مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

فصل

يشترط في الأذان والإقامة أمور

الأول : النية ابتداء واستدامة [١] على نحو سائر العبادات ، فلو أذن أو أقام لا بقصد القربة لم يصح. وكذا لو تركها في الأثناء. نعم لو رجع إليها وأعاد ما أتى به من الفصول لا مع القربة معها صح [٢] ، ولا يجب الاستئناف.

______________________________________________________

فصل‌

يشترط في الأذان والإقامة أمور‌

[١] بلا خلاف يحكى في ذلك في الجملة ، لكونهما من العبادات. والعمدة في عبادتيهما : أنها المرتكز في أذهان المتشرعة بنحو لا يقبل الردع فان ذلك الارتكاز كاشف عن كونهما كذلك عند الشارع كما في نظائره. وبذلك يندفع احتمال عدم عباديتهما ، لا بما ذكره في الجواهر من أصالة العبادية في كل ما أمر به ، مع عدم ظهور الحكمة في غير الإعلامي. إذ فيه : أن الأصل المذكور ممنوع كما هو محرر في الأصول ، وعدم ظهور الحكمة غير كاف في العبادية.

[٢] لأن الفصول الفاسدة بفقد نية القربة لا دليل على كونها قاطعة بل إطلاق أدلة الكيفية تنفي قاطعيتها.

٥٨١

هذا في أذان الصلاة. وأما أذان الإعلام : فلا يعتبر فيه القربة [١] كما مر. ويعتبر أيضاً تعيين الصلاة التي يأتي بهما لها [٢] مع الاشتراك ، فلو لم يعين لم يكف. كما أنه لو قصد بهما صلاة لا يكفي لأخرى بل يعتبر الإعادة والاستئناف.

الثاني : العقل [٣].

______________________________________________________

[١] كما تقدم. فراجع.

[٢] كما نص عليه في الجواهر ، لأن عبادية كل من الأذان والإقامة إنما تكون بقصد الأمر النفسي المتعلق بالصلاة المقيدة بهما ، وتعيين الأمر المذكور إنما يكون بتعيين الصلاة ، لاختلاف الأمر باختلاف موضوعه ، ولازم ذلك أنه لو قصد بهما صلاة فعدل إلى أخرى لم يكتف بهما ، لفوات قصد الامتثال. هذا بناء على وجوب المقدمة الموصلة. أما بناء على وجوب مطلق المقدمة : فيمكن القول بالاكتفاء بهما ، لصحة التعبد بهما حينئذ ، إلا إذا كانت الصلاة المقصودة بالأذان والإقامة غير مأمور بها ، لانتفاء الأمر المقصود به التعبد بهما.

ثمَّ إنه ـ بناء على ما أشرنا إليه في مبحث الوضوء وفي مبحث الخلل من أن الأمر بالقيود الكمالية والأجزاء المستحبة نفسي لا غيري ـ لا بد أن يكون الوجه في اشتراط تعيين الصلاة في صحتهما دعوى أن الأمر بهما نفسياً مقيد بكل صلاة لنفسها في مقابل الأخرى ، نظير الأمر بصوم الاثنين والجمعة ، فيكون تعيين الصلاة طريقاً الى تعيين الأمر. لكن في تمامية الدعوى المذكورة إشكال. لأن إطلاق دليل الأمر ينفي اعتبار خصوصية الصلاة في موضوعه.

[٣] إجماعا حكاه جماعة كثيرة. وهو العمدة فيه. وأما عدم تأتي‌

٥٨٢

والايمان [١]. وأما البلوغ‌

______________________________________________________

القصد من المجنون الى نفس الأذان أو الى الأمر به فغير مجد في عموم الحكم ، لجواز تحقق ذلك منه في بعض الأحيان. فتأمل. على أن أذان الإعلام ليس عبادياً.

[١] كما عن غير واحد من الأصحاب. ويشهد له موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « سئل عن الأذان هل يجوز أن يكون من غير عارف؟ قال (ع) : لا يستقيم الأذان ولا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف ، فان علم الأذان وأذن به ولم يكن عارفاً لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به » (١) بناء على أن المراد من العارف المؤمن كما هو الظاهر منه ، ولا سيما بملاحظة موارد استعماله في النصوص. وأما خبر محمد بن عذافر : « أذن خلف من قرأت خلفه » (٢) ، وخبر معاذ بن كثير : « إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقي على الإمام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل : قد قامت الصلاة الله أكبر لا إله إلا الله » (٣) فالظاهر منهما عدم سقوط الأذان والإقامة في الجماعة الباطلة وإن كان المؤذن والمقيم مؤمناً ، لا نفي حكم الأذان عن أذان المخالف.

