مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٦

بل قيل باستحباب ذلك ، والأحوط كونها كالرجل [١] في المقدار الواجب من الانحناء. نعم الأولى لها عدم الزيادة في الانحناء لئلا ترتفع عجيزتها.

( مسألة ١١ ) : يكفي في ذكر الركوع التسبيحة الكبرى مرة واحدة [٢] كما مر ، وأما الصغرى إذا اختارها فالأقوى وجوب تكرارها ثلاثاً ، بل الأحوط والأفضل في الكبرى أيضاً التكرار ثلاثاً ، كما أن الأحوط في مطلق الذكر غير التسبيحة أيضاً الثلاث وإن كان كل واحد منه بقدر الثلاث من الصغرى ويجوز الزيادة على الثلاث [٣]

______________________________________________________

زرارة عن أبي جعفر (ع) : « المرأة إذا قامت في الصلاة‌ .. الى أن قال (ع) : فاذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها ، لئلا تطأطئ كثيراً فترتفع عجيزتها » (١).

[١] قد سبق ـ في تحديد الركوع ـ : أن الخبر المذكور لا ينافي الأخبار المتعرضة للتحديد ، بناء على ما استظهرناه من الاكتفاء بوصول رأس واحدة من الأصابع إلى الركبة ، وإنما ينافيها على مذهب المشهور من اعتبار وضع شي‌ء منها عليها ، وحينئذ لا يبعد جواز العمل بالخبر بعد إمكان إدخاله في قسم الصحيح ، واعتماد الأصحاب عليه كما عن الذكرى ، وجامع المقاصد.

[٢] تقدم الكلام في هذه المسألة في الواجب الثاني من واجبات الركوع.

[٣] كما صرحت بذلك النصوص الدالة قولا وفعلا على رجحان إطالة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الركوع حديث : ٤. وباب : ١٨ من أبواب الركوع حديث : ٢.

٣٢١

ولو بقصد الخصوصية والجزئية [١] ، والأولى أن يختم على وتر [٢] كالثلاث والخمس والسبع .. وهكذا ، وقد سمع من الصادق صلوات الله عليه ستون تسبيحة في ركوعه وسجوده [٣].

______________________________________________________

الركوع والسجود ، وإكثار الذكر فيهما ، كموثق سماعة : « ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع ، يكون ذلك في تسبيح الله ، وتحميده ، وتمجيده ، والدعاء ، والتضرع فإن أقرب ما يكون العبد الى ربه وهو ساجد » (١) ، ونحوه غيره.

[١] يتم هذا بناء على أن المقام من قبيل التخيير بين الأقل والأكثر ، ولو بني على كون الأقل هو الواجب والزائد عليه مستحب يشكل قصد الجزئية ، لما أشرنا إليه في مبحث القيام : من امتناع كون المستحب جزءاً من الواجب.

[٢] قال في محكي الذكرى : « الظاهر استحباب الوتر لظاهر الأحاديث وعد الستين لا ينافي الزيادة عليه ». وكأنه يريد من الأحاديث نصوص الباب. مثل خبر هشام بن سالم : « الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنة ثلاث ، والفضل في سبع » (٢) ، أو ما تضمن رجحان الإيتار في كل شي‌ء : مثل : « إن الله سبحانه وتر يحب الوتر » (٣).

[٣] كما في صحيح أبان بن تغلب « .. دخلت على أبي عبد الله (ع) وهو يصلي فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة » (٤) ، وقد تقدم من الذكرى ما يمنع من منافاة الصحيح المذكور لاستحباب الإيتار.

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الركوع حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الوضوء حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٦ من أبواب الركوع حديث : ١.

٣٢٢

______________________________________________________

( مسألة ١٢ ) : إذا أتى بالذكر أزيد من مرة لا يجب تعيين الواجب منه ، بل الأحوط عدمه ، خصوصاً إذا عينه في غير الأول ، لاحتمال كون الواجب هو الأول مطلقاً [١] ، بل احتمال كون الواجب هو المجموع فيكون من باب التخيير بين المرة والثلاث والخمس مثلا.

مضافا الى أن استحبابه إنما هو من حيث العدد لا من حيث المعدود ، وحينئذ فلا مانع من البناء على كون الستين أفضل من التسع والخمسين ، وترك الواحدة فوق الستين غير معلوم الوجه ، لإجمال العمل فلا يصلح لنفي رجحان الإيتار كما لا يخفى.

[١] المحتملات في المقام ثلاثة :

الأول : الوجوب التخييري بين الأقل والأكثر. وعليه يتعين نية الوجوب في الأكثر كالاقل.

الثاني : أن يكون الواجب واحدة ، والزائد عليها مستحباً ، مع تباين الواجب والمستحب ذاتا كتباين نافلة الصبح وفريضته. وعليه فله أن ينوي الوجوب بواحدة من الأكثر أيها شاء ، الأولى وغيرها ، وكذا نية الاستحباب في الباقي.

