تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران - ج ١-٢

أحمد السباعي

تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران - ج ١-٢

المؤلف:

أحمد السباعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-660-17-6
ISBN الدورة:
9960-660-18-4

الصفحات: ٧٩٣

والفتح على حساب السلطة العثمانية فهم لهذا كانو يكلفون أشراف مكة ويمدونهم بالذخيرة والاموال ليستعيدوا بعض ما يفقده النفوذ العثماني من سلطان في شرقي الجزيرة أو جنوبها.

وعندما تولى الحسين امارة مكة كان الاتحاديون العثمانيون قد زاد استياؤهم من نجد فأوعزوا الى الحسين أن يعمل على ارهابهم وكان استياء الحسين لا يقل عن استياء العثمانيين لانه شعر أن دعوة نجد شرعت تستميل بعض القبائل التي تواليه وأهمها (عتيبة) وتمد نفوذها الى غيرها وان انتشار الدعوة تعني انتشار الفتح على حساب امارته فأعد جيشه للمسير الى ديار عتيبة في عام ١٣٣٠

وفي هذه الاثناء كان سعد بن عبد الرحمن شقيق الامام عبد العزيز آل سعود قد دخل ديار عتيبة فاستطاع الحسين أن يغريهم بالقبض عليه وتقديمه مأسورا وبذلك استطاع ان يشترط على امام نجد (الملك عبد العزيز آل سعود فيما بعد) ان يعترف تلقاء اطلاق أخيه بسيادة العثمانيين وان يدفع ستة آلاف مجيدي تعويضا للدولة فقبلت نجد ما طلبه منها.

ولما اشتعلت الحرب العامة وثار الحسين ثورته المعروفة على الاتراك واتصلت الاخبار بنجد رحب إمامها بالفكرة وتبادل والحسين كتب الود والمجاملة والهدايا (١) الا ان الحسين ما فتيء أن أعلن نفسه ملك العرب وشرع يتكلم في مؤتمرات الصلح باسم العرب فأثيرت الشكوك في نجد وخيف أن يطمع الحسين في ضمها فأنطلق ابن السعود يحتج ويعترض ويطلب تحديد الحدود التي تفصل نجدا فأستاء الحسين وعظم عليه الامر.

__________________

(١) كان مما كتبه الامام عبد العزيز فى شعبان عام ١٣٢٨ الى الحسين «لقد قدمنا أخينا عبد العزيز بن عبد الله السعود لموجب خدمتكم وأجبنا المصاوغة منه لموجب التبريك بأقدامكم ولا شك فى غايتنا نبى نقرب أنفسنا منكم (راجع جزيرة العرب فى القرن العشرين للشيخ حافظ وهبه ص ٣١٢)

٧٠١

واشتد استياء الحسين أكثر عندما بلغه أن دعوة نجد تنشط بين القبائل المتاخمة وفيهم من والاه في حروب الاتراك وساعده في جميع أعمال الثورة فأرسل الى تلك القبائل حملات تأديبية حاول أن يدعم بها نفوذه فلم تنجح محاولته بقدر ما بثت من الاضطرابات بين القبائل المتاخمة.

وأراد الحسين أن يضرب بقوة تترك صداها في ديار نجد فأوعز الى ابنه وقائده الظافر في المدينة الامير عبد الله (ملك الاردن فيما بعد) أن يميل بجيشه ومعداته الثقيلة الى تربة والخرمة فتقدم حتى انتهى الى تربة في ٢٤ شعبان سنة ١٣٣٧ وبات ليلته فيها فلم تمهله العشائر التي استثارها حماس الدعوة الدينية في نجد من قبائل عتيبة وسبيع والبقوم بل فاجأته على غرة ووضعت السيوف في جيشه ولم تترك سبيلا للفارين الا نفرا قليلا استطاعوا النجاة بأنفسهم وكان من بينهم القائد والامير عبد الله.

وفي هذه الاثناء كان الامام عبد العزيز (الملك فيما بعد) قد زحف على رأس جيوشه الى تربة فوافته قبل أن يصلها أخبار هزيمة الجيش الهاشمي فيها فمضى في طريقه حتى دخلها.

