حصل بواسطة العلم التفصيلي بتلك الطرق ، بحيث إنّه لولا ذلك العلم التفصيلي بجعل تلك الطرق ، لكان باب العلم بالأحكام منسدّاً. وهذه الدعوى مبنية على دعوى العلم الاجمالي بها ، ولو من جهة القطع بأنّ الشارع المقدّس بعد أن جعل لنا أحكاماً ، لابدّ أن يكون قد جعل لنا طرقاً موصلة لنا إلى تلك الأحكام ، وأنّه لا يحسن منه إيكال الوصول إلى تلك الأحكام إلى الاحتياط العقلي الناشئ عن العلم الاجمالي بها ، خصوصاً بناءً على عدم كون العلم الاجمالي منجّزاً.
وبالجملة : أنّ إنكار جعل الطرق مع فرض جعل الأحكام ممّا لا سبيل إليه. نعم ، لو كان إنكار جعل الطرق ناظراً إلى خصوص حال الانسداد ، الذي هو عبارة عن انسداد باب العلم التفصيلي وما يقوم مقامه من الطرق الخاصّة ، لكان له وجه ، لكن صاحب الفصول لا يدّعي الجعل في حال الانسداد المذكور ، على وجه يقول إنّ الشارع قد جعل لنا طرقاً مخصوصة في حال انسداد باب العلم بما جعله من الأحكام ، وبما جعله لنا من الطرق إليها ، بل إنّه إنّما يقول : إنّ الشارع كما جعل لنا أحكاماً فقد جعل لنا طرقاً إليها ، وكما أنّ باب العلم بتلك الأحكام قد انسدّ علينا فكذلك باب العلم التفصيلي بتلك الطرق قد انسدّ علينا. بل لو كان صاحب الفصول ناظراً إلى حال الانسداد ، لم يرد عليه أنّه لو كان لبان ، لجواز اختفاء تلك الطرق علينا ، بحيث إنّه لم يحصل لنا العلم بها تفصيلاً ، كما أنّ أصل الأحكام كذلك. نعم يرد عليه أنّ دعوى القطع بجعل الطرق في ذلك الحال لا مستند لها.
نعم ، يرد على صاحب الفصول ، أنّ جعل الأحكام وإن كان ملازماً لجعل الطرق إليها ، إلاّ أنّ تلك الطرق لا تنحصر في الطرق التأسيسية ، بل يكفي في ذلك الطرق الامضائية ، بمعنى أنّه يوكلنا إلى ما جرت به الطريقة العقلائية من الطرق التي يسلكونها في أُمورهم العادية ، ومن جملتها أخبار الآحاد. ولعلّ الشيخ قدسسره في