الثالث : هو الثاني مع كون التباين غير ذاتي ، بل من قبيل تباين الحصص والافراد. وعليه يتعين أن ينوي الوجوب بالأولى بعينها ، والاستحباب بما عداها ، كما أشرنا الى ذلك في المسألة الثانية عشرة من فصل بيان ما يقال في الركعات الأخيرة.

هذا والذي يظهر من نصوص المقام ـ ولا سيما ما تضمن منها : « أنه إذا نقص واحدة من الثلاث نقص ثلث صلاته ، وإذا نقص اثنتين‌

٣٢٣

( مسألة ١٣ ) : يجوز في حال الضرورة وضيق الوقت الاقتصار على الصغرى مرة واحدة [١] فيجزي « سبحان الله » مرة.

______________________________________________________

نقص ثلثي صلاته ، وإذا لم يسبّح فلا صلاة له » (١) ، وما ورد في علة جعل التسبيح في الركوع‌ (٢) وفي استحباب إطالته‌ (٣) ـ هو الاحتمال الأخير الذي ذكر في المتن أولا ، وهو الذي يقتضيه الارتكاز العرفي. وأما ما عن الذكرى : من أن الواجب هو الأولى ولكن لو نوى وجوب غيرها جاز فغير ظاهر ، إلا أن يكون مراده صورة الاشتباه في التطبيق.

[١] على المشهور ، بل استدل عليه في المعتبر : بأن عليه فتوى الأصحاب ، ونسبه في المنتهى الى اتفاق من أوجب التسبيح ، وفي آخر كلامه قال : « الاجتزاء بواحدة صغرى في حال الضرورة مستفاد من الإجماع ». ودليله غير ظاهر إلا صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) : « قلت له. أدنى ما يجزي المريض من التسبيح ، قال (ع) : تسبيحة واحدة » (٤) ، ومرسل الهداية : « فإن قلت : سبحان الله سبحان الله سبحان الله أجزأك ، وتسبيحة واحدة تجزي للمعتل والمريض والمستعجل » (٥) ، ومورد الأول المريض ولم يعرف القول به ، وحينئذ يشكل التعدي إلى مطلق الضرورة ، مع أن حمل التسبيحة على الصغرى غير ظاهر إلا من جهة الإطلاق ، ويمكن تقييده بما دل على وجوب التسبيحة الكبرى. اللهم إلا أن يكون تقييد ذلك‌

__________________

(١) راجع روايتا الحضرمي اللتان تقدمتا في المورد الثاني من واجبات الركوع.

(٢) كما في خبر عقبة الذي تقدم في المورد الثاني من واجبات الركوع.

(٣) راجع الوسائل باب : ٦ من أبواب الركوع.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب الركوع حديث : ٨.

(٥) مستدرك الوسائل باب : ٤ من أبواب الركوع حديث : ٤.

٣٢٤

( مسألة ١٤ ) : لا يجوز الشروع في الذكر قبل الوصول إلى حد الركوع ، وكذا بعد الوصول وقبل الاطمئنان والاستقرار ولا النهوض قبل تمامه والإتمام حال الحركة للنهوض ، فلو أتى به كذلك بطل [١] وإن كان بحرف واحد منه ، ويجب إعادته إن كان سهواً [٢] ولم يخرج عن حد الركوع ، وبطلت‌

______________________________________________________

بالمختار أولى من تقييد الصحيح بالكبرى كما هو غير بعيد. وأما المرسل فضعفه وعدم ثبوت الاعتماد عليه الجابر لضعفه مانع من جواز الاعتماد عليه ومن ذلك يشكل التعدي إلى ضيق الوقت. نعم لو تمَّ سند المرسل أمكن دخوله في المستعجل ، فلاحظ.

[١] أما في الأول فللزوم الزيادة العمدية لعدم مشروعية الذكر حال الهوي ، وأما في الثاني فكذلك لعدم مشروعيته في غير حال الطمأنينة ، وأما في الثالث فلفوات الذكر حال الركوع. نعم لو كان الإتمام في الأخير قبل الخروج عن حد الركوع والشروع في الأول بعد الوصول الى حده فالبطلان في الجميع للزيادة ، لعدم مشروعية الذكر بلا طمأنينة.

[٢] هذا يتم لو كانت الطمأنينة مجعولة شرطاً للذكر ، إذ فواتها حينئذ موجب لفوات الذكر لفوات المشروط بفوات شرطه ، فيجب تداركه ، أما لو كانت واجباً صلاتياً في حال الذكر فلا مجال لتداركها لفوات المحل ، كما أشار الى ذلك المصنف (ره) في مبحث الخلل.

هذا ولأجل أن العمدة في دليل وجوبها هو الإجماع ولم يتضح انعقاده على النحو الأول فالمرجع الأصل العملي ، ومقتضى أصالة البراءة عدم وجوب الذكر ثانياً للشك في وجوبه. « وتوهم » : أن الشك في المقام في سقوط أمر الذكر فيجب الاحتياط ، « مندفع » : بأن الشك في السقوط إنما يجب فيه الاحتياط إذا كان ناشئاً عن الشك في وجود موضوع الأمر ، لا ما لو‌

٣٢٥

الصلاة مع العمد وإن أتى به ثانياً مع الاستقرار ، إلا إذا لم يكن ما أتى به حال عدم الاستقرار بقصد الجزئية ، بل بقصد الذكر المطلق [١].

( مسألة ١٥ ) : لو لم يتمكن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت [٢] ،

______________________________________________________

كان ناشئاً من الشك في تقييد موضوعه مع العلم بعدم وجود القيد كما في المقام.

لا يقال : لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة ، للعلم الإجمالي إما بوجوب الذكر ثانياً لاحتمال كون الطمأنينة شرطاً للذكر ، وإما بحرمته لكونه زيادة في الصلاة ، لاحتمال كونها واجباً صلاتياً فات بفوات محله فيجب الإتمام والاستئناف ، لأنا نقول : هذا الاشكال لو تمَّ اقتضى وجوب الاحتياط في كل ما يحتمل جزئيته للصلاة لعين التقرير المذكور. ويمكن حله بأن الزيادة المبطلة عبارة عن الإتيان بقصد الجزئية بما ليس بواجب ، فالأصل النافي لوجوب محتمل الجزئية يثبت موضوع الزيادة ، فيحرم الإتيان به قصد الجزئية ، وينحل العلم الإجمالي.

هذا كله بناء على قيام الدليل على وجوبها مطلقاً حتى في حال السهو أما لو لم يثبت ذلك وكان المرجع في وجوبها حال السهو أصل البراءة فلا فرق في عدم وجوب تدارك الذكر في السهو بين كونها شرطاً له في العمد وكونها واجباً صلاتياً مقارناً له ، كما هو ظاهر.

[١] وحينئذ لا تصدق الزيادة المبطلة.

[٢] كما قطع به كل من تعرض له ، كذا في مفتاح الكرامة. ويقتضيه الأصل بعد قصور دليل وجوبها عن شمول صورة العجز ، مضافا الى قاعدة الميسور المعوّل عليها في أمثال المقام.

٣٢٦

لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمى الركوع [١] ، وإذا لم يتمكن من البقاء في حد الركوع إلى تمام الذكر يجوز له الشروع قبل الوصول أو الإتمام حال النهوض [٢].

( مسألة ١٦ ) : لو ترك الطمأنينة في الركوع أصلا بأن لم يبق في حده بل رفع رأسه بمجرد الوصول سهواً فالأحوط إعادة الصلاة ، لاحتمال توقف صدق الركوع على الطمأنينة في الجملة ، لكن الأقوى الصحة [٣].

( مسألة ١٧ ) : يجوز الجمع بين التسبيحة الكبرى والصغرى [٤] ، وكذا بينهما وبين غيرهما من الأذكار.

______________________________________________________

[١] ليقع الذكر حال الركوع الذي هو واجب زائداً على وجوب الطمأنينة حال الذكر.

[٢] لعدم المرجح.

[٣] لعدم اعتبارها في مفهوم الركوع لغة ولا عرفا ، ولو شك فالأصل البراءة من وجوبها لإجمال المفهوم ، وكذا لو شك في وجوبها شرطاً للركوع في حال السهو ، إذ لا إطلاق لدليل وجوبها يشمله ، وهذا الأصل هو العمدة في دعوى صحة الصلاة لا حديث : « لا تعاد الصلاة » (١) ، لأن احتمال كونها شرطاً في مفهوم الركوع عرفا أو شرعا يوجب الشك في دخول الفرض في المستثنى ، ودخولها في المستثنى منه ، كما أشرنا الى ذلك في مبحث وجوبها في الركوع. فراجع.

[٤] لكون الجميع ذكراً ، فيدخل في عموم ما دل على مشروعية‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٤.

٣٢٧

( مسألة ١٨ ) : إذا شرع في التسبيح بقصد الصغرى يجوز له أن يعدل في الأثناء إلى الكبرى [١] ، مثلا إذا قال : « سبحان » بقصد أن يقول : « سبحان الله » فعدل وذكر بعده ربي العظيم جاز ، وكذا العكس ، وكذا إذا قال : « سبحان الله » بقصد الصغرى ثمَّ ضم اليه « والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر » ، وبالعكس.

