مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

( مسألة ٢ ) : لا يتأكد الأذان لمن أراد إتيان فوائت في دور واحد [١]

______________________________________________________

فترة لا تسع إلا الوضوء ونفس الصلاة من دون مقدماتها ، فإنه حينئذ للمزاحمة بين شرط نفس العمل وشرط الكمال ، لا لأنه غير مشروع ، فلو جدد وضوءه ثانياً شرع الأذان للصلاة الثانية ، كما لعله ظاهر.

[١] أما أصل السقوط في الجملة : فالظاهر أنه لا خلاف فيه ، ويشهد له صحيح محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثمَّ ذكر بعد ذلك. قال (ع) : يتطهر ويؤذن ويقيم في أولاهن ثمَّ يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير أذان حتى يقضي صلاته » (١) ، وصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قال : إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثمَّ صل ما بعدها بإقامة لكل صلاة » (٢). وفي صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) « سألته عن الرجل يغمى عليه ثمَّ يفيق. قال (ع) : يقضي ما فاته يؤذن في الأولى ويقيم في البقية » (٣) وأما مكاتبة موسى بن عيسى : « رجل يجب عليه إعادة الصلاة أيعيدها بأذان وإقامة؟ فكتب (ع) : يعيدها بإقامة » (٤). فليست مما نحن فيه لظهورها في الفعل ثانياً بعد فعله أولا. فتأمل. مع أنها غير ظاهرة في المتعدد. ومثلها موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) قال : « سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان والإقامة؟ قال (ع) : نعم » (٥).

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٣٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٨ من أبواب قضاء الصلوات حديث : ٢.

٥٦١

لما عدا الصلاة الأولى ، فله أن يؤذن للأولى منها ، ويأتي بالبواقي بالإقامة وحدها لكل صلاة.

( مسألة ٣ ) : يسقط الأذان والإقامة في موارد : أحدها : الداخل في الجماعة التي أذنوا لها [١]

______________________________________________________

وهل السقوط فيما عدا الأولى عزيمة ـ كما عن المدارك وغيرها بدعوى ظهور الصحاح المتقدمة في عدم مشروعية الأذان لها ـ أو رخصة ـ كما نسب إلى المشهور بل حكي عليه الإجماع صريحاً وظاهراً ـ؟ الأظهر الثاني عملا بعمومات المشروعية التي لا يعارضها الصحاح المذكورة بعد إمكان الجمع بينها بحمل الصحاح على نفي التأكد تسهيلا وتخفيفاً على المصلي ، كما في نظائره من المستعجل والمسافر. ودعوى : أنه ينافيه قوله (ع) : « بغير أذان » في الصحيح الأول. مندفعة بأنه وارد مورد الرخصة والتخفيف ، ولا ينافي المشروعية. نعم لو بني على السقوط على نحو العزيمة في مطلق الجمع بين الفريضتين تعين البناء عليه في المقام ، لأنه من صغرياته ، ونصوصه من جملة نصوصه.

[١] بلا إشكال ظاهر وإن قل من تعرض له ، ويشهد له ـ مضافاً إلى السيرة القطعية موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجي‌ء آخر فيقول له : نصلي جماعة. هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال (ع) : لا ، ولكن يؤذن ويقيم » (١) لظهوره في مفروغية السائل عن الاكتفاء بأذان الامام وإقامته ، وخبر أبي مريم الأنصاري الآتي في المورد الثالث‌ ، وخبر ابن عذافر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « أذن خلف من قرأت خلفه » (٢) ، وخبر معاوية

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٦٢

وأقاموا وإن لم يسمعهما ، ولم يكن حاضراً حينهما ، أو كان مسبوقاً ، بل مشروعية الإتيان بهما في هذه الصورة لا تخلو عن إشكال [١].

______________________________________________________

ابن شريح عن أبي عبد الله (ع) : « ومن أدرك الامام وهو في الركعة الأخيرة فقد أدرك فضل الجماعة ، ومن أدرك وقد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة ، ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة » (١). فإنه ظاهر في أن حكم من أدرك الجماعة أن لا أذان عليه ولا إقامة. وتدل عليه أيضا النصوص الآتية في المورد الثاني.

[١] لظهور قوله (ع) في خبر معاوية : « ليس عليه أذان ولا إقامة ». في انتفاء الأمر بهما ، بل هو ظاهر التعبير بالاجزاء في خبر أبي مريم‌.

تنبيه

الظاهر أنه لا إشكال في سقوط الأذان والإقامة عن الداخل في الجماعة وإن لم يسمع. وفي جواز اكتفاء الإمام بأذان بعض المأمومين وإقامتهم وإن لم يسمعهما إشكال. والذي يظهر من بعض النصوص ذلك أيضاً ، كخبر حفص بن سالم عن أبي عبد الله (ع) : « إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة. أيقوم الناس على أرجلهم أو يجلسون حتى يجي‌ء إمامهم؟ قال (ع) : لا بل يقومون على أرجلهم فإن جاء إمامهم ، وإلا فليؤخذ بيد رجل من القوم فيقدم » (٢) ، وخبر معاوية بن شريح عن أبي عبد الله (ع)

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٩ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ١.

