عقلية ، ولا يعتبر فيها القدرة العادية على مخالفتها. ولو سلّمنا أنّها كالنواهي يعتبر فيها القدرة العادية على مخالفتها ، لم يكن ذلك بضائر في حسنها فيما لو كان المطلوب وهو الفعل غير مقدور عادة ، مع فرض كونه مقدوراً عقلاً كما في الصورة الأُولى التي يقبح فيها النهي ، لأنّ المخالفة أعني عدم الاتيان بالفعل في تلك الصورة تكون مقدورة عادية ، بل أزيد من القدرة العادية لحصول العدم بنفسه. نعم في الصورة الثانية يكون الأمر قبيحاً كالنهي في الصورة الأُولى ، لعدم القدرة العادية على مخالفته ، وإن كانت موافقته مقدورة عقلاً بل عادة ، بل أزيد من القدرة العادية ، لحصول الفعل بنفسه للمكلّف ، لكن حيث كانت مخالفته غير مقدورة عادية ، فبناءً على اعتبار القدرة العادية على المخالفة في حسن الأمر ، يكون الأمر المذكور قبيحاً في الصورة المزبورة ، لعدم القدرة العادية على مخالفته ، فتكون الصورتان حينئذ متعاكستين في الحسن والقبح بالنسبة إلى الأمر والنهي ، فالنهي في الصورة الأُولى يكون قبيحاً مع كون الأمر حسناً ، وفي الصورة الثانية يكون الحال في ذلك على العكس ، فيكون الأمر فيها قبيحاً والنهي حسناً (١)
__________________
(١) وبالجملة : أنّ الحاصل للمكلّف إن كان هو الترك ، فالفعل إمّا أن لا يكون مقدوراً عقلاً ، وإمّا أن لا يكون مقدوراً شرعاً ، وإمّا أن لا يكون مقدوراً عادة ، وإمّا أن يكون ممّا لم تجر به العادة ، وإمّا أن يكون ممّا لا تتعلّق به إرادة المكلّف. ففي الصورة الأُولى وهي عدم القدرة عقلاً على الفعل يقبح كلّ من النهي والأمر. وفي الصورة الثانية وهي عدم القدرة الشرعية لا يكون النهي قبيحاً ، لكنّه يكون مندكّاً مع ذلك المانع الشرعي من الفعل ، ولأجل ذلك لا يؤثّر فيما لو وقع طرفاً للعلم الاجمالي. ولكن يكون الأمر بذلك الفعل ممتنعاً ، ويكون من قبيل اجتماع الأمر والنهي. وفي الصورة الثالثة وهي عدم القدرة العادية على الفعل يكون النهي قبيحاً ويكون الأمر حسناً لو فرض مثال