( مسألة ١٩ ) : يشترط في ذكر الركوع العربية ، والموالاة ، وأداء الحروف من مخارجها الطبيعية ، وعدم المخالفة في الحركات الاعرابية والبنائية [٢].

( مسألة ٢٠ ) : يجوز في لفظة : « ربي العظيم » أن يقرأ بإشباع كسر الباء من « ربي » [٣] ، وعدم إشباعه.

( مسألة ٢١ ) : إذا تحرك في حال الذكر الواجب بسبب قهري [٤] بحيث خرج عن الاستقرار وجب إعادته ،

______________________________________________________

الذكر فيه وفي غيره من أفعال الصلاة.

[١] إذ لا خلل حينئذ في المأمور به ، ولا في امتثال أمره.

[٢] لانصراف الدليل الى الذكر على النهج العربي ، وكل ذلك شرط فيه.

[٣] يعني : بإظهار ياء المتكلم ، مثل قوله تعالى ( إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ) (١) ، وبحذفها ، مثل قوله تعالى ( قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ) (٢) ، فان ياء المتكلم يجوز فيها الوجهان.

[٤] إذا تحرك المصلي بسبب قهري وجب عليه السكوت عند عروض‌

__________________

(١) البقرة : ٢٥٨.

(٢) يس : ٢٠.

٣٢٨

بخلاف الذكر المندوب.

( مسألة ٢٢ ) : لا بأس بالحركة اليسيرة التي لا تنافي صدق الاستقرار ، وكذا بحركة أصابع اليد أو الرجل بعد كون البدن مستقراً [١].

( مسألة ٢٣ ) : إذا وصل في الانحناء إلى أول حد الركوع ، فاستقر وأتى بالذكر أو لم يأت به ، ثمَّ انحنى أزيد بحيث وصل إلى آخر الحد لا بأس به ، وكذا العكس ، ولا‌

______________________________________________________

السبب ، وحينئذ فإن ذكر فاما أن يكون عامداً ، أو ساهياً ، أو يكون عاجزاً عن حبس لسانه بمجرد حصول الحركة القهرية فيسبق لسانه إلى إكماله. فإن كان عامداً بطلت صلاته للزيادة ، وإن كان ساهياً جرى فيه الكلام المتقدم : فيمن ذكر هاوياً الى الركوع أو ناهضاً عنه سهواً ، وأن الأقرب عدم وجوب التدارك ، وإن كان عاجزاً عن حبس لسانه ففي صحة صلاته إشكال ، لأن الذكر على هذا الوجه ليس فرداً من المأمور به لعدم الاطمئنان حاله ، وزيادته لا دليل على عدم قدحها إلا حديث : « لا تعاد » (١) ، ولكن شموله للمضطر لا يخلو من إشكال ونظر ، فعموم قدح الزيادة محكم. إلا أن يستشكل في عموم دليل الشرطية لمثل ذلك. نعم إذا كان غير قاصد الى الذكر بل مجرد سبق اللسان لزمه فعله ثانياً مطمئناً لعدم امتثال أمره.

[١] لأن الظاهر من الطمأنينة في النص والفتوى استقرار البدن ، ويشهد به ما دل على كراهة العبث في الصلاة من دون قادحية ، لا أقل من الشك الموجب للرجوع إلى أصالة عدم القادحية.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٤.

٣٢٩

يعد من زيادة الركوع [١] ، بخلاف ما إذا وصل إلى أقصى الحد ، ثمَّ نزل أزيد ، ثمَّ رجع ، فإنه يوجب زيادته ، فما دام في حده يعد ركوعا واحداً وإن تبدلت الدرجات منه.

( مسألة ٢٤ ) : إذا شك في لفظ « العظيم » مثلا أنه بالضاد أو بالظاء ، يجب عليه ترك الكبرى [٢] والإتيان بالصغرى ثلاثاً أو غيرها من الأذكار ، ولا يجوز له أن يقرأ بالوجهين ، وإذا شك في أن « العظيم » بالكسر أو بالفتح يتعين عليه أن يقف عليه ، ولا يبعد عليه جواز قراءته وصلا بالوجهين لإمكان [٣] أن يجعل « العظيم » مفعولا لأعني مقدراً [٤].

______________________________________________________

[١] كما تقدمت الإشارة الى ذلك في المسألة التاسعة.

[٢] لعدم إحراز الإتيان بالمأمور به لو اقتصر على أحد الوجهين ، وللعلم بالزيادة العمدية لو فعلهما معاً. نعم لو اقتصر على أحد الوجهين رجاء كونه صحيحاً ، وبعد الفراغ تبين له ذلك صح ، لعدم اعتبار الجزم بالنية.

