مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

( مسألة ١٨ ) : الأحوط ترك السجود على القنب [١].

( مسألة ١٩ ) : لا يجوز السجود على القطن [٢] ، لكن يجوز على خشبه وورقه.

______________________________________________________

لا منع ، لانتفاء ذلك الاستعداد في الخوص. أما بناء على كفاية الاعداد في المنع فقد يشكل حينئذ وجهه. إلا أن لا يكتفى بهذا المقدار من الاعداد أو يتمسك بما ورد في جواز السجود على المروحة. وكذا الخمرة والخصفة فإنهما يعملان من الخوص ، بل والحصر ، فإنه يعمل منه غالباً.

[١] فقد حكى في الذكرى عن الفاضل جواز السجود عليه ، لعدم اعتبار لبسه ، وتوقف فيما لو اتخذ منه ثوب ، ثمَّ قال : « والظاهر القطع بالمنع لأنه معتاد اللبس في بعض البلدان ». وينبغي الجزم بالمنع بناء على ما ذكرنا من أن الاعتبار بالاستعداد للبس ، لكونه كذلك. بل وكذا بناء على اعتبار الاعداد ، حيث أن الظاهر أن ما يسمى في زماننا بـ « الشعيري » متخذ منه.

[٢] على المشهور فيه شهرة عظيمة ، بل عن التذكرة والمهذب البارع والمقتصر : نسبته إلى علمائنا ، بل عن الخلاف والمختلف والبيان : الإجماع عليه. ويشهد به ـ مضافاً الى النصوص المانعة من السجود على ما لبس ، فإنها كالنص في القطن والكتان ، لندرة غيرهما في ذلك الزمان أو عدمه ، والى خبري الفضل والأعمش المتقدمين في صدر المسألة (١) ، والى صحيح زرارة المتقدم (٢) في الثمرة المتضمن للمنع عن السجود على الثوب الكرسف وهو القطن كما في القاموس والمجمع ـ خبر ابن جعفر (ع) : « عن الرجل‌

__________________

(١) تقدما في أول الفصل.

(٢) تقدم في المسألة الرابعة عشرة من هذا الفصل.

٥٠١

______________________________________________________

يؤذيه حر الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كتاناً؟ قال (ع) : إذا كان مضطراً فليفعل » (١).

وعن السيد في الموصليات والمصريات الثانية : الجواز على الثوب المعمول منهما ، وظاهر محكي كلامه المفروغية عن صحة الصلاة لو سجد عليهما. وهو غريب ، إلا أن يريد الصحة في الجملة ولو عند الاضطرار. نعم يشهد للجواز خبر ياسر الخادم : « مرَّ بي أبو الحسن (ع) وأنا أصلي على الطبري وقد ألقيت عليه شيئاً أسجد عليه. فقال (ع) لي : ما لك لا تسجد عليه أليس هو من نبات الأرض؟ » (٢) ، وخبر داود الصرمي : « سألت أبا الحسن الثالث (ع) هل يجوز السجود على القطن والكتان من غير تقية؟ فقال (ع) : جائز » (٣) ، وخبر الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني : « كتبت الى أبي الحسن الثالث (ع) أسأله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة. فكتب (ع) إلي : ذلك جائز » (٤). لكن الطبري في الأول مجمل ، وظهور كلمات جماعة في أنه من القطن والكتان غير كاف في حجيته ، ولا سيما مع ما حكي عن المولى مراد من أنه الحصير الذي يعمله أهل طبرستان. وداود الصرمي لم يثبت اعتبار حديثه ، إذ لم ينص على توثيقه ، بل ولا على مدحه بنحو يعتد به. والصنعاني مهمل ، فلا يمكن التعويل على النصوص المذكورة في رفع اليد عن ظاهر ما سبق من المنع ، ولا سيما مع إعراض الأصحاب عنها ، وبنائهم على التصرف فيها بالحمل على التقية أو الضرورة. ومقتضى إطلاق المنع عدم الفرق بين كونه مغز ولا‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٢ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٧.

٥٠٢

( مسألة ٢٠ ) : لا بأس بالسجود على قراب السيف والخنجر إذا كان من الخشب [١] وإن كانا ملبوسين ، لعدم كونهما من الملابس المتعارفة.

( مسألة ٢١ ) : يجوز السجود على قشر البطيخ والرقي والرمان بعد الانفصال على إشكال [٢] ، ولا يجوز على قشر الخيار والتفاح [٣] ونحوهما.

( مسألة ٢٢ ) : يجوز السجود على القرطاس وإن كان متخذاً من [٤] القطن أو الصوف أو الإبريسم والحرير وكان فيه شي‌ء من النورة ، سواء كان أبيض ، أو مصبوغاً بلون أحمر أو أصفر أو أزرق ، أو مكتوباً عليه إن لم يكن مما له جرم حائل مما لا يجوز السجود عليه كالمداد المتخذ من الدخان ونحوه. وكذا لا بأس بالسجود على المراوح المصبوغة من غير جرم حائل.