هذا وقد يظهر ممن اقتصر في الاشتراط على اعتبار الإسلام : عدم اعتبار الايمان. ولعله لصحيح ابن سنان المتقدم : « إذا نقص المؤذن الأذان وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو » (٤). لكن في دلالته على ما نحن فيه تأمل ظاهر ، لتعرضه لجهة النقصان لا غير ، فلا إطلاق له من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٤) تقدم في المورد الثالث لسقوط الأذان والإقامة.

٥٨٣

فالأقوى عدم اعتباره [١] ، خصوصاً في الأذان [٢] ، وخصوصاً في الإعلامي [٣] ، فيجزئ أذان المميز وإقامته [٤] إذا سمعه ، أو حكاه ، أو فيما لو أتى بهما للجماعة. وأما‌

______________________________________________________

هذه الجهة. ودعوى ظهوره في أذان المخالف الناقص : « حي على خير العمل » غير ظاهر ، إذ لا قرينة عليه ، ومجرد كونه الغالب غير كاف في الحمل ، فلا معدل عن العمل بالموثق المعتضد بما دل على كون الأذان عبادة ، وهي لا تصح من المخالف إجماعاً. نعم لا يطرد ذلك في أذان الإعلام بناء على ما تقدم من عدم اعتبار عباديته ، بل قرب في الجواهر حمل الموثق أيضاً على غيره ، لحصول حكمة المشروعية ولو صدر من المخالف ، ومعروفية الاجتزاء به في أزمنة التقية. ولعل ذكر الإقامة في ذيله قرينة على اختصاص الأذان فيه بأذان الصلاة.

[١] لكون التحقيق مشروعية عبادته.

[٢] ففي الجواهر : أن الإجماع محصل ومنقول مستفيضاً بل متواتراً على عدم اعتبار البلوغ فيه ، ويشهد له صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم » (١) ، ونحوه غيره. ومنها يظهر أن ذكر الرجل في موثق عمار السابق لإخراج المرأة ، لا لإخراج الصبي.

[٣] الذي قد عرفت أنه لا يعتبر صدوره على وجه التعبد.

[٤] لو قلنا بعدم مشروعية عبادة الصبي كان البناء على الاجتزاء بإقامة الصبي مشكلا ، لعدم شمول ما تقدم في الأذان من النص والإجماع لها ، والتعدي من الأذان إليها غير ظاهر ، ولا سيما بملاحظة مخالفتها معه في بعض الأمور الآتية.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

٥٨٤

إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشكال فيه [١]. وأما الذكورية : فتعتبر في أذان الإعلام [٢] والأذان والإقامة لجماعة الرجال غير المحارم. ويجزيان لجماعة النساء [٣]

______________________________________________________

[١] إذ هما حينئذ يكونان كسائر أجزاء صلاته وشرائطها مجزية له بناء على الشرعية والتمرينية.

[٢] لاختصاص نصوصه بالرجال وضعاً وانصرافاً ، ولو بمناسبة مطلوبية الستر للنساء. وهذا هو العمدة في عدم الاجتزاء بأذانهن للإعلام ولجماعة الرجال الذي سيذكره المصنف (ره) ، لا ما قيل ـ كما عن غير واحد من الأعيان ـ بأنه إذا أسرت المرأة به بحيث لا يسمعونه لا اعتداد به ، وإن جهرت كان أذاناً منهياً عنه ، لأن صوتها عورة ، فيفسد ، للنهي. لتوجه الاشكال عليه ـ كما في مفتاح الكرامة والجواهر وغيرهما ـ بعدم الدليل على اعتبار السماع في الاعتداد ، فتأمل. ولا على كون صوتها عورة ، ولا على كون النهي عنه مفسداً له ، لعدم ثبوت كونه عبادة ينافيها النهي ، أو لأن النهي في المقام ليس عن العبادة بل عن رفع الصوت فلا يكون من مسألة الاجتماع. وباحتمال كون المقام ـ وكذا الذكر وتلاوة القرآن ـ مستثنى كاستثناء الاستفتاء من الرجال كما عن الذكرى. مع أنه لا يتم فيما لو كانت لا تعلم بسماع الأجانب ، أو كان السامع من المحارم لا غير.