كما أنه لو جاء بالوجهين من باب الاحتياط ـ بأن لم يقصد الجزئية بغير الصحيح الواقعي فلا تلزم الزيادة ـ فلا مانع من صحة الصلاة حينئذ. اللهم إلا أن يكون المانع وقوع الغلط ، لكن يأتي منه جواز الذكر في الصلاة وإن لم يكن بالعربية ، وقد أشرنا إلى مثله في القراءة.

[٣] هذا التعليل يقتضي جواز الاقتصار على أحد الوجهين ، وتصح معه الصلاة.

[٤] الظاهر أنه لا بد للمتكلم بالصفة المقطوعة من ملاحظة قطعها عن موصوفها ، ومن ملاحظة الفعل أو نحوه مما يقدر وجوده في القطع ، فلو‌

٣٣٠

( مسألة ٢٥ ) : يشترط في تحقق الركوع الجلوسي أن ينحني بحيث يساوي وجهه ركبتيه [١]

______________________________________________________

لم يلاحظ ذلك وقطعها في اللفظ كان غلطاً.

[١] حكى في مفتاح الكرامة عن الذكرى ، وكشف الالتباس ، والروض وجامع المقاصد ، والمدارك ، وغيرها : أن لكيفية ركوع الجالس وجهين : أحدهما : أن ينحني بحيث يصير بالنسبة إلى القاعد المنتصب كالراكع بالنسبة إلى الانتصاب ، فيعرف تلك النسبة ويراعيها. ثانيهما : أن ينحني بحيث يكون نسبة ركوعه الى سجوده كنسبة ركوع القائم إلى سجوده باعتبار أكمل الركوع وأدناه ، فإن أكمل ركوع القائم انحناؤه الى أن يستوي ظهره مع مد عنقه ، فتحاذي جبهته موضع سجوده ، وأدناه انحناؤه الى أن تصل كفاه الى ركبتيه ، فيحاذي وجهه أو بعضه ما قدام ركبتيه من الأرض ولا يبلغ محاذاة موضع سجوده ، فاذا روعيت هذه النسبة في حال الجلوس كان أكمل ركوع القاعد أن ينحني بحيث تحاذي جبهته مسجده ، وأدناه محاذاة ما قدام ركبتيه. انتهى ، وعن جامع المقاصد والروض : أن الوجهين متقاربان وتبعهما في الجواهر.

أقول : لا يظهر الفرق بين الوجهين إلا في تعرض الوجه الثاني لبيان أعلى الركوع وأدناه ، وبيان ما يحاذيه الوجه في النوعين ، وأنه في أحدهما موضع السجود وفي الآخر دونه ، وعدم تعرض الأول لذلك تفصيلا ، بل أشير إليه ببيان مرتبة الانحناء. ثمَّ إن ما ذكر من محاذاة الوجه لموضع السجود في الأكمل من الركوع للقائم ينفيه الاختبار ، إذ مع الانحناء المستوي يندفع عجز المنحني إلى الخلف لئلا يقع على وجهه ، فيحاذي وجهه ما يحاذيه مع الركوع الأدنى ، وهو الركبتان حال الجلوس أو ما يقرب منهما من الأرض ، أما موضع المحاذاة حال الركوع الأعلى والأدنى للجالس‌

٣٣١

والأفضل الزيادة على ذلك بحيث يساوي مسجده [١] ، ولا يجب فيه على الأصح الانتصابُ على الركبتين شبه القائم ، ثمَّ الانحناء [٢] ، وإن كان هو الأحوط.

______________________________________________________

فيتفاوت بمقدار تفاوت ما بين الركبة وأصل الفخذ ، وما بين أصل الفخذ والوجه المساوي لشبر تقريباً ، ففي الأدنى يحاذي الوجه الركبتين ، وفي الأعلى يحاذي من الأرض ما يبعد عنهما بمقدار شبر ، وعلى كل حال لا يحاذي موضع السجود أصلا.

وكيف كان ، لما كان ظاهر الأدلة أن الجالس يركع الركوع الواجب على القائم بجميع الخصوصيات المحفوظة فيه ، وكان ركوع القائم يلزم فيه الانحناء الخاص فلا بد في ركوع الجالس من حصول ذلك المقدار من الانحناء ولا مجال للرجوع فيه الى العرف ، كما عن الأردبيلي وتبعه في الجواهر.

[١] قد عرفت وجه الأفضلية وضعفه ، والظاهر أنه لا يتيسر ذلك إلا بالاعتماد على اليدين ورفع الفخذين.