وأهل عام ١٣٣٨ والعلاقة بين الحسين ونجد على أشد ما تكون سوءا وحلت أشهر الحج فأعلن منع النجديين من الحج واستمر على ذلك في العام الذي يليه ثم توسط الحلفاء بينه وبين جيرانه فأذن لهم في عام ١٣٤٠ بالحج على أن يكون عددهم محدودا فقبلوا ، ثم عادوا في سنة ١٣٤١ يطلبون الاذن لقدر غير محدود فعاد الحسين الى أبائه وأعلن منعهم من الحج الا اذا أخلوا البلاد التي اكتسبوها في

٧٠٢

الحدود وتوسط الحلفاء فهيئوا مؤتمرا في الكويت يجمع بين مندوبي الحسين وأولاده في العراق والاردن فلم ينجح المؤتمر وانفض المندوبون على غير وفاق ، وسنعود الى تفصيل ذلك في البحث عن العهد السعودي الثاني (١)

__________________

(١) كان من أهم أسباب الخلاف ان ابن السعود اشترط في المؤتمر ان لا يتضامن مندوبو الحجاز والعراق والاردن ليستطيع مفاوضة كل على حدته كما ان مندوب الاردن اشترط للمفارضة ان تعود حائل لآل الرشيد وان تنسحب جنود نجد من تربة وسائر الاراضي الحجازية التى احتلها النجديون (جزيرة العرب في القرن العشرين ٢٤٧)

٧٠٣

سقوط الطائف

وظل الخلاف على شأنه في عام ١٣٤٢ بين الحسين ونجد كما ظل طريق الحج امام النجديين مقفلا فاقترح المتصلون بابن السعود ان يحاول الهجوم على الطائف لعله ينجح في الاستيلاء عليه فيستطيع ان يساوم الحسين عليه كما يستطيع ان يتبين موقفه منه كما يتبين موقفه من الحكومة البريطانية حليفة الحسين بعد ان يحتل الطائف.

يقول الاستاذ حافظ وهبة (١) وكان من كبار المستشارين في بلاط ابن السعود في نجد : لم يكن لجلالة الملك ابن السعود أي فكرة عن غزو الحجاز وفتحه حتى سنة ١٩٢٣ لانه لم يكن واثقا تمام الوثوق بامكان تغلب قواته على الحجاز وثانيا لانه لم يكن واثقا من موقف الحكومة البريطانية. ويحق له ان يحسب لموقفها ألف حساب فهي التي طالبته بترك الحجاز والرجوع الى نجد سنة ١٩١٩ م بعد ضرب القوات الشريفية في تربة وقد كان في امكان قواته في ذلك الوقت ان تتقدم وتستولي على الطائف ومكة لولا انذار انكلترا له بأنها تعتبر تقدمه في الحجاز عملا عدائيا موجها ضدها. ثم يقول (٢) وهو يشير الى حركة الاخوان الاخيرة للاستيلاء على

__________________

(١) فى كتاب جزيرة العرب ص ٢٥٠

(٢) في صفحة ٢٥١

٧٠٤

الطائف (لقد كنت موقنا بان الاخوان سيتغلبون على قوة الشريف وموقنا بان انكلترا ستقف موقف الحياد لان سياسة ابن السعود ازاءها كانت سياسة مجاملة تامة وودية للغاية.

ويعلل الاستاذ قدرة الاخوان على التغلب على قوة الشريف بانتقالهم من البادية الى سكنى الحضر وتشربهم بروح الدين والتعصب ضد كل من خالفهم.

ومضى عام ١٣٤٢ وكان عيد الاضحى فقدم الى الرياض للمعايده رؤساء الاخوان من اهل الخرمة وعتيبة والغطغط فعرض ابن السعود عليهم فكرة غزو الحجاز فهشوا وبشوا للمشروع لانهم سيطهرون بيت الله وينشرون الدين الصحيح ولانهم سيغنمون الاموال التي ذاقوا حلاوتها في تربة كما سيغنمون أجر الجهاد (١).

وبذلك بدأت القبائل تجهز جيوشها وترسلها الى مكان الاجتماع المختار في تربة في هدوء لم يشعر به الاشراف في مكة والطائف الا بعد ان اتصلت السرايا الاولى بالقرب من الطائف في أوائل صفر سنة ١٣٤٣.

كان رجال الحملة لا يزيد عددهم على بضعة آلاف بقيادة خالد بن لؤي (٢) وسلطان ابن بجاد فاحتلوا مخفر كلاخ شرقي الطائف ثم تقدموا الى مخفر الاخيضر دون ان يجدوا مقاومة تذكر (٣) وكان في الطائف نحو ٥٠٠ جندي

__________________

(١) جزيرة العرب للاستاذ حافظ وهبة ص ٢٥٢ ...

(٢) من غرائب المصادفات أن يقود الحركة النجدية ضد الاشراف بمكة فى العهد السعودي الأول أحد أقرباء أمير مكة هو عثمان المضايفى ويقودها فى العهد الثانى أحد أقرباء الحسين وهو خالد بن لؤى .. اختلف كل فى عهده مع أميره القائم وساعد نجدا ضده واستطاع ان يستولى على مكة في ظروف تتشابه كيفيتها وحركات جيوشها تشابها كامل العناصر.

