مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٦

فيأتي بتسليمة أخرى مومياً إلى يساره ، ويحتمل استحباب تسليم آخر للمأموم بقصد الامام [١] ، فيكون ثلاث مرات.

( مسألة ٧ ) : قد مر سابقاً في الأوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت ودخل عليه وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإن كان قبل السلام أو في أثنائه ، فاذا أتى بالسلام الأول ، ودخل عليه الوقت في أثنائه تصح صلاته. وأما إذا دخل بعده قبل السلام الثاني أو في أثنائه ففيه إشكال. وإن كان يمكن القول بالصحة ، لأنه وإن كان يكفي الأول في الخروج عن الصلاة ، لكن على فرض الإتيان بالصيغتين يكون الثاني أيضاً جزءاً ، فيصدق دخول الوقت في الأثناء [٢] ، فالأحوط إعادة الصلاة مع ذلك.

______________________________________________________

لم يكن على يساره أحد.

[١] كما أفتى به في محكي الفقيه ، قال : « وإن كنت خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة رداً على الامام وتسليمة عن يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون بجنب حائط » (١). ويقتضيه خبر المفضل‌ (٢). لكن المشهور العدم ، كما يقتضيه ظاهر النصوص.

[٢] قد عرفت في أوائل مبحث القيام أن الأجزاء المندوبة ليست أجزاء للماهية ولا للفرد المأمور به ، وإنما هي أمور مستحبة في الواجب مصلحتها‌

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج : ١ صفحة : ٢١٠ طبع النجف الحديث.

(٢) تقدم في أول المسألة.

٤٨١

فصل في الترتيب

يجب الإتيان بأفعال الصلاة على حسب ما عرفت من الترتيب [١] ، بأن يقدم تكبيرة الإحرام على القراءة ، والقراءة على الركوع ، وهكذا. فلو خالفه عمداً بطل ما أتى به مقدماً ، وأبطل من جهة لزوم الزيادة ، سواء كان ذلك في الأفعال أو الأقوال ، وفي الأركان أو غيرها. وإن كان سهواً‌

______________________________________________________

من سنخ المصلحة الصلاتية ومن مراتبها ، وحينئذ ظاهر‌ قوله (ع) في خبر ابن رباح : « فدخل الوقت وأنت في الصلاة » (١) ، إن كان مطلق الطبيعة الصلاتية تمَّ ما في المتن ، أما لو كان خصوص الصلاة المأمور بها التي اختتامها وتحليلها التسليم ، تعين البناء على وجوب الإعادة. وهذا إن لم يكن أظهر ـ كما هو كذلك ـ فلا أقل من الاجمال ، الموجب للرجوع إلى أصالة البطلان بفوات الوقت. وهكذا الحال لو شك في صحة الصلاة وهو في التسليم المستحب ، فإنه يبني على الصحة لقاعدة الفراغ. مع أنه يكفي في الصحة قاعدة التجاوز. والله سبحانه أعلم.

فصل في الترتيب‌

[١] بلا إشكال في ذلك ظاهر ، وإن قل من تعرض له بعنوان مستقل.

نعم يستفاد من كلماتهم في تعداد أفعال الصلاة ، وفي مبحث الخلل حينما يتعرضون لنسيان الجزء وذكره بعد الدخول فيما بعده ، وفي قاعدة التجاوز ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب المواقيت حديث : ١.

٤٨٢

فان كان في الأركان بأن قدم ركناً على ركن ، كما إذا قدم السجدتين على الركوع فكذلك ، وإن قدم ركناً على غير الركن كما إذا قدم الركوع على القراءة ، أو قدم غير الركن على الركن كما إذا قدم التشهد على السجدتين أو قدم غير الأركان بعضها على بعض ، كما إذا قدم السورة ـ مثلا ـ على الحمد فلا تبطل الصلاة إذا كان ذلك سهواً. وحينئذ فإن أمكن التدارك بالعود بأن لم يستلزم زيادة ركن وجب. وإلا فلا. نعم يجب عليه سجدتان لكل زيادة أو نقيصة تلزم من ذلك [١].

( مسألة ١ ) : إذا خالف الترتيب في الركعات سهواً ، كأن أتى بالركعة الثالثة في محل الثانية ، بأن تخيل بعد الركعة الأولى أن ما قام إليه ثالثة فأتى بالتسبيحات الأربع وركع وسجد ، وقام إلى الثالثة وتخيل أنها ثانية فأتى بالقراءة والقنوت لم تبطل صلاته ، بل يكون ما قصده ثالثة ثانية ، وما قصده ثانية ثالثة قهراً ، وكذا لو سجد الأولى بقصد الثانية ، والثانية بقصد الأولى [٢].

