فيقدّم الأرجح منهما ، فيكون المقدّم هو النافي لو كان أرجح من المثبت ، بل مع عدم رجحان المثبت. هذا إذا كانا خبرين. ولو كانا شهرتين لم يقدّم الأرجح ولو كان هو المثبت ، بناءً على اختصاص الترجيح بالأخبار. وإن لم يكن ذلك السنخ حجّة كنّا في راحة منهما.
وكذلك يسقط الاحتياط فيما لو تعارض اثنان منها في الايجاب والتحريم ، سواء كانا من سنخين كما هو ظاهر عبارته ، أو كانا من سنخ واحد كخبرين أو شهرتين. نعم لو كانا خبرين كان التقدّم بالرجحان ، وعند التساوي يحكم بالتخيير العقلي لكونه من قبيل الدوران بين المحذورين ، كما لو لم يكونا خبرين بل كانا شهرتين.
ومن ذلك يظهر لك أنّ تعارض هذه الطرق لا يقف عثرة في سبيل الاحتياط بتلك ، كما هو ظاهر ما حكي عن شيخنا قدسسره في هذا التحرير بقوله : ففيه أنّ الاحتياط في الطرق مع أنّه لا يمكن ، لمعارضة بعضها مع بعض الخ (١).
قوله : وكذا كلّ مورد لم يجر فيه الأصل المثبت ، للعلم بانتقاض الحالة السابقة فيه إجمالاً بسبب العلم به ، أو بقيام أمارة معتبرة عليه في بعض أطرافه بناءً على عدم جريانه بذلك (٢).
كان الأنسب جعل هذه الجملة إلى جنب قوله : والرجوع إلى الأصل فيها ولو كان نافياً للتكليف. فيقال حينئذ أمّا لو كان الأصل مثبتاً فإنّه وإن لزم العمل على طبقه ، فيكون حاله حال الاحتياط في كونه جرياً على طبق التكليف وإن لم يكن المورد من مؤدّيات الطرق ، لكنّه ربما سقط ذلك الأصل المثبت كما في كلّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٨٥.
(٢) كفاية الأُصول : ٣١٧ ـ ٣١٨.