مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٦

وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ، وأن يقول بعد تكبيرة الإحرام [١] : ( يا محسن قد أتاك المسي‌ء ، وقد أمرت المحسن أن يتجاوز عن المسي‌ء ، أنت المحسن وأنا المسي‌ء ، بحق محمد وآل محمد ، صل على محمد وآل محمد ، وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني ).

( مسألة ١٣ ) : يستحب للإمام أن يجهر بتكبيرة الإحرام على وجه يسمع من خلفه [٢] ، دون الست ، فإنه يستحب الإخفات بها [٣].

______________________________________________________

[١] المحكي عن فلاح السائل بسنده عن ابن أبي عمير عن الأزدي عن الصادق (ع) ـ في حديث ـ : « .. كان أمير المؤمنين (ع) يقول لأصحابه : من أقام الصلاة وقال قبل أن يحرم ويكبر : يا محسن‌ .. إلى آخر ما في المتن يقول الله تعالى : يا ملائكتي اشهدوا أني قد عفوت عنه ، وأرضيت عنه أهل تبعاته » (١) ، وعن الشهيد في الذكرى : أنه قد ورد هذا الدعاء عقيب السادسة ، إلا أنه لم يذكر فيه : « بحق محمد وآل محمد » وإنما فيه : « وأنا المسي‌ء فصل على محمد وآل محمد .. » الى آخر الدعاء ، وكلاهما لا يوافق المتن.

[٢] كما لعله الظاهر من الأمر بالجهر ، ويقتضيه عموم ما دل على استحباب إسماع الإمام من خلفه كل ما يقول.

[٣] بلا خلاف ظاهر لخبر أبي بصير المتقدم في أوائل المسألة العاشرة ، ولما في صحيح الحلبي : « وإن كنت إماماً فإنه يجزئك أن تكبر واحدة تجهر فيها ، وتسر ستاً » (٢) ، وخبر الحسن بن راشد : « سألت أبا الحسن

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٩ من أبواب القيام حديث : ٢ لكن فيه : « وأنت المحسن » و « فبحق محمد وآل محمد ».

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١‌

٨١

( مسألة ١٤ ) : يستحب رفع اليدين بالتكبير [١]

______________________________________________________

الرضا (ع) عن تكبيرة الافتتاح ، فقال (ع) : سبع ، قلت : روي عن النبي (ص) أنه كان يكبر واحدة ، فقال (ع) : إن النبي (ص) كان يكبر واحدة يجهر بها ويسر ستاً » (١).

[١] على المشهور شهرة عظيمة ، بل بغير خلاف بين العلماء ـ كما في المعتبر ـ أو بين أهل العلم ـ كما في المنتهى ـ أو علماء أهل الإسلام ـ كما عن جامع المقاصد ـ وعن الانتصار : وجوبه في جميع تكبيرات الصلاة ، مدعياً عليه إجماع الطائفة. وربما يستشهد له ـ مضافاً الى الإجماع الذي ادعاه ـ بظاهر النصوص ، كصحيح الحلبي المتقدم‌ (٢) ، وصحيح زرارة : « إذا قمت إلى الصلاة فكبرت ، فارفع يديك ، ولا تجاوز بكفيك أذنيك أي حيال خديك » (٣) ، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال (ع) : « هو رفع يديك حذاء وجهك » (٤) ، ونحوه خبرا عمر بن يزيد‌ (٥) وجميل‌ (٦) المرويان عن مجمع البيان ، وخبر الأصبغ عن علي (ع) : « لما نزلت على النبي (ص) : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) قال (ص) : يا جبرئيل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال (ع) : يا محمد أنها ليست نحيرة ، ولكنها رفع الأيدي في الصلاة » (٧). ورواه في مجمع البيان كذلك ، الا أنه قال :

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٢.

(٢) تقدم في أول المسألة الثانية عشرة.

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٦.

(٦) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٧.

(٧) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٣.

٨٢

______________________________________________________

« ليست بنحيرة ، ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يدك إذا كبرت وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع ، وإن لكل شي‌ء زينة وإن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة » ‌، وصحيح معاوية في وصية النبي (ص) لعلي (ع) : « وعليك برفع يديك في صلاتك وتقليبهما » (١).

هذا ، ولكن الإجماع غير ظاهر ، بل قد عرفت دعواه على الاستحباب وصحيح الحلبي‌ وارد في مقام بيان الافتتاح الكامل لا أصل الافتتاح ، بقرينة ذكر بسط الكفين ، وتكرار التكبير وذكر الأدعية. وصحيح ابن سنان‌ وما بعده‌ مما ورد في تفسير الآية إنما يجدي في عموم الحكم بضميمة قاعدة الاشتراك ، وهي غير ظاهرة ، فتأمل ، فلم يبق إلا صحيح زرارة‌ ، وصحيح معاوية‌. ويمكن رفع اليد عن ظاهرهما بقرينة ما في النصوص من التعليل : بأنه زينة‌ (٢) ، وبأنه « ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع ، فأحب الله عز وجل أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعاً مبتهلا » (٣) وبأن في رفع اليدين إحضار النية وإقبال القلب ، مما هو ظاهر في الاستحباب مضافا الى صحيح ابن جعفر (ع) : « على الامام أن يرفع يده في الصلاة ، ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة » (٤). فإن النفي عن غير الإمام يقتضي النفي عنه بضميمة عدم القول بالفصل ، ولا يعارض بأن الأمر للإمام بالرفع يقتضي الأمر لغيره بقرينة عدم القول بالفصل أيضاً ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٨.