______________________________________________________

ويستفاد من النصوص الواردة في جزئية الأجزاء ومحالها ، والواردة في الشك في الجزء بعد الدخول فيما بعده ، والواردة في نسيان تكبيرة الافتتاح ، والقراءة ، والركوع ، والسجود ، والتشهد ، وغيرها ، وما تضمن أن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ، وغير ذلك ، ويأتي إن شاء الله تعالى في مبحث الخلل التعرض للأحكام المذكورة في المتن.

[١] يأتي إن شاء الله التعرض لوجوب السجود لمطلق الزيادة والنقيصة.

[٢] تقدم في فصل الركعات الأخيرة التنبيه على أن الصحة في المقام‌

٤٨٣

فصل في الموالاة

قد عرفت سابقاً وجوب الموالاة [١] في كل من القراءة والتكبير ، والتسبيح ، والأذكار ، بالنسبة إلى الآيات ، والكلمات ، والحروف ، وأنه لو تركها عمداً على وجه يوجب محو الاسم بطلت الصلاة. بخلاف ما إذا كان سهواً فإنه لا تبطل الصلاة وإن بطلت تلك الآية أو الكلمة فيجب إعادتها. نعم إذا أوجب فوات الموالاة فيها محو اسم الصلاة بطلت. وكذا إذا كان ذلك في تكبيرة الإحرام ، فإن فوات الموالاة فيها سهواً بمنزلة نسيانها [٢]. وكذا في السلام ، فإنه بمنزلة عدم الإتيان به ، فاذا تذكر ذلك ومع ذلك أتى بالمنافي [٣] بطلت صلاته. بخلاف ما إذا أتى به قبل التذكر ، فإنه كالإتيان به بعد نسيانه.

______________________________________________________

ونحوه من أجل كون عنوان الثانية أو الثالثة ملحوظاً داعياً الى العمل ، لا قيداً في موضوع الامتثال ، فلو اتفق ملاحظته قيداً وجبت الإعادة ، لفوات الامتثال.

فصل في الموالاة‌

[١] تقدم ذلك في المسألة السادسة والثلاثين من مسائل فصل القراءة.

[٢] لأن فوات الموالاة بين أجزائها توجب بطلانها ، فيكون بمنزلة ما لو تركها نسيانا ، ويجب عليه استئنافها.

[٣] يعني : أتى بالمنافي بعد ما تذكر أنه قد ترك الموالاة في السلام‌

٤٨٤

وكما تجب الموالاة في المذكورات تجب في أفعال الصلاة ، بمعنى عدم الفصل بينها على وجه يوجب محو صورة الصلاة [١] ، سواء كان عمداً ، أو سهواً مع حصول المحو المذكور. بخلاف ما إذا لم يحصل المحو المذكور فإنه لا يوجب البطلان.

______________________________________________________

لأنه إذا تذكر ذلك كان مكلفاً بإتيان السلام ، فاذا أتى بالمنافي كان واقعا في أثناء الصلاة ، فتبطل به. ولا مجال لحديث : « لا تعاد الصلاة » (١) لإسقاط جزئية السلام ، إذ ليس بقاؤه على الجزئية موجباً للإعادة ، لأن المفروض أنه تذكر قبل إتيان المنافي ، لأن بقاءه على الجزئية إنما يوجب تداركه نفسه لا غير. بخلاف الصورة الثانية التي أشار إليها بقوله : « بخلاف ما إذا أتى » ، فإن بقاء الجزء على الجزئية حال النسيان يستوجب الإعادة فتنتفي جزئيته بحديث : « لا تعاد الصلاة ». لكن عرفت أن الأظهر فيه البطلان أيضاً. فراجع.

[١] مرجع اعتبار الموالاة بهذا المعنى ، الى اعتبار وصل الاجزاء بعضها ببعض ، على نحو يحصل لها هيئة خاصة مقومة لمفهوم الصلاة ، بنحو يفوت بفواتها ولا يصدق بفقدها. واشتراط الموالاة بهذا المعنى ، مما لا ينبغي أن يكون محلا للإشكال. ضرورة اعتبار صدق المفهوم في الجملة في تحقق الامتثال وسقوط الأمر ، من غير فرق بين العمد والسهو.

نعم الإشكال في تعيين الصغرى ، وأن المرجع فيه العرف ، أو ارتكاز المتشرعة ، أو الأدلة الخاصة ، من إجماع ، أو غيره. لكن لا ينبغي التأمل في عدم صلاحية الأول للمرجعية في ذلك ، لعدم كون الصلاة ونحوها من العبادات المخترعة مما يرجع في تحديدها الى العرف ، لعدم تحصلها لديهم.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ١.

٤٨٥

( مسألة ١ ) : تطويل الركوع ، أو السجود ، أو إكثار الأذكار ، أو قراءة السور الطوال ، لا تعد من المحو [١] فلا إشكال فيها.

