مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ٥

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٣٥

______________________________________________________

قال رسول الله (ص) : « من بنى مسجداً في الدنيا أعطاه الله بكل شبر منه مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ولؤلؤ وزبرجد » (١). وعن الصادق (ع) : « من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة » (٢).

( مسألة ١١ ) : الأحوط إجراء صيغة الوقف بقصد القربة في صيرورته مسجداً ، بأن يقول : ( وقفته قربة الى الله تعالى ). لكن الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجداً مع صلاة شخص واحد فيه بإذن الباني ، فيجري عليه حينئذ حكم المسجدية وإن لم تجر الصيغة.

( مسألة ١٢ ) : الظاهر أنه يجوز أن يجعل الأرض فقط مسجداً دون البناء والسطح. وكذا يجوز أن يجعل السطح فقط مسجداً ، أو يجعل بعض الغرفات أو القباب أو نحو ذلك خارجاً ، فالحكم تابع لجعل الواقف والباني في التعميم والتخصيص. كما أنه كذلك بالنسبة إلى عموم المسلمين أو طائفة دون أخرى على الأقوى.

( مسألة ١٣ ) : يستحب تعمير المسجد إذا أشرف على الخراب ، وإذا لم ينفع يجوز تخريبه وتجديد بنائه. بل الأقوى جواز تخريبه مع استحكامه لإرادة توسيعه من جهة حاجة الناس.

__________________

(١) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام المساجد حديث : ٤ وقد نقله عن عقاب الاعمال فراجعه صفحة : ٥١ وعبارة الوسائل تزيد على الأصل وما في المتن يختلف عنهما معاً فلاحظ.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب أحكام المساجد حديث : ١.

٥٢١

______________________________________________________

فصل

في بعض أحكام المسجد

( الأول ) : يحرم زخرفته أي : تزيينه بالذهب ، بل الأحوط ترك نقشه بالصور. ( الثاني ) : لا يجوز بيعه ولا بيع آلاته وإن صار خراباً ولم يبق آثار مسجديته ، ولا إدخاله في الملك ، ولا في الطريق ، فلا يخرج عن المسجدية أبداً ، ويبقى الأحكام من حرمة تنجيسه ووجوب احترامه. وتصرف آلاته في تعميره ، وإن لم يكن معمر تصرف في مسجد آخر وإن لم يمكن الانتفاع بها أصلا يجوز بيعها وصرف القيمة في تعميره أو تعمير مسجد آخر. ( الثالث ) : يحرم تنجيسه. وإذا تنجس يجب إزالتها فوراً وإن كان في وقت الصلاة مع سعته. نعم مع ضيقه تقدم الصلاة. ولو صلى مع السعة أثم لكن الأقوى صحة صلاته. ولو علم بالنجاسة أو تنجس في أثناء الصلاة لا يجب القطع للإزالة وإن كان في سعة الوقت ، بل يشكل جوازه. ولا بأس بإدخال النجاسة غير المتعدية ، إلا إذا كان موجباً للهتك كالكثيرة من العذرة اليابسة مثلا. وإذا لم يتمكن من الإزالة بأن احتاجت الى معين ولم يكن سقط وجوبها. والأحوط إعلام الغير إذا لم يتمكن‌

٥٢٢

______________________________________________________

وإذا كان جنباً وتوقفت الإزالة على المكث فيه فالظاهر عدم وجوب المبادرة إليها ، بل يؤخرها الى ما بعد الغسل ، ويحتمل وجوب التيمم والمبادرة إلى الإزالة.

( مسألة ١ ) : يجوز أن يتخذ الكنيف ونحوه من الأمكنة التي عليها البول والعذرة ونحوهما مسجداً ، بان يطم ويلقى عليها التراب النظيف ، ولا تضر نجاسة الباطن في هذه الصورة وإن كان لا يجوز تنجيسه في سائر المقامات ، لكن الأحوط إزالة النجاسة أولا ، أو جعل المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر. ( الرابع ) : لا يجوز إخراج الحصى منه ، وإن فعل رده الى ذلك المسجد أو مسجد آخر ، نعم لا بأس بإخراج التراب الزائد المجتمع بالكنس أو نحوه. ( الخامس ) : لا يحوز دفن الميت في المسجد إذا لم يكن مأموناً من التلويث ، بل مطلقاً على الأحوط. ( السادس ) : يستحب سبق الناس في الدخول الى المساجد ، والتأخر عنهم في الخروج منها. ( السابع ) : يستحب الإسراج فيه ، وكنسه ، والابتداء في دخوله بالرجل اليمنى وفي الخروج باليسرى ، وأن يتعاهد نعله تحفظاً عن تنجيسه ، وأن يستقبل القبلة ، ويدعو ، ويحمد الله ، ويصلي على النبي (ص) ، وأن يكون على طهارة. ( الثامن ) : يستحب صلاة التحية بعد الدخول ، وهي ركعتان ويجزى عنها الصلوات الواجبة أو المستحبة. ( التاسع ) :

