مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٦

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٦

الثالث : الجلوس بمقدار الذكر المذكور [١].

______________________________________________________

للتردد بينه وبين التخيير ، لكن منع الإطلاق غير ظاهر ، وكأنه لذلك كان ظاهر كثير وصريح بعض الاجتزاء بمثل : صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو : صلى الله على محمد وإله ، أو : صلى الله على رسوله وآله.

تنبيه

الظاهر : التسالم على وجوب ضم الصلاة على الآل (ع) الى الصلاة عليه (ص) ، وفي التذكرة الإجماع عليه كما تقتضيه النصوص الكثيرة المروية من طرق الخاصة والعامة كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « قال رسول الله (ص) .. الى أن قال : وإذا صلي علي ولم يتبع بالصلاة على أهل بيتي كان بينها وبين السموات سبعون حجابا ، ويقول الله تبارك وتعالى : لا لبيك ولا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إن لم يلحق بالنبي عترته فلا يزال محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي » (١) وعن صواعق ابن حجر : « روي عن النبي (ص) : لا تصلوا علي الصلاة البتراء فقالوا : وما الصلاة البتراء؟ فقال : تقولون اللهم صل على محمد وتمسكون بل قولوا : اللهم صل على محمد وآل محمد » (٢) ونحوهما غيرهما وكأن من هذه النصوص يفهم أن الصلاة على النبي (ص) مهما كانت موضوعا لحكم فالمراد بها الصلاة عليه وعلى آله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. فتأمل.

[١] بلا خلاف ـ كما عن المبسوط ـ وإجماعا كما عن الغنية ، والمنتهى‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب الذكر حديث : ١٠.

(٢) الصواعق المحرقة لابن حجر طبعة القاهرة سنة ١٣٧٥ ه‍ صفحة : ١٤٤.

٤٤١

الرابع : الطمأنينة فيه [١].

الخامس : الترتيب بتقديم الشهادة الأولى على الثانية [٢] ، وهما على الصلاة على محمد وآل محمد [٣] كما ذكر.

______________________________________________________

والمدارك ، وكشف اللثام. ويشهد له ما‌ ورد في الناسي مما تضمن : « أنه إذا ذكر قبل أن يركع جلس وتشهد » (١) ، وما‌ في موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله .. فاذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله .. » (٢) وقد تقدم‌ في صحيح ابن مسلم : « إذا استويت جالساً فقل .. » (٣) ، وفي صحيح زرارة « إنما التشهد في الجلوس وليس المقعي بجالس .. » (٤) الى غير ذلك مما هو كثير.

[١] بلا خلاف كما عن مجمع البرهان ، بل إجماعاً كما عن جامع المقاصد ، والمفاتيح ، وظاهر كشف الحق وغيرها ، وهو العمدة فيه كما سبق في نظيره.

[٢] كما عن التذكرة وغيرها ، وفي الجواهر : « لعله ظاهر الجميع ، ضرورة عدم إرادة مطلق الجمع من الواو المذكورة في خلال ذكر الكيفية في كلامهم » ، وهو ـ مع أنه الموافق للاحتياط مقتضى الأمر بالكيفية المترتبة في النصوص مع عدم ثبوت خلافها ، خصوصاً مع موافقة هذا النظم للاعتبار أيضاً ، ولما هو المعلوم من طريقة الشرع فتأمل جيداً.

[٣] لما سبق ، لكن عن المفيد رحمه‌الله الاجتزاء بقول : « أشهد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب التشهد.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب التشهد حديث : ٢.

(٣) تقدم في المورد الأول من واجبات التشهد.

(٤) الوسائل باب : ٦ من أبواب السجود حديث : ٧.

٤٤٢

السادس : الموالاة بين الفقرات والكلمات والحروف [١] بحيث لا يخرج عن الصدق.

السابع : المحافظة على تأديتها على الوجه الصحيح العربي في الحركات والسكنات وأداء الحروف والكلمات.

( مسألة ١ ) : لا بد من ذكر الشهادتين والصلاة بألفاظها المتعارفة [٢] ، فلا يجزي غيرها وإن أفاد معناها ، مثل ما إذا قال بدل « أشهد » « أعلم » أو « أقر » أو « أعترف » وهكذا في غيره.

( مسألة ٢ ) : يجزي الجلوس فيه بأي كيفية كان ولو إقعاء [٣] ، وإن كان الأحوط تركه.

______________________________________________________

أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبده ورسوله » ، وفي الجواهر : « لا ريب في ضعفه ».