( مسألة ٢ ) : الأحوط مراعاة الموالاة العرفية بمعنى متابعة الأفعال بلا فصل [٢] ، وإن لم يمح معه صورة الصلاة وإن كان الأقوى عدم وجوبها. وكذا في القراءة والأذكار.

( مسألة ٣ ) : لو نذر الموالاة بالمعنى المذكور فالظاهر انعقاد نذره لرجحانها ولو من باب الاحتياط ، فلو خالف‌

______________________________________________________

كما لا ينبغي التوقف في صلاحية ارتكاز المتشرعة للمرجعية ، لكونه مأخوذاً يداً بيد الى زمان الشارع ، بحيث يقطع بأنه لو لا صحته لردعهم عنه. بل ثبوت الارتكاز المذكور لا بد أن يكون بطريق التلقي منه ، فوجوده يدل على وجوده ، كما لعله ظاهر. ثمَّ إن أكثر الأصحاب لم يتعرضوا لشرطية الموالاة بالمعنى المذكور ، وإنما تعرضوا لقاطعية السكوت الطويل. ذكروا ذلك في مبحث القواطع ومنها الفعل الكثير ، وإبطال الجميع للصلاة بمناط محو الاسم. وفي كون ذلك مبطلا حال السهو إشكال يأتي في مبحث القواطع التعرض له إن شاء الله تعالى.

[١] لأنه إنما يكون بالأجنبي ، وليس المفروض منه.

[٢] لأجل أن العمدة في الاستدلال على اعتبار الموالاة بالمعنى المذكور النصوص البيانية الفعلية ، التي يشكل الاستدلال بها لإجمال الفعل. ودعوى : انصراف إطلاق التكليف بها الى خصوص صورة حصول الموالاة. يمكن منعها ، كما تقدم في التيمم وغيره. والإجماع على وجوبها غير متحقق. كان المرجع في وجوبها الأصل ، وهو يقتضي البراءة. نعم الأحوط فعلها خروجا عن شبهة الخلاف.

٤٨٦

عمداً عصى. لكن الأظهر عدم بطلان صلاته [١].

فصل في القنوت

وهو مستحب [٢] في جميع الفرائض اليومية ، ونوافلها‌

______________________________________________________

[١] قد تقدم في مسألة نذر سورة معينة الإشكال في ذلك ، وأن الصلاة بدون الموالاة تصرف في موضوع النذر وإعدام له ، فيكون مخالفة للنذر ، لأنه يقتضي حفظ موضوعه ، فيكون فعلها حراماً ، فتبطل. نظير ما لو نذر أن يتصدق بشاة معينة على زيد ، فتصدق بها على عمرو. ويأتي في مبحث نذر الصلاة جماعة التعرض لذلك أيضاً.

فصل في القنوت

قال في القاموس : « القنوت الطاعة ، والسكون ، والدعاء ، والقيام في الصلاة ، والإمساك عن الكلام ». وعلى الأول : حمل قوله تعالى ( وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ ) (١). وعلى الثاني : قوله تعالى ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٢) كما عن زيد بن أرقم. وعلى الرابع : قوله تعالى ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ) (٣). وعلى الثالث : حمل ما ورد من الأمر به في الصلاة ، فقد نسب الى المشهور والمتشرعة أنه بمعنى الدعاء. لكن يتعين حمل الدعاء حينئذ على ما يشمل الذكر ، على ما سيأتي من الاكتفاء به في أداء وظيفته. والذي يظهر من كلمات أهل اللغة وملاحظة موارد الاستعمال أنه في اللغة نحو من العبادة والتذلل واستشعار لبعض مظاهرهما سواء أكان بنحو الدعاء ، أم السكوت ، أم الخشوع ، أم غير ذلك. ولا يهم تحقيق ذلك بعد كون المراد منه في لسان الشارع والمتشرعة مفهوم آخر كسائر الماهيات المخترعة. وسيأتي في رفع اليدين بعض الكلام فيه.

[٢] إجماعاً. كما عن المعتبر ، والمنتهى ، والتذكرة ، وغيرها. لكن‌

__________________

(١) التحريم : ١٢.

(٢) البقرة : ٢٣٨.

(٣) الزمر : ٩.

