الشارع بفراغ ذمّتنا. والثانية : أنّ الموجب لحصول العلم المذكور في حال الانفتاح هو أحد أمرين : الأوّل الاتيان بما علم أنّه الواقع ، والثاني الاتيان بما علم أنّه مؤدّى طريق معتبر. والثالثة : أنّه عند عدم حصول العلم المذكور لأجل انسداد بابه يتعيّن المصير إلى الظنّ بحكم الشارع بالفراغ ، وهو منحصر بالظنّ بالطريق دون الظنّ بالواقع.
وقرّب شيخنا قدسسره هذه المقدّمة الثالثة في الدورة الأخيرة بما حاصله : أنّه عند التنزّل عن العلم بأحد الطريقين ، يعني العلم بالواقع والعلم بمؤدّى الطريق المعتبر إلى الظنّ بذلك ، ينحصر الأمر بالظنّ بالثاني الذي هو الطريق المعتبر ، إذ لا معنى للظنّ بالأوّل الذي هو العلم بالواقع ، إذ لا محصّل لكون العلم بالواقع الذي هو السبب الأوّل متعلّقاً للظنّ ، فراجع ما حرّرته (١) عنه قدسسره وما حرّره عنه السيّد سلّمه الله فإنّه قال : وأمّا الطريق الآخر وهو العلم ، فعند تعذّره لا معنى للتنزّل منه إلى الظنّ ، لعدم تعقّل الظنّ بالعلم ، الخ (٢).
ولا يخفى أنّ محصّل التنزّل إلى الظنّ هو كون الظنّ قائماً مقام العلم ، وحينئذ نقول إنّه في حال الانفتاح لمّا كان العلم بالواقع أحد الطريقين ، وكان الطريق الآخر هو العلم بمؤدّى الطريق ، وجب أن نقول في حال الانسداد أنّ المرجع هو أحد الأمرين أيضاً ، أعني الظنّ بالواقع والظنّ بالطريق ، ليكون الظنّ بالواقع قائماً مقام العلم بالواقع ، والظنّ بالطريق قائماً مقام العلم بالطريق.
ثمّ لا يخفى أنّه في تحرير السيّد في المقدّمة الثانية جعل العلم بالواقع طريقاً عقلياً إلى حكم الشارع بالفراغ ، فقال : الثانية أنّ العلم بالفراغ في حكم
__________________
(١) مخطوط ولم يطبع بعد.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٢٤٩.