أقول : هو مقتضى إطلاق النصوص السابقة غير المتعرضة لموضع الصلاة ، التي قد عرفت انحصار المخرج عنها بالإجماع ، فإن تمَّ كان هو المعتمد ، وإلا تعين العمل على الإطلاق الموافق لمقتضى أصالة البراءة من اعتبار الترتيب الخاص.

[١] لما سبق في القراءة من ظهور الأدلة في الإتيان به على النهج العربي للكلام المتصل الواحد ، ومن ذلك يظهر الوجه في الواجب السابع.

[٢] بلا خلاف ظاهر ، ويقتضيه ظاهر النصوص ، بل وأصالة الاحتياط الجارية مع الدوران بين التعيين والتخيير.

[٣] قد تقدم الكلام فيه في السجود ، وذكرنا هناك الخلاف في جوازه في خصوص التشهد فراجع.

٤٤٣

( مسألة ٣ ) : من لا يعلم الذكر يجب عليه التعلم [١] ، وقبله يتبع غيره فيلقنه ، ولو عجز ولم يكن من يلقنه أو كان الوقت ضيقاً متى بما يقدر ويترجم الباقي [٢] ، وإن لم يعلم شيئاً يأتي بترجمة الكل ، وإن لم يعلم يأتي بسائر الأذكار بقدره ، والأولى التحميد إن كان يحسنه ، وإلا فالأحوط الجلوس قدره مع الاخطار بالبال إن أمكن.

______________________________________________________

[١] كما سبق في القراءة وغيرها.

[٢] أقول : العجز تارة : يكون عن الإتيان به على النهج العربي مع قدرته على الملحون ، وأخرى : عن نفس الألفاظ الخاصة مع قدرته على الترجمة ، وثالثة : عن الترجمة مع قدرته على الذكر ، ورابعة : عن ذلك أيضاً.

أما الأول : فيجب عليه الإتيان بما يقدر عليه من الملحون كما يقتضيه ـ مضافا الى قاعدة الميسور المعول عليها في أمثال المقام كما عرفت ـ خبر مسعدة ابن صدقة : « سمعت جعفر (ع) يقول : إنك قد ترى من المحرم من العجم لا يراد منه ما يراد من العالم الفصيح ، وكذلك الأخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وما أشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم والمحرم لا يراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح .. » (١). وما في بعض العبارات من أن جاهل العربية كالجاهل مما يوهم السقوط رأساً ليس على ظاهره أو ضعيف.

وأما الثاني : فإن جهله أجمع جاء بالترجمة كذلك ، وإن جهل بعضه وعلم الباقي جاء بما علم وترجم ما جهل ، لصدق الميسور على الترجمة لأنها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ٢.

٤٤٤

______________________________________________________

فرد من الشهادة بالتوحيد والرسالة والصلاة ، وإن لم تكن بالألفاظ الخاصة فيجب لقاعدة الميسور.

وربما يستدل له بإطلاق ما دل على وجوب الشهادتين والصلاة للاقتصار في تقييده بالألفاظ الخاصة على حال القدرة. وفيه : أن إطلاق دليل التقييد يقتضي الشمول لحال العجز ، وامتناع التكليف مع العجز لا يقتضي امتناع الوضع كما هو ظاهر ، مع أن الإطلاق في أمثال المقام منصرف الى الكلام العربي كما تأتي الإشارة إليه في القنوت.

نعم قد يظهر من قول المحقق في الشرائع : « ومن لم يحسن التشهد وجب عليه الإتيان بما يحسن منه مع ضيق الوقت » ، ونحوه عبارة القواعد وغيرها عدم وجوب الترجمة عما لا يحسن ، فان كان ذلك اشكالا منهم في حجية القاعدة في المقام لعدم انعقاد الإجماع عليها كان في محله ، وان كان لبنائهم على عدم كونه مورداً لها فغير ظاهر ، إذ كما يصدق الميسور على البعض الذي يحسنه المتفق على وجوبه يصدق على الترجمة عما لا يحسنه ، ولذا حكي عن جماعة التصريح بوجوب الإتيان بالترجمة مع العجز. نعم يختلفان وضوحا وخفاء.

