مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

وإن لم يتلبس بها قدم ركعتي الفجر [١] ثمَّ فريضته ، وقضاها‌

______________________________________________________

ما في ذيله من تأخير قضاء الباقي الى صدر النهار مناف له. ومقتضى الجمع تقييد الأول بغير الصورة المفروضة.

ثمَّ إن اعتبار التخفيف محكي عن الأكثر ، بل مقتضى تقييد معقد الإجماع أو نفي الخلاف به عدم الخلاف فيه. والنص المتقدم خال عن التقييد به. نعم استدل له برواية إسماعيل بن جابر أو عبد الله بن سنان : « قلت لأبي عبد الله (ع) : « إني أقوم آخر الليل وأخاف الصبح. قال (ع) : اقرأ الحمد واعجل واعجل » (١) ولذلك فسر التخفيف ـ كما عن الدروس وغيره ـ بالاقتصار على الحمد. وفيه : أن مورد الرواية غير ما نحن فيه.

[١] كما هو المشهور. وفي المعتبر : « هو مذهب علمائنا ». ويقتضيه مفهوم الشرط في خبر الأحول المتقدم (٢) ـ بناء على ظهوره في المنع ـ المعتضد بغيره كصحيح إسماعيل بن جابر « قلت لأبي عبد الله (ع) : أوتر بعد ما يطلع الفجر؟ قال (ع) لا » (٣). ونحوه صحيح سعد بن سعد (٤).

نعم صريح جملة من النصوص خلاف ذلك كصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن صلاة الليل والوتر بعد طلوع الفجر. فقال (ع) : صلها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلي الغداة في آخر وقتها ولا تعمد ذلك في كل ليلة. وقال (ع) : أوتر أيضاً بعد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٢) تقدم ذكره في التعليقة السابقة.

(٣) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

١٢١

ولو اشتغل بها أتم ما في يده [١] ، ثمَّ أتى بركعتي الفجر وفريضته ، وقضى البقية بعد ذلك.

______________________________________________________

فراغك منها » (١). ونحوه روايته الأخرى عن أبي عبد الله (ع) (٢) وصحيح سليمان بن خالد عنه (ع) (٣) ، وخبر إسحاق بن عمار عنه (ع) (٤). وعن الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر : العمل بها. والجمع بينها وبين ما سبق بالحمل على التخيير. قال في المعتبر ـ بعد ذكر الروايتين ـ : « واختلاف الفتوى دليل التخيير ». وعن جماعة من متأخري المتأخرين متابعتهم في ذلك.

والحمل على الرخصة قريب جداً ، بل لعل سياقها لا يقتضي أكثر من ذلك ، لورودها مورد توهم المنع. وصحيح إسماعيل ونحوه محمول على كون المنع لإدراك الأفضل ، نظير أخبار المنع عن التطوع في وقت الفريضة على ما سيأتي إن شاء الله. وحملها على الفجر الأول بعيد جداً ، كحملها على صورة التلبس بأربع ركعات. وكثرة النصوص المعارضة لها ـ لو سلمت ـ لا تقدح في حجيتها بعد إمكان الجمع العرفي ، وكذا الشهرة العظيمة على خلافها ، لإمكان أن يكون الوجه فيها اعتقاد التعارض وتعذر الجمع العرفي ومن ذلك أيضاً تعرف عدم قدح الموافقة للعامة والمخالفة للاحتياط. ومما ذكرنا تعرف مواقع التأمل في كلام شيخنا في الجواهر. فلاحظ.

[١] هذا ظاهر إذا كان قد صلى ركعة ، لعموم : « من أدرك ». أما لو لم يصل ركعة فينبغي أن يكون حكمه حكم ما لو لم يتلبس أصلا.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٨ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٤٨ من أبواب المواقيت : حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ٤٨ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٤٨ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

١٢٢

( مسألة ١٣ ) : قد مر أن الأفضل في كل صلاة تعجيلها [١] فنقول : يستثنى من ذلك موارد : ( الأول ) : الظهر والعصر لمن أراد الإتيان بنافلتهما [٢] وكذا الفجر إذا لم يقدم نافلتها قبل دخول الوقت [٣]. ( الثاني ) : مطلق الحاضرة لمن عليه فائتة [٤]

______________________________________________________

[١] قد مر (١) الاستدلال له بما دل على حسن المسارعة والاستباق إلى المغفرة والخير ، وبصحيح زرارة : « أول الوقت أبداً أفضل ، فعجل الخير ما استطعت » ، وغير ذلك.

[٢] إجماعاً ، ولما دل على الأمر بنافلتهما قبلهما.