(٢) تقدم في أول الصفحة.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١١.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٧.

٨٣

إلى الأذنين [١] ، أو إلى حيال الوجه [٢] ،

______________________________________________________

لأن ذلك يؤدي الى طرح النفي بالمرة ، بخلاف الأول فإنه يؤدي الى حمل الأمر على الاستحباب ، وهو أولى عرفا من الطرح ، واحتمال حمل الرفع في الصحيح على رفع اليدين بالقنوت خلاف الظاهر منه ، ولو بقرينة مناسبة الحكم والموضوع ، فإنها تقتضي كون رفع الإمام للاعلام بالافتتاح ، لا أقل من أن يكون خلاف إطلاقه الشامل للقنوت والتكبير ، فلاحظ.

[١] كما عن بعض ، وفي الشرائع ، وعن غيرها : « الى حذاء أذنيه » ، وفي القواعد ، وعن غيرها : « إلى شحمتي الاذن » وظاهر المعتبر ، والمنتهى : اختياره ، وعن الخلاف : الإجماع عليه ، ولعل مراد الجميع واحد. وليس في النصوص ما يشهد له. نعم في المعتبر ـ بعد ما حكى عن المبسوط المحاذاة لشحمتي الاذن ـ قال : « وهي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : إذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز أذنيك » (١) ونحوه ما في المنتهى. لكن دلالة الرواية قاصرة. نعم في الرضوي : « وارفع يديك بحذاء أذنيك » (٢).

[٢] كما عن النافع ، وربما نسب إلى الأشهر ، ولعل المراد الأشهر رواية ، فقد تقدم ذلك في روايات زرارة‌ ، وابن سنان‌ ، ويزيد‌ ، وجميل‌ (٣) وفي صحيح ابن سنان الآخر : « رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي ، يرفع يديه حيال وجهه حين استفتح » (٤) ونحوه روى منصور بن حازم‌ (٥)

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٥.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٧.

(٣) تقدمت في أول المسألة.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٦.

٨٤

أو إلى النحر [١] ، مبتدئاً بابتدائه ، ومنتهياً بانتهائه [٢] ، فإذا انتهى التكبير والرفع أرسلهما. ولا فرق بين الواجب منه والمستحب في ذلك [٣] ،

______________________________________________________

وفي صحيح زرارة الآخر : « ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك » (١) وفي صحيح صفوان : « رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه » (٢).

[١] كما عن الصدوق ، ويشهد له المرسل عن مجمع البيان : « وعن علي (ع) في قوله تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) : أن معناه رفع يدك الى النحر في الصلاة » (٣) ويشير اليه ما في صحيح معاوية بن عمار : « رأيت أبا عبد الله (ع) حين افتتح الصلاة يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا » (٤).

[٢] كما يقتضيه ظاهر التعبير في كلماتهم ، حيث يقولون برفعهما بالتكبير ، كأنه لوحظ التكبير آلة للرفع ، وإنما يكون آلة حال وجوده لا بعد انتهائه ، فلا بد أن ينتهي بانتهائه. لكن في استظهار ذلك من النصوص إشكال ، بل مقتضى اقتران الرفع بالتكبير أن يكون بعد انتهاء الرفع. وأما ما قيل من أن المستحب التكبير حال الإرسال فغير ظاهر الوجه واستظهاره من صحيح الحلبي المتقدم‌ (٥) في أدعية التكبير تكلف بلا داع إليه.

[٣] لإطلاق جملة من النصوص.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٥.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٢.

(٥) تقدم في أول المسألة الثانية عشرة.

٨٥

والأولى أن لا يتجاوز بهما الأذنين [١]. نعم ينبغي ضم أصابعهما [٢] حتى الإبهام والخنصر [٣] ، والاستقبال بباطنهما القبلة [٤] ،

______________________________________________________

[١] للنهي عنه في صحيح زرارة المتقدم‌ (١) في أدلة وجوب الرفع ونحوه خبر أبي بصير‌ (٢).

[٢] قد يظهر من الذكرى الاتفاق على استحباب ضم ما عدا الإبهام قال (ره) : « ولتكن الأصابع مضمومة ، وفي الإبهام قولان ، وفرقه أولى ، واختاره ابن إدريس تبعاً للمفيد وابن البراج ، وكل ذلك منصوص » وقال في المعتبر : « ويستحب ضم الأصابع .. الى أن قال : وقال علم الهدى وابن الجنيد : يجمع بين الأربع ويفرق بين الإبهام » ، ونحوه ما في المنتهى ، ودليله غير ظاهر إلا المرسل المشار إليه في كلامه. واشتمال صحيح حماد‌ (٣) على ضم الأصابع في القيام والسجود والتشهد لا يفيد في المقام فالاستدلال به عليه ـ كما في المعتبر والمنتهى ـ غير ظاهر.