______________________________________________________

وغيره. نعم في مرسل تحف العقول (١) : الجواز قبل الغزل. وعن التذكرة والنهاية : الاستشكال فيه حينئذ. لكنه غير ظاهر ، لضعف المرسل.

[١] الكلام فيه مثل الكلام في القبقاب والقلادة.

[٢] كأنه ينشأ من استصحاب المنع. لكن عرفت في قشر الجوز واللوز الكلام فيه. وحيث أن القشور المذكورة لا استعداد فيها للأكل ولا معدة له فلا إشكال.

[٣] حال قشر التفاح حال النحالة. وقد تقدم منه الجواز فيها. وأما قشر الخيار فلأجل أنه مستعد للأكل يكون المنع عنه متعيناً.

[٤] كما يقتضيه إطلاق الأكثر ، بدعوى إطلاق النصوص المتقدمة في‌

__________________

(١) تقدم في المسألة الرابعة عشرة من هذا الفصل.

٥٠٣

______________________________________________________

صدر المسألة. لكن في القواعد وعن نهاية الأحكام واللمعة والبيان وحاشية النافع : التقييد بالمتخذ من النبات. وعن حاشية الإرشاد والجعفرية وإرشادها والغرية : التقييد بما إذا كان من جنس ما يسجد عليه. قيل : وكلاهما غير ظاهر ، فإنه تقييد للنص والفتوى من غير مقيد. وتوهم أن المقيد ما دل على أنه لا يجوز السجود إلا على الأرض أو على ما أنبتته غير الملبوس والمأكول ، فيه : أن بينه وبين نصوص المقام عموماً من وجه والترجيح لها ، لظهورها في أن للقرطاسية خصوصية لأجلها يجوز السجود عليه. مع أن تقييدها بما يصح السجود عليه حمل على النادر. نعم لو سلم عدم الترجيح بذلك كان مقتضى التساقط الرجوع الى أصالة الاحتياط بناء على جريانها عند الدوران بين التعيين والتخيير ، لكون المقام منه.

هذا ولكن في ثبوت إطلاق النصوص المتقدمة (١) تأملا ، أما صحيح صفوان : فلاجمال الواقعة المحكية فيه ، فضلا عن إجمال القرطاس ، وأما صحيح ابن مهزيار : فوارد مورد السؤال عن مانعية الكتابة عن جواز السجود على ما يصح السجود عليه من أنواع القرطاس لا في مقام تشريع جواز السجود على القرطاس ، ومثله صحيح جميل بناء على ظهوره في الجواز ، إما بحمل الكراهة فيه على الكراهة المصطلحة ، أو لأن المنع عن خصوص المكتوب يدل على الجواز في غيره. وإذ لا إطلاق في النصوص يشكل جواز السجود على القرطاس اختياراً حتى المتخذ مما يجوز السجود عليه ، لعدم صدق الأرض أو ما أنبتت عليه. اللهم إلا أن يكون المستند فيه الإجماع ، لكن مقتضى الاقتصار على القدر المتيقن منه الاختصاص بخصوص المتخذ مما يصح السجود عليه ، فإطلاق المتن غير ظاهر. وأشكل منه التقييد‌

__________________

(١) تقدمت في أول الفصل.

٥٠٤

( مسألة ٢٣ ) : إذا لم يكن عنده ما يصح السجود عليه ـ من الأرض أو نباتها أو القرطاس ـ أو كان ولم يتمكن من السجود عليه لحر أو برد أو تقية أو غيرها سجد على ثوبه [١]

______________________________________________________

بالمتخذ من النبات وإن كان مما يؤكل أو يلبس ، إذ لا يتم سواء أكان لنصوص القرطاس إطلاق أم لم يكن ، إذ على الثاني يتعين ما ذكرنا. وكذا على الأول بناء على معارضته بإطلاق المنع عن السجود على ما لم يكن أرضاً ولا نباتها على معارضته بإطلاق المنع عن السجود على ما لم يكن أرضاً ولا نباتها غير المأكول والملبوس ، وبناء على العمل به وعدم معارضته بما ذكر يتعين ما في المتن ، فلاحظ.

[١] الذي ذكره غير واحد مرسلين له إرسال المسلمات من دون تعرض لخلاف فيه : وجود بدل شرعي اضطراري لمن لم يتمكن من المسجد الاختياري. ويشهد له خبر أبي بصير عن أبي جعفر (ع) : « قلت له : أكون في السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي كيف أصنع؟ قال (ع) : تسجد على بعض ثوبك. فقلت : ليس علي ثوب يمكنني أن أسجد على طرفه ولا ذيله. قال (ع) : أسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد » (١). وضعف سنده ـ لو تمَّ ـ لا يقدح في حجيته بعد اعتماد الأصحاب عليه. وحمله على أن ذكر الثوب واليد للتنبيه على ما يمكنه السجود عليه خلاف الظاهر جداً. ومثله خبره الآخر المروي عن الفقيه : « عن رجل يصلي في حر شديد فيخاف على جبهته من الأرض. قال (ع) : يضع ثوبه تحت جبهته » (٢).