[٣] بلا إشكال ظاهر ، ويقتضيه عدم تعرض الشارع الأقدس لكيفية جماعة النساء ومالها من الأحكام ، فان ذلك ظاهر في اكتفائه في ذلك ببيانه لأحكام جماعة الرجال ، وعليه فكل حكم لجماعة الرجال يتعدى به إلى جماعة النساء. كما أشرنا إلى نظائره في مواضع من هذا الشرح ، فاذا كان يجزئ في جماعة الرجال أذان الإمام أو بعض المأمومين لا بد من البناء على الاجتزاء‌

٥٨٥

والمحارم على إشكال في الأخير [١] ، والأحوط عدم الاعتداد نعم الظاهر إجزاء سماع أذانهن بشرط عدم الحرمة كما مر [٢] وكذا إقامتهن.

الثالث : الترتيب بينهما بتقديم الأذان على الإقامة [٣].

______________________________________________________

في جماعة النساء بأذان إمامهن أو إحداهن.

[١] ينشأ من فتوى جماعة بالاجتزاء به للرجال المحارم ، وأنه مقتضى التعليل السابق. ومن عدم الدليل على السقوط عنهم بأذانها ، فالمرجع أصالة عدم السقوط. وهو الأقوى كما في الجواهر.

[٢] في المسألة التاسعة ، لكن مر الاشكال فيه.

[٣] كما عن جماعة كثيرة : النص عليه ، وفي الحدائق : نفي الخلاف والاشكال فيه ، وعن كشف اللثام : دعوى الإجماع عليه. قال في الجواهر : « يشترط الترتيب بين الأذان والإقامة نفسهما فمع نسيان حرف من الأذان يعيد من ذلك الحرف إلى الأخر للإجماع بقسميه أيضاً ، والأصل ، والتأسي إذ هو الثابت من الأدلة ، بل تمكن دعوى القطع باستفادته من تصفح النصوص ». ومن تلك النصوص صحيح زرارة المتضمن لعدم الاعتناء بالشك في الأذان وهو في الإقامة (١). لكن في موثق عمار : « سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل نسي من الأذان حرفاً فذكره حين فرغ من الأذان والإقامة. قال (ع) : يرجع إلى الحرف الذي نسيه فليقله وليقل من ذلك الحرف إلى آخره ، ولا يعيد الأذان كله ولا الإقامة » (٢). ولا بأس بالعمل به في مورده ، فيكون أشبه بقضاء الأجزاء المنسية. كما‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الخلل في الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

٥٨٦

وكذا بين فصول كل منهما [١] ، فلو قدم الإقامة عمداً أو جهلا أو سهواً أعادها بعد الأذان [٢]. وكذا لو خالف‌

______________________________________________________

أن موثقه الآخر : « إن نسي الرجل حرفاً من الأذان حتى يأخذ في الإقامة فليمض في الإقامة وليس عليه شي‌ء ، فان نسي حرفاً من الإقامة عاد إلى الحرف الذي نسيه ثمَّ يقول من ذلك الموضع إلى آخر الإقامة » (١). لا بد أن يكون محمولا على عدم قدح ذلك في الإقامة ، لجواز الاقتصار عليها.

[١] إجماعاً صريحاً وظاهراً حكاه جماعة ، وفي الجواهر : « إجماعاً بقسميه ». ويقتضيه النصوص المتعرضة للكيفية. مضافاً إلى صحيح زرارة : « من سها في الأذان فقدم وأخر أعاد على الأول الذي أخره حتى يمضي على آخره » (٢). ومرسل الفقيه : « تابع بين الوضوء‌ .. إلى أن قال : وكذلك الأذان والإقامة فابدأ بالأول فالأول فإن قلت : ( حي على الصلاة ) قبل الشهادتين تشهدت ثمَّ قلت : ( حي على الصلاة ) » (٣).

[٢] ليحصل له الترتيب بينهما. ثمَّ إن الظاهر من الأصحاب أن استحباب كل من الأذان والإقامة ليس ارتباطياً بالإضافة إلى الآخر ، فيجوز الاقتصار على أحدهما دون الآخر. لكن الاقتصار على الأذان دون الإقامة لم أقف على دليله من النصوص ، وإن كان ظاهر الجواهر : أنه مفروغ عنه عندهم وعليه فاشتراط الترتيب بين الأذان والإقامة يختص بحال الجمع ، وحينئذ إن كان هو شرطاً استحبابياً لتحصيل مرتبة من الفضيلة زائدة على ما يحصل من كل منهما من المصلحة فلو قدم الإقامة على الأذان امتنع التدارك بفعل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

٥٨٧

الترتيب فيما بين فصولهما ، فإنه يرجع إلى موضع المخالفة [١] ويأتي على الترتيب إلى الآخر. وإذا حصل الفصل الطويل المخل بالموالاة يعيد من الأول [٢] من غير فرق أيضاً بين العمد وغيره [٣].

