المعيّن.
والذي ينبغي أن يقال فيه : هو أنّ اختيار ما يسدّ به الحرج يكون راجعاً إلى المكلّف نفسه ، ولا يتعيّن عليه أن يختار ما يكون الاحتمال فيه ضعيفاً ، فإنّهم على ما ببالي لم يفصّلوا هذا التفصيل في باب العلم [ الاجمالي ] في مسألة الاضطرار إلى غير المعيّن ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ سكوتهم عن هذا التفصيل في ذلك المبحث لأنّ الغالب فيه هو تساوي الأطراف في الاحتمال ، وأنّه في الغالب لا تختلف الأطراف من ناحية الاحتمال قوّة وضعفاً. وعلى كلّ حال ، لا مانع عن الترجيح فيما نحن فيه وفي ذلك المبحث بالقوّة والضعف ، بل يمكن القول بتعيّن ذلك عقلاً كما بنى عليه القوم في هذا المقام ، فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ ما أفاده في الكفاية في بيان الإشكال في جريان قاعدة الحرج في المقام بقوله : وأمّا فيما لا يوجب فمحلّ نظر بل منع ، لعدم حكومة قاعدة نفي العسر والحرج على قاعدة الاحتياط ، وذلك لما حقّقناه في معنى ما دلّ على نفي الضرر والعسر من أنّ التوفيق بين دليلهما ودليل التكليف أو الوضع المتعلّقين بما يعمّهما هو نفيهما عنهما بلسان نفيهما ، إلى آخر المطلب (١) ، وإن كان ظاهره أنّ الإشكال مختصّ بهذه الطريقة التي اختارها في كيفية الحكومة ، من كون مفاد لا ضرر ولا حرج من باب نفي الحكم الشرعي الوارد على ما فيه الضرر أو الحرج بلسان نفي الموضوع ، إلاّ أنّ الإشكال المزبور لا يختصّ بذلك ، بل يتأتّى على طريقة شيخنا قدسسره في كيفية الحكومة ، من كون المنفي هو الحكم الشرعي الموجب للضرر أو الحرج ، فإنّ أي الطريقتين سلكناها في الحكومة نحتاج في المقام إلى حكم شرعي يكون وارداً على ما فيه الضرر أو الحرج على طريقة
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣١٣.