وفيه : ما لا يخفى ، لأنّ قاعدة الطهارة في التراب لإثبات جواز السجود معارضة لقاعدة الطهارة في الماء لإثبات جواز الوضوء ، وقاعدة الطهارة في التراب لإثبات جواز التيمّم معارضة لقاعدة الطهارة في الماء لإثبات جواز الشرب ، فتسقط الآثار الأربعة.
وإن شئت قلت : إنّ الحكم بجواز السجود على ذلك التراب معارض بالحكم على ذلك الماء بكلّ من جواز شربه والوضوء به ، كما أنّ الحكم بجواز الوضوء من ذلك الماء معارض بالحكم على ذلك التراب بكلّ من جواز السجود عليه والتيمّم.
وبالجملة : أنّ جواز التيمّم وإن كان في طول جواز الوضوء ، إلاّ أنّه في عرض جواز الشرب ، فيسقط بمعارضته له ، كما سقط جواز السجود على التراب بمعارضته لكلّ من جواز الشرب وجواز الوضوء ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ وجوب الجمع ليس وجهاً مستقلاً في قبال وجه التعارض ، بل هو نتيجة التعارض ، فإنّه بعد التساقط يبقى هو والعلم الاجمالي بأنّه إن كان الماء نجساً فالواجب عليه التيمّم ، وإن كان التراب نجساً فالواجب عليه [ الوضوء ] ، فيكون عالماً بوجوب أحدهما ، ويمكنه الجمع فيكون هو المتعيّن. ولا وجه لاحتمال كونه من فاقد الطهورين إلاّعلى تقدير كون كلّ من الوضوء بالماء النجس والتيمّم بالتراب النجس محرّماً عليه حرمة نفسية لا تشريعية.
ثمّ بعد البناء على الجمع يكون المقدّم هو التيمّم ، لأنّه لو قدّم الوضوء يحصل له العلم بأنّ التيمّم من هذا التراب غير مأمور به ، إمّا لنجاسة أعضائه وإمّا لنجاسة التراب ، ونجاسة الأعضاء وإن كانت مغتفرة في حال الضرورة ، إلاّ أنّه يمكن القول بأنّه لا يسوّغ له العقل إلقاء نفسه في هذه الضرورة بعد أن كان يمكنه التخلّص منها بتقديم التيمّم ، فتأمّل.