[٣] قد يستشهد على ضم الأول بما عن أصل زيد النرسي : أنه رأى أبا الحسن الأول (ع) : « إذا كبر في الصلاة ألزق أصابع يديه الإبهام والسبابة والوسطى والتي تليها وفرج بينها وبين الخنصر » (٤). وعلى ضم الثاني بما تقدم عن الذكرى ، ولا يعارض بذيل ما عن النرسي لشذوذه. فتأمل.

[٤] نص عليه غير واحد ، منهم المعتبر ، والمنتهى ، من غير نقل خلاف ، لرواية منصور : « رأيت أبا عبد الله (ع) افتتح الصلاة ، فرفع

__________________

(١) تقدم في أول المسألة.

(٢) تقدم في صفحة : ٨٤.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١.

(٤) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٣.

٨٦

ويجوز التكبير من غير رفع اليدين [١] ، بل لا يبعد جواز العكس [٢].

( مسألة ١٥ ) : ما ذكر من الكيفية في رفع اليدين إنما هو على الأفضلية وإلا فيكفي مطلق الرفع [٣] بل لا يبعد جواز رفع إحدى اليدين دون الأخرى.

( مسألة ١٦ ) : إذا شك في تكبيرة الإحرام ، فإن كان قبل الدخول فيما بعدها بنى على العدم [٤] ، وإن كان بعد الدخول فيما بعدها من دعاء التوجه أو الاستعاذة أو‌

______________________________________________________

يديه حيال وجهه ، واستقبل القبلة ببطن كفيه » (١) وخبر جميل : « سألت أبا عبد الله (ع) عن قوله عز وجل ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) فقال (ع) بيده : هكذا » (٢) يعني استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة.

[١] كما عرفت ، وعرفت خلاف السيد (ره) فيه.

[٢] للتعليل في بعض النصوص‌ (٣) : بأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع.

[٣] تقدم في مبحث الأذان الكلام في حمل المطلق على المقيد في المستحبات ويمكن أن يستفاد استحباب مطلق الرفع هنا من التعليل المشار اليه آنفاً ، ومنه يستفاد حكم ما بعده ، وان استشكل فيه في الجواهر : لاحتمال اعتبار الهيئة ، لكنه ضعيف ، ولعله للإشارة الى ذلك أمر بالتأمل.

[٤] لقاعدة الشك في المحل التي تقتضيها أصالة العدم ، أو قاعدة الاحتياط أو المفهوم المستفاد من الشرطية التي تضمنها بعض نصوص قاعدة التجاوز‌ (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٧.

(٣) تقدمت في صفحة : ٨٣.

(٤) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

٨٧

______________________________________________________

القراءة بنى على الإتيان [١]. وإن شك بعد إتمامها أنه أتى بها صحيحة أولا بنى على العدم [٢] ، لكن الأحوط إبطالها بأحد المنافيات [٣] ، ثمَّ استئنافها. وإن شك في الصحة بعد الدخول فيما بعدها بنى على الصحة [٤].

[١] لقاعدة التجاوز ، بل صرح في صحيح زرارة‌ (١) الوارد في بيان القاعدة المذكورة بعدم الاعتناء بالشك في التكبير وقد قرأ.

[٢] لقاعدة الشك في المحل التي يقتضيها ما عرفت ، لكن لا يبعد جريان أصالة الصحة المعول عليها عند العقلاء في كل ما يشك في صحته وفساده ، من عقد ، أو إيقاع ، أو عبادة ، سواء أكان فعلا له أم لغيره ، وربما يشير إليها موثق محمد بن مسلم : « كل ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو » (٢).

[٣] لاحتمال صحة التكبير ، فيكون التكبير الثاني مبطلا له على ما سبق فاذا أبطله بأحد المنافيات فقد أحرز صحة التكبير الثاني.

[٤] هذا يتم لو كان منشأ الشك في الصحة الشك في وجود شرط أو جزء ، إذ يمكن أن يقال بعموم دليل قاعدة التجاوز للجزء والشرط المشكوكين لصدق الشك في الشي‌ء بعد التجاوز عنه. أما إذا كان منشأ الشك في الصحة الشك في وجود مانع فغير ظاهر ، إذ لا عموم في دليل القاعدة يشمل العدم ، بل يختص بالوجود الذي له محل معين ، وقد تجاوز عنه. وملاحظة وصف الصحة مجرى لها غير صحيحة ، لأنه وصف اعتباري فالعمدة في البناء على الصحة قاعدة الصحة ، التي لا يفرق في جريانها بين الدخول في الغير وعدمه كما في الفرض السابق. وهذا من وجوه الفرق بين‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٣.

٨٨

وإذا كبر ثمَّ شك في كونه تكبيرة الإحرام ، أو تكبير الركوع بنى على أنه للإحرام [١].

فصل في القيام

وهو أقسام : إما ركن وهو القيام حال تكبيرة الإحرام والقيام المتصل بالركوع [٢] ، بمعنى أن يكون الركوع عن قيام ، فلو كبر للإحرام جالساً ،

______________________________________________________

القاعدتين ، فان القيود العدمية تجري فيها قاعدة الصحة ، ولا تجري فيها قاعدة التجاوز.