[٣] أما لو قدمها ، أو كانت الفريضة ليست بذات نافلة ـ كالظهرين في السفر ـ أو قدمها على الوقت ـ كالظهرين يوم الجمعة ـ فالأفضل أول الوقت ، كما يقتضيه العموم المتقدم ، والنصوص الخاصة بيوم الجمعة المعللة بذلك (٢).

[٤] للنصوص التي لأجلها قيل بالمضايقة في القضاء ، مثل صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « إذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت » (٣) ونحوه غيره. ويعارضها صحيح ابن مسكان عن أبي عبد الله (ع) : « قال إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة‌ .. الى أن قال عليه‌السلام : وإن استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثمَّ المغرب ثمَّ العشاء‌

__________________

(١) مر ذلك في البحث عن وقت فضيلة الظهر في هذا الجزء من الكتاب.

(٢) راجع الوسائل باب : ٨ و ١١ و ١٣ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها وحديث : ١١ و ١٧‌

(٣) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ١.

١٢٣

وأراد إتيانها [١] ( الثالث ) : في المتيمم مع احتمال زوال العذر أو رجائه [٢] ، وأما في غيره من الأعذار فالأقوى وجوب‌

______________________________________________________

الآخرة قبل طلوع الشمس » (١) ونحوه صحيح ابن سنان (٢) ، وصحيح أبي بصير عنه (ع) (٣). وما في المتن مبني على حمل الأول على الفضل والثانية على الجواز. وهو غير ظاهر. وسيأتي الكلام فيه في مبحث القضاء إن شاء الله تعالى.

[١] لأن المستحب البدأة بالفائتة لا مجرد تأخير الحاضرة ، فإذا لم يرد فعل الفائتة استحب له المبادرة إلى الحاضرة.

[٢] تقدم وجهه في مبحث التيمم في مسألة جواز التيمم في السعة ، كما تقدم فيها وفي غيرها أيضاً الوجه في أصالة عدم جواز البدار لأولي الأعذار.

ومحصله : أن المفهوم عرفاً من أدلة الأحكام الاضطرارية ـ ولو بمناسبة الحكم والموضوع ـ هو كون الحكم الاضطراري ثابتاً في ظرف عذر المكلف عقلا عن الحكم الاختياري ، وسقوطه عن مقام الفعلية أصلا ، وهو إنما يكون كذلك في ظرف استمرار العجز ، ولا يكفي في سقوطه مجرد العجز آناً ما. ولأجل ذلك لا يكون حال دليل الحكم الاضطراري بالإضافة إلى دليل الحكم الاختياري حال سائر الأدلة المخصصة للعمومات ، كي يكون في عرضه ، ولأجل منافاته يجمع بينهما بالتخصيص أو التقييد ، نظير دليل حكم المسافر بالإضافة إلى عمومات الأحكام بل المفهوم عرفاً أنه في طوله فلا يكون منافياً له أصلا ، بل يكون مثبتاً لبدله في ظرف العجز عنه وسقوطه عن الفعلية. ولأجل ذلك لا يجوز‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت : ملحق الحديث الرابع.

(٣) الوسائل باب : ٦٢ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

١٢٤

التأخير وعدم جواز البدار. ( الرابع ) : لمدافعة الأخبثين ونحوهما فيؤخر لدفعهما [١] ( الخامس ) : إذا لم يكن له إقبال فيؤخر إلى حصوله [٢]

______________________________________________________

للمكلف تعجيز نفسه عن الواجب الأولى ، لأن فيه تفويت الواجب وهو محرم عقلا.

وبالجملة : حرمة التعجيز واعتبار استمرار العذر في مشروعية البدل كلاهما ناشئان عما ذكرنا من أن المفهوم عرفاً من دليل البدلية ثبوتها في ظرف سقوط المبدل منه عن الفعلية بالمرة ، ووجود العذر عقلا عنه ، وذلك إنما يكون في ظرف استمرار العجز ، فلو بادر المكلف الى فعل البدل في أول آنات العجز كان الاكتفاء به مراعى باستمرار العجز ، فان كان مستمراً صح البدل من أول الأمر ، وإلا بطل كذلك ، ولا فرق بين صورتي رجاء زوال العذر وعدمه. وقد تكرر بيان ذلك في مواضع من كتاب الطهارة.

[١] لما في صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) : « لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة وهو بمنزلة من هو في ثوبه » (١) المحمول على الكراهة لدلالة غيره على الجواز كما يأتي إن شاء الله في محله.

[٢] لما في رواية عمر بن يزيد : « قلت لأبي عبد الله (ع) : أكون في جانب المصر فتحضر المغرب وأنا أريد المنزل ، فإن أخرت الصلاة حتى أصلي في المنزل كان أمكن لي وأدركني المساء ، أفأصلي في بعض المساجد؟ قال (ع) : صل في منزلك » (٢).

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب قواطع الصلاة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب المواقيت حديث : ١٤.