٥٦٣

الثاني : الداخل في المسجد للصلاة [١]

______________________________________________________

ـ في حديث ـ : « إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة. ينبغي لمن في المسجد أن يقوموا على أرجلهم ويقدموا بعضهم ولا ينتظروا الامام » (١) ، وخبر إسماعيل بن جابر : « إن أبا عبد الله (ع) كان يؤذن ويقيم غيره. قال : وكان يقيم وقد أذن غيره » (٢). ونحوه مرسل الصدوق عن علي (ع) (٣) وخبر السكوني عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) عن علي : « إن النبي (ص) كان إذا دخل المسجد وبلال يقيم الصلاة جلس » (٤). وقد يراد ذلك من النصوص المتضمنة : أنه لا بأس أن يؤذن الغلام الذي لم يحتلم (٥). يعني : يكتفي الامام بأذانه إذا كان مأموماً لبالغ. وكذا ما تضمن أن علياً (ع) وأبا عبد الله (ع) ربما يؤذنان ويقيم غيرهما ، وربما يقيمان ويؤذن غيرهما (٦). فلاحظ.

[١] بلا خلاف أجده في ذلك في الجملة ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه. كذا في الجواهر. ويشهد له جملة من النصوص ، كموثق أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « قلت له : الرجل يدخل المسجد وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم؟ قال (ع) : إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى بأذانهم وإقامتهم ، وإن كان تفرق الصف أذن وأقام » (٧) ، وخبر زيد بن علي (ع) : « دخل رجلان المسجد وقد صلى الناس ، فقال لهما‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٥) راجع الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الأذان والإقامة.

(٦) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣ ، ١.

(٧) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٦٤

______________________________________________________

علي (ع) : إن شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم » (١) ، وخبر السكوني عن علي (ع) : « انه كان يقول : إذا دخل رجل المسجد وقد صلى أهله فلا يؤذنن ولا يقيمن ، ولا يتطوع حتى يبدأ بصلاة الفريضة ولا يخرج منه إلى غيره حتى يصلي فيه » (٢) ، وخبر أبي علي : « كنا جلوساً عند أبي عبد الله (ع) فأتاه رجل فقال له : جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك. فقال أبو عبد الله (ع) : أحسنت ، ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع. فقلت : فان دخلوا فأرادوا أن يصلوا فيه جماعة؟ قال (ع) : يقومون في ناحية المسجد ولا يبدوا بهم إمام » (٣) ، وخبر أبي بصير : « سألته عن الرجل ينتهي الى الامام حين يسلم. فقال (ع) : ليس عليه أن يعيد الأذان فليدخل معهم في أذانهم ، فإن وجدهم قد تفرقوا أعاد الأذان » (٤). وعن كتاب زيد النرسي عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « إذا أدركت الجماعة وقد انصرف القوم ووجدت الامام مكانه وأهل المسجد قبل أن يتفرقوا أجزأك أذانهم وإقامتهم فاستفتح الصلاة لنفسك ، وإذا وافيتهم وقد انصرفوا من صلاتهم وهم جلوس أجزأك إقامة بغير أذان ، وإن وجدتهم قد تفرقوا وخرج بعضهم من المسجد فاذن وأقم لنفسك » (٥). وهذه النصوص بعد اعتضاد بعضها ببعض والاتفاق على العمل بها لا مجال للمناقشة في حجيتها.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٦٥ من أبواب الأذان صلاة الجماعة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٥) مستدرك الوسائل باب : ٢٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

٥٦٥

منفرداً أو جماعة [١] وقد أقيمت الجماعة حال اشتغالهم [٢]

______________________________________________________

وما عن المدارك من الاستدلال للحكم بروايتي أبي بصير الأولى وأبي علي ، والاستشكال فيه لاشتراك راوي الأولى بين الثقة والضعيف ، وجهالة راوي الثانية ، في غير محله ، ولا سيما وأن المحقق أن أبا بصير ثقة سواء أكان ليثاً أم يحيى ، وابن أبي عمير الراوي عن أبي علي في طريق الصدوق (ره) لا يروي إلا عن ثقة كما عن الشيخ ، فتأمل. وأما ما في الجواهر من أن أبا علي الحراني سلام بن عمر الثقة ، فلم أعرف مأخذه ، إذ ليس فيمن يسمى سلاماً من ينسب الى حران. نعم سلامة بن ذكاء الحراني يكنى أبا الخير صاحب التلعكبري. وكذا ليس فيهم من هو ثقة عندهم سوى سلام بن أبي عمرة الخراساني. ومثله في الاشكال ما ذكره من أن الحسين ابن سعيد الراوي عن أبي علي في طريق الشيخ (ره) من أصحاب الإجماع. وهذا شي‌ء ما احتمله أحد ، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في عددهم واختلافهم فيه. فراجع.