٤٨٧

______________________________________________________

في صحة نسبة الإجماع إلى الأولين إشكال أو منع ، فإنهما بعد ما حكيا اتفاق أصحابنا ـ كما في الأول ـ أو علمائنا ـ كما في الثاني ـ نقلا القول بالوجوب عن ابن بابويه ، فان ذلك يدل على أن المراد حكاية الاتفاق على مجرد المشروعية. نعم في التذكرة بعد ما حكى الاتفاق المذكور قال : « وقد يجري في بعض عبارات علمائنا الوجوب. والقصد شدة الاستحباب ». وكيف كان فنسب القول بالوجوب الى الصدوق. ويقتضيه ظاهر محكي الفقيه : « القنوت سنة واجبة ، ومن تركها متعمداً في كل صلاة فلا صلاة له. قال الله عز وجل ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) » ، وعن المقنع والهداية : « من تركه متعمداً فلا صلاة له » ، ونحوه المحكي عن ابن أبي عقيل ، وفي الذكرى نسب اليه القول بالوجوب في خصوص الجهرية. وعن الحبل المتين أن ما قال به ذلك الشيخان الجليلان غير بعيد عن جادة الصواب.

هذا والعمدة فيما يستدل به على الوجوب إطلاق الأمر به في جملة من النصوص (١) ، وموثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « إن نسي الرجل القنوت في شي‌ء من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شي‌ء وليس له أن يدعه متعمداً » (٢) ، وخبر الفضل بن شاذان في كتاب الرضا (ع) الى المأمون : « والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء » (٣) وخبر الأعمش : « والقنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة » (٤).

لكن يدفع ذلك كله صحيح البزنطي عن الرضا (ع) قال : « قال

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ٧ و ٩.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب القنوت حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ٦.

٤٨٨

______________________________________________________

أبو جعفر (ع) في القنوت : إن شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت. قال أبو الحسن (ع) : وإذا كانت التقية فلا تقنت وأنا أتقلد هذا » (١). فإنه كالصريح في جواز تركه لا لتقية. ولا يضر ما عن موضع من التهذيب (٢) والاستبصار (٣) من روايته « في الفجر » بدل قوله : « في القنوت » ، وروايته بطريق آخر : « القنوت في الفجر .. » (٤). لعدم احتمال التفصيل بين الفجر وغيرها ، ولا سيما مع احتمال تعدد المتن. فتأمل. وحينئذ يتعين حمل ما سبق على تأكد الاستحباب ، ولا سيما مع تأيده بمثل صحيح وهب عن أبي عبد الله (ع) : « القنوت في الجمعة والمغرب والعتمة والوتر والغداة ، فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له » (٥). فان تخصيص الحكم بالرغبة عنه لا يخلو عن ظهور في جواز تركه لا لذلك. بل ما في صدره من تخصيص الثبوت بالصلوات المذكورات دلالة على نفي إطلاق الوجوب. وأصرح منه في التخصيص صحيح سعد عن أبي الحسن الرضا (ع) : « سألته عن القنوت ، هل يقنت في الصلوات كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة؟ فقال (ع) : ليس القنوت إلا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب » (٦) وموثق سماعة : « سألته عن القنوت في أي صلاة هو؟ فقال (ع) : كل شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت » (٧).

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٢) التهذيب ج : ٢ صفحة : ١٦١ طبع النجف الحديث.

(٣) الاستبصار ج : ١ صفحة : ٣٤٥ طبع النجف الحديث.

(٤) الوسائل باب ٤ : من أبواب القنوت ملحق حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ٢ من أبواب القنوت حديث : ٦.

(٧) الوسائل باب : ٢ من أبواب القنوت حديث : ١.

٤٨٩

بل جميع النوافل [١] ، حتى صلاة الشفع على الأقوى [٢] ويتأكد في الجهرية من الفرائض [٣]

______________________________________________________

هذا ولا تصلح هذه النصوص لإثبات وجوبه في الجهرية ـ كما نسب أيضاً الى ابن أبي عقيل ـ لعدم ظهورها في الوجوب ، لورودها في مقام بيان ما يقنت فيه من الصلوات ، لا في مقام تشريع حكمه. اللهم إلا أن يكون ذلك مقتضى الجمع بينها وبين مطلقات الأمر به. لكنه أيضاً مدفوع بما سبق من صحيح البزنطي‌.

[١] إجماعا. كما عن غير واحد. قال في التذكرة : « وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة ، فرضاً كانت ، أو نفلا ، أداء ، أو قضاء ، عند علمائنا أجمع ». ونحوه عبارات المعتبر ، والمنتهى. ويشهد له جملة من النصوص ، كصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن القنوت ، فقال (ع) : في كل صلاة فريضة ونافلة » (١) وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « القنوت في كل صلاة في الفريضة والتطوع » (٢) ، ونحوهما غيرهما.

[٢] تقدم الكلام في ذلك في المسألة الأولى من فصل أعداد الفرائض ونوافلها.

[٣] كما عن السيد ، والشيخ ، والحلي ، والعلامة ، والشهيدين ، والمحقق الثاني ، وغيرهم. للنصوص المتقدمة المخصصة له بها بعد حملها على التأكد جمعاً بينها وبين غيرها. لكن في موثق أبي بصير : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت ، فقال (ع) : فيما يجهر فيه بالقراءة. فقلت له : إني سألت أباك (ع) عن ذلك فقال (ع) لي : في الخمس كلها ،

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ١٢.