(٣) الثورة العربية لامين سعيد ص ١٨٣ ـ ٣

٧٠٥

نظامي يقودهم صبري باشا وزير الحربية والقائد العام للجيش الحجازي وبعض الحرس الخاص وعلى رأسهم أمير الطائف شرف بن راجح فحاولوا الدفاع عن الطائف ولكنهم شعروا بضعفهم وقلة ذخيرتهم.

واتصل الخبر بالحسين في مكة فندب ابنه الامير علي وكان قد جاءها من المدينة حاجا على رأس قوة نظامية تبلغ نحو ٨٠٠ جندي نظامي و ٤ مدافع جبلية و ٨ رشاشات فاسرع على رأس قواته عن طريق ثنية (كرا) الى وادي المحرم فبلغها يوم ٥ صفر وبذلك دخل الطائف فبات ليلة ثم ما لبث ان غادره في اليوم الثاني ٦ صفر عندما أحس برصاص النجديين يخترق اسوار البلدة وكان يؤمل ان يستجمع قواه في الهدا (١) ثم يكربها من جديد.

وبخروجه من الطائف هجم بعض الاهالي على ابواب السور وفتحوها للمهاجمين معلنين انهم لا يريدون الحرب فاقتحم الاخوان الطائف بقوة السلاح فكان يوما استاء له (الامام عبد العزيز) وامر فيما بعد ان يعوض المنكوبون.

وترك العنف أثره في هبوط معنوية الجيش المدافع في الهدا وتملك الخوف افراده ووجد رجال الحرس والبدو في بعض بوادي الطائف ان الفرصة سانحة للنجاة بأرواحهم والاستفادة منها فانحازوا الى المهاجمين واختلطوا بهم في الطائف وشاركوا في اعمالهم ورأى الامير علي نفسه مضطرا الى التراجع فانهزم بجيشه الى (الهدا) وهي على بعد كيلو مترات من وادي المحرم فما لبث الجيش النجدي ان هاجمه في «الهدا» في ٢٦ منه فاستأنف التراجع الى «بازان» بعد ان تبين له ان لا فائدة من الثبات خصوصا وقد ظهر له أن أكثر عربان الجهة وفي

__________________

(١) تاريخ نجد الحديث ص ٣٠٠

٧٠٦

مقدمتهم «طويرق» قد انحازوا الى المهاجمين واستطاعوا أن يصلوا الجيش الهاشمي برصاصهم في شبه حركة التفاف (١).

ولا جديد في هذا فاوضاع البادية أو فقرها اذا شئت كثيرا ما يهيئها للانحياز الى الطرف الغالب الذي تستطيع الاستفادة منه والكسب.

وتوالت الهزيمة وزاد عدد المنتمين الى الجيش المهاجم واتصلت الاخبار بمكة سيئة مفزعة فارتفعت بعض الاصوات تنادي بطلب السلاح من الحسين لمقاومة الهجوم ولكن الحسين لم يجرأ على توزيع السلاح خوفا على حياته من الهائجين وبينهم الكثير الذي بات لا يرضى عن قسوته في الحكم.

وزحف بعض الصائحين الى دار الحسين يطالبون أن يلجأ بالانكليز لحمايته فصرخ مستنكرا واجتمع الشريف عبد الله ابن أخيه محمد بقاضي القضاة الشيخ عبد الله سراج ورئيس الديوان العالي السيد احمد السقاف وبحثوا الحالة ثم رفعوا تقريرهم الى الحسين بأن يبرق الى الانكليز لتدارك الحالة فأبى ذلك عليهم.

وتوالت الاجتماعات بالحسين حتى تقرر الانسحاب الى جدة فبدأوا بارسال النساء والاطفال ومن بينهم عائلة الحسين نفسه (٢).

تنازل الحسين ومبايعة علي : وانسحب أكثر الاهالي في مكة الى جدة خوفا من ان تتكرر مأساة الطائف في مكة وبقي الحسين في مكة يثير الحماس فيمن حوله بينما ظل جيش الاخوان في مواقعه من الهدا والطائف لا يريم عنه انتظارا الوصول الاوامر الاخيرة من امام نجد.

وباجتماع اعيان مكة باخوانهم من الاعيان في جدة رأوا ان يتدارسوا الحالة

__________________

(١) الثورة العربية لامين سعيد ١٨٥ ـ ٣

(٢) المصدر نفسه ١٨٦ ـ ٣

٧٠٧

فاجتمعوا لذلك وبعد ان تداولوا الرأي قرروا استدعاء علي بن الحسين من مكة فلما انتهى اليهم في ٤ ربيع الأول أبلغوه أن الأمة الحجازية ممثلة في مجلس أعيانها المؤقت قررت خلع والده ومبايعته حقنا للدماء فأبى قبول البيعة مراعاة لكرامة والده فابرقوا الى الحسين بما يأتي :