٥٢٣

______________________________________________________

يستحب التطيب ولبس الثياب الفاخرة عند التوجه الى المسجد ( العاشر ) : يستحب جعل المطهرة على باب المسجد. ( الحادي عشر ) : يكره تعلية جدران المساجد ، ورفع المنارة عن السطح ، ونقشها بالصور غير ذوات الأرواح ، وأن يجعل لجدرانها شرفاً ، وأن يجعل لها محاريب داخلة. ( الثاني عشر ) : يكره استطراق المساجد إلا أن يصلي فيها ركعتين ، وكذا إلقاء النخامة والنخاعة والنوم إلا لضرورة ، ورفع الصوت إلا في الأذان ونحوه ، وإنشاد الضالة ، وحذف الحصى ، وقراءة الأشعار غير المواعظ ونحوها ، والبيع والشراء ، والتكلم في أمور الدنيا ، وقتل القمل ، وإقامة الحدود ، واتخاذها محلا للقضاء والمرافعة ، وسل السيف ، وتعليقه في القبلة ، ودخول من أكل البصل والثوم ونحوهما مما له رائحة تؤذي الناس ، وتمكين الأطفال والمجانين من الدخول فيها ، وعمل الصنائع وكشف العورة والسرة والفخذ والركبة ، وإخراج الريح.

( مسألة ٢ ) : صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.

( مسألة ٣ ) : الأفضل للرجال إتيان النوافل في المنازل والفرائض في المساجد.

٥٢٤

فصل

في الأذان والإقامة‌

لا إشكال في تأكد رجحانهما في الفرائض اليومية [١] أداء وقضاء ، جماعة وفرادى ، حضراً وسفراً. للرجال والنساء وذهب بعض العلماء الى وجوبهما [٢] ،

______________________________________________________

فصل

في الأذان والإقامة‌

[١] قال في المدارك : « أجمع العلماء كافة على مشروعية الأذان والإقامة للصلوات الخمس ». وقال في الحدائق : « لا ريب ولا إشكال في رجحان الأذان والإقامة في الصلوات الخمس المفروضة أداء وقضاء ، لجملة المصلين ذكوراً وإناثاً ، فرادى وجماعة ». وقال في المستند : « لا ريب في مشروعيتهما ومطلوبيتهما لكل من الفرائض الخمس اليومية ومنها الجمعة إلا فيما يأتي الكلام فيه ، للرجال والنساء ، فرادى وجماعة ، أداء وقضاء ، حضراً وسفراً ، بل هي إجماع من المسلمين ، بل ضروري الدين ». ويظهر ذلك كله من كلماتهم هنا في مقام نقل الأقوال في المسألة. فراجع. وإطلاق النصوص الآتية كاف فيه. فانتظر.

[٢] المحكي عن المشهور ـ كما عن جماعة كثيرة ـ : استحباب الأذان‌

٥٢٥

وخصه بعضهم بصلاة المغرب والصبح ، وبعضهم بصلاة الجماعة وجعلهما شرطاً في صحتها ، وبعضهم جعلهما شرطاً في حصول ثواب الجماعة. والأقوى استحباب الأذان مطلقاً [١]

______________________________________________________

والإقامة مطلقاً. وعن الجمل وشرحه والمقنعة والنهاية والمبسوط والوسيلة والمهذب وكتاب أحكام النساء للمفيد (ره) : أنهما واجبان على الرجال في الجماعة. وعن القاضي : نسبته إلى الأكثر. وعن الغنية والكافي والإصباح : إطلاق وجوبهما في الجماعة من دون تقييد بكونه على الرجال. وعن الشيخ (ره) ما نصه : « متى صليت جماعة بغير أذان ولا إقامة لم تحصل فضيلة الجماعة والصلاة ماضية ». وعن جمل السيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد : وجوب الإقامة في الصلوات مطلقاً. أما الأذان : فعن الأولين : اختصاص وجوبه بالصبح والمغرب. وعن الأخير : ذلك أيضاً على الرجال خاصة. هذا ما عثرت عليه من الأقوال. وأما القول بوجوبهما مطلقاً ـ كما يظهر من المتن ـ فغير ظاهر ، ولعل مراده الوجوب في الجملة وما بعده تفصيل له. نعم قال في المختلف : « القول باستحباب الأذان في كل المواطن ووجوب الإقامة في بعضها خارق للإجماع وخرق الإجماع باطل ». ومقتضاه عدم الفصل بين الأذان والإقامة في الوجوب والاستحباب ، فمن قال بوجوب الإقامة لزمه القول بوجوب الأذان وإلا لزم خرق الإجماع. فلاحظ.