[٢] حكي عن جماعة ـ منهم الشهيدان ، والمحقق الثاني ـ : وجوب رفع الفخذين ، لأنه كان واجباً حال القيام ، والأصل بقاؤه ، ولا دليل على اختصاص وجوبه به ، وزاد في جامع المقاصد : بأن أصل الانحناء في الركوع لا بد منه ، ولما لم يمكن تقديره ببلوغ الكفين الركبتين لبلوغهما من دون الانحناء تعين الرجوع الى أمر آخر ، به تحقق مشابهة الركوع جالساً إياه قائماً ، فيرفع فخذيه عن الأرض ـ كما صرح به شيخنا في بعض كتبه ـ لتحقق المشابهة المذكورة ، انتهى. وفيه : أنه خلاف إطلاق ما دل على أن العاجز عن الركوع قائماً يركع جالساً ، فان ذلك يحصل برفع الفخذين وعدمه ، والأصل ـ لو تمَّ ـ لا يصلح لمعارضة الإطلاق.

٣٣٢

( مسألة ٢٦ ) : مستحبات الركوع أمور : أحدها : التكبير له وهو قائم منتصب [١] ،

______________________________________________________

[١] كما هو المشهور ، لما في صحيح زرارة : « إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر ، ثمَّ ركع » (١) ، وقد يستفاد من صحيحه الآخر : « فارفع يديك وكبّر ثمَّ اركع » (٢) ، وفي صحيح حماد : « وضع يديه حيال وجهه وقال : الله أكبر ، وهو قائم ثمَّ ركع » (٣) وعن الشيخ : أنه يجوز أن يهوي بالتكبير ، وتبعه عليه في الذكرى وغيرها على ما حكي ، وكأنه عمل ببعض المطلقات المشرعة للتكبير ، وعدم حمله على المقيد لكونه من المندوبات ، وعن جامع المقاصد : أنه لو كبّر هاويا وقصد استحبابه أثم وبطلت صلاته. انتهى.

وكأن البناء على الإثم من جهة التشريع ، لكنه يتوقف على عدم ثبوت الإطلاق ، أو وجوب حمله على المقيد ، لكن الإطلاق ثابت وهو صحيح زرارة‌ (٤) المتضمن للتسبيح في الأخيرتين ، ووجوب الحمل غير ثابت. وأما البطلان فإشكاله أظهر ، لما عرفت من عدم كون المستحبات يقصد بها الجزئية القادحة. هذا والذي وجدته في جامع المقاصد في هذا المقام هكذا : « قال الشيخ في الخلاف : يجوز أن يهوي بالتكبير ، فإن أراد المساواة في الفضل فليس كذلك ، وإن أراد الأجزاء فهو حق ، لأن ذلك مستحب ». وظاهره موافقة الشيخ.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٥. وباب : ٥١ حديث : ١‌

٣٣٣

______________________________________________________

والأحوط عدم تركه [١] ، كما أن الأحوط عدم قصد الخصوصية إذا كبر في حال الهوي ، أو مع عدم الاستقرار.

الثاني : رفع اليدين حال التكبير [٢] ، على نحو ما مر في تكبيرة الإحرام.

الثالث : وضع الكفين على الركبتين ، مفرجات الأصابع ممكناً لهما من عينيهما ، واضعاً اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى [٣].

[١] لما عن المعاني ، والديلمي ، وظاهر المرتضى ـ قدس‌سرهم ـ : من القول بالوجوب اعتماداً منهم على ظاهر الأمر به من النصوص ، وفيه : أنه يتعين حمله على الاستحباب بقرينة ما ظاهره نفي الوجوب ، كخبر أبي بصير : « سألت أبا عبد الله (ع) عن أدنى ما يجزئ من التكبير في الصلاة قال (ع) : تكبيرة واحدة » (١) ، وخبر الفضل عن الرضا (ع) المعلل رفع اليدين في جميع التكبير قال (ع) : « فلما أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحب الله تعالى أن يؤدوا السنة على جهة ما يؤدى الفرض » (٢) ، فتأمل.

[٢] كما تضمنته النصوص المتقدمة وغيرها ، فراجع ما سبق في تكبيرة الإحرام (٣).

[٣] ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « ثمَّ اركع وقل : اللهم لك ركعت ، ولك أسلمت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي ، خشع لك قلبي ، وسمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ،

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١١.

(٣) المسألة : ١٤ من مسائل تكبيرة الإحرام.

٣٣٤

الرابع : رد الركبتين إلى الخلف.

الخامس : تسوية الظهر بحيث لو صب عليه قطرة من الماء استقر في مكانه لم يزل.

السادس : مد العنق موازياً للظهر.

______________________________________________________

ومخي ، وعصي ، وعظامي ، وما أقلته قدماي ، غير مستنكف ، ولا مستكبر ولا مستحسر ، سبحان ربي العظيم وبحمده ، ثلاث مرات في ترسّل ، وتصف في ركوعك بين قدميك ، تجعل بينهما قدر شبر ، وتمكن راحتيك من ركبتيك ، وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى ، وبلّغ بأطراف أصابعك عين الركبة ، وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك وأقم صلبك ، ومد عنقك ، وليكن نظرك بين قدميك ، ثمَّ قل : سمع الله لمن حمده ـ وأنت منتصب قائم ـ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أهل الجبروت والكبرياء والعظمة ، الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، تجهر بها صوتك ، ثمَّ ترفع يديك بالتكبير وتخر ساجداً » (١).