بما ان الشعب الحجازي بأجمعه واقع الآن في الفوصى العامة بعد فناء الجيش المدافع وعجز الحكومة عن المحافظة على الارواح والأموال وبما ان الحجاز يعني بأمره عموم المسلمين لذلك فان الامة قررت نهائيا تنازل جلالة الشريف حسين وتنصيب ابنه علي ملكا على الحجاز فقط مقيدا بالدستور على شريطة ان ينزل على رأي المسلمين المادي والمعنوي وان يكون للبلاد مجلسان أحدهما نيابي وطني لادارة الامور الداخلية والخارجية والآخر شورى يتكون من اعضاء نيابيين منتخبين من المسلمين على اختلاف بلادهم ومهمته الارشاد والمساعدة على اصلاح الشؤون الداخلية والخارجيه. والله الموفق لما فيه الصلاح ٤ ربيع الأول سنة ١٣٤٣.

الموقعون : ـ السيد طاهر الدباغ ، عبد الله علي رضا ، سليمان قابل ، محمد طويل ، مصطفى اسلام ، ناصر بن شكر ، شرف بن راجح ، محمد صالح باناجه ، محمد نصيف ، عبد الله الصغير ، علي محمد سلام ، أبو بكر باغفار ، محمد نور جوخدار ، احمد ناظر ، حمزة شيت ، سليمان أبو غلية ، حمزة جلال بابلي ، هاشم بن سلطان ، سليمان أبو داود ، عبد الرحمن ابراهيم زامكة ، احمد حماد ، محمد سرور الصبان ، عابد مقادمي ، عبد الرحمن باجنيد ، عثمان باعثمان ، أمين سنباوه ، حسين محمد نصيف ، أحمد بن عبد الرحمن (١).

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ١٨٧ ـ ٣

٧٠٨

وقد أجابهم الحسين بالموافقة على التنازل وعدم رضاه بمبايعة «علي» ولكن المجلس الذي شكلته الحوادث الجسام كان عمليا حازما وكانت قراراته لا تقبل الجدل فقد تقدم أحدهم السيد طاهر الدباغ الى التلفون وأفهم الحسين بأنه لا عدول عما تقرر فلم يقبل الحسين فطيروا اليه برقية يقولون فيها : «نسترحم تنازلكم والا فدماء المسلمين على عاتقكم» فلم يسع الحسين الا القبول (١).

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لأمين سعيد ١٨٨ ـ ٣ وتاريخ نجد الحديث ص ٣٠٥ وما بعده

٧٠٩

في عهد الملك علي

وعلى اثر ذلك اجتمع الناس في دار الحكومة بجدة وحضر الامير علي فبايعوه ملكا دستوريا على الحجاز وذلك يوم ٥ ربيع الأول سنة ١٣٤٣ والقى السيد طاهر الدباغ الخطبة الآتية :

بناء على طلب الامة قد تنازل جلالة والدكم وذلك بموجب برقيته المؤرخة في ربيع الاول سنة ١٣٤٣ رقم ٦٩ وقررت الامة نهائيا البيعة لجلالتكم ملكا دستوريا على الحجاز فقط على شريطة ان تنزلوا على رأي الأمة في تحقيق آمالهم ورغباتهم في اصلاح شؤون البلاد المادية والمعنوية وان يكون للبلاد مجلس نيابي وطني ينتخب أعضاؤه من عموم الاقطار الحجازية بموجب قانون أساسي تضعه جمعية تأسيسية كما هو جار في الامم المتحدة ومهمته ادارة الامور الداخلية والخارجية بواسطة وزارة دستورية مسؤولة امام المجلس وحيث ان الوقت ضيق الآن عن تشكيل المجلس الوطني النيابي فقد رأت الامة ان تشكل هيئة لمراقبة أعمال الحكومة حيث لا يمكن لها اجراء أي عمل بدون تصديق الهيئة وموافقتها واننا نبايعك على ذلك وعلى العمل بكتاب الله وسنة رسوله.

وعلى اثر انتهاء الحفل أرسل السيد طاهر الدباغ البرقية الآتية الى الحسين :

«بحمد الله ومساعي مولاي قد تمت البيعة لجلالة نجلكم المعظم وقد فاوض جلالته من يلزم في تسليم البلاد وادارة شؤونها فالمنتظر من مولاي مبارحته البلاد بكل احترام تهدئة للاحوال».

ولما وصلته هذه البرقية أجاب عليها بالبرقية الآتية وقد ارسل نسخا منها الى أعضاء هيئة جدة كلا باسمه :

٧١٠

(مع الممنونية والشكر هذا أساس رغبتنا التى اصرح بها منذ النهضة والى تاريخه وقد صرحت قبله ببصع دقائق. اني مستعد لذلك بكل ارتياح اذا عينتم ذاتا غير علي واني منتظر هذا بسرعة وارتياح لانه ليس لي غاية الا راحة البلاد وسكانها وكل ما يستلزم سعادتها).