١٢٥

( السادس ) لانتظار الجماعة [١] إذا لم يفض إلى الإفراط في التأخير [٢]. وكذا لتحصيل كمال آخر كحضور المسجد [٣] ، أو كثرة المقتدين ، أو نحو ذلك [٤] ( السابع ) : تأخير الفجر عند مزاحمة صلاة الليل إذا صلى منها أربع ركعات [٥] ( الثامن ) : المسافر المستعجل [٦]

______________________________________________________

[١] لما في رواية جميل بن صالح : « أنه سأل أبا عبد الله (ع) : أيهما أفضل أيصلي الرجل لنفسه في أول الوقت أو يؤخر قليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم؟ قال (ع) : يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان هو الامام » (١) وموردها الامام والتأخر قليلا ، ولا يبعد التعدي منه الى المأموم ، والى التأخير كثيراً ، لما ورد في فضل الجماعة من الحث عليها مما يدل على زيادة فضلها على مثل الصلاة في أول الوقت.

[٢] كأنه لخروجه عن مورد النص. لكن عرفت أن ما ورد في فضل الجماعة يصلح للتعدي به الى المقام.

[٣] لم نقف على ما يدل عليه بالخصوص. نعم قد يستفاد مما دل على أن الصلاة في المسجد وحده أفضل من الصلاة في المنزل جماعة (٢) ، بضميمة رواية جميل السابقة‌.

[٤] هذا لم أقف على دليله. نعم يتم لو يتم لو استفيد من دليل المكمل أهميته من التعجيل. فلاحظ.

[٥] للأمر بإتمام صلاة الليل في خبر الأحول المتقدم (٣). [٦] كما يظهر من جملة من النصوص (٤) الموقتة للمغرب في السفر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٤ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) راجع الوسائل باب : ٣٣ من أبواب أحكام المساجد.

(٣) تقدم في المسألة السابقة المتكفلة لحكم ما إذا طلع الفجر قبل إكمال صلاة الليل.

(٤) راجع الوسائل باب : ١٩ من أبواب المواقيت.

١٢٦

( التاسع ) : المربية للصبي تؤخر الظهرين لتجمعهما مع العشاءين بغسل واحد لثوبها [١] ( العاشر ) : المستحاضة الكبرى تؤخر الظهر والمغرب إلى آخر وقت فضيلتهما لتجمع بين الاولى والعصر ، وبين الثانية والعشاء بغسل واحد [٢] ( الحادي عشر ) : العشاء تؤخر إلى وقت فضيلتها [٣] وهو بعد ذهاب الشفق بل الأولى تأخير العصر إلى المثل [٤] ، وإن كان ابتداء وقت فضيلتها من الزوال. ( الثاني عشر ) : المغرب والعشاء لمن أفاض من عرفات إلى المشعر [٥] ،

______________________________________________________

بربع الليل أو ثلثه ، أو إلى أن يغيب الشفق ، أو إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس ، أو نحو ذلك. ولا يبعد أن يكون منصرفها المستعجل الذي لا يسهل عليه النزول. بل قد يظهر مما في رواية عمر بن يزيد المتقدمة من قوله (ع) : « إذا كان أرفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك أن تؤخرها إلى ربع الليل » (١) استثناء مطلق المستعجل في حاجته.

[١] ليس عليه دليل. نعم ذكر جماعة أن الأولى لها ذلك. واحتمل بعض وجوبه. وإطلاق الدليل الوارد في المربية ينفيه كما تقدم في محله.

[٢] كما تقدم في حكم المستحاضة.

[٣] كما تقدم.

[٤] كأنه للخروج عن شبهة الخلاف كما سبق. فتأمل.

[٥] ففي صحيح ابن مسلم : « لا تصل المغرب حتى تأتي ( جمعاً ) وإن ذهب ثلث الليل » (٢) وفي موثق سماعة : « عن الجمع بين المغرب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب المواقيت حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث : ١.

١٢٧

فإنه يؤخرهما ولو إلى ربع الليل [١] ، بل ولو إلى ثلثه. ( الثالث عشر ) : من خشي الحر يؤخر الظهر إلى المثل ليبرد بها [٢] ( الرابع عشر ) : صلاة المغرب في حق من تتوق نفسه إلى الإفطار [٣] ، أو ينتظره أحد [٤].

______________________________________________________

والعشاء الآخرة بـ ( جمع ) فقال (ع) : لا تصلهما حتى تنتهي إلى ( جمع ) وإن مضى من الليل ما مضى .. » (١).

[١] كما في الخبر المروي عن مقنع الصدوق (٢).