وفي صحيح حماد عن أبي عبد الله (ع) : « ثمَّ ركع ، وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات ، ورد ركبتيه الى خلفه حتى استوى ظهره حتى لو صب عليه قطرة ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره ـ ورد ركبتيه الى خلفه ، ومد عنقه ، وغمض عينيه ، ثمَّ سبح ثلاثاً بترتيل ، وقال : سبحان ربي العظيم وبحمده ، ثمَّ استوى قائماً ، فلما استمكن من القيام قال : سمع الله لمن حمده ، ثمَّ كبر وهو قائم ، ورفع يديه حيال وجهه ، وسجد » (٢) وهذان الصحيحان وافيان بأكثر المستحبات المذكورة في المتن.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٥ وباب : ٥١ حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٢.

٣٣٥

السابع : أن يكون نظره بين قدميه [١].

الثامن : التجنيح بالمرفقين [٢].

التاسع : وضع اليد اليمنى على الركبة قبل اليسرى.

______________________________________________________

[١] كما في صحيح زرارة‌ (١) ، ولكن في صحيح حماد : « أنه (ع) غمض عينيه » (٢). وعن النهاية : استحباب التغميض فان لم يفعل نظر الى ما بين رجليه. وكأنه لأن صحيح زرارة غير ظاهر في الأمر بالنظر ، وإنما هو متعرض لصرف النظر الى ما بين القدمين ، فيجمع بينهما بذلك. ولعله الاولى مما في الجواهر : من أن حماداً ظن أنه (ع) قد غمض عينيه من جهة توجيهه نظره الى ما بين قدميه ، ولا ينافيه خبر مسمع عن أبي عبد الله (ع) : « أن النبي (ص) نهى أن يغمض الرجل عينيه في الصلاة » (٣) لأن الصحيح أخص منه.

[٢] لما في جامع المقاصد : من الإجماع على استحباب التجافي فيه ، وعن المنتهى : « لا خلاف فيه » ، وفي خبر ابن بزيع : « رأيت أبا الحسن (ع) يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته يركع ، وكان إذا ركع جنح بيديه » (٤) ، واستدل له في جامع المقاصد ـ بعد الإجماع ـ بما رواه حماد عن أبي عبد الله (ع) لما علمه الصلاة : من أنه لم يضع شيئاً من بدنه على شي‌ء منه في ركوع ولا سجود ، وكان متجنحاً‌ (٥).

__________________

(١) تقدم في التعليقة السابقة.

(٢) تقدم في التعليقة السابقة.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١٨ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٥) تقدم في الصفحة السابقة.

٣٣٦

العاشر : أن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين [١].

الحادي عشر : تكرار التسبيح ثلاثاً ، أو خمساً ، أو سبعاً [٢] بل أزيد [٣].

الثاني عشر : أن يختم الذكر على وتر [٤].

الثالث عشر : أن يقول قبل قوله : « سبحان ربي العظيم وبحمده » ، « اللهم لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت وعليك توكلت ، وأنت ربي ، خشع لك سمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، ومخي ، وعصبي ، وعظامي ، وما أقلت قدماي ، غير مستنكف ، ولا مستكبر ،

______________________________________________________

[١] لما سبق في المسألة العاشرة.

[٢] أما الثلاث فلما في الصحيحين المتقدمين‌ (١). وأما الخمس ففي الجواهر وغيرها : عدم الوقوف فيه على نص غير الرضوي حيث كان فيه : « ثلاث مرات ، وإن شئت خمس مرات ، وان شئت سبع مرات ، وان شئت التسع ، فهو أفضل » (٢). وأما السبع فقد تضمنها صحيح هشام بن سالم قال (ع) فيه : « والفضل في سبع » (٣).

[٣] كما يستفاد من جملة من النصوص التي تقدم بعضها في المسألة الحادية عشرة ، ولا ينافيه ما في صحيح هشام المتقدم ، لأنه محمول على أنه أفضل مما قبله.

[٤] كما تقدم أيضاً في المسألة الحادية عشرة.

__________________

(١) راجع صفحة : ٣٣٥.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٤ من أبواب الركوع حديث : ٢.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ٤ من أبواب الركوع حديث : ١.

٣٣٧

و لا مستحسر » ‌[١].

الرابع عشر : أن يقول بعد الانتصاب : « سمع الله لمن حمده » [٢] ، بل يستحب أن يضم اليه قوله : « الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أهل الجبروت والكبرياء والعظمة ، الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ‌

[٣] ، إماماً كان أو مأموماً أو منفرداً [٤].