[١] لإطلاق جملة من النصوص المتقدمة ، واختصاص بعضها بمن يريد الصلاة جماعة مع القوم لا ينافيه ، لكونهما مثبتين فلا يحمل المطلق منهما على المقيد. كما أن دعوى انصراف المطلقات الى خصوص من يريد الائتمام بإمام الجماعة لكونه الغالب ، ممنوعة ، لمنع كون الغلبة ـ لو سلمت ـ صالحة لصرف المطلقات الى موردها.

[٢] يمكن استفادة حكم الفرض من خبر معاوية بن شريح المتقدم في المورد الأول ، لكنه يختص بصورة قصد الائتمام بالإمام. وأما النصوص في هذا المورد فلا إطلاق لها يشمله. نعم يمكن استفادته منها بالأولوية.

٥٦٦

ولم يدخل معهم ، أو بعد فراغهم مع عدم تفرق الصفوف [١] فإنهما يسقطان ، لكن على وجه الرخصة لا العزيمة [٢] على‌

______________________________________________________

[١] قد صرح باشتراط ذلك في خبري أبي بصير ، وإطلاق غيرهما مقيد بهما. وأما خبر زيد النرسي فلو سلمت حجيته لا يخلو من إجمال. نعم مقتضى إطلاق خبري أبي بصير السقوط بمجرد ذهاب البعض ، لأن الظاهر من التفرق فيهما تفرق الجمع ، وهو يحصل بتفرق كل من آحاده ولو بلحاظ بعضهم ، لا تفرق كل من آحاده عن كل منها ، فان ذلك خلاف الإطلاق. نعم مقتضى خبر أبي علي عدم السقوط بذلك ، فيحمل عليه الخبران. لكن في تمامية حجيته بمجرد رواية ابن أبي عمير عنه تأملا. اللهم إلا أن يكون ذلك بملاحظة طريق الصدوق (ره) اليه المشتمل على جماعة من الأعاظم وفيهم ابن الوليد ، ورواية الشيخ (ره) لهذا الحديث بتوسط أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد يوجب الوثوق بالصدق ، فيدخل الخبر بذلك في موضوع الحجية ، ويتعين تقييد غيره به.

[٢] كما لعله المشهور ، ولعله لموثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « في الرجل أدرك الإمام حين سلم. قال (ع) : عليه أن يؤذن ويقيم ويفتتح الصلاة » (١) ، ولما في خبر معاوية بن شريح المتقدم : « ومن أدركه وقد سلم فعليه الأذان والإقامة » (٢). وطرحهما لمعارضته لما سبق مما هو ظاهر في عدم المشروعية غير ظاهر بعد إمكان الجمع العرفي بجملهما على الرخصة. وأما حملهما على ما بعد التفرق ـ كما قيل ـ فبعيد جداً. هذا ولكن الإنصاف أن ما في خبر أبي علي من قوله (ع) ـ بعد قول الرجل :

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

(٢) تقدم في المورد الأول لسقوط الأذان والإقامة.

٥٦٧

الأقوى سواء صلى جماعة إماماً أو مأموماً أو منفرداً [١]. ويشترط في السقوط أمور :

أحدها : كون صلاته وصلاة الجماعة كلتاهما أدائية ، فمع كون إحداهما أو كلتيهما قضائية عن النفس أو عن الغير على وجه التبرع أو الإجارة لا يجري الحكم [٢].

الثاني : اشتراكهما في الوقت [٣] ، فلو كانت السابقة‌

______________________________________________________

« فمنعناه ودفعناه عن ذلك » ـ : ... « أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع » ينافي الرخصة ، فالخبران إما أن يحملا على ما لا ينافي ذلك ، أو يطرحا ويرد علمهما إليهم (ع) فالبناء على العزيمة ـ كما قربه في الجواهر وحكي عن بعض ـ أنسب بقواعد العمل بالنصوص.

[١] أما في الأول : فلخبري زيد وأبي علي‌. وأما في الثاني : فلما عداهما من النصوص الشاملة بإطلاقهما لهما. وما ربما ينسب الى المشهور من تخصيص الحكم بالأول غير ظاهر الوجه. اللهم إلا أن يكون لبنائهم على عدم حجية ما عدا الخبرين ، لمعارضتهما بالموثق وخبر معاوية‌. لكنه كما ترى. مع إمكان التعدي في السقوط من الأول الى الثاني بالأولوية. فتأمل.

[٢] لانصراف النصوص الى الأدائيتين. لكن استشكل فيه في الجواهر من ذلك ومن إطلاق النصوص. وفي الحدائق تعرض في الاشكال لخصوص صورة كون صلاة الداخل قضائية. وليس منشأ الانصراف الغلبة ليتوجه عليه أن الغلبة لا توجب الانصراف المعتد به ، بل هو التوظيف.