[٢] قال في الذكرى : « يستحب تأخير صلاة الظهر إذا اشتد الحر » ، واستدل عليه من طريق الأصحاب بما رواه معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال : كان المؤذن يأتي النبي في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبرد أبرد .. » (٣) ومقتضى الرواية التأخير بمقدار ما يحصل الإبراد. وفي المبسوط عبر بالتأخير قليلا ، وخصه بالجماعة والمسجد. والتخصيص غير ظاهر. ولعل المراد بالقليل ما يحصل به الإبراد.

[٣] ففي رواية الفضل وزرارة : « وإن كنت ممن تنازعك نفسك للإفطار وتشغلك شهوتك عن الصلاة. فابدأ بالإفطار ليذهب عنك وسواس النفس اللوامة » (٤) غير أن ذلك مشروط بأن لا يشتغل بالإفطار قبل الصلاة إلى أن يخرج وقت الصلاة.

[٤] ففي صحيح الحلبي : « سئل عن الإفطار أقبل الصلاة أو بعدها؟ قال (ع) : إن كان معه قوم يخشى أن يحبسهم عن عشائهم فليفطر معهم ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٥ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث : ٢.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٤ من أبواب الوقوف بالمشعر حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب المواقيت حديث : ٥ وايضاً باب : ٤٢ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب آداب الصائم حديث : ٥.

١٢٨

( مسألة ١٤ ) : يستحب التعجيل في قضاء الفرائض [١] ، وتقديمها على الحواضر. وكذا يستحب التعجيل في قضاء النوافل [٢] إذا فاتت في أوقاتها الموظفة. والأفضل قضاء الليلية في الليل والنهارية في النهار [٣].

( مسألة ١٥ ) : يجب تأخير الصلاة عن أول وقتها لذوي الأعذار مع رجاء زوالها أو احتماله في آخر الوقت ما عدا التيمم [٤]

______________________________________________________

وإن كان غير ذلك فليصل ثمَّ ليفطر » (١).

[١] لما أشرنا إليه من النصوص التي اعتمد عليها أهل القول بالمضايقة. وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها من ليل أو نهار » (٢). مضافاً إلى ما دل على حسن المسارعة والاستباق إلى المغفرة والخير » (٣).

[٢] لبعض ما سبق.

[٣] ففي موثق إسماعيل الجعفي قال : « قال أبو جعفر (ع) : أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل وقضاء صلاة النهار بالنهار » (٤)

[٤] قد عرفت الإشارة إلى أنه لو بادر إلى فعل الصلاة الناقصة برجاء استمرار العذر صحت إذا انكشف استمرار العذر ولو ظن بارتفاعه إذا أمكنت نية القربة كما هو الظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب آداب الصائم حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٣) تقدم ذكره مفصلا في البحث عن وقت فضيلة الظهر.

(٤) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

١٢٩

كما مر هنا وفي بابه. وكذا يجب التأخير لتحصيل المقدمات غير الحاصلة [١] كالطهارة والستر وغيرهما. وكذا لتعلم أجزاء الصلاة وشرائطها [٢] ، بل وكذا لتعلم أحكام الطوارئ من الشك والسهو ونحوهما مع غلبة الاتفاق ، بل قد يقال مطلقاً لكن لا وجه له. وإذا دخل في الصلاة مع عدم تعلمها بطلت إذا كان متزلزلاً [٣] وإن لم يتفق. وأما مع عدم التزلزل بحيث تحقق منه قصد الصلاة وقصد امتثال أمر الله فالأقوى الصحة. نعم إذا اتفق شك أو سهو لا يعلم حكمه بطلت صلاته [٤] ، لكن له أن يبني على أحد الوجهين أو الوجوه بقصد السؤال بعد الفراغ والإعادة إذا خالف الواقع. وأيضاً يجب التأخير إذا زاحمها واجب آخر مضيق كإزالة النجاسة عن المسجد أو أداء الدين المطالب به مع القدرة على أدائه ، أو حفظ النفس المحترمة أو نحو ذلك. وإذا خالف واشتغل بالصلاة عصى في ترك ذلك‌

______________________________________________________

[١] كما يقتضيه وجوب الصلاة التامة.

[٢] ليس تعلم الأجزاء من قبيل المقدمات الوجودية ، بل إنما هو مقدمة للجزم بالنية ، فإذا لم نعتبره في صحة العبادة ـ كما هو الظاهر ـ لم يكن واجباً. نعم يجب عقلا العلم بالفراغ ، وهو يحصل بالتعلم ولو بعد الصلاة ، كما يحصل بالاحتياط. وكذا حال تعلم أحكام السهو والشك.

[٣] قد عرفت الاشكال فيه ، وأنه لا يعتبر في صحة العبادة الجزم بالنية مع إمكان تحصيله ، بل إنما يجب عقلا العلم بالفراغ ولو بالسؤال بعد الصلاة.

