ، أكثرها أكثر وزراً. ولو نسي فذكر في أثناء الحلق ، قطعه ؛ وإلا كفّر.

وإن أخذ الحلّاق أُجرة ، حرُمت عليه ، ووجب ردّها مع جهل المُعطي بعدم

٦٢٠