[١] لأن الشك المذكور راجع الى الشك في القراءة وهو في المحل ، فعليه فعلها لقاعدة الشك في المحل.

فصل في القيام‌

[٢] قد أطلق في كلام الأصحاب أن القيام ركن. قال في المعتبر : « وهو واجب ، وركن مع القدرة ، وعليه إجماع العلماء ». وفي المنتهى : « القيام واجب ، وركن مع القدرة عليه ، ذهب اليه كل علماء الإسلام » وفي كشف اللثام ـ بعد قول مصنفه : « إنه ركن في الصلاة الواجبة ، لو أخل به عمداً أو سهواً مع القدرة بطلت صلاته » ـ قال : « بالنصوص والإجماع ». ونحو ذلك ما عن جامع المقاصد ، وإرشاد الجعفرية ، والروض وغيرها. وعن العلامة (ره) : التصريح بأنه ركن كيف اتفق.

واستدل له ـ مضافاً الى الإجماع ـ بإطلاق ما دل على وجوبه ،

٨٩

______________________________________________________

مثل مصحح ابن حمزة عن أبي جعفر (ع) في قول الله عز وجل : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ ) (١) قال (ع) : « الصحيح يصلي قائماً ، والمريض يصلي جالساً » (٢) ، وما في صحيح زرارة : « قال أبو جعفر (ع) : وقم منتصباً ، فان رسول الله (ص) قال : من لم يقم صلبه في الصلاة فلا صلاة له » (٣) ، وخبر الهروي : « قال رسول الله (ص) : إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائماً فليصل جالساً » (٤) ، ونحوها. واستشكل فيه غير واحد من المتأخرين : بأن ناسي القراءة صلاته صحيحة ، مع فوات بعض القيام المستلزم لفوات المجموع.

أقول : الأولى النقض بترك القيام بعد الركوع ناسياً ، أما النقض بنسيان القراءة فيمكن الجواب عنه : بأن القيام يجب حال القراءة ، فإذا سقط وجوب القراءة بالنسيان لا يجب القيام كي يكون ركناً أو غير ركن ، فتأمل.

وكيف كان ، فلأجل ذلك عدلوا عن إطلاق الركنية إلى أنه تابع لما وقع فيه ، فالقيام إلى النية شرط ، والقيام في النية مردد بين الركن والشرط كحال النية ، والقيام في التكبير ركن كالتكبير ، والقيام في القراءة واجب غير ركن ، والقيام المتصل بالركوع ـ وهو الذي يركع عنه ـ ركن قطعاً ، والقيام من الركوع واجب غير ركن ، والقيام في القنوت مستحب كالقنوت ، حكي ذلك عن الشهيد في ببعض فوائده ، وتبعه جماعة ممن تأخر عنه ، منهم ابن فهد في المهذب البارع ، والشهيد الثاني في غاية المرام ، والروض ، قال في الثاني :

__________________

(١) آل عمران : ١٩١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب القيام حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب القيام حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب القيام حديث : ١٨.

٩٠

______________________________________________________

« واعلم أن إطلاق القول بركنية القيام بحيث تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه سهواً لا يتم ، لأن القيام في موضع القعود وعكسه سهواً غير مبطل اتفاقاً ، بل التحقيق أن القيام ليس بجميع أقسامه ركناً ، بل هو على أنحاء » ثمَّ ذكر ما ذكرناه. وعن الوحيد في حاشية المدارك : « أنه مراد الفقهاء ».

وفي الجواهر : جعل الركن مجموع القيام الواجب في الركعة ، نظير ركنية السجود ، فنقصه إنما يكون بفقد الركعة للقيام أصلا ، وزيادته إنما تكون بزيادة تمام القيام حتى المتصل بالركوع وحده أو مع التكبير المستلزم لزيادتهما. وفيه مع أن عليه يكون موضوع الركنية الذي تضاف إليه الزيادة تارة والنقيصة أخرى لا يخلو من إشكال وإجمال كما سيأتي في السجود ـ : أن لازمه أن لو كبر جالساً ساهياً ثمَّ قام وقرأ ثمَّ جلس وركع وهو جالس ساهياً لم تفسد صلاته ، لعدم فقد القيام أصلا ، وهو كما ترى. ولأجل ذلك جرى في المتن على ما ذكره الشهيد ، فجعل الركن من القيام القيام حال تكبيرة الإحرام ، والقيام المتصل بالركوع.

والدليل على الأول ـ مضافاً الى الإجماع المدعى في كلام جماعة ـ ما في موثق عمار عن الصادق (ع) : « وكذلك إذا وجب عليه الصلاة من قيام فنسي حتى افتتح الصلاة وهو قاعد ، فعليه أن يقطع صلاته ، ويقوم فيفتتح الصلاة وهو قائم ، ولا يعتد بافتتاحه وهو قاعد » (١) ، لكنه إنما يدل على وجوب الاستئناف لعدم القيام في التكبير ، وكما يمكن أن يكون ذلك لركنية القيام يمكن أن يكون لأجل أنه شرط في التكبير ، فيكون فواته موجباً لفواته. بل لعل ظاهر الموثق الثاني ، كما هو مقتضى أخذ القيام والقعود أحوالا للصلاة والافتتاح ، فلا يصلح للحجية على ركنية القيام في عرض التكبيرة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب القيام حديث : ١.