[٤] قد عرفت إشكاله ، بل لا يناسب قوله : « لكن له أن يبني .. » ‌

١٣٠

الواجب لكن صلاته صحيحة على الأقوى [١] وإن كان الأحوط الإعادة.

( مسألة ١٦ ) : يجوز الإتيان بالنافلة ولو المبتدأة في وقت الفريضة [٢]

______________________________________________________

[١] لعدم الدليل على أن الأمر بالشي‌ء يقتضي النهي عن ضده ، ولا على بطلان الترتب. مع أنه يكفي في صحة العبادة التقرب بالملاك ، وقد تقدم الكلام في ذلك في أحكام النجاسات ، وقد عرفت في نية الوضوء أن المصحح لباً لجميع العبادات هو ذلك. فراجع. ومن هنا يظهر أن وجوب التأخير المذكور في المتن عرضي لا حقيقي ، بل ليس الواجب إلا فعل الضد الأهم لا غير. فلاحظ.

[٢] كما عن الذكرى ، والدروس ، وجامع المقاصد ، وحاشية الإرشاد والمسالك ، والروض ، ومجمع الفائدة ، والمدارك ، والذخيرة ، والمفاتيح ، وغيرها. وفي الدروس : « ان الأشهر انعقاد النافلة في وقت الفريضة أداءً كانت أو قضاء ». ونسب المنع الى الشيخين وأتباعهما. وعن جامع المقاصد والروض : أنه المشهور. بل عن الوحيد : وصف الشهرة بالعظيمة. وفي الذكرى : « اشتهر بين متأخري الأصحاب منع صلاة النافلة لمن عليه فريضة ». وفي ظاهر المعتبر : « أن المنع مذهب علمائنا ». واستدل له ـ مضافاً الى أصالة عدم مشروعية العبادة لأنها توقيفية ـ بجملة من النصوص كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) ـ في حديث ـ : « أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قلت : لا. قال (ع) : من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة » (١) ، ورواية‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب المواقيت حديث : ٢٧.

١٣١

______________________________________________________

إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع) : « وإنما جعل الذراع والذراعان لئلا يكون تطوع في وقت فريضة » (١). ونحوه روايته الأخرى (٢). وفي موثقته عن أبي جعفر (ع) : « لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في وقت هذه » (٣) ، وصحيح زرارة الثاني عن أبي جعفر (ع) قال : « سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر؟ فقال (ع) : قبل الفجر إنهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل ، أتريد أن تقايس؟ لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تطوع؟ إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة » (٤) ، وصحيحه الثالث (٥) المروي عن الروض وفي المدارك وغيرهما : « قلت لأبي جعفر (ع) : أصلي النافلة وعليّ فريضة أو في وقت فريضة؟ قال (ع) : لا ، لأنه لا تصلى نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك أن تتطوع حتى تقضيه؟ قال : قلت : لا قال (ع) : فكذلك الصلاة » (٦) ، وصحيحه الرابع المحكي عن السرائر عن كتاب حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) : « لا تصل من النافلة شيئاً في وقت الفريضة فإنه لا تقضى نافلة في وقت فريضة ، فإذا دخل وقت الفريضة فابدأ بالفريضة » (٧) ، وموثق ابن مسلم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب المواقيت حديث : ٢٨.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ١١.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب المواقيت حديث : ٢١.

(٤) الوسائل باب : ٥٠ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٥) مستدرك الوسائل باب : ٤٦ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٦) نقله في المدارك في هذا المبحث ونقله في الذكرى في آخر تتمة مسألة : ٢ من الفصل الرابع في مواقيت القضاء.

(٧) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٨.

١٣٢

______________________________________________________

عن أبي جعفر (ع) : « قال : قال لي رجل من أهل المدينة : يا أبا جعفر ما لي لا أراك تتطوع بين الأذان والإقامة كما يصنع الناس؟ فقلت : إنا إذا أردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة ، فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع » (١) ، وخبر أبي بكر الحضرمي عن جعفر بن محمد (ع) : « قال : إذا دخل وقت صلاة فريضة فلا تطوع » (٢) ، وخبر أديم بن الحر : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : لا يتنفل الرجل إذا دخل وقت فريضة. وقال (ع) : إذا دخل وقت فريضة فابدأ بها » (٣) ، وخبر زياد بن أبي غياث عن أبي عبد الله (ع) قال : « سمعته يقول : إذا حضرت المكتوبة فابدأ بها فلا يضرك أن تترك ما قبلها من النافلة » (٤) وخبر نجية : « قلت لأبي جعفر (ع) : تدركني الصلاة ويدخل وقتها فأبدأ بالنافلة؟ فقال أبو جعفر (ع) : لا ، ولكن ابدأ بالمكتوبة واقض النافلة » (٥).