٤٩٠

خصوصاً في الصبح ، والوتر ، والجمعة [١] بل الأحوط عدم تركه في الجهرية ، بل في مطلق الفرائض. والقول بوجوبه في الفرائض ، أو في خصوص الجهرية منها ، ضعيف. وهو‌

______________________________________________________

فقال (ع) : رحم الله أبي (ع) إن أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحق ، ثمَّ أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية » (١) وقد يظهر منه أن تخصيصه بالجهرية كان لأجل التقية وأنه في الواقع لا فرق بين الجهرية وغيرها. ويشير اليه موثق ابن مسلم : « سألت أبا جعفر (ع) ، عن القنوت في الصلوات الخمس فقال (ع) أقنت فيهن جميعاً ، قال : وسألت أبا عبد الله عليه‌السلام بعد ذلك عن القنوت فقال (ع) لي : أما ما جهرت به فلا شك » (٢) وموثق زرارة عن أبي جعفر (ع) : « القنوت في كل الصلوات قال محمد بن مسلم فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال (ع) : أما ما لا يشك فيه فما جهر فيه بالقراءة » (٣). اللهم إلا أن يكون الوجه في الشك في غير الجهرية قلة ما ورد فيه من الأمر ، بالإضافة الى ما ورد في الجهرية من التأكيد الكاشف عن مزيد الاهتمام ، ويكون اتقاؤه عليه‌السلام في الاقتصار على ذكر الجهرية ملاحظته لغير الواقع من العناوين المصححة للاقتصار على ذكر الأفضل لا غير. فتأمل جيداً.

[١] المحكي عن جماعة أن الخصوصية من بين الصلوات الجهرية للصبح والمغرب. واستدل لهم بصحيح سعد المتقدم‌ (٤). لكن ينبغي ذكر الوتر والجمعة معهما لذكرهما في الصحيح. ولأجله يشكل وجه ما في المتن من ترك المغرب.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ١٠.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب القنوت حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب القنوت حديث : ٤ و ٥.

(٤) راجع صفحة : ٤٨٩.

٤٩١

في كل صلاة مرة ، قبل الركوع من الركعة الثانية [١] ، وقبل الركوع في صلاة الوتر [٢].

______________________________________________________

[١] بعد القراءة إجماعاً. كما عن الخلاف ، والغنية ، والتذكرة ، والذكرى ، والمفاتيح ، وغيرها. لكن في المعتبر : « يمكن أن يقال بالتخيير وإن كان تقديمه على الركوع أفضل. ويدل على ذلك ما رواه معمر بن يحيى عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « القنوت قبل الركوع وإن شئت بعده » (١) ، وقال في مقام آخر : « ومحله الأفضل قبل الركوع وهو مذهب علمائنا ». ويشهد للأول صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع » (٢) ، وفي صحيح يعقوب بن يقطين : « سألت عبداً صالحاً (ع) .. الى أن قال : قبل الركوع حين تفرغ من قراءتك » (٣) ، وفي موثق سماعة : « قبل الركوع وبعد القراءة » (٤) ، ونحوها غيرها. والانصاف أن الجميع لا يصلح لمعارضة خبر معمر ، لإمكان حملها على الأفضلية كما ذكر المحقق. وحمل الشيخ للخبر على حال القضاء ، أو حال التقية ، ليس من الجمع العرفي جزماً. نعم في صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) : « ما أعرف قنوتاً إلا قبل الركوع » (٥). والجمع بالحمل على الأفضلية بعيد جداً ، ولا سيما بملاحظة النصوص الواردة فيمن نسيه حتى ركع. فالبناء على المشهور متعين.

[٢] بلا خلاف ظاهر ويشهد له النصوص الكثيرة ، كصحيح معاوية

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب القنوت حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب القنوت حديث : ٥.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب القنوت حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب القنوت حديث : ٦.