٩١

أو في حال النهوض بطل [١] ولو كان سهواً ، وكذا لو ركع لا عن قيام ، بأن قرأ جالساً ثمَّ ركع ، أو جلس بعد القراءة أو في أثنائها وركع [٢] ، وإن نهض متقوساً إلى هيئة الركوع القيامي ، وكذا لو جلس ، ثمَّ قام متقوساً [٣] من غير أن‌

______________________________________________________

وأما الثاني : فدليله منحصر بالإجماع المدعى صريحاً وظاهراً في كلام جماعة. وما في المستند وعن غيره من أن القيام المتصل داخل في مفهوم الركوع ، لأنه الانحناء عن قيام. فيه : أن الركوع من الجالس ركوع قطعاً عرفاً. نعم يحتمل أن يكون الهوي بعنوان التعظيم داخلا في مفهوم الركوع المجعول جزءاً من الصلاة ، لكنه غير ما نحن فيه كما هو ظاهر. مع أنه لو تمَّ ذلك كانت ركنية القيام عرضية بلحاظ كونه مقوماً للركن ، فلا يحسن عده ركناً في قبال الركوع.

والمتحصل من ذلك كله : أن دعوى كون القيام ركناً في قبال ركنية التكبير والركوع ليس مستندها إلا الإجماع ، مع أن من المحتمل إرادة المجمعين الركنية العرضية الغيرية ، كما يومئ اليه الاستناد إلى الموثق ، وإلى دعوى دخل القيام في الركوع فلاحظ.

[١] قد تقدم خلاف الشيخ (ره) في ذلك ، ودليله وضعفه فراجع.

[٢] يظهر منهم المفروغية عن البطلان في الفرض ، والخلل فيه من وجهين : أحدهما : عدم القيام المتصل بالركوع. وثانيهما : كونه واقعاً في حال الجلوس لا في حال انتصاب الفخذين والساقين. والمتعين في وجه البطلان الثاني ، إذ مانعية الأول محل إشكال ـ كما يأتي في الفرض الثاني ـ وكأن العمدة في مانعية الثاني هو الإجماع ، إذ دعوى عدم صدق الركوع في حال الجلوس كما ترى ، ضرورة صدقه حقيقة.

[٣] يعني : كان تقوسه غير بالغ حد الركوع ثمَّ انحنى زائداً حتى بلغ‌

٩٢

ينتصب ، ثمَّ يركع ولو كان ذلك كله سهواً. وواجب غير ركن ، وهو القيام حال القراءة [١] وبعد الركوع. ومستحب وهو القيام حال القنوت [٢] ، وحال تكبير الركوع.

______________________________________________________

حد الركوع. وفي الجواهر استشكل في بطلان الصلاة في الفرض : بأن أقصى ما يستفاد من الأدلة بطلان الصلاة بفقد أصل القيام في الركعة ، لا جزء منه ، وأنه يكفي حال السهو تعقب الركوع للقيام ولو مع تخلل العدم. وفيه : أن إطلاق الأدلة نفسه أيضاً لا يقتضي تعقب الركوع للقيام ولو في الجملة لما عرفت من حديث : « لا تعاد الصلاة » (١) ، والبناء على البطلان في الفرض لا بد أن يكون ناشئاً من الإجماع على اعتبار اتصال الهوي إلى الركوع بالقيام ، ولا فرق بين الفرض وبين ما لو كبر قائماً ثمَّ نسي وجلس وركع وسجد.

وبالجملة إن بني على الاعتماد على الإجماع المدعى في لسان الجماعة فمقتضاه ركنية القيام المقارن للهوي للركوع ، وبطلان الصلاة بفواته ، وإن بني على عدم الاعتناء بالإجماعات والرجوع إلى الإطلاقات فمقتضاها عدم ركنية القيام أصلا ، عدا القيام حال التكبير للنص المتقدم. والتفكيك بين الإجماعات المدعاة بالثبوت وعدمه غير ظاهر.

[١] أما وجوبه فلإطلاق ما دل على وجوب القيام في الصلاة الشامل للقراءة كغيرها ، وأما كونه غير ركن فلما عرفت من أنه مقتضى حديث : « لا تعاد الصلاة » الدال على صحة الصلاة مع فقد كل ما يعتبر فيها من جزء أو شرط عدا ما استثني ، وكذا الحال في القيام بعد الركوع. أما وجوبه فسيأتي دليله في مبحث الركوع.

[٢] عن المحقق الثاني الاستشكال فيه : بأنه قيام متصل بقيام القراءة فهما قيام واحد ، ولا يكون الواحد واجباً ومندوباً. وأجيب عنه‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٤‌.

٩٣

______________________________________________________

في الروض وعن المدارك : « بأنه ممتد يقبل الانقسام إلى الواجب والندب ، واتصاله بالواجب مع وجود خواص الندب فيه لا يدل على الوجوب ».