هذا والجميع لا يخلو الاستدلال به من إشكال :

أما أصالة عدم مشروعية العبادة. فينفيها إطلاق دليل المشروعية.

وأما صحيح زرارة الأول ونحوه : فلا يدل على المنع ، إذ يكفي في مصلحة التشريع مرجوحية التطوع في وقت الفريضة وإن كان بنحو الكراهة. مضافاً الى أن ما تقدم من دخول وقت الفضيلة بالزوال ـ كما يقتضيه الجمع‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٥.

١٣٣

______________________________________________________

بين النصوص ـ يوجب حملها على إرادة المنع عن التطوع في آخر وقت الفضيلة ، لا وقت الاجزاء ، ولا مطلق وقت الفضيلة ، فيكون المراد من وقت الفريضة الوقت الذي يتعين إيقاعها فيه لتحصيل الفضيلة وأين هذا من دعوى المشهور؟!

وأما صحيح زرارة الثاني : فلأجل أنك قد عرفت جواز إيقاع نافلة الفجر بعده في وقت فريضته ، فلا بد أن يحمل الأمر بإيقاع النافلة قبله على الرخصة أو الرجحان ، ويكون الغرض من المقايسة تعليم زرارة كيفية المناظرة مع المخالفين الذين يرون أن نافلة الفجر بعده ، تنبيهاً لهم إما على فساد القياس الذي جعلوه من أصولهم ، أو على فساد مذهبهم في وقت ركعتي الفجر. ومن ذلك يظهر الإشكال في صحيحه الثالث ، لقرب دعوى كونه عين الثاني ، ولذا لم يعثر عليه في كتب الحديث ، كما اعترف به بعض. مضافاً الى إمكان حمله على وقت فوات الفضيلة بقرينة ما سبق. ومنه يظهر الإشكال في الرابع ولا سيما بقرينة قوله (ع) : « فابدأ بالفريضة » المناسب جداً للرواتب اليومية وإن كان لا يناسبه التعبير بالقضاء.

وأما موثق ابن مسلم : فمع إمكان دعوى منافاته لما دل على استحباب الفصل بين الأذان والإقامة بركعتين. فتأمل. ليس ظاهراً في المنع ظهوراً يعتد به. أما قوله (ع) : « إنا إذا أردنا أن .. » فعدم ظهوره ظاهر. وأما قوله (ع) : « فلا تطوع » فمن القريب جداً أن يكون المراد منه : فلا تطوع منا ، الذي هو أعم من الحرمة والكراهة. ومما ذكرنا بتمامه يظهر إمكان حمل الباقي من النصوص على خصوص فوت الفضيلة. ويكون ذلك حكماً أدبياً محافظة على فضل الوقت للفريضة التي هي أهم في نظر الشارع الأقدس. مضافاً الى موثق سماعة الذي رواه المشايخ الثلاثة « قدس‌

١٣٤

______________________________________________________

سرهم ) قال : « سألته ( وفي التهذيب سألت أبا عبد الله ) عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال (ع) : إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة ، وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة ، وهو حق الله ، ثمَّ ليتطوع ما شاء » (١) ، وزاد في الكافي والتهذيب : « الأمر موسع أن يصلي في أول دخول وقت الفريضة النوافل إلا أن يخاف فوت الفريضة ، والفضل إذا صلى الإنسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ، ليكون فضل أول الوقت للفريضة ، وليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت الى قريب من آخر الوقت ».

ودعوى اختصاصه بالرواتب فلا يعم غيرها ، مندفعة بقوله (ع) : « والفضل .. » ، لعدم إمكان حمله على الرواتب. كما أن دعوى أن قوله : « الأمر موسع .. » من كلام الكليني بقرينة عدم روايته في الفقيه مندفعة بروايته في التهذيب عن كتاب محمد بن يحيى العطار الذي هو في طريق الكليني (ره) أيضاً. مع أن فتح هذا الباب يوجب سد باب الاستنباط. كما لا يخفى. وعدم روايته في الفقيه أعم من ذلك ، كما هو ظاهر ، فهذه الرواية الشريفة توجب حمل النواهي المذكورة على كونها عرضية للاهتمام بفضيلة الفريضة ، لصراحتها في ذلك.

