قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

أبكار الأفكار في أصول الدّين [ ج ٢ ]

أبكار الأفكار في أصول الدّين [ ج ٢ ]

475/531
*

الفصل السادس

فى تحقيق متعلق الإرادة

ذهب القاضى أبو بكر ، والبصريون من المعتزلة : إلى أن الإرادة إذا تعلقت بقول ، أو فعل ؛ فلا بد وأن تثبت له حالة زائدة على ذاته.

أما فى القول : فكما لو قال القائل لغيره : افعل. فإنه إذا أراد به الإيجاب ، أو (١) الندب ، أو الإباحة (١) ، أو التعجيز ، أو التسخير ، أو التأديب ، إلى غير ذلك من المحامل ؛ فقد أفادت الإرادة قوله : افعل. إثبات حالة زائدة فى كل واحدة من هذه الصور : وهى ما به التمايز بين هذه الجهات. وإن كان قوله : افعل. متحدا لا اختلاف فيه.

وأما فى الفعل : فكالسجود : فإنه بالإرادة (٢) لله ـ تعالى ـ ثبتت (٣) له صفة الطاعة ، وبالإرادة (٤) للصنم يثبت له بها صفة المعصية. وإن كان السجود متحدا ؛ لا اختلاف فيه إلى نظائره.

ولهذا قال الكعبى : إن قوله : افعل ، وهو موجب ، خلاف قوله : افعل ؛ وهو نادب.

وخالفهم فى ذلك بعض أصحابنا.

احتج القاضى ، ومتبعوه : بأن الإرادة لا بد لها من مراد ، وأنه يستحيل وجود إرادة لا مراد لها ، كما يستحيل وجود علم لا معلوم له ، وقدرة لا مقدور لها. ومتعلق الإرادة فى هذه الجهات القولية ، والفعلية ، ليس هو نفس القول ، أو الفعل ، لعدم الاختلاف فيه ؛ فلم يبق إلا أن تكون صفة زائدة عليه.

وأيضا : فإن العاقل يجد من نفسه التفرقة بين هذه الأقوال ، والأفعال ؛ وليست التفرقة عائدة إلى ما به الاتفاق : من القول ، أو الفعل ؛ فلم يبق إلا أن تكون عائدة إلى ما به الافتراق. وما به الافتراق غير ما به الاتفاق ؛ وذلك هو المطلوب.

__________________

(١) فى ب (أو الإباحة والندب).

(٢) فى ب (بإرادة).

(٣) فى ب (يثبت).

(٤) فى ب (وبإرادته).