٤٩٢

إلا في صلاة العيدين [١] ، ففيها في الركعة الأولى خمس مرات وفي الثانية أربع مرات. وإلا في صلاة الآيات ، ففيها مرتان ، مرة قبل الركوع الخامس ، ومرة قبل الركوع العاشر ، بل لا يبعد استحباب خمسة قنوتات فيها في كل زوج من الركوعات‌

______________________________________________________

ابن عمار : « أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن القنوت في الوتر ، قال (ع) : قبل الركوع » (١) ، ونحوه غيره. ثمَّ إن المحقق في المعتبر ذكر أن في الوتر قنوتين ، كالجمعة ، وتبعه عليه في التذكرة ، والدروس ، والروضة ـ على ما حكي ـ لما روي عن أبي الحسن موسى (ع) : « أنه كان إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف ، وذنبه عظيم ، وليس لذلك إلا رفقك ورحمتك ، فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) طال والله هجوعي ، وقل قيامي ، وهذا السحر وأنا أستغفرك لذنوبي استغفار من لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ، ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً. ثمَّ يخر ساجداً » (٢) ، وفي خبر أحمد الرازي قال (ع) : « اللهم إنك قلت .. » (٣) واستشكل فيه غير واحد بأن استحباب الدعاء المذكور لا يقتضي استحباب قنوت آخر ، إذ ليس كل دعاء قنوتاً ، وإلا لزم استحباب القنوت في الركوع والسجود وفيما بين السجدتين ، الى غير ذلك من الموارد ، وهو خلاف النص والفتوى.

[١] يأتي الكلام في ذلك في محله. وكذا صلاة الآيات.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٨ من أبواب القنوت حديث : ٥.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١٦ ـ النوادر ـ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ١٦ ـ النوادر ـ من أبواب القنوت حديث : ١.

٤٩٣

وإلا في الجمعة ، ففيها قنوتان في الركعة الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده [١].

______________________________________________________

[١] كما نسب الى المشهور ويشهد له صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « سأله بعض أصحابنا وأنا عنده عن القنوت في الجمعة ، فقال (ع) له : في الركعة الثانية ، فقال له : حدثنا به بعض أصحابنا أنك قلت له : في الركعة الأولى ، فقال (ع) : في الأخيرة ، وكان عنده ناس كثير ، فلما رأى غفلة منهم قال (ع) : يا أبا محمد في الأول والأخيرة ، فقال له أبو بصير بعد ذلك : أقبل الركوع أو بعده؟ فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : كل قنوت قبل الركوع ، إلا الجمعة ، فإن الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع ، والأخيرة بعد الركوع » (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) في حديث : « على الامام فيها ـ أي في الجمعة ـ قنوتان : قنوت في الركعة الأولى قبل الركوع ، وفي الركعة الثانية بعد الركوع ومن صلاها وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع » (٢) ، ونحوه موثق سماعة‌ (٣). والظاهر ـ كما يشهد به بعض النصوص ـ أن التخصيص بالإمام في قبال المنفرد ، لا المأموم ، لا أقل من وجوب حمله على ذلك بقرينة إطلاق ما سبق. ومن هذا يظهر ضعف ما عن صريح جماعة وظاهر آخرين من التخصيص بالإمام. ولا سيما ومن البعيد جداً أن يقنت الامام ويسكت المأموم.

هذا وعن الفقيه أنه قال : « الذي أستعمله وأفتي به ومضى عليه مشايخي رحمهم‌الله تعالى هو أن القنوت في جميع الصلوات في الجمعة وغيرها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ١٢.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ٨.

٤٩٤

ولا يشترط فيه رفع اليدين [١]. ولا ذكر مخصوص‌

______________________________________________________

في الركعة الثانية بعد القراءة قبل الركوع ». وفيه : أنه طرح للنصوص المذكورة وغيرها مما يأتي الإشارة إليه من غير وجه ظاهر. وعن السرائر : « والذي يقوى عندي أن الصلاة لا يكون فيها إلا قنوت واحد ، أية صلاة كانت. هذا الذي يقتضيه مذهبنا ، وإجماعنا ، فلا يرجع عن ذلك بأخبار الآحاد ، التي لا تثمر علماً ولا عملا ». فإن أراد ما عن الفقيه ، ففيه ما عرفت. وإن أراد ما عن المقنعة والمختلف من أن فيها قنوتاً واحداً في الأولى ، فهو وان كان قد يقتضيه جملة وافرة من النصوص ، كصحيح ابن حنظلة : « قلت لأبي عبد الله (ع) : القنوت يوم الجمعة ، فقال : أنت رسولي إليهم في هذا ، إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى ، وإذا صليتم وحداناً ففي الركعة الثانية » (١) ، وخبر أبي بصير : « القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة » (٢) ، ونحوه صحيح سليمان ابن خالد‌ (٣) ، وصحيح معاوية في الإمام‌ (٤). إلا أن الجمع بينها وبين ما سبق يقتضي الحمل على بيان الأفضل ، أو نحو ذلك ، مما لا ينافي التعدد ، المصرح به فيما سبق.

[١] كما عن جماعة التصريح به ، وأنه مستحب فيه لا غير. لكن في الجواهر وغيرها ـ تبعاً لكشف اللثام ـ الميل الى دخوله في مفهومه. لإرادته من القنوت المنهي عنه لدى التقية في صحيح البزنطي المتقدم‌ (٥) دليلا لنفي الوجوب ، ولخبر علي بن محمد بن سليمان : « كتبت الى الفقيه (ع)

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٥ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب القنوت حديث : ١ وقد تقدم في أول الفصل.