[١] كما هو المشهور شهرة عظيمة. ويشهد له من النصوص (١) ما تضمن أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة ، ومن صلى بإقامة بلا أذان صلى خلفه صف واحد ، أو ملكان عن يمينه وشماله ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٤ من أبواب الأذان والإقامة.

٥٢٦

______________________________________________________

أو ملكان ، أو ملك ، وفي بعضها قال (ع) : « اغتنم الصفين » ، فإنها ظاهرة أو صريحة في كون فوات الأذان لا يوجب إلا فوات بعض مراتب كمال الصلاة. نعم في خبر أبي بصير عن أحدهما (ع) : « أيجزئ أذان واحد؟ قال (ع) : إن صليت جماعة لم يجزئ إلا أذان وإقامة ، وإن كنت وحدك تبادر أمراً تخاف أن يفوتك يجزؤك إقامة ، إلا الفجر والمغرب فإنه ينبغي أن تؤذن فيهما وتقيم من أجل أنه لا يقصر فيهما كما يقصر في سائر الصلوات » (١) ، وفي صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) « يجزؤك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان » (٢) ، وفي صحيح عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) : « أنه كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة ولم يؤذن » (٣) ، وفي موثق عمار عن أبي عبد الله (ع) : « عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجي‌ء رجل فيقول له : تصلي جماعة؟ هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ فقال (ع) : لا ولكن يؤذن ويقيم » (٤). وعلى هذه النصوص عول القائلون باعتباره في الجماعة مع الإقامة. مع أنه مقتضى أصالة الاحتياط في كل ما يحتمل دخله في الجماعة ، لعدم الإطلاق الصالح لنفي الشك في الشرطية كما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

وفيه : أن ظاهر الأول السؤال عن أجزاء الإقامة عن الأذان والإقامة وحينئذ فالجواب بعدم الاجزاء إنما يقتضي الوجوب لو كان وجوب الأذان‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١ وذيله في باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

(٤) الوسائل باب : ٢٧ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

٥٢٧

______________________________________________________

والإقامة مفروغاً عنه ، وهو عين المدعى ، بل لا يقول به المدعي إلا في خصوص الجماعة ، فالخبر ليس في مقام جعل الوجوب تعبداً أو وضعاً لهما في الجماعة أو مطلقاً ، بل في مقام بيان الاكتفاء عن المشروع ببعضه وعدمه وأين هو من المدعى؟! ومن ذلك يظهر الإشكال في الاستدلال بصحيح ابن سنان‌. مضافاً الى عدم وضوح دلالته على الجماعة. فتأمل. وأما صحيح الحلبي : فهو مجمل من حيث الوجوب والاستحباب ، وإنما يدل على أصل المشروعية. وأما موثق عمار : فالإشكال المتقدم فيه أظهر ، إذ هو كالصريح في السؤال عن الاجتزاء بالأذان والإقامة المأتي بهما سابقاً عن الأذان والإقامة الموظفين في الجماعة ولو على سبيل الاستحباب. مضافاً الى معارضته بما دل على انعقاد الجماعة بلا أذان ولا إقامة إذا كان الامام قد سمعهما ، ففي خبر أبي مريم الأنصاري : « صلى بنا أبو جعفر (ع) في قميص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة. الى أن قال : فقال (ع) : إني مررت بجعفر (ع) وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزأني ذلك » (١).

مع معارضة الجميع بصحيح علي بن رئاب : « سألت أبا عبد الله (ع) قلت : تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد أتجزؤنا إقامة بغير أذان؟ قال (ع) : نعم » (٢) ، وخبر الحسن بن زياد : « قال أبو عبد الله (ع) : إذا كان القوم لا ينتظرون أحداً اكتفوا بإقامة واحدة » (٣) وبذلك ترفع اليد عن أصالة الاحتياط المتقدمة ، ويتعين حمل النصوص المتقدمة منطوقاً ومفهوماً على تأكد الاستحباب. واحتمال الجمع بحمل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٠.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٨.