______________________________________________________

الإقامة بعد الأذان لسقوط الأمر بها ، وإن كان شرطاً لزومياً اقتضى بطلانهما معاً لفقد الترتيب ، إذ المراد منه أن يكون الأذان قبل الإقامة وتكون الإقامة بعد الأذان ، وهذا المعنى مفقود في كل منهما. نعم يمكن تداركه بفعل الإقامة ثانياً ، فإنه يصدق على الأذان المتوسط أنه قبل الإقامة ، وعلى الإقامة أنها بعد الأذان فيحصل الترتيب. نعم لو كان المراد من الترتيب في الأذان أن لا يكون قبله إقامة لم يمكن التدارك بما ذكر. لكنه غير مراد من الترتيب.

[١] كما تقدم في صحيح زرارة‌.

[٢] لأن فوات الموالاة يوجب البطلان من الأول.

[٣] لعدم الفرق في اعتبار الموالاة بين الفصول في الصورتين. وفي الجواهر خصه بالعمد. قال (ره) : « ثمَّ إن ظاهر النصوص المزبورة عدم مراعاة الموالاة ، ضرورة اقتضاء صحة تدارك الحرف الثاني من الأذان مثلا وإن كان قد ذكره بعد الفراغ منه ومن الإقامة ، ولعله لا بأس به عملا بإطلاق النصوص .. إلى أن قال : وأما الخلل عمداً فقد يقوى فيه مراعاة الموالاة العرفية لعدم المعارض لما دل على اعتبارها ». انتهى ملخصاً. وفيه : أن النصوص الدالة على التدارك بما يحصل معه الترتيب لا إطلاق فيها من حيث لزوم فوات الموالاة وعدمها ، فلا تصلح لمعارضة دليل اعتبارها وكأنه لذلك اختار العلامة الطباطبائي ( قده ) ما في المتن فقال :

ومن سها فخالف الترتيب في

عد الفصول فليعد حتى يفي

٥٨٨

الرابع : الموالاة بين الفصول [١] من كل منهما على وجه تكون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرعة. وكذا بين الأذان والإقامة ، وبينهما وبين الصلاة ، فالفصل الطويل المخل بحسب عرف المتشرعة بينهما ، أو بينهما وبين الصلاة مبطل.

الخامس : الإتيان بهما على الوجه الصحيح بالعربية [٢] فلا يجزئ ترجمتهما ، ولا مع تبديل حرف بحرف.

السادس : دخول الوقت [٣] ، فلو أتى بهما قبله ولو‌

______________________________________________________

إلا إذا فات بذلك الولا

إذ طال فصل فليعد مستقبلا

وسيأتي بقية الكلام فيه.

[١] استدل عليه في الجواهر بالأصل ، وأنه الثابت من فعلهم (ع) ، والمستفاد من الأدلة الخالية عن المعارض. ويشكل بأن الأصل لا يعارض الإطلاق الدال على عدم الاعتبار ، والثابت من فعلهم لا دلالة فيه ، لا جماله والاستفادة من الأدلة غير واضحة. نعم الفصل بالسكوت الطويل والأعمال الأجنبية إذا كان بحيث يوجب محو الصورة عند المتشرعة قادح ، لعين ما يأتي إن شاء الله في قدح ما حي الصورة في الصلاة. لكن ذلك غير اعتبار الموالاة العرفية الذي ذكره في الجواهر. وسيأتي إن شاء الله أن الموالاة العرفية غير معتبرة في الصلاة ، فأولى أن لا تكون معتبرة هنا. فانتظر.

[٢] كما يقتضيه ظاهر نصوص الكيفية.

[٣] إجماعاً في ـ غير الصبح ـ كما عن نهاية الاحكام والمختلف وكشف اللثام ، بل عن المعتبر والمنتهى والتحرير والتذكرة وجامع المقاصد : أنه إجماع علماء الإسلام. ويشهد له صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ قال : « لا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت‌

٥٨٩

لا عن عمد لم يجتزأ بهما وإن دخل الوقت في الأثناء. نعم لا يبعد جواز تقديم الأذان قبل الفجر [١].

______________________________________________________

الصلاة » (١). وتشير اليه النصوص الآتية.