٤٩٥

بل يجوز ما يجري على لسانه [١] من الذكر ، والدعاء ،

______________________________________________________

أسأله عن القنوت ، فقال (ع) : إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين وقل ثلاث مرات : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » (١) ، وموثق عمار : « أخاف أن أقنت وخلفي مخالفون ، فقال (ع) : رفعك يديك يجزي ـ يعني رفعهما كأنك تركع ـ » (٢).

فان تعليق السقوط في الأول على الضرورة الشديدة إنما يناسب كونه مقوماً للقنوت ، كالاجتزاء به عند التقية فإن الظاهر أن ذلك لأنه الميسور الذي لا ينطبق على ما هو خارج. هذا مضافا الى ما يظهر من النصوص المتضمنة أنه تقول في القنوت ، وما يقال في القنوت ، ونحو ذلك من جعله ظرفا للقول ، الدال على المغايرة بينهما. والى أن رفع اليدين لو لم يكن داخلا في مفهومه كان كل دعاء وذكر قنوتاً ، ولا يظهر وجه للاختصاص. فلاحظ.

[١] ففي صحيح إسماعيل بن الفضل : « سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت وما يقال فيه قال (ع) : ما قضى الله على لسانك ، ولا أعلم فيه شيئاً موقتاً » (٣) ، وفي مصحح الحلبي : « سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت في الوتر ، هل فيه شي‌ء موقت يتبع ويقال؟ فقال (ع) : لا ، أثن على الله عز وجل ، وصل على النبي (ص) ، واستغفر لذنبك العظيم ، ثمَّ قال (ع) : كل ذنب عظيم » (٤) ، وفي مرفوع إسماعيل ابن بزيع عن أبي جعفر (ع) : « سبعة مواطن ليس فيها دعاء موقت : الصلاة على الجنائز والقنوت .. » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب القنوت حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٩ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٩ من أبواب القنوت حديث : ٥.

٤٩٦

والمناجاة ، وطلب الحاجات. وأقله « سبحان الله » ، خمس مرات [١] أو ثلاث مرات [٢] ، أو « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » ، ثلاث مرات [٣] ، أو « الحمد لله » ، ثلاث مرات [٤]. بل يجزي « سبحان الله » ، أو سائر ما ذكر ، مرة واحدة [٥]. كما يجزي الاقتصار على الصلاة على النبي وآله « ص » ، ومثل قوله : « اللهم اغفر لي » ، ونحو ذلك. والاولى أن يكون جامعاً للثناء على الله تعالى ، والصلاة على محمد وآله ، وطلب المغفرة له وللمؤمنين والمؤمنات [٦].

______________________________________________________

[١] كما في خبر أبي بصير : « سألت أبا عبد الله (ع) عن أدنى القنوت ، فقال (ع) : خمس تسبيحات » (١) ، وفي مرسل حريز : « يجزيك عن القنوت خمس تسبيحات في ترسل » (٢).

[٢] كما في خبر أبي بكر بن أبي سماك عن أبي عبد الله (ع) : « ويجزي من القنوت ثلاث تسبيحات » (٣).

[٣] كما تقدم في خبر علي بن محمد بن سليمان‌ (٤).

[٤] لم أقف على نص فيه.

[٥] كما يقتضيه إطلاق نفي التوقيت فيه.

[٦] لما سبق في صحيح الحلبي‌ (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب القنوت حديث : ٣.

(٤) راجع صفحة : ٤٩٥.

(٥) راجع صفحة السابقة.

٤٩٧

( مسألة ١ ) : يجوز قراءة القرآن في القنوت [١] ، خصوصاً الآيات المشتملة على الدعاء [٢] كقوله تعالى ( رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ ) ونحو ذلك.

( مسألة ٢ ) : يجوز قراءة الأشعار المشتملة على الدعاء والمناجاة [٣] ، مثل قوله :

« إلهي عبدك العاصي أتاكا

مقراً بالذنوب وقد دعاكا »

ونحوه.

( مسألة ٣ ) : يجوز الدعاء فيه بالفارسية ونحوها من اللغات غير العربية [٤] ، وإن كان لا يتحقق وظيفة القنوت إلا بالعربي ، وكذا في سائر أحوال الصلاة وأذكارها. نعم الأذكار المخصوصة لا يجوز إتيانها بغير العربي.

______________________________________________________

[١] كما يشهد له خبر علي بن محمد بن سليمان المتقدم‌ (١).