٥٢٨

______________________________________________________

الطائفة الأولى على صورة الانتظار لبعض المأمومين ، بشهادة خبر الحسن ابن زياد ـ مع أنه لا يوافق القول المذكور ـ بعيد ، ولا سيما في موثق عمار ، ولو سلم فظاهر الحسن كون الفائدة المقصودة منه حضور المنتظرين بلا دخل له في الصلاة ، فلاحظ.

وأما القائلون باعتباره في الصبح والمغرب : فيشهد لقولهم ذيل خبر أبي بصير المتقدم (١) ، وما في صحيح صفوان بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : « ولا بد في الفجر والمغرب من أذان وإقامة في الحضر والسفر لأنه لا يقصر فيهما في حضر ولا سفر ، وتجزؤك إقامة بغير أذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، والأذان والإقامة في جميع الصلوات أفضل » (٢) ، وصحيح الصباح بن سيابة : « قال لي أبو عبد الله (ع) : لا تدع الأذان في الصلوات كلها ، فان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير » (٣) ، وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) : « تجزؤك في الصلاة إقامة واحدة إلا الغداة والمغرب » (٤). ونحوها غيرها. لكن يعارضها في المغرب صحيح عمر بن يزيد : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الإقامة بغير الأذان في المغرب. فقال (ع) : ليس به بأس وما أحب أن يعتاد » (٥). فيتعين حمل ما سبق على تأكد الاستحباب في المغرب. ولأجل اشتماله على التعليل الذي يمتنع فيه عرفاً التفكيك بين المغرب والصبح ، إذ لا بد أن يكون المقصود منه التعليل بجهة واحدة ذات اقتضاء واحد فيهما معاً ، بحمل ما سبق على تأكد الاستحباب في الصبح‌

__________________

(١) تقدم في صدر هذه التعليقة.

(٢) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

٥٢٩

والأحوط عدم ترك الإقامة للرجال [١]

______________________________________________________

أيضاً. مضافاً الى اشتمالها على : « ينبغي » (١) و « يجزؤك » (٢) مما لا يكون ظاهراً في الوجوب.

[١] إذ قد عرفت ذهاب السيد (ره) وابن أبي عقيل وابن الجنيد الى وجوبها إما مطلقاً ـ كما عن الثاني ـ أو على خصوص الرجال ـ كما عن الآخرين ـ واختاره في الحدائق ، وحكي عن الوحيد : الميل اليه ، وفي البحار قال : « فاعلم أن الأخبار في ذلك مختلفة جداً ومقتضى الجمع استحباب الأذان مطلقاً وأما الإقامة ففيه إشكال ، إذ الأخبار الدالة على جواز الترك إنما هي في الأذان ، وتمسكوا في الإقامة بخرق الإجماع المركب وفيه ما فيه. والأحوط عدم ترك الإقامة مطلقاً ، والأذان في الغداة والمغرب والجمعة والجماعة ولا سيما في الحضر ». وقد ادعي استفاضة النصوص الدالة على الوجوب.

منها : ما تضمن التعبير باجزاء الإقامة ، إما في السفر (٣) ، أو إذا صلى وحده (٤) ، أو في الظهرين والعشاء (٥) ، أو إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا (٦) ، أو نحو ذلك مما هو ظاهر في أن الإقامة أدنى ما يجزئ. وفيه : ما عرفت من أن هذا التعبير لما لم يكن في مقام التشريع الابتدائي بل في مقام بيان ما يجتزأ به عن المشروع وما لا يجتزأ‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٧.

(٢) لم أجد هذا التعبير في أحاديث الباب والموجود فيها : أدنى ما يجزى : فراجع الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

(٥) الوسائل باب : ٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٦) الوسائل باب : ٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٨.

٥٣٠

______________________________________________________

به عنه ، لا يصلح للدلالة على الوجوب ولا على الاستحباب.

ومنها : موثق عمار المتقدم (١). وفيه : أنك عرفت ما فيه.

ومنها : موثقه الآخر قال : « سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : لا بد للمريض أن يؤذن ويقيم إذا أراد الصلاة ولو في نفسه إن لم يقدر على أن يتكلم به. سئل فإن كان شديد الوجع؟ قال (ع) : لا بد من أن يؤذن ويقيم لأنه لا صلاة إلا بأذان وإقامة » (٢).

وفيه : أن نفي الصحة بالإضافة إلى الأذان غير ممكن لما عرفت من الأدلة على استحبابه ، فاما أن يحمل على نفي الصحة بالإضافة إلى الإقامة ونفي الكمال بالإضافة إلى الأذان ، أو على نفي الكمال بالإضافة إليهما ، والأول ممتنع لأنه استعمال في معنيين ، والثاني يوجب نفي دلالته على المدعى ، ونحوه في الاشكال ما في صحيح صفوان المتقدم (٣) ونحوه.