وصحيح منصور عن غير واحد من أصحابنا ( رض ) : « قلت لأبي‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٨.

٥٠٥

______________________________________________________

جعفر (ع) : إنا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه؟ قال (ع) : لا ، ولكن اجعل بينك وبينه شيئاً قطناً أو كتاناً » (١). والحمل على أن المنع عن السجود على الثلج لعدم الاستقرار لا لعدم كونه مسجداً ، وأن قوله (ع) : « قطناً أو كتاناً » وارد لبيان المثال لما يحصل به الاستقرار كأنه قال (ع) : « قطناً أو كتاناً أو غيرهما » أيضاً خلاف الظاهر. ودعوى : أن ظاهر الصحيحة جواز السجود على القطن والكتان اختياراً ، لأن كون الأرض باردة يكثر فيها الثلج لا يلازم الاضطرار الى غير الأرض ونباتها ، بل الحمل على ذلك حمل على النادر. ضعيفة ، لظهورها في إرادة السؤال عن جواز السجود على الثلج حيث لا يكون أرض ليسجد عليها ، لكون الثلج النازل من السماء مستوعباً وجه الأرض وما عليها من النبات كثيراً بحيث لا يمكنه نبشه والسجود على وجه الأرض ، ولعله ظاهر بأقل تأمل.

وخبر أحمد بن عمر : « سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يسجد على كم قميصه من أذى الحر والبرد أو على ردائه إذا كان تحته مسح أو غيره ما لا يسجد عليه. فقال (ع) : لا بأس به » (٢). فإنه ظاهر في مفروغية السائل عن عدم جواز السجود على المسح وغيره مما لا يسجد عليه ، واحتماله جواز السجود على الثوب لخصوصية فيه ، فقوله (ع) : « لا بأس » ـ مقتصراً عليه ـ تقرير للسائل على ما في ذهنه من عدم جواز السجود على المسح في هذه الحال. ولعل مثله صحيح محمد بن القاسم بن الفضيل : « كتب رجل إلى أبي الحسن (ع) هل يسجد الرجل على الثوب‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٣.

٥٠٦

القطن أو الكتان [١] ، وإن لم يكن سجد‌

______________________________________________________

يتقي به وجهه من الحر والبرد ومن الشي‌ء يكره السجود عليه؟ فقال (ع) : نعم لا بأس به » (١). وما ذكرنا هو العمدة في إثبات البدل الاضطراري أما خبر عيينة بياع القصب : « أدخل المسجد في اليوم الشديد الحر فأكره أن أصلي على الحصى فأبسط ثوبي فأسجد عليه؟ قال (ع) : نعم ليس به بأس » (٢). ونحوه غيره ، فلا دلالة لها إلا على جواز السجود على الثوب عند الضرورة ، وهو أعم من التعيين كما هو ظاهر.

[١] قد عرفت من النصوص السابقة أن الثوب هو البدل الأول. وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين كونه من القطن أو الكتان أو غيرهما ، لكنه مقيد بصحيح منصور (٣) بخصوص القطن أو الكتان ، ولازمه الانتقال إلى الكف الذي تضمنته رواية أبي بصير (٤) بمجرد فقد الثوب المذكور. ويحتمل تقييد بدلية الثوب بصورة فقد القطن والكتان ، فيكون البدل الأول القطن والكتان ، والثاني الثوب من غيرهما ، والثالث الكف. وفيه : أن لازمه تقييد الثوب المذكور في النصوص بما كان من غيرهما ليصح جعله في الرتبة الثانية ، وإذا دار الأمر بين تقييد الموضوع فقط وبين تقييده مع تقييد الحكم يكون الأول أولى ، ولا سيما وأن في جملة من النصوص ذكر الكم والقميص الغالب كونه منهما. فما قواه بعض من كون المراتب ثلاث غير ظاهر.

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ١.

(٣) تقدم في التعليقة السابقة.

(٤) تقدم في التعليقة السابقة‌

٥٠٧

على المعادن [١] أو ظهر كفه ، والأحوط تقديم الأول.