[٣] كما ربما نسب الى المعظم. ووجهه ما سبق في الشرط الأول. مضافا الى عدم مشروعية الأذان قبل الوقت وعدم الاجتزاء به ، فإن غاية ما تفيده أدلة السقوط في المقام أن يفرض أذان الجماعة أذاناً له ، فاذا كان أذانه قبل الوقت لا يجزؤه فكيف بجزؤه أذان غيره؟

٥٦٨

عصراً وهو يريد أن يصلي المغرب لا يسقطان.

الثالث : اتحادهما في المكان عرفاً [١] ، فمع كون إحداهما داخل المسجد والأخرى على سطحه يشكل السقوط. وكذا مع البعد كثيراً ،

الرابع : أن تكون صلاة الجماعة السابقة مع الأذان والإقامة [٢] ، فلو كانوا تاركين لا يسقطان عن الداخلين وإن كان تركهم من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير [٣].

الخامس : أن تكون صلاتهم صحيحة [٤] ، فلو كان الامام فاسقاً مع علم المأمومين لا يجري الحكم. وكذا لو كان البطلان من جهة أخرى.

السادس : أن يكون في المسجد فجريان الحكم في الأمكنة الأخرى محل إشكال [٥].

______________________________________________________

[١] كما جزم به في الجواهر ، لكونه المنساق الى الذهن من النصوص وهو في محله.

[٢] كما جزم به في الجواهر لما يظهر من النصوص ـ خصوصاً خبري أبي بصير ـ من أن الوجه في السقوط الاجتزاء بأذان الجماعة الأولى وإقامتها ، وإن كان ظهور غير الخبرين ممنوعاً.

[٣] لأن الظاهر من أذانهم وإقامتهم في الموثق ما لا يشمل ذلك ، وما في كلام بعض من أنه لا ينبغي التردد في اطراد الحكم في الفرض غير ظاهر.

[٤] لأنها هي الظاهر من النصوص.

[٥] ينشأ من إطلاق خبر أبي بصير الثاني (١). ومن كون الغالب‌

__________________

(١) تقدم في المورد الثاني لسقوط الأذان والإقامة.

٥٦٩

وحيث أن الأقوى كون السقوط على وجه الرخصة فكل مورد شك في شمول الحكم له الأحوط أن يأتي بهما [١] ،

______________________________________________________

إقامة الجماعة في المساجد الموجب ذلك لانصراف الإطلاق المذكور ، ولا سيما وأن الحكم بالسقوط في خبر السكوني قد عبر عنه بصورة القضية الشرطية وجعل شرطها الدخول في المسجد ، ويدل مفهومها على عدم السقوط في غيره. اللهم إلا أن يقال : الدخول في المسجد لم يجعل شرطاً في خبر السكوني للسقوط فقط ، بل ضم إليه أحكام أخر تخص المسجد ، ومن الجائز أن يكون للمسجدية دخل في اجتماع تلك الأحكام ، فمع عدمها ينتفي مجموعها لأكل واحد منها. مثلا إذا قيل : ( إن جاءك زيد راكباً فخذ ركابه واخلع عليه ، و ( إذا جاءك زيد فاخلع عليه ) لا يقيد إطلاق الجزاء في الثانية بمفهوم الشرطية الأولى ليختص وجوب الخلعة بصورة المجي‌ء راكباً وأما الغلبة : فقد عرفت عدم اقتضائها الانصراف المعتد به. فالبناء على عموم الحكم لغير المسجد ـ كما عن الذكرى وفوائد الشرائع وحاشية الإرشاد وحاشية الميسي ومجمع البرهان والمدارك وظاهر جملة أخرى ـ في محله. نعم لا يبعد اختصاص الخبر بمن قصد الائتمام بإمام الجماعة ، فالتعدي عنه في غير المسجد الى غيره لا يخلو من إشكال.

[١] إذا شك في ثبوت الحكم في مورد من الموارد ، فان كان الشك بنحو الشبهة الحكمية فالمرجع عموم المشروعية ، وإن كان بنحو الشبهة الموضوعية فالمرجع الأصول الموضوعية أو الحكمية ، ولو انتفت وأريد الاحتياط في استحباب الأذان والإقامة جي‌ء بهما بقصد المشروعية بناء على الرخصة ، وبرجاء المشروعية بناء على العزيمة ، ولا يختص كون الاحتياط بالإتيان بهما بمعنى دون آخر ، وإنما يختلف المبنيان في كيفية الاحتياط من‌

٥٧٠

كما لو شك في صدق التفرق [١] وعدمه ، أو صدق اتحاد المكان وعدمه ، أو كون صلاة الجماعة أدائية أو لا ، أو أنهم أذنوا وأقاموا لصلاتهم أم لا. نعم لو شك [٢] في صحة صلاتهم حمل على الصحة ،

الثالث : ـ من موارد سقوطهما ـ : إذا سمع الشخص أذان غيره أو إقامته [٣]

______________________________________________________

حيث قصد المشروعية أو رجائها ، وكذلك لو كان الشك بنحو الشبهة الحكمية ولم يسع الفقيه الفحص واستقصاء النظر الذي هو شرط صحة الفتوى فلو أراد هو أو مقلدوه الاحتياط كان بالإتيان بهما على أحد النحوين.