ومثلها في الاشكال في دعوى المشهور صحيحة عمر بن يزيد : « أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الرواية التي يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت؟ قال (ع) : إذا أخذ المقيم في الإقامة. فقال : إن الناس يختلفون في الإقامة. فقال (ع) : المقيم الذي يصلي معه » (٢) ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

١٣٥

______________________________________________________

فهي وإن كانت غير صالحة للحكومة على جميع نصوص النهي لصراحة جملة منها في عموم الحكم للمنفرد ، لكنه لا بد من حمل الحكم فيها على من يريد الصلاة جماعة. فتدل على جواز تطوعه في وقت الفريضة ما لم يأخذ المقيم في الإقامة. ولعل مناسبة الحكم والموضوع تساعد على حمل النهي على كونه عرضياً من جهة فضيلة الجماعة في أول الصلاة لا ذاتياً ، ولا إرشادياً إلى نفي المشروعية ، ولا الى نقص في الماهية. ويؤيد ذلك أو يعضده صحيح سليمان بن خالد : « عن رجل دخل المسجد وافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذ أذن المؤذن وأقام الصلاة. قال (ع) : فليصل ركعتين ثمَّ ليستأنف الصلاة مع الامام » (١).

وقد يدل على الجواز في الجملة جملة من النصوص الواردة في قضاء النوافل كموثق أبي بصير : « قال أبو عبد الله (ع) : إن فاتك شي‌ء من تطوع الليل والنهار فاقضه عند زوال الشمس وبعد الظهر وعند العصر وبعد المغرب وبعد العتمة ومن آخر السحر » (٢) ، وخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه موسى بن جعفر (ع) « عن رجل نسي صلاة الليل والوتر فيذكر إذا قام في صلاة الزوال. فقال (ع) : يبدأ بالنوافل فاذا صلى الظهر صلى صلاة الليل وأوتر ما بينه وبين العصر أو متى أحب » (٣) ، ومصحح الحلبي : « سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها؟ قال (ع) : متى شاء إن شاء بعد المغرب وإن شاء بعد العشاء » (٤). ونحوه صحيح ابن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٥٦ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٥٧ من أبواب المواقيت حديث : ١٠.

(٣) الوسائل باب : ٤٩ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب المواقيت حديث : ٧.

١٣٦

ما لم تتضيق ، ولمن عليه فائتة [١] على الأقوى. والأحوط‌

______________________________________________________

مسلم (١) بناء على أن المراد من صلاة النهار نوافله كما يظهر من ملاحظة غيرها من النصوص. فلاحظ.

[١] كما عن الصدوق ، والإسكافي ، والشهيدين ، والأردبيلي ، وتلميذه في المدارك ، والكاشاني ، وغيرهم ، خلافاً للفاضلين وجماعة ، وقد تقدم عن الذكرى : أنه المشهور بين المتأخرين. وعن الرياض : أنه الأشهر الأقوى. بل عن المختلف وغيره : أنه المشهور. للمرسل المروي عن المبسوط والخلاف : « لا صلاة لمن عليه صلاة » (٢) وفي الذكرى قال : ( للمروي عنهم (ع) : « لا صلاة لمن عليه صلاة » ) (٣) وصحيح زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « عن رجل صلى بغير طهور أو نسي صلاة لم يصلها أو نام عنها. فقال (ع) : يقضيها إذا ذكرها‌ .. إلى أن قال (ع) : ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة » (٤) و‌صحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس أيصلي حين يستيقظ أو ينتظر حتى تنبسط الشمس؟ فقال (ع) : يصلي حين يستيقظ. قلت : يوتر أو يصلي الركعتين؟ قال (ع) : بل يبدأ بالفريضة » (٥). وصحيح زرارة الثالث المتقدم في التنفل في وقت الفريضة‌.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٩ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

(٢) رواه في المبسوط في أواسط فصل قضاء الصلاة ورواه في الخلاف عن النبي (ص) في مسألة : ١٣٩ من قضاء الصلاة.

(٣) لاحظ الذكرى مسألة : ١١ من الفصل الثالث في أحكام الرواتب ورواه عن النبي (ص) في الفصل الرابع في مواقيت القضاء المسألة : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٤.

١٣٧

______________________________________________________

والجميع لا يخلو من خدش : أما الأخير : فقد عرفت الاشكال عليه. والتفكيك بين موردي السؤال فيه غير ممكن عرفاً. وأما صحيح يعقوب : فيعارضه في مورده موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « عن رجل نام عن الغداة حتى طلعت الشمس. فقال (ع) يصلي ركعتين ثمَّ يصلي الغداة » (١) ، وما دل على قضاء النبي (ص) ركعتي الفجر قبل صلاته (٢) الذي ذكر في الذكرى : أنه لم يقف على راد لهذا الخبر من حيث توهم القدح في العصمة » (٣). لكن التحقيق وجوب قبولها في الدلالة على جواز التنفل لمن عليه فريضة وإن لم يجز قبولها في الدلالة على نومه (ص) عن الصلاة ، المخالف لأصول المذهب ، وأن نومه من الشيطان الذي دل على فساده العقل والكتاب والأخبار كما عن الوحيد (ره) ، فيحمل الأمر بالبدأة في الفريضة على الرخصة.