( مسألة ٢٤ ) : يشترط أن يكون ما يسجد عليه مما يمكن تمكين الجبهة عليه ، فلا يصح على الوحل والطين أو التراب الذي لا تتمكن الجبهة عليه [٢]. ومع إمكان التمكين لا بأس‌

______________________________________________________

[١] كأنه للنصوص المشار إليها آنفاً الدالة على جواز السجود على القير ، الواجب حملها على الضرورة ، جمعاً بينها وبين ما دل على المنع عنه. لكن لو بني على التعدي عن مواردها إلى مطلق المعادن فحملها على صورة تعذر السجود على الثوب لا شاهد له ، بل بعيد جداً ، ولا سيما بالنسبة إلى بعضها ، فالأولى تقييد نصوص الثوب بها فيكون مقدماً عليه ، وأولى منه عدم العمل بها في المقام ، لإجمال موردها ، والله سبحانه أعلم.

[٢] لاعتبار ذلك في السجود على الشي‌ء كما يأتي إن شاء الله. وفي موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو؟ فقال (ع) : إذا غرقت الجبهة ولم تثبت على الأرض » (١). وموثقه الآخر : « عن الرجل يصيبه المطر وهو في موضع لا يقدر أن يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعاً جافاً. قال (ع) : يفتتح الصلاة فإذا ركع فليركع كما يركع إذا صلى ، فاذا رفع رأسه من الركوع فليومئ بالسجود إيماء وهو قائم ، يفعل ذلك حتى يفرغ من الصلاة ، ويتشهد وهو قائم » (٢). ومثله صحيح هشام بن الحكم (٣) المروي عن مستطرفات السرائر.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب مكان المصلي حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب مكان المصلي حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب مكان المصلي حديث : ٥.

٥٠٨

بالسجود على الطين [١] ، ولكن إن لصق بجبهته يجب إزالته للسجدة الثانية. وكذا إذا سجد على التراب ولصق بجبهته يجب إزالته لها [٢]. ولو لم يجد إلا الطين الذي لا يمكن الاعتماد عليه سجد عليه بالوضع من غير اعتماد [٣].

( مسألة ٢٥ ) : إذا كان في الأرض ذات الطين بحيث يتلطخ به بدنه وثيابه في حال الجلوس للسجود والتشهد جاز له الصلاة مومياً للسجود ولا يجب الجلوس للتشهد [٤]

______________________________________________________

[١] بلا إشكال كما في الجواهر ، ويفهم من موثق عمار السابق‌. [٢] لكونه معدوداً من توابع الجبهة ، حائلا بينها وبين الأرض ، فلا يصدق السجود على الأرض. فتأمل.

[٣] لقاعدة الميسور التي يظهر منهم التسالم على العمل بها في أمثال المقام إلا أن يقوم دليل على البدلية ، وهو في مثل الفرض مفقود ، وموثق عمار السابق ونحوه مورده المسألة الآتية وهي ما إذا كان مكان المصلي فيه الطين لا مسجده فقط. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره غير واحد في هذا المقام من قولهم : « لا يجوز السجود على الوحل لعدم تمكن الجبهة فإن اضطر أومأ ». فإن إطلاقه شامل لهذه المسألة مع أنها غير مشمولة لنصوص الإيماء. نعم في محكي نهاية الأحكام : « إن أمن من التلطيخ فالوجه وجوب إلصاق الجبهة به إذا لم يتمكن من الاعتماد عليه ». وهو في محله.

[٤] كما ذكر جماعة كثيرة ، لموثق عمار وصحيح هشام السابقين. ومقتضى الجمود على قول السائل « لا يقدر .. » وإن كان هو عدم القدرة عقلا ـ ولو لعدم القدرة على الاعتماد على المسجد وتمكين الجبهة منه ـ

٥٠٩

لكن الأحوط مع عدم الحرج الجلوس لهما وإن تلطخ بدنه وثيابه [١] ، ومع الحرج أيضاً إذا تحمله صحت صلاته [٢].

( مسألة ٢٦ ) : السجود على الأرض أفضل من النبات [٣]

______________________________________________________

لكن الظاهر منه ـ بقرينة قوله : « ولم يجد موضعاً جافاً » ، وندرة عدم وجود موضع صلب يمكن الاعتماد عليه ـ إرادة عدم القدرة من جهة تلطخ ثيابه وتلوثها بالطين فيكون ذلك هو موضوع الحكم ببدلية الإيماء وعدم وجوب الجلوس له ولا للتشهد ، من دون فرق بين أن يكون السجود والجلوس له وللتشهد حرجياً وأن لا يكون. وما في جامع المقاصد ، وعن فوائد الشرائع والمسالك ، وفي المدارك وكشف اللثام من وجوب الانحناء إلى أن تصل الجبهة إلى الوحل ، لقاعدة الميسور التي لا يخرج عنها بالخبرين المذكورين غير ظاهر إذ القاعدة لا دليل عليها ظاهر غير الإجماع ، وهو مفقود ، والخبران صحيح وموثق وكلاهما حجة. ومثله ما حكي من وجوب الجلوس للإيماء وللتشهد فإنه طرح للخبرين من غير وجه ، وحملهما على صورة تعذر الجلوس ـ مع أنه بعيد في نفسه ـ خلاف الظاهر كما عرفت.

