الباقي من القاعدة في الركن الذي تقدّم أنّه خارج عن مورد المعارضة بين القاعدتين ، يكون من هذه الجهة حاكماً على استصحاب عدم الركن.
والحاصل : أنّك قد عرفت فيما تقدّم أنّ لقاعدة التجاوز في الركن أثرين ، أحدهما هو مورد المعارضة بينها وبين القاعدة في غير الركن ، وهو نفس الاتيان بالركن ، والأثر الآخر هو تصحيح الصلاة من جهة نفس الركن وترتّب صحّة الجزء غير الركني عليه ، وقد عرفت أنّ هذا الأثر خارج عن مورد التعارض ، فيكون باقياً بعد سقوط القاعدتين.
وإن شئت فقل : إنّ القاعدة في الركن باقية من جهة الأثر الثاني ، وإن سقطت من جهة الأثر الأوّل ، وهذا الأثر الثاني يكون حاكماً على ما يقتضيه استصحاب عدم الاتيان بالركن من بطلان الصلاة ، لأنّ الأثر المذكور ثابت بقاعدة التجاوز أو الفراغ وهي حاكمة على الاستصحاب.
ولكن قد يقال : إنّ استصحاب عدم الاتيان بالركن إذا لم يترتّب عليه بطلان الصلاة للحكومة المذكورة فأيّ أثر له بعد ذلك ، وإذا سقط أصالة عدم الاتيان بالركن ، كانت الصلاة حينئذ محكوماً بصحّتها وبعدم الاتيان بغير الركن منها ، فلا يلزمه إلاّقضاؤه.
ويمكن الجواب عنه : بأنّا بعد أن فرضنا وتصوّرنا لقاعدة التجاوز والفراغ في الركن التي هي عبارة عن الحكم بالاتيان بالركن أثرين ، وفككنا في تلك القاعدة بين الأثرين ، كان محصّل ذلك أنّ للاتيان بالركن أثرين ، أحدهما إسقاط وجوبه والآخر تصحيح الصلاة من جهته ، ففي مقام استصحاب عدم الاتيان بالركن نفكّك أيضاً بين هذين الأثرين ، ونقول : إنّ هذا الاستصحاب لو خلّي ونفسه لترتّب عليه نفي كلا الأثرين ، ولكنّه لمّا كان من جهة الأثر الثاني محكوماً