ومنها : ما دل على أن الإقامة من الصلاة كخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ : « وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في الصلاة » (٤) ، وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله (ع) ـ في حديث ـ : « إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة » (٥) ، وخبر أبى هارون المكفوف : « قال أبو عبد الله (ع) : يا أبا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك » (٦). وفيه : ـ مع ضعف سنده ـ أنه مخالف لما دل‌

__________________

(١) تقدم في التعليقة السابقة.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٣) تقدم في التعليقة السابقة.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٢.

(٥) الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٩.

(٦) الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١٢.

٥٣١

______________________________________________________

على خروج الإقامة عنها مثل ما تضمن أن افتتاحها التكبير (١) وغيره ، بل هو خلاف ضروري نصوص الإقامة نفسها ـ فلاحظ أبوابها ، ولا سيما باب ما تضمن أحكام ناسي الأذان والإقامة ، أو الإقامة وحدها (٢) ـ فضلا عن وضوح خلاف ذلك في نفسه ، فلا بد أن يحمل على التنزيل بلحاظ الأحكام ـ مثل لزوم التمكن والترسل وحرمة الكلام والإيماء باليد التي هي مورد النص المذكور ونحوها من الأحكام ـ لا الوجوب ، فان النص المذكور ليس في مقام بيان ذلك ، كما هو ظاهر بأقل ملاحظة.

ومنها : ما دل على حرمة الكلام بعدها (٣) ، وعلى اعتبار الطهارة (٤) والاستقبال (٥) والتمكن والقيام ونحوها من شرائط الصلاة فيها. وفيه : أن ذلك أعم كما هو ظاهر. مع معارضة الأول بما دل على جواز الكلام بعدها كما سيأتي إن شاء الله.

ومنها : ما دل على أنه لا أذان ولا إقامة على النساء (٦) ، بضميمة ما دل على مشروعيتهما لها ، إذ هو يقتضي حمله على نفي اللزوم ، فيدل بالمفهوم على اللزوم للرجال ، بل مقتضى حرف الاستعلاء كونه ظاهراً بنفسه في نفي اللزوم. وفيه : أن الاستدلال إن كان من أجل المفهوم فهو من مفهوم اللقب وليس بحجة. وإن كان من جهة ظهوره في كونه من قبيل الاستثناء من عموم الحكم للرجال والنساء فلا ظهور فيه بنحو يعتد به في كون الحكم المستثنى منه على نحو الوجوب ، كما يشهد به‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١ من أبواب تكبيرة الإحرام.

(٢) راجع الوسائل باب : ٢٨ و ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة.

(٣) راجع الوسائل باب : ١٠ من أبواب الأذان والإقامة.

(٤) راجع الوسائل باب : ٩ من أبواب الأذان والإقامة.

(٥) راجع الوسائل باب : ١٣ من أبواب الأذان والإقامة.

(٦) راجع الوسائل باب : ١٤ من أبواب الأذان والإقامة.

٥٣٢

______________________________________________________

ذكر الأذان والجماعة وغيرهما من المستحبات في سياق الإقامة بنحو واحد.

ومنها : ما تضمن الأمر بقطع الصلاة عند نسيان الإقامة وحدها أو مع الأذان (١). وفيه : أن الأمر فيها يراد منه الجواز أو الاستحباب بقرينة ما دل على جواز المضي وأن جواز القطع أو استحبابه أعم من المدعى كما لا يخفى.

وبالجملة : ليس في النصوص ما هو ظاهر في وجوب الإقامة بنحو معتد به. نعم في موثق عمار : « إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذن وأقم ، وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو كلام أو تسبيح » (٢) وظهوره في وجوب كل من الأذان والإقامة لا مجال لإنكاره ، وقيام الدليل على جواز ترك الأذان غير كاف في رفع اليد عن ظهوره في وجوب الإقامة ، لإمكان التفكيك بينهما كما يظهر من ملاحظة نظائره. لكن مع أن ذكره في سياق الأمر بالفصل بينه وبين الإقامة المراد منهما الاستحباب يوجب شيئاً من الوهن أنه يمكن معارضته بما دل على أن من صلى بإقامة صلى خلفه صف واحد (٣) ونحوه مما هو ظاهر في أن الفائدة في مشروعية الإقامة ائتمام الملائكة بالمقيم ، لكمال صلاته بحيث يكون تركها موجباً لفوات ائتمامهم به لا بطلان صلاته ، كأنه قيل : ( ومن صلى بلا إقامة لم يصل خلفه أحد ) بل حكي تذييله بذلك في روايات أهل الخلاف. والانصاف أن هذا اللسان في دليل التشريع آب عن الحمل على الوجوب جداً ، بل الظاهر أنه لا نظير له في الواجبات ، وهذا المقدار من الظهور في الاستحباب كاف في صرف ظهور الموثق أو نحوه لو وجد.