وأما الثالث : فالمحكي عن جماعة وجوب التحميد بقدره ، منهم الشهيد رحمه‌الله في الذكرى والدروس ، قال في الأول : « نعم تجزي الترجمة لو ضاق الوقت عن التعلم ، والأقرب وجوب التحميد عند تعذر الترجمة للروايتين السابقتين » ، ويريد بالروايتين روايتي بكر والخثعمي‌ (١) ، وقال في الثاني : « ويجب الإتيان بلفظه ومعناه ، ومع التعذر يجزي الترجمة ويجب التعلم ، ومع ضيق الوقت يجزي الحمد لله بقدره لفحوى رواية بكر بن حبيب عن الباقر (ع) ».

__________________

(١) تقدما في المورد الثاني من واجبات التشهد.

٤٤٥

( مسألة ٤ ) : يستحب في التشهد أمور :

الأول : أن يجلس الرجل متوركا [١] على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين.

______________________________________________________

وفيه ما سبق في وجوب الشهادتين : من أن ظاهر رواية بكر بن حبيب‌ الاجتزاء بالتحميد عما يقترن بالتشهد من الذكر ، ومنها يظهر المراد من خبر الخثعمي‌ ، ولو كان المراد منهما البدلية المطلقة كانتا دالتين على حكم المقام بالمنطوق لا بالفحوى كما ذكره. وكأنه لذلك احتمل في محكي المدارك كلا من الاجتزاء بالذكر ومن السقوط. هذا ويمكن أن يستفاد حكم المقام من‌ صحيح عبد الله بن سنان : « قال أبو عبد الله (ع) : إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ، ألا ترى لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن أن يقرأ القرآن أجزأه أن يكبر ويسبح ويصلي؟ » (١) إما بدعوى ظهوره في التمثيل ، أو الأولوية ، إذ يجب هنا إنشاء المعنى ، بخلاف القراءة فإنها حكاية محضة ، لكنها لا تخلو من إشكال ، فالخروج عن أصالة البراءة المقتضية للسقوط ـ كما هو ظاهر المشهور ـ غير ظاهر.

وأما الرابع : ففي كشف اللثام ، ومحكي المقاصد العلية ، والروض ، والموجز الحاوي وجوب الجلوس بقدره ، واحتمله في محكي فوائد الشرائع وعلله في محكي الثاني بأن الجلوس أحد الواجبين وإن كان مقيداً مع الاختيار بالذكر. وفيه : أن من المحتمل أن يكون قيداً للذكر فيسقط بسقوطه ولا تشمله قاعدة الميسور ، واستبعاد أن تكون صلاة العاجز عن النطق الخاص أخف من صلاة العاجز رأساً كالأخرس كما ترى لا يصلح للحكومة على القواعد.

[١] إجماعا كما عن جماعة ، ويشهد له صحيح زرارة : « وإذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالأرض ، وفرج بينهما شيئاً ، وليكن ظاهر

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب القراءة في الصلاة حديث : ١.

٤٤٦

الثاني : أن يقول قبل الشروع في الذكر : « الحمد لله » أو يقول [١] : « بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله أو الأسماء الحسنى كلها لله ».

______________________________________________________

قدمك اليسرى على الأرض ، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض ، وأطراف إبهامك اليمنى على الأرض » (١) ، ويشير اليه ما‌ في خبر أبي بصير : « إذا جلست فلا تجلس على يمينك واجلس على يسارك » (٢) ، وأما ما في مصحح أبي بصير : « ولا تورّك فان قوماً قد عذبوا بنقض الأصابع والتورك في الصلاة » (٣) فمطروح ، أو محمول على وضع اليدين على الوركين حال القيام الذي هو أحد معنيي التورك كما في مجمع البحرين.

[١] إذ الأول مذكور في موثق الأحول‌ (٤) ، ويشير اليه خبر الخثعمي وبكر بن حبيب المتقدمان (٥) ، والثاني مذكور في موثق أبي بصير الآتي‌ (٦) والثالث مذكور في المحكي عن الفقه الرضوي‌ (٧) ، وفي الذكرى ، وعن الفوائد الملية ، والبحار نسبته إلى الأكثر ، وفي صحيح العلل الوارد في كيفية صلاة النبي (ص) في المعراج : « بسم الله وبالله ولا إله إلا الله والأسماء الحسنى كلها لله » (٨) ، لكن الظاهر منه الاكتفاء به عن التشهد.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٩.

(٤) تقدم في المورد الثاني من واجبات التشهد.

(٥) تقدما في المورد الأول.

(٦) في المورد السابع من مستحبات التشهد.

(٧) مستدرك الوسائل باب : ٢ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٨) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١٠.

٤٤٧

الثالث : أن يجعل يديه على فخذيه منضمة الأصابع [١].

الرابع : أن يكون نظره إلى حجره [٢].