[١] على المشهور ، وفي المنتهى : نسبته إلى فتوى علمائنا ، وعن ابن أبي عقيل : « إنه بذلك تواترت الأخبار عنهم (ع) ، وقالوا : كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مؤذنان أحدهما بلال ، والآخر ابن أم مكتوم وكان أعمى ، وكان يؤذن قبل الفجر ، وبلال إذا طلع الفجر ، وكان (ص) يقول : إذا سمعتم أذان بلال فكفوا عن الطعام والشراب » وأشار بذلك إلى صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « كان بلال يؤذن للنبي (ص) ، وابن أم مكتوم وكان أعمى يؤذن بليل ، ويؤذن بلال حين يطلع الفجر » (٢). وخبر زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : هذا ابن أم مكتوم وهو يؤذن بليل ، فإذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك » (٣). وصحيح معاوية ابن وهب عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا تنتظر بأذانك وإقامتك إلا دخول وقت الصلاة واحدر إقامتك حدرا ، قال : وكان لرسول الله (ص) مؤذنان أحدهما بلال والآخر ابن أم مكتوم ، وكان ابن أم مكتوم أعمى ، وكان يؤذن قبل الصبح ، وكان بلال يؤذن بعد الصبح. فقال النبي (ص) : إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فاذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان بلال فغيرت العامة هذا الحديث عن جهته ، وقالوا إنه (ص) قال : إن بلالا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

٥٩٠

______________________________________________________

يؤذن بليل ، فاذا سمعتم أذانه فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم (١).

لكن في ظهورها في مشروعية الأذان قبل الفجر إشكال ، لإمكان كون المراد منها أن ابن أم مكتوم إنما كان يؤذن قبل الفجر لأنه أعمى ، فيخطئ الصبح ، لا أنه موظف لذلك ، فالأمر بالأكل عند أذانه اعتماداً على استصحاب الليل ، لا أن أذانه أمارة الليل ، ولا سيما بملاحظة صحيح معاوية ، حيث أطلق في صدره المنع من تقديم الأذان على الوقت ، ثمَّ نقل فعل ابن أم مكتوم الظاهر في أنه (ع) أراد الاستشهاد على إطلاق المنع ، ودفع توهم الجواز من أذان ابن أم مكتوم من جهة كونه أعمى لا يبصر الوقت وإلا كان الأنسب استثناء الصبح من إطلاق المنع والاستشهاد للاستثناء بفعل ابن أم مكتوم. وكذا صحيح ابن سنان عن الصادق (ع) : « إن لنا مؤذناً يؤذن بليل قال (ع) : أما إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة ، وأما السنة فإنه ينادي مع طلوع الفجر (٢) ، فإنه ظاهر في حصر المشروعية بحال الفجر. ومثله صحيحه الآخر. وقوله (ع) فيه : « لا بأس » (٣) لعله محمول على فعله لا بقصد المشروعية ، بقرينة قوله (ع) : « وأما السنة فمع الفجر ». وأما ما في صحيح عمران بن علي الحلبي : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الأذان قبل الفجر. فقال (ع) : إذا كان في جماعة فلا ، وإذا كان وحده فلا بأس » (٤) ، فغير معمول به ، مع أنه لا يخلو من إجمال في المراد. ولهذا ونحوه ذهب السيد في المسائل المصرية ، والحلي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١ ، ٢.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٨.

(٤) الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

٥٩١

للإعلام [١] ، وإن كان الأحوط إعادته بعده [٢].

السابع : الطهارة من الحدث في الإقامة على الأحوط ، بل لا يخلو عن قوة [٣] ،

______________________________________________________

في السرائر ، والجعفي ، والحلبي إلى المنع على ما حكي عنهم. وفي المستدرك عن أصل زيد النرسي عن أبي الحسن (ع) : « عن الأذان قبل طلوع الفجر. فقال (ع) : لا ، إنما الأذان عند طلوع الفجر أول ما يطلع (١) وفيه أيضاً عنه (ع) : « أنه سمع الأذان قبل طلوع الفجر. فقال : شيطان ، ثمَّ سمعه عند طلوع الفجر فقال (ع) : الأذان حقاً ».

[١] المذكور في صحيح ابن سنان : أنه ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة.

[٢] ظاهر القائلين بجواز الأذان قبل الفجر أنه أذان الفجر قدم على وقته ، فيجزئ عن الأذان عند الفجر. لكن النصوص المذكورة لا تدل على ذلك لو سلمت دلالتها على مشروعيته ، وإنما تدل على أنه مشروع في قبال أذان الفجر ، غير مرتبط به.

[٣] كما عن جماعة من القدماء والمتأخرين ، للنصوص الدالة على اعتبارها فيها ، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائماً أو قاعداً أو أينما توجهت ، ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئاً للصلاة » (٢) ، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « لا بأس أن يؤذن الرجل من غير وضوء ولا يقيم إلا وهو على وضوء » (٣). ونحوه‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٩٢

بخلاف الأذان [١].

