__________________
الحكيم المقدّس لا يصدر منه أحد هذين الطرفين يعني إيجاده أو إبقاءه على العدم إلاّبمرجّح ، ويبقى الإشكال في صورة التساوي ، فهل يكون عدم رجحان الوجود كافياً في اختيار الإبقاء على العدم ، يحتاج ذلك إلى تأمّل ونظر. وعلى كلّ ، أنّه تعالى لا يقاس على أفعاله أفعال العقلاء ، فيقال إنّ أفعالهم لا تشتمل على الترجيح بلا مرجّح ، هذا.
ولكن في خصوص المقام يمكن التخلّص عن إشكال لزوم التخيير بطريقة أُخرى تقدّمت [ في الصفحة : ٣٢٣ ] الاشارة إليها في مسألة الشبهات الموضوعية الوجوبية المردّدة بين الأقل والأكثر ، كما في تردّد الفوائت بين الأقل والأكثر ، وحاصل ذلك الطريق الذي تقدّمت الاشارة إليه : هو أنّ العلم الاجمالي بوجود التكليف المنجّز المردّد بين الطرفين ، كمن علم بوجود المحرّم كالخمر بينهما ، يوجب العلم بأنّه ممنوع عن ارتكاب ذلك المحرّم الموجود في البين وأنّه يعاقب على ارتكابه ، سواء انطبق على هذا الطرف أو انطبق على ذلك الطرف ، فهو عند ارتكابه لهذا الطرف يعلم باستحقاقه العقاب لو صادف أنّه هو ذلك الحرام ، وهكذا في ارتكابه للطرف الآخر ، وحينئذ ينسدّ باب البراءة العقلية وباب الأُصول الشرعية النافية للتكليف حتّى الاستصحاب ، مثل استصحاب الطهارة في مورد العلم بطروّ النجاسة على أحدهما ، فإنّ مفاد هذه الترخيصات هو الترخيص في ذلك الفعل وعدم العقاب على فعله حتّى لو كان في الواقع حراماً ، وهذا المعنى لا يتأتّى فيما هو طرف للعلم الاجمالي ، لما عرفت من العلم بفعلية التكليف واستحقاق العقاب على مخالفته لو كان منطبقاً على هذا الطرف ، وسيأتي [ في الحاشية اللاحقة ] إن شاء الله أنّ ذلك لا يمكن إلاّبنحو تنازل من الشارع عن التكليف الواقعي لو كان منطبقاً على هذا الطرف الخاصّ.
وبعبارة أوضح : أنّ أدلّة الترخيص لا تجري فيما لو كان في البين ملازمة بين وجود الحكم في الواقع وبين فعليته واستحقاق العقاب على مخالفته ، فإنّ أقلّ محاذيره هو