قوله : وثانياً : سلّمنا أنّ الابتلاء وعدمه من الانقسامات اللاحقة للخطاب بعد وجوده ، فدعوى أنّه يكون من الشرائط الموجبة للتنجيز ممّا لا سبيل إليها ... الخ (١).
الظاهر أنّ القدرة وكذلك الابتلاء من شرائط التنجّز عند صاحب الكفاية قدسسره ، وأنّ التكليف في مورد عدم القدرة والخروج عن الابتلاء موجود ومتحقّق ملاكاً وجعلاً ، غايته أنّه قاصر عن الداعوية والتحميل على عاتق المكلّف ، فيكون حاله من هذه الجهة حال عدم قيام الحجّة على التكليف ، وحينئذ فلا تكون المناقشة معه في هذه الجهة إلاّمناقشة في أصل مبناه في كيفية مراتب الحكم.
والحاصل : أنّ صاحب الكفاية يقول في حاشيته إنّ الابتلاء من شرائط التنجّز ، وحيث لم يمكن التمسّك فيه بالاطلاق لكونه من الانقسامات المتأخّرة ، كان التنجّز مشكوكاً ، فيكون المرجع هو البراءة ، وشيخنا قدسسره يناقشه في ذلك ويقول إنّا لو سلّمنا كونه من القيود المتأخّرة فلا نقول إنّه من شرائط التنجّز ، وإنّما ذلك مختصّ بالعلم أو ما يقوم مقامه ، وحينئذ لو سلّمنا سقوط الاطلاق المذكور لم يكن ذلك موجباً لإمكان الرجوع إلى البراءة ، ولكنّك قد عرفت أنّ هذه مناقشة في المبنى ، فلاحظ وتدبّر.
وممّا ينبغي الالتفات إليه هو أنّا لو قلنا بأنّ الوجه في اعتبار عدم الخروج عن الابتلاء هو كون الخارج عن الابتلاء ملحقاً عند العقلاء بالمعدوم ، كان سقوط الاطلاق واضحاً جدّاً ، لوضوح كون خروجه حينئذ من قبيل التخصّص ، ومع الشكّ في الخروج التخصّصي لا يعقل التمسّك بالعام أو المطلق.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٦٣.