المولى وإن كان قد يكون بالعلم بامتثال تكليفه وجداناً ، إلاّ أنّه طريق عقلي إلى حكمه بالفراغ ، والمناط في تحصيل العلم بالفراغ في حكمه هو اتّباع الطرق التي جعلها طرقاً إلى أحكامه ، فراجعه إلى آخر المقدّمة الثانية أعني قوله : ومن تأمّل في أحوال السلف يقطع بأنّ بناءهم في الامتثال لم يكن على تحصيل العلم الوجداني ، بل كان المناط عندهم هو اتّباع الطرق المجعولة لهم من قبل الشارع (١). وتأمّل لئلاّ تتوهّم من ذيل الكلام الانحصار بالطرق ، وأنّ الأحكام الواقعية قد تقيّدت بمؤدّيات الطرق ، أو أنّها قد انصرفت إليها ، فإنّ ذلك غير مراد لصاحب الحاشية في هذا الوجه ، كما أنّه ليس بمراد لشيخنا قدسسره في هذا المقام ، بل المراد هو عدم الانحصار في تحصيل العلم الوجداني وعدم تعيّنه ، وكفاية اتّباع الطرق المجعولة للشارع ، كما يظهر ذلك من قوله في المقدّمة الثالثة : فإذا كان المكلّف متمكّناً منهما فلا محالة يكون في مقام الامتثال مخيّراً بين الأمرين الخ (٢).
وقد صرّح صاحب الحاشية في أثناء الجواب عن « إن قلت » الأُولى ـ بعد أن حكم بأنّ الجميع يعني العلم بالواقع والعلم بالطريق في مرتبة واحدة ، لا أنّ الثاني في طول الأوّل ـ ما هذا لفظه : والحاصل أنّ القدر اللازم أداء الفعل وحصول البراءة بحسب حكم الشارع ، وهو حاصل بكلّ من الوجهين ، وتعيّن تحصيل العلم بالواقع مع فرض انتفاء العلم بالطريق المقرّر أو انتفائه واقعاً ليس لكونه متعيّناً في نفسه ، بل لحصول البراءة به على النحو الذي ذكرناه. وفرق بيّن بين كون الشيء مطلوباً بذاته وكون المطلوب حاصلاً به ، فهو إذن أحد الوجهين في تحصيل تفريغ الذمّة ، فإذا انسدّ باب العلم بتفريغ الذمّة على الوجه المفروض
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٢٤٨.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩.