المذكور بالقياس إلى غير المظنونات بعد موافقة المظنونات ، كما أنّه على تقدير وجود طرق اخر معتبرة بعنوان القطع كان الأصل مختصّا بالموارد الخالية عنها ، والموارد الّتي وجد فيها شيء منها مع مزاحمة مثله له المانعة من إعماله وإعمال مزاحمه من غير لزوم محذور.
فإن قلت : حصول المورد للأصل المذكور بالقياس إلى أصحاب الأئمّة والموجودين في زمانهم كما هو المفروض ـ لوجود الطرق المعتبرة بالنسبة إليهم كرواياتهم المعلومة لديهم والمنصوبين في أطراف البلاد من قبلهم لإرشاد الناس ـ كاف في اندفاع ما ذكر من المحذور.
قلت : مرجع هذا الكلام إلى دعوى اختصاص هذا الأصل بالمذكورين ، وإنّ الشارع لم يقصد بتقريره له ما يعمّهم والموجودين في أزمنة الغيبة المنسدّ لهم باب العلم الغير المتمكّنين عن غيره من الطرق المعتبرة.
وفيه : ـ مع أنّه تقييد في مطلقات أدلّة هذا الأصل وتخصيص في عموماتها كما لا يخفى على من يلاحظها ، ولا دليل على شيء من الأمرين بل هو باطل بالإجماع على عدم الفرق ، كما يعلم ذلك من ملاحظة الكتب الاستدلاليّة في الفقه ـ أنّه باطل بالأولويّة القطعيّة ، ضرورة أنّ الانقطاع عن الأئمّة وعن الطرق الّتي اعتبروها بالخصوص آكد في اقتضاء تأسيس هذا الأصل وتقريره كما يظهر للمنصف.
هذا خلاصة دليل الانسداد القاضي بحجّيّة الظنّ وجواز التعويل عليه في إطاعة الله تعالى وامتثال أحكامه ، قرّرناه هنا على حسب ما اقتضاه المجال ، وتفصيله مع النقوض والإبرامات المتعلّقة به يطلب من محلّه ، لكن لا بأس بالتعرّض لعمدة ما اورد عليه ممّا هو يناسب المقام ، المقصود منه دفع شبه الأخباريّة في إنكارهم حجّية الظنون الاجتهاديّة.
فعمدة ما يناسب المقام ممّا يرد عليه منع الانسداد الّذي هو العمدة من مقدّمات هذا الدليل ، وهذا المنع يقرّر من وجهين :
أحدهما : ما ينسب إلى منكري حجّية أخبار الآحاد كالسيّد والحلّي وأحزابهما من دعوى قطعيّة الأحكام بالكتاب والإجماع والأخبار المفيدة للعلم بتواتر أو استفاضة أو غير ذلك من القرائن القطعيّة الداخلة والخارجة.
وهذه الدعوى بالنسبة إلى الأزمنة المتأخّرة عن زمن هؤلاء إلى زماننا هذا واضح الاندفاع ، لقضاء ضرورة الوجدان بخلافها ، مع انقطاع هذا القول في هذه الأزمنة وعدم وجود قائل به بعدهم ممّن يعتدّ بقوله. وأمّا بالنسبة إلى زمنهم فهم أعرف بحقيقة ما ادّعوه وليس