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٨ و ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٤ من أبواب الأذان ولإقامة حديث : ١ وغيره.

٥٣٣

______________________________________________________

وهذا هو العمدة في نفي الوجوب لا صحيح حماد بن عيسى (١) المشهور المتضمن لبيان كيفية الصلاة من أجل أنه لم يتعرض فيه للإقامة ، إذ ليس هو وارداً إلا لبيان نفس الصلاة وما فيها من الآداب ـ أعني : ما بين التكبير والتسليم ـ لا ما كان خارجاً عنها وإلا فالإشكال محكم على الصحيح على كل حال ، إذ لا يظهر الوجه حينئذ في ترك الأذان والإقامة ولو كان من المستحبات ، فان حالهما حال غيرهما منها مما ذكر فيه. ولا خبر أبي بصير : « عن رجل نسي أن يقيم الصلاة حتى انصرف أيعيد صلاته؟ قال (ع) : لا يعيد ولا يعود لمثلها » (٢) ، فان حمل لنسيان على الترك عمداً ـ كما عن ظاهر الشيخ والحلي وابن سعيد ـ غير ظاهر ، والنهي عن العود لمثله لا يصلح قرينة عليه ، لإمكان حمله على وجوب التحفظ حتى لا يقع في النسيان. مع أن عدم وجوب إعادة الصلاة إنما ينافي الوجوب الغيري لا النفسي التعبدي الذي لا يأبى كلام بعض القائلين بالوجوب عن إرادته ، وإن نص بعضهم على إرادة الأول. ولا صحيح زرارة أو حسنه عن أبي جعفر (ع) : « عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة. قال (ع) : فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة » (٣) ـ بناء على أن المراد من الأذان ما يعم الإقامة بقرينة السؤال ـ إذ لا يظهر كون المراد من السنة المندوب ، لاحتمال كون المراد بها مقابل الفريضة كما أطلقت على القراءة والتشهد بذلك المعنى. ولا الإجماع على عدم التفكيك بين الأذان والإقامة في الوجوب والاستحباب الذي ادعاه في المختلف ، وحكي عن غيره ممن تأخر‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب أفعال الصلاة حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٢٨ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

٥٣٤

في غير موارد السقوط [١] ، وغير حال الاستعجال [٢] والسفر وضيق الوقت. وهما مختصان بالفرائض اليومية [٣].

______________________________________________________

عنه ، لعدم ثبوت ذلك ، بل الثابت خلافه. ومما ذكرنا كله يظهر لك قوة القول المشهور.

[١] يأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى.

[٢] الأدلة المستدل بها على الوجوب على تقدير تمامية دلالتها شاملة لحالي الاستعجال والسفر وغيرهما ، ولا دليل على السقوط في الحالين المذكورين ، فالجزم بعدم الوجوب فيهما والتوقف فيه في غيرهما غير ظاهر. نعم سيأتي التعرض لجواز الاقتصار على فصل واحد من كل من فصول الأذان والإقامة في السفر وفي الاستعجال. لكنه لا ينافي إطلاق وجوب الإقامة بوجه. وكذا حال ضيق الوقت. مع أنه لم يرد فيه نص بالقصر ، إلا أن يلحق بالاستعجال ، ولا يخلو من تأمل.

[٣] إجماعا كما في المعتبر والمنتهى ، وعن التذكرة والذكرى وجامع المقاصد والغرية ، بل في الأول. أنه إجماع علماء الإسلام. وفي الثاني : أنه قول علماء الإسلام. وبذلك يخرج عن إطلاق بعض النصوص الشامل لغير الفرائض ، مثل ما تقدم في موثق عمار : « لا صلاة إلا بأذان وإقامة » (١) أو غير اليومية مثل موثقه الآخر : « إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذن وأقم .. » (٢). ويشهد له في الجملة مصحح زرارة : « قال أبو جعفر عليه‌السلام : ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة. أذانهما طلوع الشمس » (٣). وخبر إسماعيل الجعفي : « أرأيت صلاة العيدين‌

__________________

(١) تقدم صفحة ٥٣١.