ولما اطلع الحسين على خطبة البيعة وما نص فيها من وضع دستور للبلاد وانشاء مجلس نيابي منتخب أرسل الى قائمقام جدة الكتاب الاتي.

(وفقت على بلاغ فخامة قاضي القضاة نائب رئيس الوكلاء البرقي الصادر في ٥ ربيع الاول سنة ١٣٤٣ وعدد ٤ لقائمقام القصر العالي المتضمن أن هيئة جمعية جدة تشير الى رغبة اعتزالي عن المصلحة الامر الذي صرحت بانفاذه نزولا عند رغبة الاهالي أو أبسط مقتضى بكل ارتياح وانشراح من أول عام نهضتنا ولم أزل أصرح به الى تاريخه وان رغباتي ومقصدي هي محصورة في راحة عموم البلاد ورفاهيتها وسعادتها باستقلالها التام ولا يهمني تقليد امر رئاستها لاي شخص كان وانها وجهت مقامها لابني على شرط أن يكون أمر حكومتنا الحجازية ونفوذها محصورا في منطقة الحجاز فقط وان حكومته دستورية وعليه ولكون نهضتنا مؤسسة اولا على استقلال البلاد العربية المصرح بحدودها ثم العمل في أقطار الحرمين الشريفين بأحكام كتاب الله وسنة رسوله فتحديد سلطة الحجاز الجاري مخابرات أولى الشأن معه الى هذه الساعة في شؤون استقلال العرب ببلادهم ولو لم يكن في هذا التحديد الا تأملنا في مساعي الحضرة السعودية باستيلائها على حائل قاعدة امارة الرشيد والجوف مقر آل الشعلان وتشبثه في ضبط الكويت وتعرضه لغير امارة آل عايض بل تجاوزه الى مكة المكرمة ومساعي امام صنعاء لضم بلاده (حاشد) وتهامة

٧١١

والشوافع وحضرة الادريسي على الحديدة وما حولها وجعله أي ـ الحجاز ـ حكومة دستورية ينبذ فيها العمل سيما الحرمين الشريفين بأحكام كتاب الله وسنة رسوله للعمل فيها بالقوانين البشرية وما تأباه شعائر الاسلام وفرائض الدين والاخلاق الشريفة مادة ومعنى وهذا علاوة على مخالفة ذلك لاساس نهضتنا التي سفك في سبيلها الحجاز خصوصا والعرب عموما دماءهم واموالهم وانفسهم لنيل هاتين الغايتين الشريفتين المقدستين.

وعليه تبلغوا هيئة الجمعية الموقرة المذكورة وكل من يقتضي ابلاغه احتجاجي القطعي أولا على تحديد نفوذ الحجاز كما ذكر بما ينشأ عن قطعية العرب وحرمانهم من حقوقهم الحيوية الاساسية. والثاني ما في ابدال العمل بكتاب الله وسنة رسوله ولذا فاني أحتفظ حقوق اعتراضي وانكاري مادة ومعنى بكل ما ذكر ولذا تحرر (١).

الحزب الوطني الحجازي ومبادئه : كان قد انبثق عن اجتماعات جدة حزب كونه المجتمعون قبيل مبايعة الامير علي واطلقوا عليه (الحزب الوطني) واستنوا له المبادىء الاتية :

١ ـ السعي بكل الوسائل لحفظ البلاد من الكارثة الساحقة المحدقة بها.

٢ ـ السعي لجعل البلاد دستورية اسلامية سالمة من شوائب الدسائس والنفوذ الاجنبي.

٣ ـ النزول على ما يرتئيه العالم الاسلامي لمصلحة البلاد والعباد وكيفية ادارة البلاد.

__________________

(١) تاريخ نجد الحديث ص ٣٠٦

٧١٢

وتم تشكيل ادارة الحزب على النحو الآتي :

الشيخ محمد الطويل رئيسا.

محمد طاهر الدباغ سكرتيرا عاما.