واستشكل فيه في الجواهر : بأن جواز ترك القيام المقارن للقنوت بترك القنوت معه لا يقتضي الندب ، بعد أن كان الترك إلى بدل وهو الفرد الآخر من القيام الذي هو أقصر من هذا الفرد ، كما هو شأن سائر الواجبات التخييرية. بل يمكن أن يقال لا جزء مندوب في الصلاة أصلا ، ومرجع الجميع إلى أفضل أفراد الواجب التخييري ، لأنه لا تجوز مخالفة حكم الأجزاء للجملة ، فالأمر إذا تعلق بكل ذي أجزاء جزء إلى أجزائه قطعاً.

وفيه ـ أولا ـ : أن لازم ما ذكر لزوم الإتيان بالقنوت ونحوه من الأجزاء المندوبة بنية الوجوب لا الندب ، وهو ـ مع أنه خلاف الإجماع ظاهراً ـ مخالف لمرتكزات المتشرعة.

وثانياً : أن ذلك خلاف المستفاد من أدلة مشروعيتها ، إذ هي ما بين ظاهر في الاستحباب مثل : أحب أن تفعل كذا. وينبغي أن تفعل كذا ونحوهما وما بين ما هو محمول عليه كالأمر بشي‌ء منها المعارض بما يدل على جواز تركه. وبين مثل الأمر بالصلاة معه والأمر بالصلاة بدونه ، الذي قد عرفت في مبحث تكبيرات الافتتاح أن الجمع العرفي بينهما يقتضي أن يكون للزائد مصلحة غير ملزمة زائدة على مصلحة الصلاة الملزمة التي يحصلها مجموع الأجزاء ، فالأمر به يكون نفسياً استحبابياً ، لا غيرياً ، ولا إرشادياً إلى دخله في المصلحة ، ولا نفسياً ضمنياً فلاحظ ما سبق في مبحث تكبيرات الافتتاح. والعجب من شيخنا (ره) في الجواهر كيف رد ظهور نصوص الافتتاح في الوجوب التخييري بين الواحدة والأكثر بمخالفته للإجماع ، ولم يوافق المجلسي (ره) على الأخذ به ، ومع ذلك التزم في المقام بأن الأجزاء المندوبة واجبية بالوجوب التخييري من غير فرق بين القنوت وتكبيرات الافتتاح الست‌

٩٤

وقد يكون مباحا وهو القيام بعد القراءة ، أو التسبيح ، أو القنوت ، أو في أثنائها مقداراً من غير أن يشتغل بشي‌ء [١]. وذلك في غير المتصل بالركوع ، وغير الطويل الماحي للصورة [٢]

( مسألة ١ ) : يجب القيام حال تكبيرة الإحرام من أولها إلى آخرها ، بل يجب من باب المقدمة قبلها وبعدها [٣] ،

______________________________________________________

وأدعيتها وغيرها. نعم ما ذكره من امتناع المخالفة بين الجزء والكل في الحكم مسلم لا غبار عليه ، وقد أشرنا إليه مراراً ، لكن المتعين حينئذ رفع اليد عن كونها أجزاء ، والالتزام بأنها أمور مستحبة في الكل ، لا الالتزام بوجوبها التخييري الذي عرفت الاشكال عليه.

نعم ما ذكره : من أن جواز ترك القيام المقارن للقنوت بترك القنوت معه لا يقتضي الندب في محله ، لأن المندوب ما يجوز تركه مع وجود شرط ندبه ، لا ما يجوز تركه في حال ترك شرط ندبه ، فان جميع الواجبات المشروطة بشرط يجوز تركها بترك شرط وجوبها ، ولا يصح أن يقال : هي مندوبة فإذا كان شرط وجوب القيام الواجب حال القنوت هو القنوت فجواز تركه بترك القنوت لا يقتضي ندبه ، فإطلاق المندوب على القيام في حال القنوت مسامحة ظاهرة.

[١] إذ لا أمر بالقيام في الموارد المذكورة ونحوها ، لا وجوباً ، ولا استحباباً. لعدم الدليل عليه ، فلا يجوز الإتيان به بقصد المشروعية.

[٢] فإن الأول ركن كما سبق ، والثاني مبطل ، فيكون حراماً لو كانت الصلاة فريضة.

[٣] تقدم الإشكال في وجوب ذلك من باب المقدمة العلمية لاختصاصه بالفرد المشتبه بالواجب ، وكذا من باب المقدمة الوجودية لاختصاصه بما يتوقف عليه الوجود ، وتقدم أن الوجوب في المقام عرضي ، للتلازم خارجاً‌

٩٥

فلو كان جالساً وقام للدخول في الصلاة ، وكان حرف واحد من تكبيرة الإحرام حال النهوض قبل تحقق القيام بطل ، كما أنه لو كبر المأموم وكان الراء من أكبر حال الهوي للركوع كان باطلا ، بل يجب أن يستقر قائماً [١] ، ثمَّ يكبر ، ويكون مستقراً بعد التكبير ، ثمَّ يركع.