وأما صحيح زرارة الأول : فيعارضه صحيحه عن أبي جعفر (ع) المروي عن ابن طاوس في كتاب ( غياث سلطان الورى ) قال : « قلت له : رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك. قال (ع) : يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك » (٤) ، المؤيد بوحدة سياق النهي المذكور في الصحيح الأول مع النهي عن التطوع في وقت الفريضة الذي قد عرفت المراد منه.

مضافاً إلى ما في الذكرى من قوله : « روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول الله (ص) : إذا دخل وقت صلاة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ١.

(٣) ذكر ذلك في تتمة المسألة : ٢ من الفصل الرابع في مواقيت القضاء.

(٤) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٩.

١٣٨

______________________________________________________

المكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة ، قال : فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا ذلك مني ، فلما كان في القابل لقيت أبا جعفر عليه‌السلام فحدثني أن رسول الله (ص) عرَّس في بعض أسفاره وقال : من يكلؤنا؟ فقال بلال : أنا ، فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس فقال : يا بلال ما أرقدك؟ فقال : يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بأنفاسكم. فقال رسول الله (ص) : قم ( قوموا ) فتحولوا عن مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة ، وقال : يا بلال أذن ، فأذن ، فصلى رسول الله (ص) ركعتي الفجر وأمر أصحابه فصلوا ركعتي الفجر ثمَّ قام فصلى بهم الصبح ، ثمَّ قال : من نسي شيئاً من الصلاة فليصلها إذا ذكرها فان الله عز وجل يقول ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ). قال زرارة : فحملت الحديث الى الحكم وأصحابه فقال : نقضت حديثك الأول ، فقدمت على أبي جعفر (ع) فأخبرته بما قال القوم. فقال : يا زرارة إلا أخبرتهم أنه قد فات الوقتان جميعاً وأن ذلك كان قضاء من رسول الله (ص) » (١). هذا ومقتضى الصحيح المذكور الفرق بين الأداء والقضاء ، وإذ قد بنينا على جواز التطوع في الأداء فلا بد أن يحمل وجه الفرق على كون التفويت في الأول أعظم منه في الثاني ، ولعله لأن خصوصية وقت الفضيلة في الفضل للأداء أكثر من خصوصية المبادرة في القضاء.

وأما المرسل : ففيه ـ مع إرساله ـ أنه غير ظاهر في التنفل ، وحمله عليه ليس بأولى من حمله على غيره ، فاجماله مانع من الاستدلال به. هذا والمتحصل من ملاحظة مجموع النصوص في المسألتين : أن خصوصية وقت الفضيلة في الأداء والمبادرة في القضاء أهم من التنفل ، فملاحظتها‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦١ من أبواب المواقيت حديث : ٦.

١٣٩

الترك بمعنى : تقديم الفريضة وقضائها.

( مسألة ١٧ ) : إذا نذر النافلة لا مانع من إتيانها في وقت الفريضة ولو على القول بالمنع. هذا إذا أطلق في نذره [١]. وأما إذا قيده بوقت الفريضة فإشكال على القول بالمنع وإن أمكن القول بالصحة ، لأن المانع إنما هو وصف النفل ، وبالنذر يخرج عن هذا الوصف ، ويرتفع المانع. ولا يرد أن متعلق النذر لا بد أن يكون راجحاً ، وعلى القول بالمنع لا رجحان فيه ، فلا ينعقد نذره. وذلك لأن الصلاة من حيث هي راجحة ، ومرجوحيتها مقيدة بقيد يرتفع بنفس النذر ، ولا يعتبر في متعلق النذر الرجحان قبله [٢] ، ومع قطع النظر عنه حتى يقال بعدم تحققه في المقام.

______________________________________________________

أولى ، إلا أن يؤدي إلى فوات النافلة بالمرة كصلاة الليل كما في رواية ( غياث سلطان الورى ) ، أو كون النافلة من شؤون الفريضة المقضية كركعتي الفجر بالنسبة إلى قضاء صلاته. والله سبحانه أعلم.

[١] لا فرق بين صورتي الإطلاق والتقييد في ورود الاشكال وعدمه ، لأنه إذا امتنع نذر المقيد من جهة عدم الرجحان فلا بد أن يمتنع نذر المطلق أيضاً لعدم الرجحان ، لأن الجامع بين ما يكون راجحاً وما يكون غير راجح يمتنع أن يكون راجحاً. وبعبارة أخرى : الجامع بين الراجح والمرجوح لا راجح ولا مرجوح ، فالمطلق الراجح لا بد أن يكون جميع أفراده كذلك ، كما لعله ظاهر.

[٢] فيه ـ مع أنه خلاف ظاهر الأدلة ـ أنه خلاف مضمون صيغة النذر فان الظاهر من اللام في قول الناذر : ( لله علي أن أفعل كذا ) انها‌

١٤٠