قاسم زينل خازنا ، عبد الله رضا ، صالح شطا ، عبد الرؤوف الصبان ، الشريف شرف بن راجح ، سليمان القابل ، محمد نصيف ، محمد صالح نصيف ، محمود شلهوب ، ماجد كردي أعضاء

وورع الحزب على الامة : بعد تأسيسه نشرة جاء فيها : (ان المأزف الحرج الذي وقعت فيه البلاد دفع الامة الى التفكير فيما يجب عمله لدرء الخطر الداهم وان تتولى أمر نفسها بنفسها وان تسعى بكل الوسائل لحفظ البلاد والعباد ولاجل ان تكون الاعمال في يد قادة صالحين للعمل مفكرين فيما يجب عليهم نحو وطنهم المحبوب. تشكل حزبنا الوطني الحجازي من ذوي الافكار السامية والنظر الثاقب وانتخبوا من بينهم ١٢ عضوا للقيام بالاعمال التي توجبها الحالة الحاضرة وقد باشروا ولله الحمد عملهم وسيسيرون على مبادىء الحزب القويمة التي يتفانون لاجلها وقد عاهدوا الله سبحانه وتعالى واقسموا بعظيم آياته أن لا يدعوا صغيرة ولا كبيرة من الاعمال العائدة لمصلحة البلاد الا فعلوها بقدر استطاعتهم وكل ما يرغبون من الامة الحجازية ان تتذرع بالصبر وان تضع ثقتها في الحزب ورجاله المخلصين).

٧١٣

وجاء في نشرة اخرى : (ان الحزب يقوم بالنيابة عن الامة في الوقت الحاضر والمستقبل (١)).

بيان للعالم الاسلامي : وفي يوم البيعة ٥ ربيع الاول سنة ٤٣ و ٢٤ اكتوبر ١٩٢٤ أرسل الحزب الوطني الى صحف مصر بيانا وقعه السيد محمد طاهر الدباغ سكرتيره وقد جاء فيه :

«بما ان الشعب الحجازي بأجمعه الواقع الآن في الفوضى العامة من فناء الجيش المدافع وعجز الحكومة عن المحافظة على الارواح والاموال وبما ان الحرمين الشريفين خاصة وعموم البلاد الحجازية عامة مستهدفة لخطر ماحق. ومما ان الحجاز بلاد مقدسة يعني امرها عموم المسلمين لذلك فان الامة قررت نهائيا واجبرت الشريف حسينا على التنازل عن عرشه ولينسحب الى حيث يرغب من البلاد لاقامته وبالنسبة لما يخشى حدوثه من الاضطرابات الداخلية وهياج الرأي العام فقد رأت الامة ان تبايع صاحب الجلالة عليا الاول ملكا دستوريا على الحجاز فقط على شرط ان ينزل على رأي الامة الاسلامية في ما يؤول اليه صلاح هذا البلد الامين وقد ارسلت الامة خطابا الى الامام ابن السعود للمفاوضة وان الشعب الحجازي بعد هذا التبليغ والاجراء يلقي كل مسؤوليته على عاتق المسلمين اذا لم يسارعوا فى انقاذ البلاد بايقاف جيوش الامام ابن السعود لاتمام المفاوضة واتخاذ الاجراءات الفعالة لحفظ البلاد» (١)

الى ابن السعود : وكان الحزب قد ارسل في الوقت نفسه الى عظمة السلطان

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ص ١٩٢ / ٣

٧١٤

عبد العزيز بن سعود في الرياض : الكتاب الاتي :

بسم الله الرحمن الرحيم

الى حضرة صاحب العظمة السلطان عبد العزيز بن سعود

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فاننا معاشر العرب أمة واحدة شرفنا الله بدين الاسلام وان البلاد الحجازية التي هي منبع النور الاسلامي هي البلاد المقدسة عند عموم الناس أجمعين وفيها حرمه الامين وقبلة المسلمين والمشاعر العظام وقد حدث بينكم وبين الشريف الحسين من النفور والمنازعات بأسباب عائدة لشخص الحسين وليس للامة والبلاد أدنى دخل في الامر لان السلطة المطلقة كانت في يده ولا يعمل الا بما يريده بل قد احتكر الكلام عن لسان أهلها بما لا يريدونه ونسب لهم ما لا يوافقون عليه واوجد العداء بينهم وبين الامم المجاورة بهم من سكان نجد وخلافها بلا سبب مع اتحادهم في الدين والمذهب حتى ادى الى سفك الدماء البريئة. فلما بلغ السيل الزبى هب الشعب الحجازي المجتمع في جدة من أهلها وأهل مكة والطائف والاشراف والاعيان والعربان من عموم الطوائف الاسلامية الموجودة في الحجاز وكلفوا الشريف حسينا بالتنازل عن ملكه لما ظهر من امتناعه ، عن تلافي هذا القتال بالطرق السياسية وبايعوا ابنه سمو الأمير عليا ملكا على الحجاز فقط بشرط أن ينزل على رأي الأمم الاسلامية فلبنان هذه الأمة وباسم الاسلام الذي قمتم لنصرته وأوقفتم حياتكم برفعة شأنه وعلو مكانته نخاطبكم ونرغب من شهامتكم العربية الأمر بايقاف الجيوش عند آخر نقطة وصلت اليها والموافقة على ارسال المندوبين من طرفنا للمفاوضة معكم فيما يجب عمله نحو هذه البلاد المقدسة لحفظ الأرواح والأموال وتأمين البلاد التي قال فيها سبحانه وتعالى (أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ

٧١٥

رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا) وقال فيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم «ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس وانما احلت لي ساعة من نهار فلا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما أو يعضد بها شجرة» الى آخر الحديث أو كما قال وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعتاب بن أسيد حين ولاه مكة «أتدري على من وليتك؟ وليتك على أهل الله فاستوص بهم خيرا» ونحن نقرر بما تقرون به من الايمان والاسلام والتوحيد والتمسك بالكتاب والسنة ونشهد ان الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وقد رفعنا الامر الى جميع الامم الاسلامية واحتكمنا اليها فيما يتكون عليه حالة الحرمين الشريفين. هذا ونلتجىء الى الله تعالى ثم الى عدلكم وشهامتكم ان تأمورا باجابة رغائب الامة الحجازية المستعدة لقبول طلباتكم العادلة والله على ما نقول وكيل واننا نحمد الله أولا وآخرا والسلام».

وأبطأ وصول الجواب من السلطان فأبرق الحزب برقية بما حواه الكتاب فأرسل اليه السلطان يوم ٢٦ منه البرقية الآتية : ـ

٧١٦

وصل تلغرافكم العمومي أما رسالتكم الرسمية الخاصة المتعلقة بالصلح فلم تصل لا يمكن نشر روح السلام في الجزيرة مطلقا ما دام الحسين وأولاده حكام الحجاز لا نقصد الطمع في امتلاك الحجاز والتسلط عليه لهذا فهو متروك للعالم الاسلامي وهذا ما نراه من البداية بتلك البلاد المقدسة ، واذا أخرج الحسين وأولاده فأنتم آمنون في بلادكم ولقد أرسلنا التعليمات المتعلقة بذلك الى رؤساء جيشنا» (١)

الحسين يغادر الحجاز : ما ان قبل الملك علي البيعة في جدة يوم ٥ ربيع الاول حتى أرسل يبلغ السلطان ابن السعود ما وقع ويطلب وقف القتال ثم عاد الى مكة في يوم ٧ منه فأقام بجوار والده حتى يوم ١٠ منه وفي يوم ١٠ غادر والده مكة قاصدا جدة فظل فيها أربعة أيام وفي يوم ١٤ منه غادرها بالباخرة (خريطة تبين موقع ميناء العقبة) الروضتين الى العقبة (١) تصحبه عائلته وخدمه وأمير الألاى عثمان بك التركي مدير الامن

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ص ١٩٤ / ٣

(٢) المعروف ان العقبة كانت من أملاك الحجاز وقد رأى البريطانيون ان يستفيدوا من استراتيجيتها بعد الحرب العامة الاولى فوضعوا فيها بعض قواتهم فاحتج الحسين على ذلك ولما تأسست امارة شرقي الاردن تحت ادارة ابنه الامير عبد الله رأوا ان يستغلوا الموقف فأوعزوا الى ابنه أن يطلب الى والده ان يتنازل عنها لشرقي الاردن فأبى الحسين ذلك بحجة ان شرقى الاردن لم تستقل بعد عن الادارة البريطانية ولكن الامر تمادى وظلت باقية تحت اشراف الاردن باسم المفاوضات حتى هوجم الحجار وخرج منه الحسين ليستقر في العقبة ولينصرف بعدها الى حشد المتطوعين وارسالهم الى جدة لمساعدة ابنه فيها مما جعل البريطانيين يشعرون بالحرج فطلبوا اليه أن ينتقل الى قبرص بعيدا عن مواطن الاحراج فأبى واصر على أبائه ولكنه ما لبث ان رجع وقبل الانتقال بعد أن أقام في العقة خمسة أشهر. وقد عاش في قبرص نحو ست سنوات مرض بعدها مرضا شديدا ثم زاد فأثقل عليه المرض فنقله ابنه الامير عبد الله الى عمان حيث توفى فيها ثم نقل جثمانه الى بيت المقدس حيث دفن رحمه‌الله في مسجده وقبره معروف هناك.

٧١٧

العام بعدما طلب الى نجله ترفيعه الى رتبة أمير لواء ففعل (٢).

لا يستنجد بالانجليز : وأعلن الحسين قبل سفره من جدة انه لم يستنجد بالانجليز ولم يطلب مساعدتهم في القتال الدائر بينه وبين ابن السعود ، وقال ان كل ما في الامر هو انه كلف وكيله في لندن أن يلفت نظر ولاة الامور البريطانيين الى أعمال ابن السعود ليقابلوها بما كانوا يقترحونه عليه من عدم ازعاجه أو مبادأته بالعدوان (٣).

