وشرحناه في محلّه أيضاً (١).
الجهة الثانية من جهات الخلاف بينهما قدسسرهما : أنّ صاحب الكفاية قدسسره (٢) يرى أنّ العلم الاجمالي بأنّ بعض تلك الاستصحابات المثبتة مخالف للواقع غير مانع هنا من جريانها ، وإن قيل بالمنع من ذلك في غير المقام ، وذلك لما يدّعيه من أنّ تدريجية الاستنباط توجب عدم فعلية الشكّ بالنسبة إلى المجاري المتأخّرة ، فلا يكون الشكّ في تلك الموارد المتأخّرة فعلياً ، فلا مانع من إجراء الاستصحاب في هذا المورد الذي هو محل الاستنباط فعلاً. وشيخنا قدسسره (٣) يرى أنّ العلم الاجمالي الحاصل فعلاً للمجتهد بأنّ إمّا هذا الحكم الذي يثبته فعلاً في هذا المورد بالاستصحاب غير مطابق للواقع ، أو الحكم الذي يعلم بأنّه بعد ذلك يستنبطه في مورد آخر كافٍ في عدم إمكان إثبات الحكم في المورد الفعلي ، لكن صاحب الكفاية قدسسره يرى أنّ المجتهد فعلاً غافل عمّا سيأتي ، ولعلّه لا يعلم بأنّه بعد ذلك يبتلى باستصحاب آخر يكون ضمّه إلى ما بيده موجباً للعلم بكذب أحدهما ، وحينئذ تكون المناقشة فيما يدّعيه صغروية ، ولا يبعد أن يكون الواقع هو ما يدّعيه صاحب الكفاية قدسسره.
وينبغي أن يعلم أنّ صاحب الكفاية لا يقول بعدم جريان الاستصحاب في أطراف العلم الاجمالي ، بل يقول بجريانه ، ويبطل هذه الدعوى المنقولة عن الشيخ قدسسره من لزوم التناقض ، ولكنّه يقول لو قلنا بكونها مانعة من الاجراء في غير المقام فهي لا تمنع في هذا المقام.
__________________
(١) في المجلّد الحادي عشر من هذا الكتاب الصفحة : ٥٤٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٣١٣ ـ ٣١٤.
(٣) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.