[١] الظاهر أن مراده الشك من حيث الشبهة المفهومية ، فالشبهة حكمية ، وقد عرفت الرجوع فيها إلى عموم التشريع. لكن لو أريد الاحتياط كان على أحد النحوين. ويحتمل أن يكون مراده الشبهة الموضوعية ، والمرجع فيها أصالة عدم التفرق المثبتة للسقوط ، ولو أريد الاحتياط كان على أحد النحوين أيضاً. وكذا الحال في الشك في اتحاد المكان ، لكن لو كانت الشبهة موضوعية فالأصل يقتضي المشروعية ، لأصالة عدم الاتحاد. وكذا لو شك في كون الصلاة أدائية أم لا ، أو أنهم أذنوا لها وأقاموا أم لا ، اللذان هما من الشبهة الموضوعية.

[٢] لا يظهر الفرق بين الفرض وما قبله في جريان الأصول المسقطة أو المثبتة ، فلا يتضح وجه الاستدراك.

[٣] بلا خلاف فيه في الجملة ، ويشهد له خبر أبي مريم : « صلى بنا أبو جعفر (ع) في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة‌ .. إلى أن قال : وإني مررت بجعفر (ع) وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني‌

٥٧١

فإنه يسقط عنه سقوطاً على وجه الرخصة [١] ، بمعنى : أنه‌

______________________________________________________

ذلك » (١) ‌، وخبر عمر بن خالد عن أبي جعفر (ع) : « كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال عليه‌السلام : قوموا فقمنا فصلينا معه بغير أذان ولا إقامة ، وقال (ع) : يجزؤكم أذان جاركم » (٢) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « إذا أذن مؤذن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلي بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه » (٣). وقد تشير اليه النصوص المتضمنة : أنه لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم‌ (٤) ، وما تضمن صلاة النبي (ص) بأذان جبرئيل وإقامته‌ (٥) ، وما تضمن أن أبا عبد الله (ع) كان يؤذن ويقيم غيره ، وكان يقيم ويؤذن غيره‌ (٦) ، وكان علي (ع) كذلك‌ (٧). لكن يقرب إرادة الاكتفاء بنفس الأذان والإقامة للجماعة ولو مع عدم السماع أو مع قطع النظر عنه ، كما أشرنا إليه في المورد الأول. ثمَّ إن ظاهر صحيح ابن سنان وخبر ابن خالد‌ بدلية أذان الغير في حال السماع ، فالسقوط بالأذان والسماع شرطه ، لا بالسماع ، وخبر أبي مريم‌ محتمل لذلك بل لعله ظاهر فيه ، فكان الأولى التعبير بالسقوط بأذان الغير عند سماعه ، لا بالسماع. والأمر سهل.

[١] كما عن جماعة من المتأخرين ، لقصوص النصوص عن المنع ، فعموم المشروعية بحاله. بل صحيح ابن سنان ظاهر في أن ذلك موكول إلى إرادة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٤) راجع الوسائل باب : ٣٢ من أبواب الأذان والإقامة.

(٥) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤ ، ٥ ، ٦.

(٦) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٧) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

٥٧٢

يجوز له أن يكتفي بما سمع إماماً كان الآتي بهما أو مأموماً أو منفرداً [١]. وكذا في السامع [٢]. لكن بشرط أن لا يكون‌

______________________________________________________

المصلي ، وعن المبسوط : المنع عنه. واختاره في المستند ، لأنه مقتضى التعبير بالاجزاء ، فإن الظاهر منه الاجزاء عن المأمور به في سقوط الأمر. نعم ربما يفهم منه الرخصة بقرينة وروده مورد التسهيل ، أو يكون هناك ما يدل على المشروعية ، فيجمع بينهما بالحمل على الرخصة ، وليس منه المقام.

فان قلت : عموم دليل التشريع يقتضي المشروعية ، فليجمع بينهما بذلك.

قلت : الجمع العرفي يقتضي بدلية الأذان المسموع عن الأذان الموظف ، ومقتضاها سقوط الأمر. وأما صحيح ابن سنان : فالمراد به ما يقابل عدم إرادة الصلاة بعد السماع ، إما لأنه صلاها ، أو لأنه عازم على التأخير ، لا ما يقابل إرادة الصلاة بالأذان ، إذ لا إطلاق فيه من هذه الجهة. ولو سلم اختص الجواز بمورده ـ أعني : خصوص الناقص ـ ولا يشمل التام.

[١] لإطلاق الخبرين الأولين.

