وأن يعرف شرائط البرهان لامتناع الاستدلال بدونه *
__________________
بموجبها ، وأمّا على طريقة من يزعمها ضعيفة فهو بحاله ولا مدفع له عنه إلاّ الالتجاء بها أو بما يقرب منها ممّا دونها أو فوقها ، وليس ذلك في مذاقه إلاّ الرجوع إلى الاحتياط ، وأيّ شيء قضى بقوّة هذا الأصل وضعف غيره ممّا يعتمد عليه المجتهدون من الاصول المعهودة لديه الّتي منها الاستصحاب وأصل البراءة ونحوها.
وتفرّق أقوال مسألة واختلاف أدلّتها لو أوجب عدم الاعتداد بها لخرج المسائل الفقهيّة عن الاعتبار ، إذ قلّما يتّفق فيها من مسألة لم يتفرّق فيها الأقوال ولا يختلف فيها الأدلّة.
ومن المعلوم أنّ الاعتداد بالمسألة يتبع الإذعان بها من أيّ فنّ كانت وبأيّ سبب حصل حيثما قامت الحجّة على اعتباره أو اعتبار سببه.
* أراد بذلك بمقتضى ظاهر العبارة معرفة القواعد المنطقيّة والقوانين الميزانيّة المتعلّقة بصور الأدلّة من الاستثنائيّات والاقترانيّات المحصورة بالأشكال الأربعة ، لامتناع نهوض الدليل دليلا لمن جهلها ، ولأنّ عدمها يؤدّي إلى امتناع استحصال سائر الشروط المتقدّمة ، فإنّ هذه المعرفة كما أنّها شرط لأصل الاجتهاد فكذلك شرط لغيره من شروطه الّتي هي عبارة عن عدّة علوم ولا سيّما علم اصول الفقه الّذي هو العمدة في الباب لكونه من العلوم النظريّة ، ولأجل ذا ربّما أمكن الاستغناء عن اعتبار هذا الشرط بالخصوص بعد اعتبار غيره من المذكورات ، نظرا إلى أنّ المراد باستحصالها حسبما تقدّم استحصالها بمبادئها اللازمة الّتي منها مراعاة المنطق ، فحصولها يستلزم سبق حصول معرفته ، وهو يوجب الغناء عن التصريح بشرطيّته للاجتهاد ، لأنّ العبرة في شرائط الوجود بحصولاتها الخارجيّة لا وجوداتها الذهنيّة ، وهذا الكلام وإن كان يجري في سائر الشروط أيضا غير أنّها لابدّ فيها من التصريح بالاعتبار بعثا لطالب صناعة الاجتهاد الغافل عن شرطيّتها على تحصيلها.
ولا يذهب عليك أنّ القدر المكتفى به من هذا الشرط أيضا حصول ما يوصل إلى التمكّن من إقامة الدليل بشرائطه المقرّرة عند أهل الصناعة ولو من غير جهة الكسب ، وبغير طريق مراجعة أهل الصناعة ومزاولة كتبها المدوّنة.
وقضيّة ذلك كفاية حصوله على نحو الإجمال من غير حاجة إلى النظر التفصيلي الّذي لا يتأتّى إلاّ بالخوض في مسائلها المدوّنة المستدعي لصرف برهة من العمر المفيد لتعرّف تفاصيل اصطلاحاته واستفصال مجملاته الحاصلة للأوساط من الناس حصول الفطريّات ،