[١] لاحتمال تنزيل الخبرين على خصوص صورة الحرج في السجود والجلوس.

[٢] لأن أدلة الحرج لا تصلح لنفي الاقتضاء ، وإنما تنفي الإلزام ، ومع وجود المقتضي تصح العبادة. مع أن في ظرف الاقدام على الحرجي لا مجال لتطبيق أدلة الحرج لعدم الامتنان في تشريعها حينئذ. فتأمل جيداً.

[٣] لما في صحيح هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) : « السجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عز وجل » (١). وسأل إسحاق بن الفضيل أبا عبد الله (ع) عن السجود على الحصر والبواري.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ١.

٥١٠

والقرطاس ، ولا يبعد كون التراب أفضل من الحجر [١]. وأفضل من الجميع التربة الحسينية ، فإنها تخرق الحجب السبع [٢] وتستنير إلى الأرضين السبع.

______________________________________________________

فقال (ع) : « لا بأس وأن يسجد على الأرض أحب إلي .. » (١).

[١] ففي خبر دعائم الإسلام : « ينبغي للمصلي أن يباشر بجبهته الأرض ويعفر وجهه في التراب لأنه من التذلل لله عز وجل » (٢). وفي الآخر : « أفضل ما يسجد عليه المصلي الأرض النقية » (٣). وفي التعليل في صحيح هشام دلالة عليه.

[٢] كما في رواية الشيخ في المصباح عن معاوية بن عمار قال : « كان لأبي عبد الله (ع) خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله (ع) ، فكان إذا حضرته الصلاة صبه على سجادته وسجد عليه ، ثمَّ قال (ع) : إن السجود على تربة أبي عبد الله (ع) تخرق الحجب السبع » (٤). ونحوه مرسل الطبرسي في مكارم الأخلاق (٥). وفي مرسل الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : « السجود على طين قبر الحسين (ع) ينور إلى الأرضين السبع » (٦).

وفي المسالك : ويستحب التسبيح بها استحباباً مؤكداً ، فروى الشيخ (ره) في التهذيب في الصحيح عن عبد الله بن جعفر الحميري قال :

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٤.

(٢) مستدرك الوسائل باب : ١٠ من أبواب ما يسجد عليه ملحق الحديث الأول.

(٣) مستدرك الوسائل باب : ١٠ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ١٦ من أبواب التعقيب حديث : ٤.

(٦) الوسائل باب : ١٦ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ١.

٥١١

______________________________________________________

« كتبت إلى الفقيه أسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر؟ وهل فيه فضل؟ فأجاب ـ وقرأت التوقيع ومنه نسخت ـ : سبح به فما من شي‌ء من التسبيح أفضل منه ، ومن فضله أن المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له ذلك التسبيح » (١). وروى الشيخ في المصباح عن عبد الله بن علي الحلبي عن أبي الحسن موسى (ع) : « لا يخلو المؤمن من خمسة : سواك ومشط وسجادة وسبحة فيها أربع وثلاثون حبة وخاتم عقيق » (٢). وروى أيضاً عن الصادق (ع) : « من أدار الحجر من تربة الحسين (ع) فاستغفر به مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة ، وإن أمسك السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبع مرات » (٣). والمراد من طين القبر في الخبر الأول طين قبر الحسين (ع) كما يشير اليه ما في مكارم الأخلاق عن إبراهيم بن محمد الثقفي : « أن فاطمة (ع) بنت رسول الله (ص) كانت سبحتها من خيوط الصوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات فكانت تديرها بيدها تكبر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب رضي‌الله‌عنه سيد الشهداء فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها الناس ، فلما قتل الحسين (ع) عدل إليه بالأمر فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية » (٤). ومنه يظهر أن المراد بالسبحة في الخبر الثاني ما كانت من طين قبر الحسين (ع). وقريب منه في الدلالة على ذلك ما رواه عن كتاب الحسن بن محبوب : « ان أبا عبد الله (ع) سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة (ع) والحسين (ع) والتفاضل بينهما.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٥٠ من أبواب المزار حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١٦ من أبواب التعقيب حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ١٦ من أبواب التعقيب حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ١٦ من أبواب التعقيب حديث : ١.

٥١٢

( مسألة ٢٧ ) : إذا اشتغل بالصلاة وفي أثنائها فقد ما يصح السجود عليه قطعها في سعة الوقت [١] ، وفي الضيق يسجد على ثوبه القطن أو الكتان أو المعادن أو ظهر الكف على الترتيب.