[٢] أما الامام : فلا خلاف فيه ـ كما قيل ـ لأنه مورد الخبرين. وأما المأموم : فالظاهر من النصوص المشار إليها في المورد الأول ـ ومنها الخبران المذكوران هنا ـ كون صلاته تبعاً لصلاة الإمام فإذا اكتفى الامام بالسماع كفى ذلك للمأموم ، بل هو صريح الخبرين المذكورين. وأما إذا لم يسمع الامام ولم يؤذن فالمأموم كالمنفرد ، والمشهور أن سماعه أيضاً كاف قيل : لإطلاق الصحيح. وفيه : أن الصحيح لا إطلاق له ، لأنه وارد مورد حكم آخر ، ولما في خبر عمر بن خالد من قوله (ع) : « يكفيكم » لكنه غير ثابت الحجية. نعم يمكن أن يستفاد بالأولوية من ثبوت الحكم في الإمام. فتأمل.

٥٧٣

ناقصاً [١] ، وأن يسمع تمام الفصول [٢]. ومع فرض النقصان يجوز له أن يتم ما نقصه القائل [٣] ، ويكتفي به. وكذا إذا لم يسمع التمام يجوز له أن يأتي بالبقية [٤] ويكتفي به ، لكن بشرط مراعاة الترتيب [٥]. ولو سمع أحدهما لم يجزئ للآخر [٦] والظاهر أنه لو سمع الإقامة فقط فأتى بالأذان لا يكتفي بسماع الإقامة ، لفوات الترتيب حينئذ بين الأذان والإقامة.

الرابع : إذا حكى أذان الغير أو إقامته ، فان له أن يكتفي بحكايتهما [٧].

______________________________________________________

[١] لعدم شمول الأدلة له.

[٢] فإنه الظاهر من سماع الأذان والإقامة ، ولا ينافيه ما في خبر أبي مريم من جهة استبعاد سماع تمام فصول الأذان والإقامة بمجرد المرور. إذ مجرد الاستبعاد لا يصحح رفع اليد عن الظاهر. مع أن أصل الاستبعاد ممنوع في بعض أنحاء المرور كما لا يخفى.

[٣] لصحيح ابن سنان السابق‌. [٤] يفهم من صحيح ابن سنان أيضاً.

[٥] لإطلاق أدلة الترتيب التي لا يعارضها نصوص المقام ، لعدم تعرضها لهذه الجهة :

[٦] لعدم الدليل على الاجزاء.

[٧] كما ذكر في نجاة العباد. ولم أقف على ما يدل عليه. نعم ما دل على الاكتفاء بالسماع يدل على الاكتفاء بالحكاية ، لأنها إنما تشرع بعد السماع لا مطلقاً. لكنه لا ينبغي عدها قسماً برأسه في مقابل السماع. ويحتمل أن يكون الوجه فيه : أن الحكاية أذان بقصد المتابعة نظير صلاة‌

٥٧٤

( مسألة ٤ ) : يستحب حكاية الأذان عند سماعه [١]

______________________________________________________

المأموم ، فلو لم يدل على الاكتفاء بالسماع دليل أمكن الاكتفاء بها ، لأنها مصداق حقيقي للأذان. ودعوى : أن الحكاية ليست من الأذان ، لأن المؤذن يقصد معنى الفصول والحاكي يقصد لفظ الفصول. فيها : أن التعبير بالحكاية إنما كان في كلمات الأصحاب ، وأما النصوص فإنما اشتملت على أن يقول مثل ما يقول المؤذن ، وفسرها بذلك الأصحاب ، والظاهر إرادتهم قصد معنى الفصول كما يظهر ذلك مما ورد أنه ذكر الله تعالى (١). لكن في ظهور نصوص الحكاية في كونها أذاناً بقصد المتابعة نظير صلاة المأموم تأملا أو منعاً. بل الظاهر منها أن استحبابها من باب الذكر. فلاحظ ولو سلم لم يناسب قوله (ره) : « له أن يكتفي .. ». الظاهر في الرخصة. مضافاً إلى أنه ينبغي تخصيص الاكتفاء بصورة حكاية جميع الفصول من دون تبديل بالحولقة. فلاحظ.

[١] إجماعاً حكاه جماعة كثيرة. ويشهد له جملة من النصوص كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « كان رسول الله (ص) إذا سمع المؤذن يؤذن قال مثل ما يقول في كل شي‌ء » (٢) ، وصحيحه الآخر عنه عليه‌السلام : « يا محمد بن مسلم لا تدعن ذكر الله عز وجل على كل حال ، ولو سمعت المنادي ينادي بالأذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول المؤذن » (٣). ونحوهما غيرهما. وفي بعضها : أنه يزيد في الرزق (٤).

__________________

(١) يأتي في التعليقة الاتية.

(٢) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٣.

٥٧٥

سواء كان أذان الإعلام أو أذان الإعظام [١] ، أي أذان الصلاة جماعة ، أو فرادى ، مكروهاً كان [٢] أو مستحباً. نعم لا يستحب حكاية الأذان المحرم [٣]. والمراد بالحكاية : أن يقول مثل ما قال المؤذن [٤] عند السماع ، من غير فصل معتد به [٥] وكذا يستحب حكاية الإقامة [٦] أيضاً. لكن ينبغي إذا قال‌

______________________________________________________

[١] بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق النصوص.