(٢) تقدم صفحة ٥٣٣.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة العيد حديث : ٥.

٥٣٥

وأما في سائر الصلوات الواجبة فيقال : ( الصلاة ) ثلاث مرات [١]. نعم يستحب الأذان في الأذان اليمنى من المولود [٢] والإقامة في أذنه اليسرى يوم تولده [٣]

______________________________________________________

هل فيهما أذان وإقامة؟ قال (ع) : ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكنه ينادى : الصلاة ثلاث مرات » (١).

[١] كما عن الفاضلين والشهيدين والمحقق الثاني. وكأنه لخبر إسماعيل المتقدم بإلغاء خصوصية مورده ، ولا يخلو من إشكال ، إلا بناء على قاعدة التسامح وعلى شمولها للفتوى ، لكن مقتضى ذلك التعميم لغير الواجبة ـ كما عن التذكرة ونهاية الاحكام ـ لاتحاد الوجه في الجميع. وكيف كان ، فالقول المذكور إنما يشرع بقصد الاعلام بفعل الصلاة ، لا أذان الإعلام بالوقت ، ولا لأجل الصلاة على ما يقتضيه ظاهر النص ، فيختص بما يرغب فيه بالاجتماع كما لعله ظاهر.

[٢] ففي رواية السكوني عن أبي عبد الله (ع) : « قال رسول الله (ص) : من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في أذنه اليسرى فإنها عصمة من الشيطان الرجيم » (٢). ونحوه ما في خبر أبي يحيى الرازي (٣) ، ومرسل الفقيه (٤). ولعله المراد بما في خبر حفص الكناسي من الإقامة في أذنه اليمنى (٥).

[٣] كما في الخبر عن الرضا (ع) وفيه : « أن رسول الله (ص)

__________________

(١) الوسائل باب : ٧ من أبواب صلاة العبد حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب الأذان والإقامة : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ٣.

٥٣٦

أو قبل أن تسقط سرته [١]. وكذا يستحب الأذان في الفلوات عند الوحشة [٢] من الغول وسحرة الجن ، وكذا يستحب الأذان في أذن من ترك اللحم أربعين يوماً [٣].

______________________________________________________

أذن في أذن الحسين (ع) بالصلاة يوم ولد » (١).

[١] كما في خبر أبي يحيى الرازي (٢) ، والجمع بينه وبين ما قبله ظاهر.

[٢] ففي مرسل الفقيه : « قال الصادق (ع) : إذا تولعت بكم الغول فأذنوا » (٣) ، وفي خبر جابر : « إذا تغولت بكم الغيلان فأذنوا بأذان الصلاة » (٤). ونحوه ما عن الجعفريات (٥) والدعائم (٦). وعن الهروي : « ان العرب تقول : إن الغيلان في الفلوات ترائي الناس تغول تغولا ـ أي : تلون تلوناً ـ تضلهم عن الطريق وتهلكهم وروي في الحديث ( لا غول ). وفيه إبطال لكلام العرب » (٧) فيمكن أن يكون الأذان لدفع الخيال الذي يحصل في الفلوات وإن لم يكن له حقيقة ، فكأن ذكر سحرة الجن في المتن من باب التفسير.

[٣] ففي مصحح هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) : « اللحم ينبت اللحم ومن تركه أربعين يوماً ساء خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا في أذنه » (٨). وخبر أبي حفص : « كلوا اللحم فان اللحم من اللحم واللحم ينبت اللحم. وقال :

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٦ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ٧.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب أحكام الأولاد حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٤٦ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٥) مستدرك الوسائل باب : ٣٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

(٦) مستدرك الوسائل باب : ٣٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٤.

(٧) ذكره الهروي في الغريبين المجلد الأول من المجلد الثاني ورقة : ١٠٨ مصور في مكتبة آية الله الحكيم العامة وما في المتن منقول بالمعنى عما هو مذكور في المصدر المزبور مع تقديم تأخير‌

(٨) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الأطعمة المباحة حديث : ١.

٥٣٧

وكذا كل من ساء خلقه [١]. والأولى أن يكون في أذنه اليمنى [٢] ، وكذا الدابة إذا ساء خلقها [٣].

ثمَّ إن الأذان قسمان أذان الاعلام وأذان الصلاة [٤].

______________________________________________________

من لم يأكل اللحم أربعين يوماً ساء خلقه فإذا ساء خلق أحدكم من إنسان أو دابة فأذنوا في أذنه الأذان كله » (١). ونحوهما غيرهما.

[١] كما يستفاد من النصوص السابقة.

[٢] كما قيد به في خبر الواسطي (٢).