______________________________________________________

فقال (ع) : السبحة التي من طين قبر الحسين (ع) تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح » (١). ثمَّ إن الخبر الأول رواه في الاحتجاج عن محمد بن عبد الله بن جعفر (٢) : أنه كتب إلى صاحب الزمان (ع). ويظهر منه أن الفقيه من ألقابه (ع) ، وإن كان المشهور أنه من ألقاب الكاظم (ع).

[١] إذا فقد ما يسجد عليه في أثناء صلاته فتارة : يقدر عليه لو قطع صلاته لوجوده عنده في مكان آخر ، وأخرى : لا يكون كذلك فلا يقدر عليه إلا بانتظار وقت آخر. فعلى الأول : لا يجوز إتمام صلاته بالسجود على الثوب أو الكف مثلا لقدرته على الأرض أو ما أنبتته. وما يتراءى من النصوص من الشمول لصورة القدرة مقيد بما في خبر ابن جعفر (ع) : « عن الرجل يؤذيه حر الأرض وهو في الصلاة ولا يقدر على السجود هل يصلح له أن يضع ثوبه إذا كان قطناً أو كتاناً؟ قال (ع) : إذا كان مضطراً فليفعل » (٣). وما يقال من أن حرمة قطع الصلاة توجب سلب قدرته عليهما مندفع بأن الصلاة حينئذ باطلة في نفسها ، لعدم مشروعيتها على الحال المذكورة. وعلى الثاني : تكون المسألة من صغريات‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٦ من أبواب التعقيب حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب المزار ملحق الحديث الأول.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يسجد عليه حديث : ٩.

٥١٣

( مسألة ٢٨ ) : إذا سجد على ما لا يجوز باعتقاد أنه مما يجوز فان كان بعد رفع الرأس مضى ولا شي‌ء عليه [١] ، وإن كان قبله جر جبهته [٢] إن أمكن ، وإلا قطع الصلاة في السعة [٣] ، وفي الضيق أتم على ما تقدم [٤] إن أمكن ، وإلا اكتفى به.

______________________________________________________

مسألة وجوب الانتظار لذوي الأعذار وجواز البدار ، والمختار فيها الأول إلا أن يكون لدليل البدلية خصوصية يقتضي جواز البدار ، ونصوص المقام من هذا القبيل ، بل هي كالصريحة فيه ، لأن حرارة الرمضاء إنما تكون في أوائل وقت الظهر ، وحمل النصوص على آخر الوقت أو أول الوقت مع العلم ببقاء الحرارة إلى آخر الوقت بعيد جداً لا مجال لارتكابه ، فلاحظ.

[١] هذا ـ بناء على ما يظهر منهم الإجماع عليه من كون الوضع على ما يصح السجود عليه من واجبات السجود ـ ظاهر ، لفوات المحل بمجرد رفع الرأس ، لأن محله صرف الوجود المنقطع برفع الرأس ، فيدور الأمر بين رفع اليد عن الصلاة من رأس وبين البناء على صحتها ، ولأجل أن حديث : « لا تعاد الصلاة » (١) شامل للبعض والتمام يتعين القول بالصحة. ولو قيل بأن ذلك من قيود السجود الواجب فاللازم إعادة السجود ، لعدم مطابقة المأتي به للمأمور به ، ويأتي لذلك تتمة في مبحث الخلل إن شاء الله تعالى ،

[٢] لبقاء المحل.

[٣] لوجوب الصلاة التامة.

[٤] يعني : من الانتقال إلى البدل الاضطراري ، وإن لم يمكن سقط‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب القبلة حديث : ١.

٥١٤

فصل في الأمكنة المكروهة

وهي مواضع : ( أحدها ) : الحمام [١] وإن كان نظيفاً ،

______________________________________________________

للاضطرار. والله سبحانه أعلم وَالحمدُ للّه ربّ العالَمين. إلى هنا انتهى ما أردنا تحريره من شرح مباحث مكان المصلي من كتاب ( العروة الوثقى ) ، وذلك في ( النجف الأشرف ) ، في جواز الحضرة العلوية المقدسة على مشرفها أفضل الصلاة والسلام ، في شهر شعبان من السنة الرابعة والخمسين بعد الالف والثلاثمائة هجرية على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية ، بقلم محررة الأحقر ( محسن ) خلف العلامة المرحوم السيد مهدي الطباطبائي الحكيم قدس‌سره.

فصل في الأمكنة المكروهة‌

[١] على المشهور ، وعن الخلاف والغنية : الإجماع عليها ، لمرسل عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله (ع) : « عشرة مواضع لا يصلى فيها : الطين ، والماء ، والحمام ، والقبور ، ومسان الطريق ، وقرى النمل ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ، والسبخ ، والثلج » (١). ونحوه مرسل ابن أبي عمير (٢). وفي خبر النوفلي : « الأرض كلها مسجد إلا الحمام والقبر » (٣). المحمولة على الكراهة جمعاً بينها وبين موثق عمار : « عن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٥ من أبواب مكان المصلي الحديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ١٥ من أبواب مكان المصلي ملحق الحديث السادس.