( مسألة ١ ) : إذا شك في الإتيان بالأذان بعد الدخول في الإقامة لم يعتن به [٢] وكذا لو شك في فصل من أحدهما بعد الدخول في الفصل اللاحق [٣]. ولو شك قبل التجاوز أتى بما شك فيه [٤].

______________________________________________________

صحيح ابن سنان عنه (ع) (١) ، وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع) وقال في ذيل ثانيهما : « فإن أقام وهو على غير وضوء أيصلي بإقامته؟ قال (ع) : لا » (٢). وظاهر النصوص المذكورة شرطية الطهارة للإقامة ، وحملها على شرطية الكمال ـ كما عن المشهور ـ غير ظاهر.

[١] للنصوص المشار إليها وغيرها.

[٢] لصحيح زرارة : « قلت لأبي عبد الله (ع) : رجل شك في الأذان وقد دخل في الإقامة. قال (ع) يمضي. الى أن قال (ع) : يا زرارة إذا خرجت من شي‌ء ودخلت في غيره فشكك ليس بشي‌ء » (٣). مضافاً الى بعض ما يستدل به على قاعدة التجاوز كلية.

[٣] لقاعدة التجاوز المشار إليها آنفاً. ويأتي في مبحث الخلل التعرض إن شاء الله لبعض الإشكالات في جريانها في أجزاء الأفعال ، مثل فصول الأذان والإقامة ، وآيات الفاتحة والسورة ، فانتظر.

[٤] لمفهوم صحيح زرارة السابق ، المستفاد منه قاعدة الشك في المحل المطابقة لقاعدة الاشتغال ، واستصحاب بقاء الأمر ، وأصالة عدم الإتيان بالمأمور به.

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٨.

(٣) الوسائل باب : ٢٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

٥٩٣

فصل

يستحب فيهما أمور : الأول : الاستقبال [١]

______________________________________________________

فصل‌

يستحب فيهما أمور‌

[١] بلا خلاف ولا إشكال في أصل الرجحان ، بل حكى عليه الإجماع جماعة. ويشهد له ـ مضافاً إلى ذلك ـ أما في الأذان : فخبر الدعائم عن علي (ع) : « يستقبل المؤذن القبلة في الأذان والإقامة فإذا قال : ( حي على الصلاة. حي على الفلاح ) حول وجهه يميناً وشمالا » (١). وأما في الإقامة : فخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (ع) : « وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة ، فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة » (٢) وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله (ع) : « إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة » (٣). ولا مجال لحملهما على تنزيل الإقامة منزلة الصلاة في خصوص الترسل والتمكن ، فان ذلك ـ مع أنه خلاف إطلاق التنزيل ـ مخالف لما في ذيله المتضمن استشكال السائل على الامام (ع) في‌

__________________

(١) دعائم الإسلام ج : ١ صفحة : ١٧٥ طبع دار المعارف بمصر.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٢.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٩.

٥٩٤

______________________________________________________

تجويز المشي في الإقامة مع عدم جوازه في الصلاة ، وجواب الامام (ع) له أنه يجوز المشي في الصلاة ، فلو لم يدل الكلام على عموم التنزيل لم يكن وجه لاستشكال السائل. وكأنه لذلك اختار المفيد (ره) والسيد (ره) وغيرهما القول بوجوبه في الإقامة. واختاره في الحدائق. لكن ضعف الخبرين سنداً مانع عن جواز الاعتماد عليهما ، وقاعدة التسامح ـ لو تمت ـ لا تقتضي أكثر من الأفضلية ، وأن التنافي بين المطلق والمقيد إنما كان في الواجبات من أجل إحراز اتحاد الحكم وهو غير حاصل في المستحبات ، إذ لا مانع عرفاً من أن يكون استحبابان أحدهما قائم بالمطلق والآخر قائم بالمقيد ، فلا تنافي بينهما ، ولأجل ذلك اشتهر بينهم عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات ، ففي المقام يلتزم باستحباب الإقامة مطلقاً واستحباب كونها على حال الاستقبال. مضافاً الى خبر ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع) : « عن رجل يفتتح الأذان والإقامة وهو على غير القبلة ثمَّ يستقبل القبلة. قال (ع) : لا بأس » (١).