الملك على يجلو عن مكة : وساءت الحالة بعد خروج الحسين من مكة وتواترت الاخبار بأن الجيش السعودي يتقدم اليها من طريق السيل وما كانت قوات الحكومة في مكة تزيد عن ٣٠٠ جندي نظامي يضاف اليها ٢٠٠ شرطي وقسم من بيشة وعقيل ولا تملك من العتاد الا ٤ مدافع جبلية و ٥ رشاشات خفيفة و ٣ رشاشات ثقيلة. ومع ان هذه القوة ما كانت تكفي لاي عمل عسكري فقد أرسلت بأمر الملك الجديد الى وادي فاطمة لضرب (الاشراف الحرث) وتأديبهم فأدت مهمتها وقتلت شقيق (الشريف علي الحارثي زعيمهم) كما قتلت أخا ثالثا له

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ٢٩٥ / ٣ راجع تاريخ نجد الحديث للاستاذ أمين الريحاني ٣٠٨

(٢) الثورة العربية الكبرى ٢٩٥

٧١٨

وقادته هو الى مكة.

وغادر اللواء صبري باشا وكيل الحربية مكة يوم ١٣ منه الى جدة للاشراف على الحالة فأجتمع اللواء الى رجال الحزب الوطني فأبلغوه انهم يرون الجلاء عن مكة فلا يسفك دم في منطقة الحرم ولما أبلغ هذا القرار الى الملك علي وافق عليه فغادر مكة يوم الاثنين ١٤ ربيع الاول فبلغ جدة ليلة ١٦ منه مع رجاله وفي يوم ١٧ منه (١) وصلت فرقة النصر المؤلفة في عمان بقيادة تحسين الفقير فانضمت الى القوى الموجودة في جدة وأخذت تعمل في اقامة خطوط الدفاع حول البلدة وتحيطها بالاسلاك الشائكة وتعد معدات القتال (٢).

الاخوان في مكة : وما كاد الجيش الهاشمي يغادر مكة ويتركها مفتوحة خلفه حتى كانت جحافل الاخوان تأخذ طريقها اليها .. دخلوها في يوم ١٧ ربيع الاول ١٣٤٣ ونادوا فيها بالامان ثم اجتمع علماؤهم بعلماء مكة وتباحثوا واياهم في مسائل الخلاف ثم نادى مناديهم بضرورة هدم القباب التي تعلو بعض القبور فهدمت وضرورة ابطال البدع وتحريم شرب الدخان فحرم شربه. وتولى شئون الحكم في مكة على أثر دخولها (الشريف خالد بن لؤي) أحد قواد الجيش الفاتح ـ من أقرباء الملك الراحل كما أسلفنا ـ وظل الجيش مرابطا في أعاليها (الابطح) عدة أشهر.

الحزب الوطني يستصرخ : وعلى اثر دخول الاخوان الى مكة بعد جلاء الهاشميين عنها أرسل رئيس الحزب الوطني في جدة في ١٨ منه الى رجال العالم

__________________

(١) راجع تاريخ نجد الحديث ٣١٨

(٢) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ١٩٥

٧١٩

الاسلامي بالبرقية الآتية :

«سحبت الجيوش الى جدة احتراما للحرم وحقنا للدماء ودخلت الجيوش السعودية مكة بسلام .. نؤمل اهتمام العالم الاسلامي بارسال الوفود. ان وساطة المسلمين هي غاية ما ترجوه الامة. نكرر استنجادنا بالمسلمين الغيورين على الحرمين» (١)

خطاب ابن السعود : في هذه الاثناء وقبل ان يصل السلطان عبد العزيز الى مكة كان قد بعث بخطاب الى الحجاز قرىء في مكة ثم انتقل الى جدة وهو كما يأتي :

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد العزيز بن عبد الرحمن الى كافة من يراه من اخواننا أهل مكة وجدة وتوابعها من الاشراف والاعيان والمجاورين من السكان وفقنا الله واياكم لما يحبه ويرضاه آمين. سلام الله عليكم ورحمته وبركاته :

أما بعد فان الموجب لهذا الكتاب هو شفقتنا على المسلمين لصلاح أحوالهم وأمر دينهم ودنياهم ولم نزل نكرر على الحسين النصائح ونحرضه على ما يجمع شمل العرب لتكون كلمتهم واحدة ولكن الطبع غلب التطبع ولا يحتاج تطويل الشرح بما انطوى عليه لان أكبر شاهد على ذلك ما رأيتموه منه وشاهدتموه من أقواله وافعاله في هذه البقاع المباركة التي هي مهبط الوحي مما ينكره عقل كل مسلم وعلاوة على ذلك ينكره كل من يحب المسلمين ولو لم يكن منهم فالرجال ترك مزايا الانصار وهي ما انتسب لهذا البيت الكريم

__________________

(١) الثورة العربية الكبرى لامين سعيد ١٩٥

٧٢٠