[٢] كما يشهد به المروي (٢) من قنوتاتهم (ع) ، فقد اشتملت على كثير من أدعية القرآن ، وفي منظومة الطباطبائي :

« والفضل في القنوت بالمأثور

فهو بلاغ وشفا الصدور

وفوقه أدعية القرآن

وليس في ذلك من قران »

[٣] للإطلاق السابق.

[٤] المحكي عن الصدوق في الفقيه وكثير من القدماء جواز القنوت بالفارسية ، بل نسب الى المشهور ، بل في محكي جامع المقاصد « أنه لا يعلم‌

__________________

(١) راجع صفحة ٤٩٥.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٦ و ٨ و ١٦ من أبواب القنوت.

٤٩٨

______________________________________________________

قائلا بالمنع ، سوى سعد بن عبد الله ». وعن الفقيه (١) الاستدلال له بما أرسله عن أبي جعفر (ع) : « لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه عز وجل » (٢) ثمَّ قال بعد هذا الخبر : ( لو لم يرد هذا الخبر لكنت أخبره بالخبر الذي روي عن الصادق (ع) أنه قال : « كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي » (٣). والنهي عن الدعاء بالفارسية في الصلاة غير موجود ، والحمد لله ).

أقول : النصوص المذكورة وغيرها مثل صحيح ابن مهزيار : « سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه؟ قال (ع) : نعم » (٤) ، وصحيح الحلبي : « كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي (ص) فهو من الصلاة » (٥) إطلاقها من حيث اللغة غير ظاهر. بل دعوى انصرافها الى خصوص اللغة العربية ، بمناسبة كون الأقوال الصلاتية عربية ، قريبة جداً. ولذا استقرب في الحدائق ، وعن شرح المفاتيح للوحيد المنع. ولو سلم إطلاقها ، فلا تصلح لإثبات مشروعية القنوت بغير العربي لعدم الملازمة. ولذا استدل بعضهم على ذلك بما سبق من نفي التوقيت فيه.

لكن الظاهر من نفي التوقيت التعميم من حيث المضمون ، لا من حيث اللغة. بل لا تبعد دعوى الانصراف فيه الى أنه كسائر الموظفات الصلاتية لا بد أن يكون باللغة العربية. ولذا قال في الجواهر : « قد يقوى في النظر عدم الاجتزاء به عن وظيفة القنوت ، وان قلنا بعدم بطلان الصلاة مع الدعاء‌

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج : ١ صفحة : ٢٠٨ طبع النجف الحديث.

(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب القنوت حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب القنوت حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١٩ من أبواب القنوت حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب التسليم حديث : ١.

٤٩٩

( مسألة ٤ ) : الأولى أن يقرأ الأدعية الواردة عن الأئمة صلوات الله عليهم [١] والأفضل كلمات الفرج [٢]

______________________________________________________

به. للأصل فيهما. وإمكان دعوى حصول القطع من ممارسة أحوال الشرع في العبادات ، واجبها ومندوبها ، والمعاملات ، والإيقاعات ، وغيرها ، بعدم اعتبار غير اللغة العربية ، فارسية ، وغيرها ، وكل ما أمر فيه بلفظ وقول وكلام ونحوها لا ينساق الى الذهن منه إلا العربي الموافق للعربية .. » والاشكال في بعض ما ذكره لا يهم فيما هو المقصود من دعوى الانصراف في المقام الى خصوص اللغة العربية على نهجها الصحيح.

نعم يمكن الرجوع الى أصالة البراءة من المانعية في جواز الدعاء بالفارسية بعد عدم شمول ما دل على قادحية الكلام عمداً لذلك ، كما أشار إليه في الجواهر. ومن هنا يتجه التفصيل في المتن بين الدعاء بالفارسية فيجوز ، والقنوت به فلا يصح ولا تؤدى به وظيفته. والله سبحانه أعلم.

[١] المذكور في كلام غير واحد استحباب ذلك. وكأنه للتأسي بهم. ولكنه كما ترى ، إذ اختيار فرد لا يدل على خصوصية فيه. وكأنه لذلك قال في المتن : « الأولى ». اللهم إلا أن يكون الاستحباب لقاعدة التسامح بناءً على الاجتزاء بالفتوى في تطبيقها.

[٢] كما صرح به جماعة ، بل في الذكرى ، وعن البحار نسبته إلى الأصحاب. ولم يظهر له دليل سوى ما رواه في الفقيه (١) من الأمر بها في الوتر والجمعة ، وخبر أبي بصير‌ (٢) الوارد في قنوت الجمعة ، والمرسل عن السيد ، والحلي : « روي أنها ـ أي كلمات الفرج ـ أفضله ». وهو‌

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ج : ١ صفحة : ٣١٠. لكن في قنوت الوتر فقط. اما في قنوت الجمعة فلم نعثر عليه.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب القنوت حديث : ٤.

٥٠٠