اللهم إلا أن يقال : ضعف السند مجبور بالعمل. وقاعدة عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات ـ لو تمت وثبت الفرق بينها وبين الواجبات ـ فإنما هو إذا كان الحكم في المطلق والمقيد بلسان الأمر النفسي مثل : ( أعتق رقبة ). ( وأعتق رقبة مؤمنة ) ، لا في مثل ما نحن فيه ما ورد في مقام شرح الماهيات وبيان ما يعتبر فيها ، فإنه لا فرق بين الماهيات الواجبة والمستحبة في كون ظاهر الأمر بها الإرشاد إلى الشرطية والجزئية ، ولا مجال للحمل فيه على تعدد المطلوب في المقامين. وخبر ابن جعفر (ع) ـ لو تمَّ سنده ـ فمنصرفه النسيان ولا يشمل العمد. وعلى هذا فالعمدة في مشروعية الإقامة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٩٥

الثاني : القيام [١].

الثالث : الطهارة في الأذان [٢].

______________________________________________________

الى غير القبلة فتوى المشهور بناء على تمامية قاعدة التسامح بنحو تشمل الفتوى. لكن الإنصاف : يقتضي أن الاعتماد على الخبر الضعيف في الفتوى بالاستحباب لا يصلح جابراً لضعف الخبر. وعليه فإطلاق استحباب الإقامة بدون الاستقبال محكم. والله سبحانه أعلم.

[١] إجماعا كما عن غير واحد ، ويشهد له ـ مضافاً الى ذلك في الأذان ـ خبر حمران : « سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الأذان جالساً قال (ع) : لا يؤذن جالساً إلا راكب أو مريض » (١) ، المحمول على الاستحباب ، بقرينة مثل صحيح زرارة عنه عليه‌السلام : « تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائماً أو قاعداً وأينما توجهت ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئاً للصلاة » (٢) ، وصحيح محمد بن مسلم : « قلت لأبي عبد الله (ع) : يؤذن الرجل وهو قاعد؟ قال (ع) : نعم ولا يقيم إلا وهو قائم » (٣). ونحوهما غيرهما. ومنها يستفاد رجحان القيام في الإقامة. نعم ليس في النصوص ما يدل على جواز ترك القيام فيها ومقتضى ما سبق في الاستقبال تقييد المطلقات بنصوص القيام فلا دليل على مشروعيتها بدونه. اللهم إلا أن يعتمد على فتوى المشهور كما سبق في الاستقبال.

[٢] إجماعاً محكياً عن جماعة ، ويشهد له المرسل المروي عن كتب الفروع « لا تؤذن إلا وأنت طاهر » (٤). وخبر الدعائم : « لا بأس‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١١.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

(٤) ورد ما هو قريب من مضمونه في سنن البيهقي باب : لا يؤذن إلا طاهر ج : ١ صفحة : ٣٩٧‌

٥٩٦

وأما الإقامة : فقد عرفت أن الأحوط بل لا يخلو عن قوة [١] اعتبارها فيها. بل الأحوط اعتبار الاستقبال والقيام أيضاً فيها وان كان الأقوى الاستحباب.

الرابع : عدم التكلم في أثنائهما [٢].

______________________________________________________

أن يؤذن الرجل على غير طهر ، ويكون على طهر أفضل » (١).

[١] كما عرفت. هذا ، ولا يظهر الفرق بين الطهارة والقيام في عدم المعارض لنصوص التقييد ، فالجزم بالعدم في القيام ، والفتوى بالشرطية في الطهارة غير واضح.

[٢] كما هو المشهور ، بل عن المنتهى : نفي الخلاف فيه بين أهل العلم في الإقامة. ويشير إليه في الأذان موثق سماعة : « عن المؤذن أيتكلم وهو يؤذن؟ فقال (ع) : لا بأس حين يفرغ من أذانه » (٢). وظاهره كراهة الكلام لا استحباب تركه كما يظهر من عبارة المتن وغيره ويشهد له في الإقامة نصوص كثيرة كخبر عمرو بن أبي نصر : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال (ع) : لا بأس. قلت : في الإقامة؟ قال (ع) : لا » (٣) ، وخبر أبي هارون : « قال أبو عبد الله (ع) : يا أبا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك » (٤) المحمولين على الكراهة ، جمعاً بينهما وبين ما دل على الجواز كخبر الحسن بن شهاب : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : لا بأس أن يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة ، وبعد ما يقيم إن شاء » (٥) ، وصحيح محمد الحلبي : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٢.

(٥) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٠.