الخامس : أن يقول بعد قوله : « وأشهد أن محمداً عبده ورسوله » ‌: « أرسله ( بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ) بين يدي الساعة ، وأشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول » ، ثمَّ يقول : « اللهم صل .. » [٣].

السادس : أن يقول بعد الصلاة : « وتقبل شفاعته وارفع درجته » ، في التشهد الأول [٤] ، بل في الثاني أيضاً [٥] ، وإن كان الأولى عدم قصد الخصوصية في الثاني.

______________________________________________________

[١] كما عن غير واحد ، وقد تقدم في السجود (١) محكي التذكرة المتضمن للاستدلال له.

[٢] كما عن غير واحد ، وليس له مستند ظاهر عدا الرضوي ، وقد تقدم في السجود (٢) ، وعلله في المنتهى بقوله : « لئلا يشتغل قلبه عن عبادة الله تعالى ».

[٣] لم أجد هذا الدعاء موصولا بالصلاة على النبي (ص) فيما يحضرني من الروايات في الوسائل والمستدرك. نعم وجد في كثير منها بعض الإضافات وكأنه في المتن أخذه من مجموع النصوص.

[٤] كما في موثق الأحول‌ وموثقة أبي بصير‌ (٣).

[٥] كما عن الشيخ رحمه‌الله في النهاية‌ لخبر إسحاق الحاكي لصلاة النبي (ص) ركعتين في المعراج حيث تضمن الدعاء المذكور هكذا : « اللهم

__________________

(١) راجع المورد العشرين من مستحبات السجود.

(٢) راجع المورد السابع من مستحبات السجود.

(٣) تقدما في المورد الثاني من واجبات التشهد.

٤٤٨

______________________________________________________

السابع : أن يقول في التشهد الأول والثاني ما‌ في موثقة أبي بصير [١] وهي قوله (ع) : « إذا جلست في الركعة الثانية فقل : بسم الله وبالله ، والحمد لله وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وتقبل شفاعته في أمته وارفع درجته ، ثمَّ تحمد الله مرتين أو ثلاثاً ، ثمَّ تقوم ، فاذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، التحيات لله والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات السابغات الناعمات ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفى ، فلله

______________________________________________________

تقبل شفاعته ( في أمته. خ ) وارفع درجته » (١) ، ولا يضر كونه في الثنائية لعدم ظهور الفرق بينها وبين الثلاثية والرباعية. نعم ضعف الخبر مانع عن الاعتماد عليه إلا بناء على قاعدة التسامح.

[١] رواها الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد عن النضر عن زرعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) (٢) ، وإنما كانت من الموثق لأن زرعة واقفي ثقة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١١.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب التشهد حديث : ٢.

٤٤٩

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً بين يدي الساعة ، أشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، وأشهد أَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها ، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ،. الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ ، الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وسلم على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد ، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم صل على محمد وآل محمد واغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ ، وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ، رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن عليّ بالجنة ، وعافني من النار ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، واغفر لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ تَباراً ، ثمَّ قل : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على أنبياء الله ورسله ، السلام على جبريل وميكائيل والملائكة المقربين ، السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده ، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، ثمَّ تسلم ».

الثامن : أن يسبح سبعاً بعد التشهد الأول [١] بأن يقول :

______________________________________________________

[١] ففي خبر عمر بن حريث قال لي أبو عبد الله (ع) : « قل في الركعتين الأولتين بعد التشهد قبل أن تنهض : سبحان الله سبحان الله

٤٥٠

« سبحان الله سبحان الله » ـ سبعاً ـ ثمَّ يقوم.

التاسع : أن يقول : « بحول الله وقوته .. » حين القيام عن التشهد الأول [١].

العاشر : أن تضم المرأة فخذيها حال الجلوس للتشهد [٢].

( مسألة ٥ ) : يكره الإقعاء حال التشهد على نحو ما مر في الجلوس بين السجدتين [٣] ، بل الأحوط تركه كما عرفت.

فصل في التسليم

وهو واجب على الأقوى ، وجزء من الصلاة [٤] ،

______________________________________________________

سبع مرات » (١).

[١] ففي صحيح محمد بن مسلم : « إذا جلست في الركعتين الأولتين فتشهدت ثمَّ قمت فقل : بحول الله وقوته أقوم وأقعد » (٢) ، لكن عن بعض النسخ سقوط‌ « وقوته ».

[٢] لما سبق في صحيح زرارة في المرأة : « فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ، ورفعت ركبتيها من الأرض » (٣).

