والحاصل : أنّ صاحب الحاشية ذكر طرقاً ثمانية لمسلكه الذي هو حجّية الظنّ بالطريق ، أوّلها : هو ما تقدّم نقل عبارته فيه. والثاني : ما هو راجع إلى طريقة الفصول فإنّه قال : الثاني : أنّه كما قرّر الشارع أحكاماً واقعية كذا قرّر طريقاً للوصول إليها ، إمّا العلم بالواقع أو مطلق الظنّ أو غيرهما ، قبل انسداد باب العلم وبعده ، وحينئذ فإن كان سبيل العلم بذلك الطريق مفتوحاً فالواجب الأخذ به والجري على مقتضاه ، ولا يجوز الأخذ بغيره ممّا لا يقطع معه بالوصول إلى الواقع من غير خلاف فيه بين الفريقين ، وإن انسدّ سبيل العلم به تعيّن الرجوع إلى الظنّ به ، إلى آخر كلامه (١).
والظاهر أنّ مراده أنّ الطريق في حال الانفتاح هو العلم بالواقع أو مطلق الظنّ أو غيرهما ، فإذا انسدّ علينا باب العلم بذلك الطريق لزمنا الانتقال إلى الظنّ بذلك الطريق ، وحيث إنّه لا محصّل لتعلّق الظنّ بالعلم بالواقع ، يتعيّن المصير إلى الظنّ بالطرق الأُخر غير العلم. وهذه الطريقة على الظاهر هي عين طريقة الفصول ، غير أنّه في الفصول أوضحها بأزيد من هذه العبارة. وقد صرّح الشيخ قدسسره بأنّ الطريقة الثانية هي عين طريقة الفصول ، فقال : الوجه الثاني ما ذكره بعض المحقّقين من المعاصرين مع الوجه الأوّل وبعض الوجوه الأُخر ، قال : لا ريب الخ (٢).
وكيف كان ، فإنّ صاحب الحاشية قدسسره قد عقّب كلاً من الطريقتين بالسؤال المذكور بطريق إن قلت : إنّ الظنّ بالواقع مساوٍ للظنّ بالطريق في الحصول على ما هو المطلوب. لكنّه أجاب عن هذا السؤال في الكلام على الطريقة الأُولى بما
__________________
(١) هداية المسترشدين ٣ : ٣٥٨.
(٢) فرائد الأُصول ١ : ٤٥٤.