٥٩٧

بل يكره بعد ( قد قامت الصلاة ) [١] للمقيم ، بل لغيره أيضاً في صلاة الجماعة [٢] إلا في تقديم إمام ، بل مطلق ما يتعلق بالصلاة [٣] كتسوية صف ونحوه ، بل يستحب له إعادتها حينئذ [٤]

______________________________________________________

يتكلم في أذانه أو في إقامته. قال (ع) : لا بأس » (١). وربما يجمع بينهما بحمل الثانية على الاضطرار ، أو على ما قبل قوله : ( قد قامت الصلاة ) ، بشهادة ما رواه ابن أبي عمير قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم في الإقامة؟ قال (ع) : نعم فاذا قال المؤذن : ( قد قامت الصلاة ) فقد حرم الكلام على أهل المسجد إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض : تقدم يا فلان » (٢). ونحوه غيره ، أو على خصوص الكلام المتعلق بالصلاة أو حملها على الجواز التكليفي وحمل الأولى على المنع الوضعي ، أو حمل الأولى على ما بعد قول : ( قد قامت الصلاة ) في الجماعة وحمل الثانية على ما عداه. لكن الجميع أبعد مما ذكرنا ، بل بعضه خلاف الظاهر جداً.

[١] لما عرفت من النصوص المفصلة بين ما قبل ذلك وما بعده ، كما عرفت أن اللازم التعبير بتأكد الكراهة حينئذ كما عبر بذلك في المنتهى.

[٢] للنص المتقدم وغيره.

[٣] بناء على أن ذكر تقديم الإمام في النصوص لأجل كونه الغالب في الكلام المتعلق بالصلاة ، ولذا قال في المنتهى : « لا خلاف في تسويغ الكلام بعد : ( قد قامت الصلاة ) إذا كان مما يتعلق بالصلاة كتقديم إمام أو تسوية صف ».

[٤] ففي صحيح ابن مسلم : « لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٧.

٥٩٨

الخامس : الاستقرار في الإقامة [١].

السادس : الجزم في أواخر فصولهما [٢] مع التأني في الأذان والحدر في الإقامة [٣] على وجه لا ينافي قاعدة الوقف.

______________________________________________________

تكلمت أعدت الإقامة » (١).

[١] كما يشير اليه خبر سليمان بن صالح المتقدم (٢) في الاستقبال.

[٢]لخبر خالد بن نجيح عن الصادق (ع) : « الأذان والإقامة مجزومان » (٣). وفي الوسائل : « قال ابن بابويه : وفي حديث آخر : موقوفان » (٤). وفي مصحح زرارة : « قال أبو جعفر (ع) : الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء والإقامة حدر » (٥). وفي خبر خالد ابن نجيح الآخر عنه (ع) : « التكبير جزم في الأذان مع الإفصاح بالهاء والالف » (٦). ولعل تخصيص الأذان فيها بالجزم لتأكد الاستحباب فيه ، ويحتمل أن يكون المراد منه طول الوقف على الفصول.

[٣] ففي خبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « الأذان ترتيل والإقامة حدر » (٧). وفي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) : « واحدر إقامتك حدراً » (٨). وقد تقدم في مصحح زرارة : أن الإقامة حدر (٩). والمراد من الحدر الإسراع.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٢) راجع صدر هذا الفصل.

(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٤) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

(٥) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٧) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٨) الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٩) تقدم في التعليقة السابقة.

٥٩٩

السابع : الإفصاح بالألف والهاء [١] من لفظ الجلالة في آخر كل فصل هو فيه.

الثامن : وضع الإصبعين في الأذنين في الأذان [٢].

التاسع : مد الصوت في الأذان ورفعه [٣] ، ويستحب الرفع في الإقامة أيضاً إلا أنه دون الأذان [٤].

العاشر : الفصل بين الأذان والإقامة بصلاة ركعتين [٥]

______________________________________________________

[١] للنصوص المتقدمة وغيرها ، لكن الجميع غير ظاهر الشمول للإقامة ، كما أنه غير مختص بلفظ الجلالة الذي يكون في آخر الفصل.

[٢] ففي خبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله (ع) : « قال السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان » (١).

[٣] ففي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) : « عن الأذان فقال (ع) : اجهر به وارفع به صوتك ، وإذا أقمت فدون ذلك » (٢). وفي صحيح عبد الرحمن : « إذا أذنت فلا تخفين صوتك ، فان الله تعالى يأجرك مد صوتك فيه » (٣). وفي صحيح زرارة : « وكلما اشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر ، وكان أجرك في ذلك أعظم » (٤). إلى غير ذلك.

[٤] كما في صحيح معاوية المتقدم‌.

[٥] ففي صحيح سليمان بن جعفر الجعفري : « سمعته يقول : افرق‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٦٠٠