[٣] مر الكلام فيه.

فصل في التسليم‌

[٤] كما عن جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين ، بل عن الروض :

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب التشهد حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب السجود حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ٤ وقد تقدم في المورد الثامن والعشرين من مستحبات السجود.

٤٥١

______________________________________________________

أنه مذهب أكثر المتأخرين لخبر القداح المروي في الكافي عن أبي عبد الله (ع) : « قال رسول الله (ص) : افتتاح الصلاة الوضوء ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم » (١) ، وأرسله فيما عن الفقيه‌ (٢) والتهذيب‌ (٣) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وعن الهداية : « قال الصادق (ع) : تحريم الصلاة التكبير ، وتحليلها التسليم » (٤) ، وخبر الفضل المروي عن العيون والعلل عن الرضا عليه‌السلام : « إنما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيراً أو تسبيحاً أو ضربا آخر لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه الى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين .. » (٥) ، وخبره الآخر المروي عن العيون في كتاب الرضا (ع) الى المأمون : « قال (ع) : تحليل الصلاة التسليم » (٦) ، وخبر المفضل المروي عن العلل : « سألت أبا عبد الله (ع) عن العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة. قال عليه‌السلام : لأنه تحليل الصلاة » (٧) ، وخبر الأعمش عن الصادق (ع) : « ولا يقال في التشهد الأول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لأن تحليل الصلاة هو التسليم » (٨) ، وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي : « سألت أبا عبد الله (ع) عن معنى التسليم في الصلاة. فقال (ع) : التسليم علامة الأمن وتحليل الصلاة » (٩) ، وخبر أبي حازم المروي عن

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم : ملحق حديث : ٨.

(٤) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١٠.

(٦) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٧) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١١.

(٨) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٢.

(٩) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١٣.

٤٥٢

______________________________________________________

مناقب ابن شهر اشوب : « سئل علي بن الحسين (ع) : ما افتتاح الصلاة؟ قال (ع) : التكبير. قال : ما تحريمها؟ قال : التكبير. قال : ما تحليلها؟ قال (ع) : التسليم » (١) ، وعن جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين إرسال خبر : تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم عن النبي (ص) وفي المنتهى : ان هذا الخبر تلقته الأمة بالقبول ، ونقله الخاص والعام ، ومثل هذا الحديث البالغ في الشهرة قد يجبر روايته الاعتماد. انتهى ، وعن المختلف ، وجامع المقاصد : أنه من المشاهير ، وعن الروض : أنه مشهور.

وبعد ذلك كله لا مجال للمناقشة في سنده كما عن المدارك تبعاً لشيخه قدس‌سرهما ولا سيما بملاحظة اعتماد الأصحاب عليه ، واستدلالهم به ، وفيهم من لا يعمل إلا بالقطعيات كالسيدين قدس‌سرهما.

كما لا مجال للمناقشة في دلالته على حصر المحلل فيه : بأن المراد بالأخبار الإسناد في الجملة لا دائماً ، فيجوز الإخبار بالأعم من وجه كزيد قائم وبالأخص مطلقاً كحيوان يتحرك كاتب. وبمنع كون إضافة المصدر للعموم لجواز كونها للعهد والجنس ، وبأن التحليل قد يكون بالمنافيات وان لم يكن الإتيان بها جائزاً ، وحينئذ فلا بد من تأويل التحليل بالذي قدره الشارع ، وحينئذ كما يمكن إرادة التحليل الذي قدره على سبيل الوجوب يمكن إرادة الذي قدره على سبيل الاستحباب. وبأن الخبر غير مراد الظاهر لأن التحليل ليس نفس التسليم فلا بد من إضمار ولا دليل على ما يقتضي الوجوب. لظهور ضعف ما ذكر ، إذ قد يكون المراد من الاخبار حصر الخبر بالمبتدإ ، ويتعين حمل الكلام عليه إذا كان ظاهراً فيه كما في المقام ، وكون الإضافة للعهد لا قرينة عليه كما لا قرينة على كونه للعموم فيتعين بمقدمات الحكمة ارادة الطبيعة المطلقة ـ كما في سائر موارد الحكم بالإطلاق ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ١.

٤٥٣

______________________________________________________

فيكون مفاده مفاد العموم في الدلالة على الحصر.