[٢] للإطلاق أيضاً. والمراد بالمكروه : الأذان في بعض موارد السقوط.

[٣] كما عن نهاية الاحكام والتذكرة وكشف الالتباس والروض والمسالك وجامع المقاصد حيث خصوا الاستحباب بالأذان المشروع ، وكأنه لانصراف النصوص اليه. لكن التعليل في بعضها بأن ذكر الله تعالى حسن على كل حال (١) ، يقتضي العموم كما عن بعض التصريح به.

[٤] كما هو المأخوذ موضوعاً للحكم في النصوص ، وليس فيها ذكر الحكاية كما عرفت. وفي الشرائع وعن المبسوط والوسيلة وغيرها : يستحب أن يحكيه مع نفسه. والظاهر منه إرادة الحكاية بنحو كأنه يتكلم مع نفسه ودليله غير ظاهر. وعن فوائد الشرائع : تفسيره بأن لا يرفع صوته كالمؤذن. قال في محكي كلامه : « وسمعت من بعض من عاصرناه من الطلبة استحباب الإسرار بالحكاية ولا يظهر لي وجهه الآن ». وكما لم يظهر له وجه استحباب الاسرار لم يظهر لنا وجه استحباب أن لا يرفع صوته كالمؤذن.

[٥] كما يظهر من النصوص ، ولا سيما ما اشتمل منها على حرف المعية.

[٦] كما عن بعض الأصحاب. ولا دليل عليه ظاهر ، لاختصاص النصوص بالأذان. وإرادة ما يعم الإقامة منه. غير ظاهرة. ولذا صرح‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام الخلوة حديث : ٢.

٥٧٦

المقيم : ( قد قامت الصلاة ) أن يقول هو : ( اللهم أقمها وأدمها واجعلني من خير صالحي أهلها ) [١]. والأولى تبديل الحيعلات بالحولقة [٢] بأن يقول : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ).

______________________________________________________

جماعة على ما حكي بالاختصاص بالأذان دون الإقامة ، بل نسب ذلك الى المشهور. نعم يمكن أن يستفاد التعميم من التعليل في بعض النصوص بأن ذكر الله تعالى حسن ، لكنه لا يشمل الحيعلات. اللهم إلا أن يستفاد الشمول لها من جعله علة لحكاية تمام الفصول أن تمامها من الذكر. ومثله مرسل الدعائم عن أبي عبد الله (ع) : « إذا قال المؤذن : الله أكبر. فقل : الله أكبر ، فإذا قال : أشهد أن محمداً رسول الله (ص) فقل : أشهد أن محمداً رسول الله (ص) فاذا قال : قد قامت الصلاة. فقل : اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من خير صالحي أهلها عملا » (١). بل تمكن المناقشة في دلالته على استحباب حكاية جميع أذكار الإقامة أيضاً. فلاحظ.

[١] لما في خبر الدعائم المتقدم.

[٢] كما تضمنه مرسل الدعائم عن علي بن الحسين (ع) : « ان رسول الله (ص) كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول ، فاذا قال : حي على الصلاة حي على الفلاح حي على خير العمل. قال : لا حول ولا قوة إلا بالله » (٢) ونحوه خبر الآداب والمكارم (٣) على ما حكاه العلامة الطباطبائي في منظومته لكن في صلاحيتهما لمعارضة الصحاح المتقدمة الدالة على استحباب حكاية الحيعلات تأملا ظاهراً. فالجمع بينها ـ بعد البناء على قاعدة التسامح ـ

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ٣٤ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٩.

٥٧٧

( مسألة ٥ ) : يجوز حكاية الأذان وهو في الصلاة [١] لكن الأقوى حينئذ تبديل الحيعلات بالحولقة [٢].

______________________________________________________

يقتضي البناء على استحباب كل منهما جمعاً.

[١] كما صرح به جماعة وحكي عن ظاهر آخرين ، ويقتضيه إطلاق النصوص المتقدمة ، الشامل لحال الصلاة وغيرها. ودعوى عدم الإطلاق فيها ممنوعة جداً. وما عن صريح المبسوط والخلاف والتذكرة ونهاية الاحكام والبيان وجامع المقاصد والروض وغيرها من نفي استحباب الحكاية في الصلاة ، معللا بأن الإقبال على الصلاة أهم. غير ظاهر أولا : لعدم ثبوت الأهمية وثانياً : لأن الأهمية لا تنافي الاستحباب.