(٣) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب مكان المصلي حديث : ٤.

٥١٥

حتى المسلخ منه عند بعضهم [١]. ولا بأس بالصلاة على سطحه [٢] ( الثاني ) : المزبلة. ( الثالث ) : المكان المتخذ للكنيف ، ولو سطحاً متخذاً لذلك. ( الرابع ) : المكان الكسيف الذي يتنفر منه الطبع. ( الخامس ) : المكان الذي يذبح فيه الحيوانات‌

______________________________________________________

الصلاة في بيت الحمام. فقال (ع) : إذا كان الموضع نظيفاً فلا بأس » (١). ونحوه صحيح علي بن جعفر (ع) (٢). وحمل البيت فيهما على المسلخ ـ بقرينة ما في الفقيه من زيادة ( يعني : المسلخ ) بعد روايته الصحيح ـ في غير محله ، لكون الظاهر أنها من كلام الصدوق كما عن جماعة. مع أنه لو ثبت أنها من كلام ابن جعفر (ع) وصح كونه صارفاً للصحيح فلا يصلح صارفاً للموثق. اللهم إلا أن يقال : ظاهر إضافة البيت إلى الحمام المغايرة ، فلا يصلح الموثق والصحيح لمعارضة ما تقدم. فالعمدة في الحمل على الكراهة دعوى الإجماع على الجواز ، لا أقل من منعها عن حجيته ولا سيما مع ضعفه في نفسه بالإرسال وغيره.

[١] حكي ذلك عن النهاية والأردبيلي وظاهر غيره ، لكن عن صريح جماعة كثيرة : العدم ، لاختصاص الحمام بما عدا المسلخ ، ولنفي البأس في الصحيح والموثق المتقدمين عن الصلاة في بيت الحمام ، وهو المسلخ كما فسره به علي بن جعفر (ع). لكن الاشكال على الجميع ظاهر ، إذ عرفنا اليوم يقتضي شمول الحمام للمسلخ ، وبيت الحمام غير ظاهر فيه ، وتفسير علي بن جعفر (ع) غير ثابت.

[٢] عن جماعة : التصريح به ، لعدم الدليل على الكراهة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب مكان المصلي حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب مكان المصلي حديث : ١.

٥١٦

______________________________________________________

أو ينحر. ( السادس ) : بيت المسكر. ( السابع ) : المطبخ ، وبيت النار. ( الثامن ) ، دور المجوس إلا إذا رشها ثمَّ صلى فيها بعد الجفاف. ( التاسع ) : الأرض السبخة. ( العاشر ) : كل أرض نزل فيها عذاب أو خسف. ( الحادي عشر ) : أعطان الإبل وإن كنست ورشت. ( الثاني عشر ) : مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ، ومرابض الغنم. ( الثالث عشر ) : على الثلج والجمد. ( الرابع عشر ) : قرى النمل وأوديتها وإن لم يكن فيها نمل ظاهر حال الصلاة. ( الخامس عشر ) : مجاري المياه وإن لم يتوقع جريانها فيها فعلا. نعم لا بأس بالصلاة على ساباط تحته نهر أو ساقية ، ولا في محل الماء الواقف. ( السادس عشر ) : الطرق وإن كانت في البلاد ما لم تضر بالمارة ، وإلا حرمت وبطلت. ( السابع عشر ) : في مكان يكون مقابلا لنار مضرمة أو سراج. ( الثامن عشر ) : في مكان يكون مقابله تمثال ذي الروح من غير فرق بين المجسم وغيره ، ولو كان ناقصاً نقصا لا يخرجه عن صدق الصورة والتمثال. وتزول الكراهة بالتغطية. ( التاسع عشر ) : بيت فيه تمثال وإن لم يكن مقابلا له. ( العشرون ) : مكان قبلته حائط ينز من بالوعة يبال فيها أو كنيف. وترتفع بستره. وكذا إذا كان قدامه عذرة. ( الحادي والعشرون ) : إذا كان قدامه مصحف أو كتاب مفتوح أو نقش شاغل ، بل كل شي‌ء شاغل. ( الثاني والعشرون ) : إذا كان قدامه إنسان‌

٥١٧

______________________________________________________

مواجه له. ( الثالث والعشرون ) : إذا كان مقابله باب مفتوح. ( الرابع والعشرون ) : المقابر. ( الخامس والعشرون ) : على القبر. ( السادس والعشرون ) : إذا كان القبر في قبلته وترتفع بالحائل. ( السابع والعشرون ) : بين القبرين من غير حائل ، ويكفي حائل واحد من أحد الطرفين. وإذا كان بين قبور أربعة يكفي حائلان أحدهما في جهة اليمين أو اليسار ، والآخر في جهة الخلف أو الامام. وترتفع أيضاً ببعد عشرة أذرع من كل جهة فيها القبر. ( الثامن والعشرون ) : بيت فيه كلب غير كلب الصيد. ( التاسع والعشرون ) : بيت فيه جنب. ( الثلاثون ) : إذا كان قدامه حديد من أسلحة أو غيرها. ( الواحد والثلاثون ) : إذا كان قدامه ورد عند بعضهم. ( الثاني والثلاثون ) : إذا كان قدامه بيدر حنطة أو شعير.