هذا والظاهر من التحريم والتحليل في الخبر الوضعيان ، بمعنى قدح المنافيات في الصلاة وعدمه ، ولذا يعم الفريضة والنافلة ، فالتكبير يوجب قدح وقوعها في صحة الصلاة ، والتسليم يوجب عدم قدحه فيها فتصح الصلاة إذا وقعت بعد التسليم. وعليه فلا مجال للنقض بتحقق التحليل بالمنافيات قبله ، فان المنافيات إذا اقتضت بطلان الصلاة لم يكن مورد لحصر المحلل بالتسليم ولا يكون ذلك نقضاً عليه ، بل البناء على قدح المنافيات قبل التسليم التزام بحصر المحلل به كما لا يخفى. ويصح حمل التحليل على التسليم بنحو من العناية كما في زيد عدل ، ولا حاجة الى التقدير كي يدعى الإجماع.

وبالجملة : ظهور الخبر في الحصر ـ ولا سيما بملاحظة بعض النصوص المتقدمة ـ أوضح من أن يهتم لدفع المناقشات المذكورة فيه. نعم لا دلالة فيه على جزئية التسليم ، لأن انحصار المحلل به أعم من كونه جزءاً وشرطاً وأجنبياً.

نعم يدل على جزئيته موثق أبي بصير : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف. قال (ع) : فليخرج فليغسل أنفه ثمَّ ليرجع فليتم صلاته ، فان آخر الصلاة التسليم » (١) ، وموثقه الآخر : « إذا نسي الرجل أن يسلم فإذا ولى وجهه عن القبلة وقال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد فرغ من صلاته » (٢) ، وخبره : « وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فاذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة » (٣) فتأمل. ويشير اليه صحيح زرارة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب التسليم حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب التسليم حديث : ٨.

٤٥٤

______________________________________________________

في صلاة الخوف : « فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة ، وللآخرين التسليم » (١) ‌، وفي مصحح علي بن أسباط عنهم (ع) فيما وعظ الله سبحانه عيسى (ع) في وصف النبي (ص) : « ويفتتح بالتكبير ويختتم بالتسليم » (٢) ، ونحوهما غيرهما مما يشعر أو يظهر في جزئيته للصلاة على نحو جزئية غيره من أجزائها. مضافا الى الأمر به في النصوص الكثيرة الواردة في الأبواب المتفرقة المدعى تواترها. لظهورها في اعتباره في الصلاة اعتبار غيره من أجزائها ، وان كان لا يخلو من تأمل لورود أكثر تلك النصوص في مورد بيان حكم آخر فلا حظ.

هذا ، وحكي القول باستحباب التسليم عن المقنعة ، والنهاية ، والسرائر وكثير من كتب المتأخرين ، وعن الخلاف : أنه الأظهر من مذهب أصحابنا وعن جامع المقاصد : « ذهب إليه أجلاء الأصحاب » ، وفي الذكرى : « هو مذهب أكثر القدماء » وعن المدارك وأكثر المتأخرين ، وعن البهائي أنه مذهب مشايخنا المتأخرين عن عصر الشهيد.

واستدل لهم ـ مضافا الى أصالة البراءة المحكومة لما سبق ـ بصحيح ابن مسلم المتقدم في التشهد : « إذا استويت جالساً فقل : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، ثمَّ تنصرف » (٣) وصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول ، أو يتخوف على شي‌ء يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال (ع) : يتشهد هو وينصرف ويدع الإمام » (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب صلاة الخوف حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٢.

(٣) تقدم في المورد الأول من واجبات التشهد.

(٤) الوسائل باب : ٦٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

٤٥٥

______________________________________________________

وفيه ـ مع أن الصحيحين المذكورين خاليان عن ذكر الصلاة على النبي (ص) ، وأن المحكي عن الفقيه وموضع من التهذيب رواية ثانيهما : « يسلم وينصرف » (١) ـ : أن المراد بالانصراف التسليم ، بقرينة مثل‌ صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « وان قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت » (٢) ، وخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « سألته عن الركعتين الأولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيها النبي انصراف هو؟ فقال (ع) : لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف » (٣) وصحيح محمد بن مسلم : « إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك » (٤) ونحوه موثق سماعة‌ (٥).

واستدل له أيضا بصحيح الفضلاء : محمد ، وزرارة ، والفضيل عن أبي جعفر (ع) : « إذا فرغ الرجل من الشهادتين فقد مضت صلاته ، فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه » (٦). وفيه ـ مع أنه خال عن ذكر الصلاة على النبي كسابقيه ـ : أن ما في ذيله من الأمر بالتسليم في مورد السؤال ـ أعني الاستعجال ـ دليل على‌

__________________

(١) راجع : الفقيه ج : ١ صفحة : ٢٦١ والتهذيب ج : ٢ صفحة : ٢٨٣.

