لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب.
أمّا الأوّل ، فقد تقدّم.
وأمّا الثاني : فلأنّ النظر مولّد للعلم ؛ لحصوله عقيبه وبحسبه وكمّيّته ، وتخلّف العلم النظري عن تاركه ، ولو لا ذلك لجاز تخلّفه عن فاعله ، وحصوله لتاركه ، وهو باطل ضرورة ، فثبت أنّه طريق إليها. وأمّا انتفاء غيره من الطرق ؛ فلأنّ المعرفة ليست شيئا من أقسام الضروري ، وما ليس بضروري نظري قطعا.
وأمّا الثالث ، فقد مرّ.
ومن زعم حصول المعرفة بغير نظر فهو كمن رام بناء من غير آلات ، وكتابة من دون أدوات.
المبحث الثالث في وجه السمعي
لا ريب أنّ بعض السمعيّات قد يكون وجوبه وجها لوجوب بعض آخر ، كالصلاة الموجبة للطهارة ، فجاز أن يطلق على ذلك أنّه وجهه. فالكلام في مطلق الواجبات والسنن والقبائح والمكروهات السمعيّة.
والمراد بالوجه هنا ، الغاية التي لأجلها كان ذلك الحكم. وقد اختلف العلماء فيه على أربعة أقوال ـ مأخذها ما سلف ـ :
[ المذهب ] الأوّل ـ مذهب جمهور العدليّة من الإماميّة والمعتزلة ـ : أنّه اللطف في التكليف العقلي مطلقا انبعاثا أو انزجارا (١).
والغاية في الواجب السمعي اللطف في الواجب العقلي ، وفي الندب السمعي الندب العقلي ، أو زيادة اللطف في الواجب العقلي ؛ فإنّ الزّيادة توصف بالندب ، وفي ترك القبيح السمعي ترك القبيح العقلي ، وفي ترك المكروه السمعي ترك المكروه العقلي ، أو زيادة اللطف في ترك القبيح.
__________________
(١) شرح الأصول الخمسة : ٦٤.