( مسألة ٢ ) : هل القيام حال القراءة وحال التسبيحات الأربع شرط فيهما أو واجب حالهما؟ وجهان [٢] ، الأحوط الأول ، والأظهر الثاني ، فلو قرأ جالساً نسياناً ، ثمَّ تذكر بعدها ، أو في أثنائها صحت قراءته وفات محل القيام ، ولا‌

______________________________________________________

بين القيام قبلها أو بعدها آناً ما ، وبين القيام حالها ، والوجه في بقية المسألة ظاهر.

[١] لما تقدم من وجوب الاستقرار في التكبير.

[٢] ينشآن من ظهور كلمات الأصحاب في الجزئية في عرض سائر الأجزاء ، وكذا بعض النصوص مثل صحيح زرارة المتقدم في صدر المبحث : « وقم منتصباً ». ومن ظهور أكثر نصوص الباب في الشرطية للأجزاء. وقد تقدم بعضها في صدر المبحث. والبناء عليهما ـ أخذاً بظاهر كلا الدليلين ـ بعيد جداً ، والعمل على ظاهر الثاني وصرف ظاهر الأول إليه لعله أقرب. فإن صحيح زرارة ظاهر في إرادة الإلزام بالانتصاب ، لا تشريع وجوب القيام في الصلاة ، فليس له ظهور قوي في وجوب القيام مستقلا. اللهم إلا أن يكون بملاحظة الارتكاز العرفي ، فإن القيام في نفسه من مظاهر العبودية ، فوجوبه يكون لنفسه لا شرطاً لغيره. لكن في كفاية هذا المقدار في رفع اليد عن ظاهر الأدلة تأمل ظاهر.

٩٦

يجب استئناف القراءة [١] ، لكن الأحوط الاستئناف قائماً [٢].

( مسألة ٣ ) : المراد من كون القيام مستحباً حال القنوت أنه يجوز تركه بتركه [٣] لا أنه يجوز الإتيان بالقنوت جالساً عمداً.

______________________________________________________

[١] إذ وجوب استئنافها إنما يكون لعدم صحتها ووقوعها زيادة في غير محلها ، ولأجل أنه لا قصور في القراءة في نفسها ، فلا بد أن يكون ذلك لعدم الإتيان بالقيام مقارناً لها ، وهو لو اقتضى إعادتها اقتضى إعادة سائر الأجزاء المأتي بها ، لعدم الفرق بينها في مطابقتها لموضوع الأمر بها وعدم انضمام القيام إليها. وحينئذ يتعين الاستئناف من رأس ، وحيث أنه منفي بحديث : « لا تعاد الصلاة » يجب البناء على سقوط أمر القيام ، وعدم لزوم انضمامه إلى غيره من الأجزاء في هذا الحال. نعم لو بني على كون القيام شرطاً في القراءة تعين استئنافها لعدم الإتيان بها مطابقة لموضوع أمرها الضمني لفقد شرطها ، ولا وجه لا عادة بقية الأجزاء ، وسيأتي إن شاء الله في مبحث الخلل ما له نفع في المقام.

[٢] فيأتي بها بقصد القربة المطلقة لاحتمال كونها شرطا ، بل عرفت أنه أقرب بالنظر إلى النصوص.

[٣] كما تقدم في عبارة الجواهر ، وعن غيرها بنحو يظهر منه المفروغية عنه. وهو مما لا ينبغي الإشكال فيه ، لما عرفت من أنه إذا كان واجباً في حال خاص كانت تلك الحال بمنزلة شرط وجوبه ، فلا يجب مع عدمه وعرفت أن إطلاق المستحب على مثل ذلك مسامحة. نعم الإشكال في اختصاص جواز تركه بترك القنوت بحيث لا يجوز تركه مع فعل القنوت ، وكأن دليله موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر. قال (ع) : ليس عليه شي‌ء ، وقال (ع) : إن

٩٧

لكن نُقل عن بعض العلماء [١] جواز إتيانه جالساً ، وأن القيام مستحب فيه لا شرط. وعلى ما ذكرنا فلو أتى به جالساً عمداً لم يأت بوظيفة القنوت ، بل تبطل صلاته للزيادة [٢].

______________________________________________________

ذكره وقد أهوى إلى الركوع قبل أن يضع يديه على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ، ثمَّ ليركع » (١).

ويمكن الاستدلال له بما دل على أن الصحيح يصلي قائما‌ (٢). بناء على ما سبق من أن القنوت صلاة ، وإن لم يكن جزءاً من المفهوم الواجب أو فرده. اللهم إلا أن يقال : الظاهر من القيام في الموثق ما يقابل الانحناء لا ما يقابل الجلوس كما هو محل الكلام ، فتأمل. وأنه لو سلم كون القنوت ونحوه من الصلاة فالمنصرف اليه دليل اعتبار القيام خصوص الصلاة الأصلية ، فتأمل.

[١] لم أعثر على هذا القائل. وكأن مستنده ما سبق من المناقشة في دليل وجوبه في القنوت ، فيرجع إلى إطلاق دليل مشروعيته لنفي الشرطية أو أصالة البراءة من وجوبه في القنوت بناء على وجوبه مستقلا فيه.

