صاحب الكفاية ، أو يكون نفس ذلك الحكم الشرعي ضررياً أو حرجياً على طريقة شيخنا قدسسره ، والمفروض في المقام عدم وجود الحكم الشرعي المذكور ، فإنّ الحكم الشرعي الواقعي المعلوم وجوده في البين ليس في حدّ نفسه ضررياً أو حرجياً ، وإنّما جاء الضرر أو الحرج من ناحية الحكم العقلي الراجع إلى الاحتياط العقلي ، الملزم بالجمع بين الأطراف ، المفروض كونه ضررياً أو حرجياً ، وأدلّة نفي الضرر أو الحرج لا تنفي هذا الحكم العقلي ، سواء قلنا إنّها مسوقة لنفي الحكم الشرعي بلسان نفي الموضوع كما هي طريقة صاحب الكفاية ، أو قلنا إنّها مسوقة لنفي الحكم الضرري أو الحرجي ابتداءً كما هي طريقة شيخنا قدسسره.
وأمّا ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره بقوله : نعم لو كان معناه نفي الحكم الناشئ من قبله العسر كما قيل الخ (١) ، فهو وإن كان ظاهره الاختصاص بطريقة شيخنا قدسسره في كيفية الحكومة ، إلاّ أنّ هذا المطلب لا يختصّ بها ، بل يتأتّى على نفس طريقة صاحب الكفاية قدسسره ، بأن نقول : إنّ الحكم الشرعي المنفي بلسان نفي الموضوع هو ما يكون موجباً للعسر والحرج ، ولو بواسطة العلم الاجمالي المتعلّق به فيما هو مردّد بين الأطراف الكثيرة التي يلزم العسر والحرج من الجمع بينها ، بمعنى أنّ متعلّقات تلك الأحكام الواقعية تكون موقعة في العسر والحرج بواسطة ذلك العلم الاجمالي ، فتكون تلك الأحكام الشرعية المتعلّقة بتلك المتعلّقات منفية بلسان نفي تلك المتعلّقات.
وقد صرّح شيخنا قدسسره بوحدة الطريقتين من هذه الجهة كما حكاه عنه السيّد سلّمه الله في تحريراته بقوله ـ بعد نقل مضمون ما في الكفاية ـ : وأنت خبير بفساد ذلك أمّا أوّلاً : فلأنّ مفاد أدلّة نفي الحرج وإن سلّمنا أنّه نفي الحكم بنفي
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٣١٣.