( مسألة ١ ) : لا بأس بالصلاة في البيع والكنائس وإن لم ترش ، وإن كان من غير إذن من أهلها كسائر مساجد المسلمين.

( مسألة ٢ ) : لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة (ع) ولا على يمينها وشمالها ، وإن كان الأولى الصلاة عند جهة الرأس على وجه لا يساوي الامام (ع).

( مسألة ٣ ) : يستحب أن يجعل المصلي بين يديه سترة إذا لم يكن قدامه حائط أو صف للحيلولة بينه وبين من يمر بين يديه إذا كان في معرض المرور وإن علم بعدم المرور فعلا. وكذا إذا كان هناك شخص حاضر. ويكفى فيها عود أو حبل‌

٥١٨

______________________________________________________

أو كومة تراب ، بل يكفي الخط. ولا يشترط فيها الحلية والطهارة. وهي نوع تعظيم وتوقير للصلاة ، وفيها إشارة إلى الانقطاع عن الخلق والتوجه الى الخالق.

( مسألة ٤ ) : يستحب الصلاة في المساجد وأفضلها المسجد الحرام ، فالصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة ، ثمَّ مسجد النبي (ص) والصلاة فيه تعدل عشرة آلاف ، ومسجد الكوفة وفيه تعدل ألف صلاة ، والمسجد الأقصى وفيه تعدل ألف صلاة أيضاً ، ثمَّ مسجد الجامع وفيه تعدل مائة ، ومسجد القبيلة وفيه تعدل خمساً وعشرين ، ومسجد السوق وفيه تعدل اثني عشر. ويستحب أن يجعل في بيته مسجداً ـ أي : مكاناً معداً للصلاة فيه ـ وإن كان لا يجري عليه أحكام المسجد. والأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن ، وأفضل البيوت بيت المخدع أي : بيت الخزانة في البيت.

( مسألة ٥ ) : يستحب الصلاة في مشاهد الأئمة (ع) وهي البيوت التي أمر الله تعالى أَن ترْفع ويذكر فيها اسمهُ ، بل هي أفضل من المساجد ، بل قد ورد في الخبر أن الصلاة عند علي (ع) بمائتي ألف صلاة (١). وكذا يستحب في روضات الأنبياء ومقام الأولياء والصلحاء والعلماء والعباد ، بل الأحياء منهم أيضاً.

( مسألة ٦ ) : يستحب تفريق الصلاة في أماكن متعددة‌

__________________

(١) أبواب الجنان : للشيخ خضر الشلال الفصل الثامن من الباب الثالث.

٥١٩

______________________________________________________

لتشهد له يوم القيامة ، ففي الخبر : « سأل الراوي أبا عبد الله (ع) يصلي الرجل نوافله في موضع أو يفرقها؟ قال (ع) : لا بل هاهنا وهاهنا فإنها تشهد له يوم القيامة » (١) ، وعنه (ع) « صلوا من المساجد في بقاع مختلفة فإن كل بقعة تشهد للمصلي عليها يوم القيامة » (٢).

( مسألة ٧ ) : يكره لجار المسجد أن يصلي في غيره لغير علة كالمطر ، قال النبي (ص) : « لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده » (٣). ويستحب ترك مؤاكلة من لا يحضر المسجد ، وترك مشاربته ومشاورته ومناكحته ومجاورته.

( مسألة ٨ ) : يستحب الصلاة في المسجد الذي لا يصلى فيه ويكره تعطيله ، فعن أبي عبد الله (ع) : ثلاثة يشكون الى الله عز وجل مسجد خراب لا يصلي فيه أهله ، وعالم بين جهال ، ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه » (٤).

( مسألة ٩ ) : يستحب كثرة التردد الى المساجد فعن النبي (ص) : « من مشى الى مسجد من مساجد الله فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع الى منزله عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات » (٥).

( مسألة ١٠ ) : يستحب بناء المسجد ، وفيه أجر عظيم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب مكان المصلي حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٤٢ من أبواب مكان المصلي حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب أحكام المساجد حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٥ من أبواب أحكام المساجد حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب أحكام المساجد حديث : ٣.

٥٢٠