كان ينبغي القطع بعدمه ، لأنّ عدم نقلها كاشف قطعي على العدم الخ (١) فقد عرفت الإشكال فيه ، وأنّه لو كان مراد صاحب الفصول هو خصوص الطرق التأسيسية لم يرد عليه سوى منع القطع بذلك ، لجواز الايكال إلى الطرق العقلائية. أمّا دعوى القطع بعدمه ببرهان عدم النقل فهو غير وارد ، لما عرفت من أنّ عدم النقل لا يكشف عن العدم ، لجواز اختفاء ما جعله الشارع تأسيساً كاختفاء نفس الأحكام ، فراجع.
ومن ذلك كلّه ينقدح لنا مطلب آخر شرحناه في حاشية ص ٦٩ وهو أنّ صاحب الفصول ليس عنده إلاّ الملازمة بين جعل الأحكام وجعل الطرق ، فلا ينتج من ذلك إلاّ أنّ الشارع قد جعل لنا طرقاً إلى تلك الأحكام ، ولكن لو تحقّق عندنا أنّه لم يجعل لنا طرقاً تأسيسية ، لثبت ما ذكرناه من أنّ نتيجة ذلك هو الايكال إلى الطرق العقلائية ، وهو عبارة عن إمضائها ، أمّا إذا احتملنا أنّ الطرق التي جعلها هي طرق تأسيسية ، ولم يعتن بأنّ عدم النقل كاشف قطعي عن عدم الجعل التأسيسي ، لم يكن لنا مندوحة عمّا ذكره صاحب الفصول من العلم الاجمالي بجعل الطرق أعمّ من أن تكون تأسيسية أو إمضائية ، فلا يبقى إلاّ أصالة عدم الجعل التأسيسي ، وهي غير نافعة في إحراز الايكال إلى الطرق العقلائية ، فراجع ما شرحناه في حاشية ص ٦٩ (٢) وتأمّل.
واعلم أنّ شيخنا قدسسره في الدورة الأخيرة قد اقتصر في الإشكال على ما أفاده
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٨٤.
(٢) وهي الحاشية على فوائد الأُصول ٣ : ١٩٣ وقد تقدّمت في المجلّد السادس من هذا الكتاب ص ٤٥٤ وما بعدها.