[٢] يعني : لو لم يبدل الحيعلات بالحولقة بطلت صلاته ـ كما نص عليه جماعة ـ لأن الحيعلات من كلام الآدميين المبطل ، وحينئذ فلو حرم الابطال حرمت الحكاية ، ولو جاز ـ كما في النافلة ـ جازت. ودعوى : أنها ليست من كلام الآدميين بل هي من الذكر غير المبطل ، كما يظهر من نصوص الحكاية. ممنوعة جداً. كيف؟! والظاهر أنه لا إشكال في الإبطال بها في غير مورد الحكاية. وأضعف منها دعوى : أن ما بين ما دل على استحباب الحكاية مطلقاً وما دل على البطلان بكلام الآدميين عموم من وجه ، فالبناء على البطلان يتوقف على ترجيح الثاني ، وهو غير ظاهر ، فيكون المرجع في مورد المعارضة الأصل. إذ فيها : أن الأول لا يدل على عدم البطلان بوجه وإنما يتعرض لحيثية الاستحباب لا غير ، فإطلاق الثاني محكم. نعم في مورد يحرم الابطال فيه يقع التعارض بين إطلاق الاستحباب وإطلاق حرمة الإبطال. لكن في مثل ذلك يجمع العرف بين الدليلين بحمل الأول على كونه وارداً لبيان حكمه بالنظر الى عنوانه الأولي فلا يصلح‌

٥٧٨

( مسألة ٦ ) : يعتبر في السقوط بالسماع عدم الفصل الطويل بينه وبين الصلاة [١].

( مسألة ٧ ) : الظاهر عدم الفرق بين السماع والاستماع [٢].

( مسألة ٨ ) : القدر المتيقن من الأذان الأذان المتعلق بالصلاة [٣] ، فلو سمع الأذان الذي يقال في أذان المولود أو وراء المسافر عند خروجه [٤] الى السفر لا يجزؤه.

______________________________________________________

لمعارضة إطلاق الدليل المتعرض لحكمه بالنظر الى عنوانه الثانوي وهو عنوان الابطال ، فيكون التعارض من قبيل تعارض اللامقتضي مع المقتضي المقدم فيه الثاني. ولذلك يتعين القول بحرمة الحكاية حيث يحرم الابطال وبجوازها حيث يجوز.

ثمَّ إنه بناء على عدم جواز حكاية الحيعلات قد يستشكل في مشروعية حكاية ما عداها من الفصول ، لأنه بعض الأذان ، ولا دليل على مشروعية حكاية البعض ، ولا دليل معتد به على بدلية الحولقة كي يكون الإتيان بها مع بقية الفصول حكاية لتمام الأذان. وفيه : أنه مبني على عدم تمامية قاعدة التسامح الدالة على البدلية. مع أن الظاهر من أدلة استحباب الحكاية هو استحباب حكاية كل فصل لنفسه لا أنه ارتباطي بين جميع الفصول فلاحظ.

[١] إذ لا تفي أدلة كفاية السماع إلا ببدليته عن المسموع ، فما دل على اعتبار عدم الفصل بين الأذان والإقامة وبين الصلاة محكم.

[٢] الموضوع في الأدلة السماع ، والاستماع من جملة أفراده.

[٣] لأنه الظاهر من نصوص البدلية ، ولا سيما بملاحظة ذكر الإقامة معه فيها.

[٤] قال في الجواهر : « قد شاع في زماننا الأذان والإقامة خلف‌

٥٧٩

( مسألة ٩ ) : الظاهر عدم الفرق بين أذان الرجل والمرأة [١] ، إلا إذا كان سماعه على الوجه المحرم ، أو كان أذان المرأة على الوجه المحرم.

( مسألة ١٠ ) : قد يقال : يشترط في السقوط بالسماع أن يكون السامع من الأول قاصداً للصلاة ، فلو لم يكن قاصداً وبعد السماع بنى على الصلاة لم يكف في السقوط. وله وجه [٢].

______________________________________________________

المسافر ، حتى استعمله علماء العصر فعلا وتقريراً ، إلا أني لم أجد به خبراً ، ولا من ذكره من الأصحاب ».

[١] لا يخلو من إشكال ، إذ لا إطلاق في النصوص يشمل المرأة. وأما ما في خبر ابن خالد من قوله (ع) : « يجزؤكم أذان جاركم » (١) ـ لو سلم شموله للمرأة ـ فضعيف السند. وقاعدة الاشتراك ـ لو سلمت ـ اختصت بما إذا كان الرجل موجهاً اليه الحكم ، لا ما إذا كان قيداً لموضوعه كما تقدم في بعض المباحث السابقة.

ثمَّ إنه لو بني على التعميم اختص بالأذان والسماع المحللين ، لأنهما مورد النصوص كما تقدم في المسألة السابقة ، لا أقل من عدم الإطلاق الشامل لغيرهما.

[٢] كأنه من جهة أن اعتبار التعيين في الأذان ـ كما سيأتي ـ يقتضي اعتباره في السماع المنزل منزلته. لكنه يتوقف على كون البدل هو السماع لا نفس الأذان المسموع ، ويلزمه اعتبار تعيين الصلاة المقصودة أيضاً ، لا مجرد قصد الصلاة في الجملة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

٥٨٠