لكن في صفحة : ٣٤٩ من ج ٢ من التهذيب تجد الحديث خالياً عن ذلك كما في نسخة الوسائل وقرب الاسناد المطبوع في إيران صفحة : ٩٥.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب التسليم حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب التسليم حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب التسليم حديث : ١٣.

(٥) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ١.

(٦) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٥.

٤٥٦

______________________________________________________

وجوبه ، فيتعين حمل قوله (ع) في الصدر : « مضت صلاته » على مضي معظمها. أو ما كان من سنخ العبادة ، أو نحو ذلك مما لا ينافي وجوب التسليم.

و‌بصحيح معاوية بن عمار : « إذا فرغت من طوافك ، فأت مقام إبراهيم (ع) ، فصل ركعتين ، واجعله أمامك واقرأ في الأولى منهما قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، وفي الثانية قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ، ثمَّ تشهد واحمد الله تعالى وأثن عليه وصل على النبي (ص) واسأله أن يتقبل منك » (١). وفيه ـ مع أن الوجه في ترك ذكر التسليم عدم كونه في مقام بيانه كالركوع والسجود وغيرهما من الواجبات ـ : أنه بقرينة ما سبق يتعين حمل التشهد فيه على ما يعم التسليم ، فيكون الحمد والثناء بعد التسليم. ومثله‌ صحيح زرارة الوارد في الشك بين الثنتين والأربع ، قال (ع) : « يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ، ويتشهد ولا شي‌ء عليه » (٢).

وبموثق يونس بن يعقوب قال : « قلت لأبي الحسن (ع) : صليت بقوم فقعدت للتشهد ، ثمَّ قمت فنسيت أن أسلم عليهم. فقالوا : ما سلمت علينا. فقال (ع) : ألم تسلم وأنت جالس؟ قلت : بلى. قال (ع) : فلا بأس عليك » (٣) وفيه : أن تعليق نفي البأس على تسليمه وهو جالس ظاهر في وجوب التسليم ، والظاهر أن المراد من التسليم عليهم الذي نسيه هو صيغة : « السلام عليكم » ، ومن تسليمه وهو جالس صيغة : « السلام علينا .. » ، وفيه دلالة على أن استعمال التشهد فيما يعم التسليم متداول مألوف ، كما حملنا عليه الروايات السابقة.

وبأنه لو وجب التسليم لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه وبين التشهد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧١ من أبواب الطواف حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب التسليم حديث : ٥.

٤٥٧

______________________________________________________

واللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة فإجماعية ، وأما بطلان اللازم فلصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « سأله عن الرجل يصلي ثمَّ يجلس فيحدث قبل أن يسلم ، قال (ع) : تمت صلاته ، وان كان مع امام فوجد في بطنه أذى فسلم في نفسه وقام فقد تمت صلاته » (١) ، ومصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا ، وان كنت قد تشهدت فلا تعد » (٢) وموثق غالب بن عثمان عنه (ع) : « عن الرجل يصلي المكتوبة فيقضي صلاته ويتشهد ثمَّ ينام قبل أن يسلم ، قال (ع) : تمت صلاته ، وإن كان رعافا فاغسله ثمَّ ارجع فسلم » (٣) ، ونحوها صحيح زرارة المتقدم في وجوب التشهد‌ (٤) ، وخبر الحسن بن الجهم المتقدم في كيفية الشهادتين‌ (٥).

وأورد عليه بمنع الإجماع على الملازمة المدعاة لتحقق القول بالوجوب وعدم الجزئية الملازم للقول بعدم البطلان بتخلل المنافي بينه وبين الصلاة وإن وجب. وفيه : أن عمدة الأدلة المتقدمة على الوجوب نصوص التحليل‌ (٦) وأنه آخر الصلاة‌ (٧) ، وبه تنقطع‌ (٨) ، وبه يفرغ منها‌ (٩) ، ونحو ذلك مما لا يمكن حمله على الوجوب مع البناء على الصحة بتخلل المنافي. نعم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب التسليم حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب التسليم حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٣ من أبواب التسليم حديث : ٦.

(٤) راجع صفحة ٤٣٢.

(٥) راجع صفحة : ٤٣٩.

(٦) راجع أول الفصل :.

(٧) راجع صفحة : ٤٥٤.

