سلّمه الله بقوله : وحيث إنّ النتيجة على الكشف مردّدةً بين أن تكون حجّية خصوص الظنّ بالواقع أو الأعمّ منه ومن الظنّ بالطريق ، فيكون الأمر في الحجّة دائراً بين الأقل والأكثر ، ومن المعلوم أنّ لازم ذلك هو الاقتصار على المتيقّن ليس إلاّ (١) وقد أجاب عنه في التحريرات المذكورة بقوله : ولكنّه لا يخفى أنّه لا موجب لدوران الأمر في المقام بين الأقل والأكثر ، وذلك لما ذكرناه من أنّ كلّ ما كان تحصيل العلم به لازماً حال الانفتاح كان الظنّ به كافياً حال الانسداد أيضاً ، وحيث إنّ العلم بالواقع أو بالطريق لم يكن بينهما فرق حال الانفتاح ، لم يكن بين الظنّين فرق أيضاً حال الانسداد ، والوجه في ذلك هو أنّ الأحكام التي هي مؤدّيات الطرق ـ بعد جعل الشارع صفة الحجّية وإعطائه الوسطية في الإثبات لها ـ بعينها أحكام واقعية ، فراجعه إلى آخر البحث.
وهذا الجواب يمكن التأمّل فيه ، فإنّ مقدّمات الانسداد بناءً على الكشف لا تؤدّي إلى أنّ كلّ ما كان تحصيل العلم به لازماً في حال الانفتاح يكون تحصيل الظنّ به لازماً في حال الانسداد ، لأنّ هذه الكلمات إنّما تلائم تقرير مقدّمات الانسداد على الحكومة أو على تبعيض الاحتياط. وكذلك ما أُفيد من كون مؤدّيات الطرق المجعولة هي بعينها أحكام واقعية لا يكاد يلتئم مع التقرير على الكشف ، وذلك لما عرفت في تقرير مقدّمات الانسداد على الكشف من أنّ حاصل تلك المقدّمات هو ضمّ حرمة الاهمال المأخوذة من الإجماع على عدم جواز الرجوع إلى البراءة المستفاد منها أنّ الشارع مطالب بأحكامه غير متنازل عنها في حال الانسداد ، إلى الإجماع المدّعى على أنّه لا يريد الاحتياط ، وأنّه باطل غير جائز عنده.
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٢٥١.