[٢] قد تقدم الاشكال فيه ، وأن القنوت وغيره من المندوبات لو أتي بها في غير المحل على النحو الذي شرعت عليه في المحل لم تكن زيادة ، لعدم مشروعيتها على نحو الجزئية ، بل مشروعة على نحو الضميمة للمأمور به. فالإتيان بها كذلك يكون نظير إدخال صلاة في صلاة فراجع.

نعم إذا كان القيام واجبا صلاتيا في حال القنوت ، فاذا قنت جالسا فقد ترك الواجب عمداً فتبطل صلاته لذلك لا للزيادة. هذا ومقتضى تعليل المصنف (ره) البطلان في المقام بالزيادة أن القيام شرط في القنوت عنده‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب القيام حديث : ١ وقد تقدم في أول الفصل.

٩٨

( مسألة ٤ ) : لو نسي القيام حال القراءة وتذكر بعد الوصول إلى حد الركوع صحت صلاته [١] ، ولو تذكر قبله فالأحوط الاستئناف على ما مر [٢].

( مسألة ٥ ) : لو نسي القراءة أو بعضها وتذكر بعد الركوع صحت صلاته إن ركع عن قيام ، فليس المراد من كون القيام المتصل بالركوع ركناً أن يكون بعد تمام القراءة.

( مسألة ٦ ) : إذا زاد القيام كما لو قام في محل القعود ـ سهواً [٣] لا تبطل صلاته ، وكذا إذا زاد القيام حال القراءة بأن زاد القراءة سهواً. وأما زيادة القيام الركني فغير متصورة من دون زيادة ركن آخر ، فان القيام حال تكبيرة‌

______________________________________________________

كما يأتي تصريحه بذلك في مبحث القنوت ـ وهو خلاف ما اختاره في القيام حال القراءة ، والفرق بين المقامين غير ظاهر. وموثق عمار المتقدم لا يدل على اعتباره بنحو الشرطية.

[١] لأنه يدور الأمر بين بقاء الأمر بالقراءة فيلزم زيادة الركوع الذي فعله لفوات الترتيب فتبطل الصلاة ، وبين سقوط الأمر بها فيصح الركوع وتصح الصلاة. وإذ أن الأول يستلزم وجوب الإعادة ، ينتفي بحديث : « لا تعاد الصلاة » ، فيتعين البناء على الثاني. وسيأتي التعرض لذلك في مباحث الخلل. ثمَّ إن هذا إذا قام بعد القراءة جالساً فركع عن قيام ، أما إذا ركع عن جلوس فصلاته باطلة ، لفوات القيام المتصل بالركوع الذي هو الركن كما سبق.

[٢] يعني في المسألة الثانية ، وقد تقدم أن الأقوى عدمه.

[٣] قد عرفت الإشكال في كون القيام للقراءة والتسبيح جزءاً أو‌

٩٩

الإحرام لا يزاد إلا بزيادتها ، وكذا القيام المتصل بالركوع لا يزاد إلا بزيادته. وإلا فلو نسي القراءة أو بعضها ، فهوى للركوع ، وتذكر قبل أن يصل إلى حد الركوع ، رجع وأتى بما نسي ، ثمَّ ركع وصحت صلاته ، ولا يكون القيام السابق على الهوي الأول متصلا بالركوع حتى يلزم زيادته إذا لم يتحقق الركوع بعده فلم يكن متصلا به. وكذا إذا انحنى للركوع فتذكر قبل أن يصل إلى حده أنه أتى به ، فإنه يجلس للسجدة ، ولا يكون قيامه قبل الانحناء متصلا بالركوع‌

______________________________________________________

شرطا لهما ، فعلى تقدير الشرطية لا يتصور زيادته سهواً ، لأن الساهي إنما يأتي به سهواً في غير المحل على وجه مشروعيته في المحل ، فاذا كان تشريعه في محله على وجه الشرطية لا الجزئية فالإتيان به سهواً لا بد أن يكون أيضاً على وجه الشرطية لا الجزئية ، وقد عرفت أن الزيادة متقومة بقصد الجزئية وعلى تقدير الجزئية فهو إنما يكون جزءاً في حال الأفعال الصلاتية لا غير فالإتيان به سهواً من دون اقترانه بقراءة أو تسبيح ليس زيادة سهوية ، لما عرفت من أن الساهي إنما يأتي بالفعل في غير المحل على نحو مشروعيته في المحل ، فاذا كان القيام قبل القراءة أو التسبيح ليس جزءاً فالإتيان به سهواً ليس زيادة في الصلاة.

نعم تتصور زيادة القيام بعد الركوع بأن ينتصب بعد الركوع ويهوي للسجود فيسجد ثمَّ يتخيل أنه لم ينتصب بعد ركوعه فيقوم ثانياً بقصد الانتصاب بعد الركوع فهذا القيام زيادة سهوية. أما لو نسي السجود أو التشهد فقام ثمَّ ذكر فرجع إلى المنسي فليس ذلك القيام زيادة ، لأنه لم يشرع جزءاً مع الالتفات ، فكذا في حال السهو كما عرفت.

١٠٠