قوله : وأمّا بناءً على المختار من الكشف ، فقد يتوهّم أنّ أقصى ما يستكشف من المقدّمات هو حجّية الظنّ في الأحكام الشرعية ... الخ (١).
مرجع هذا الاستدلال إلى دعوى اختصاص الحجّية بخصوص الظنّ بالواقع ، وأنّ المقدّمات لا تقتضي حجّية الظنّ بالطريق ، لكن في تحرير السيّد سلّمه الله جعل الاستدلال بطريقة القدر المتيقّن ، لكون الأمر دائراً بين الأقل وهو خصوص الظنّ بالواقع ، وبين الأكثر وهو الأعمّ منه ومن الظنّ بالطريق ، والقدر المتيقّن هو الأوّل. وعلى كلّ حال ، فإنّ الظاهر ممّا نقله الشيخ قدسسره عن شريف العلماء قدسسره هو دعوى اختصاص حجّية دليل الانسداد بالظنّ بالواقع دون الظنّ بالطريق ، لا مجرّد كون القدر المتيقّن منها هو الأوّل فقط ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى نقل كلام الشيخ قدسسره (٢).
وكيف كان ، فإنّ شيخنا قدسسره أجاب حسبما نقله عنه قدسسره في هذا التحرير عن الإشكال المزبور بناءً على الكشف بقوله : فإنّه لا موجب لاستكشاف نصب الشارع خصوص الظنّ في المسألة الفرعية طريقاً ، بل العقل يستكشف من المقدّمات نصب مطلق الظنّ طريقاً ، كان مؤدّاه مسألة فرعية من كون الشيء واجباً أو حراماً ، أو مسألة أُصولية من كون الشيء طريقاً الخ (٣).
ولا يخلو هذا الجواب من إجمال ، إذ لم يذكر الوجه في هذا التعميم في قبال دعوى التخصيص ، إذ لا أقل من دعوى كون القدر المتيقّن ممّا يستكشفه العقل هو خصوص الظنّ بالواقع ، الذي حرّر به الإشكال فيما نقله عنه السيّد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٩٤.
(٢) في الصفحة : ١٠١ ـ ١٠٣.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٢٩٤.