(٨) راجع صفحة : ٤٥٤.

(٩) راجع صفحة : ٤٥٤.

٤٥٨

______________________________________________________

البناء المذكور لا ينافي الأخذ بظاهر الأمر به في بعض النصوص أعني الوجوب. لكن عرفت أن الاستناد في دعوى وجوبه الى ظاهر الأمر محل إشكال. ومثله في الاشكال دعوى كون المراد من التسليم في النصوص المذكورة التسليم الأخير ، لشيوع استعماله فيه كما عن جماعة ، ويشير إليه موثقة أبي بصير الطويلة‌ (١) ، وحديث ميسر‌ (٢) ، وخبر الفضل بن شاذان‌ (٣) ، وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي‌ (٤) ، إذ لو تمت اقتضت حمل نصوص التحليل عليه ، فيتعين حملها على الاستحباب لعدم وجوبه ، وكذا غيرها مما أطلق فيه التسليم : كموثق أبي بصير الأول‌ (٥) ، والنصوص المتضمنة للأمر به إذ الفرق بين الطائفتين غير ظاهر. مع أن هذه الدعوى لا تتأتى في صحيح زرارة‌ ، ولا في خبر الحسن بن الجهم لعدم ذكر التسليم فيهما ليحمل على هذا المعنى. اللهم إلا أن يكون الوجه في سقوطهما عن الحجية في المقام ظهورهما في الحدث قبل الصلاة المجمع على قاطعيته.

وكيف كان فالأولى أن يقال : إن النصوص المذكورة معارضة بما دل على انحصار المحلل بالتسليم ، والجمع بينهما ـ بحمل الثانية على الاستحباب ـ ليس عرفياً ، لأن نصوص التحليل ظاهرة في أن التحريم الثابت بالتكبير ، سواء أكان وضعياً كما هو الظاهر أم تكليفياً ينحصر رافعه بالتسليم ، وحملها على أن التحريم يرتفع قبل التسليم ويثبت تحريم تنزيهي يرتفع بالتسليم مما تأباه تلك النصوص جداً على اختلاف ألسنتها ، فيتعين الرجوع الى الترجيح ، وهو مع نصوص التحليل كما سبق ، لمخالفتها للعامة ، واتحاد لسان الأولى‌

__________________

(١) تقدمت في المورد السابع من مستحبات التشهد.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب التشهد حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ١ من أبواب التسليم حديث : ٤.

٤٥٩

______________________________________________________

مع لسان مثل صحيح زرارة‌ (١) وخبر ابن الجهم‌ (٢) المجمع على خلاف ظاهرهما. مضافا الى الاضطراب في صحيح زرارة الأول‌ (٣) لظهور صدره في تمامية الصلاة بدون التسليم ، وظهور ذيله في توقفها عليه. بل لا تبعد دعوى ذلك في مصحح الحلبي‌ (٤) ، وموثق عثمان‌ (٥) ، فان مرجع ذيل أولهما الى عدم قدح الالتفات الفاحش من غير فراغ المنافي لصدره ومرجع ذيل ثانيهما الى وجوب التسليم المنافي لصدره ، فلأجل ذلك كله لا تصلح لمقاومة تلك النصوص. نعم لو أمكنت دعوى اختصاصها بغير صورة العمد أمكن تقييد نصوص التحليل بها فتحمل على صورة العمد ، لكن ـ مع أنه لا قرينة عليه ـ يصعب الالتزام به مع بناء الأصحاب على عدم الفصل.

ثمَّ إنك عرفت وجود القول بالوجوب وعدم الجزئية فيجوز وقوعه حال وجود موانع الصلاة وفقد شرائطها اختياراً ، وحكي عن ظاهر الجعفي وصريح ابن جمهور ، والحبل المتين ، والمفاتيح ، وجماعة أخرى جمعاً بين الأمر به في النصوص وبين ما تضمن الفراغ من الصلاة قبل التسليم ، كصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) فيمن نسي التشهد الأول : « فقال (ع) : يتم صلاته ثمَّ يسلم » (٦) ، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) : « وإن لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته ، حتى إذا فرغ

__________________

(١) تقدم في أول فصل التشهد صفحة : ٤٣٢.

(٢) تقدم في المورد الثاني من واجبات التشهد.

(٣) تقدم في صفحة : ٤٥٧.

(٤) تقدم في صفحة : ٤٥٨.

(٥) تقدم في صفحة : ٤٥٨.

(٦) الوسائل باب : ٧ من أبواب التشهد حديث : ٤.

٤٦٠