الخامس عشر : رفع اليدين للانتصاب منه [٥] ، وهذا غير رفع اليدين حال التكبير للسجود.

______________________________________________________

[١] ما في المتن مطابق لصحيح زرارة على ما في نسخة الجواهر ، لكنه يخالفه يسيراً ما في نسخة الوسائل التي تحضرني ، كما سبق (١).

[٢] كما في صحيح حماد‌ (٢). [٣] كما في صحيح زرارة‌ (٣).

[٤] للإطلاق. هذا ، ومقتضى الصحيح المتقدم‌ (٤) استحباب الجهر بها.

[٥] كما عن ابني بابويه ، وصاحب الفاخر ، والذكرى ، وجماعة من متأخري المتأخرين ، لما في صحيح معاوية بن عمار : « رأيت أبا عبد الله (ع) يرفع يديه إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من السجود » (٥) ، وصحيح ابن مسكان عنه (ع) : « في الرجل يرفع يده كلما أهوى للركوع والسجود ، وكلما رفع رأسه من ركوع

__________________

(١) راجع المورد الثالث من مستحبات الركوع.

(٢) تقدم في مورد الثالث من مستحبات الركوع.

(٣) تقدم في مورد الثالث من مستحبات الركوع.

(٤) راجع المورد الثالث من مستحبات الركوع.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب الركوع حديث : ٢.

٣٣٨

______________________________________________________

أو سجود ، قال (ع) : هي العبودية » (١).

نعم عن المشهور : العدم ، بل في المعتبر : أنه مذهب علمائنا. ويظهر منه أنه كان اعتماداً على خلو الصحيحين المتقدمين عنه. وفيه : أن ذلك لا يعارض صريح الصحيحين المذكورين كما لا يخفى ، واحتمال سقوطهما عن الحجية بالأعراض غير ثابت ، بل يمكن أن يكون للترجيح ، لفهم التعارض فتأمل هذا وهل يستحب التكبير حال هذا الرفع ـ كما عن تحفة الجزائري وغيرها ، ويشهد به خبر الأصبغ عن أمير المؤمنين (ع) المروي في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) ، قال النبي (ص) : « ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي؟ قال : ليست بنحيرة ولكنه يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت ، وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع ، فان لكل شي‌ء زينة وإن زينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة » (٢) فإن ظاهر الذيل أن الرفع حال الاعتدال من الركوع معه تكبيرة ، ومثله عموم ما ورد من أنه إذا انتقل من حالة الى حالة فعليه التكبير. وظهور الخبرين في استحباب التكبير أقوى من ظهور الصحيحين المتقدمين في عدمه ، ولا سيما مع قرب دعوى كون الرفع كناية عن التكبير حاله ، كما أنه لا ينافي ذلك ما دل على حصر التكبير في الرباعية بإحدى وعشرين ، وفي المغرب بست عشرة ، وفي الفجر بإحدى عشرة‌ (٣) ، لإمكان حمله على تأكد الاستحباب ـ أولا؟ لأن الخبرين المذكورين ضعيفان ، فالاعتماد عليهما يتوقف على تمامية قاعدة التسامح ، وهي غير ثابتة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ١٤.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب تكبيرة الإحرام حديث : ٢.

٣٣٩

السادس عشر : أن يصلي على النبي وآله [١] بعد الذكر أو قبله.

( مسألة ٢٧ ) : يكره في الركوع أمور :

أحدها : أن يطأطئ رأسه بحيث لا يساوي ظهره [٢]

______________________________________________________

[١] ففي صحيح ابن سنان : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يذكر النبي (ص) وهو في الصلاة المكتوبة إما راكعاً وإما ساجداً ، فيصلي عليه وهو على تلك الحال؟ فقال (ع) : نعم إن الصلاة على نبي الله (ص) كهيئة التكبير والتسبيح ، وهي عشر حسنات يبتدرها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها إياه » (١) ، وفي خبر أبي حمزة : « قال أبو جعفر (ع) : من قال في ركوعه وسجوده وقيامه : صلى الله على محمد وآل محمد كتب الله تعالى له بمثل الركوع والسجود والقيام » (٢) ونحوهما غيرهما.

[٢] للمرفوع المروي عن معاني الاخبار عن النبي (ص) : « نهى أن يدبح الرجل في الصلاة » (٣). قال : ومعناه أن يطأطئ الرجل رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره ، وخبر إسحاق : « كان ـ يعني علياً ـ (ع) يكره أن يحدر رأسه ومنكبيه في الركوع » (٤) ، وخبر علي بن عقبة : « رآني أبو الحسن (ع) بالمدينة وأنا أصلي وأنكس برأسي وأتمدد في ركوعي ، فأرسل إلي : لا تفعل » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب الركوع حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٠ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١٨ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الركوع حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الركوع حديث : ١.

٣٤٠