[٣] كما في خبر أبي حفص المتقدم.

[٤] كما صرح به غير واحد. ويشهد للأول النصوص الكثيرة المتعرضة لأجر المؤذنين مثل صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) : « قال : قال رسول الله (ص) : من أذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة » (٣) ، وخبر سعد الإسكاف : « سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : من أذن سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة ولا ذنب له » (٤) ، وخبر سعد بن طريف عن أبي جعفر (ع) : « من أذن عشر سنين محتسباً يغفر الله مد بصره وصوته في السماء ، ويصدقه كل رطب ويابس سمعه ، وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم ، وله من كل من يصلي بصوته حسنة » (٥) ونحوها غيرها مما هو كثير. والجميع ظاهر في رجحان الأذان في الأوقات من حيث نفسه لا من حيث الصلاة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الأطعمة المباحة حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الأطعمة المباحة حديث : ٧.

(٣) الوسائل باب : ٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٢ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٥.

٥٣٨

ويشترط في أذان الصلاة ـ كالإقامة ـ قصد القربة [١] ، بخلاف أذان الاعلام [٢] فإنه لا يعتبر فيه ،

______________________________________________________

ويشهد للثاني المستفيضة (١) المتضمنة : أن من صلى بأذان وإقامة صلى خلفه صفان من الملائكة ومن صلى بإقامة بلا أذان صلى خلفه صف واحد ، أو ملكان. أو غير ذلك كما تقدمت الإشارة إليها. ومثلها النصوص الكثيرة المتضمنة لحكم الصلاة بالأذان والإقامة المتقدم بعضها في أدلة الوجوب والاستحباب مثل : « لا صلاة إلا بأذان وإقامة » (٢). وحينئذ فما عن جماعة من أنه إنما شرع للاعلام ، وشرعه للقضاء بالنص. غير ظاهر. وكذا ما عن ظاهر حواشي الشهيد من أنه إنما هو مشروع للصلاة خاصة والاعلام تابع.

[١] للإجماع ظاهراً على كونه عبادة لا يصح إلا بقصد القربة ، والارتكاز المتشرعي شاهد به.

[٢] كما صرح بذلك في الجواهر ـ تبعاً للعلامة الطباطبائي في منظومته ـ لحصول الغرض بفعله مطلقاً ، وكأنه مما لا إشكال فيه عندهم. ولولاه أشكل ذلك بأنه لا إطلاق يقتضي عدم الاعتبار ، لعدم كون القربة من القيود للموضوع الشرعي. ومنه يظهر عدم جريان الأصول الشرعية النافية مثل حديث الرفع ونحوه ، بل الأصول العقلية ، لعدم العقاب على كل حال. مع أن ما ذكر لا يناسب ما ذكره الجماعة في تعليل اعتبار الذكورة في أذان الاعلام من أن النهي عنه مفسد له ، إذ النهي إنما يفسد العبادة لا غير.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٤ من أبواب الأذان والإقامة.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٣٩

ويعتبر أن يكون أول الوقت [١] ، وأما أذان الصلاة فمتصل بها [٢] وإن كان في آخر الوقت.

وفصول الأذان ثمانية عشر : الله أكبر. أربع مرات [٣]

______________________________________________________

[١] لأنه شرع للاعلام بدخوله.

[٢] على ما يأتي.

[٣] إجماعاً. أو مذهب علمائنا ، أو مذهب الشيعة ومن والأهم ، أو عليه عمل الأصحاب ، أو عمل الطائفة ، أو مذهب الأصحاب لا يعلم فيه مخالف ، أو الأصحاب لا يختلفون فيه في كتب فتاواهم ، أو نحو ذلك من كلماتهم المحكية في المقام. ويدل عليه من النصوص خبر الحضرمي وكليب الأسدي جميعاً عن أبي عبد الله (ع) : « أنه حكى لهما الأذان فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله. حي على الصلاة ، حي على الصلاة. حي على الفلاح ، حي على الفلاح. حي على خير العمل ، حي على خير العمل. الله أكبر ، الله أكبر. لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله » (١). والإقامة كذلك ، وخبر المعلى : « سمعت أبا عبد الله (ع) يؤذن فقال : الله أكبر .. » (٢) إلى آخر ما ذكر فيما قبله. لكنه فعل مجمل لا يمنع من احتمال أن يكون ما فعله (ع) بعض الأفراد. وفي صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « يا زرارة تفتح الأذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين وتهليلتين » (٣)

__________________

(١) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١٩ من أبواب الأذان والإقامة حديث : ٢.

٥٤٠