والصلاة ، فإنّ العقل يحكم بعدم جواز تركهما ، ومع حكمه بعدم جواز تركهما يحكم عليه بالتخيير في اختيار أحدهما ، ويكون الحال في ذلك كما هو الحال في رغيفي الجائع ، ويكون التخيير عقلياً. الثاني أن يكون هناك تعبّد شرعي بالتخيير كما في مثل الأُختين ، وكما في الخبرين المتعارضين على كلّ من السببية والموضوعية لحكم الشارع بالتخيير بقوله عليهالسلام : « إذن فتخيّر » أمّا إذا لم يكن في البين ما يوجب التخيير العقلي ، ولا ما يوجب التخيير الشرعي ، فالقاعدة تقتضي التساقط كما في تعارض الأُصول ، فلاحظ وتأمّل.
وأمّا ما أُفيد (١) من الجواب عن النقض بما لو كان أحد الطرفين الذي هو الاناء الصغير مثلاً مجرى لاستصحاب الطهارة وكان الآخر مجرى لقاعدة الطهارة ، بأنّ المعارضة إنّما تقع بين الحكم بطهارة الاناء الصغير بجميع مراتبها ، وبين الحكم بطهارة الاناء الكبير ، فيكون الساقط هو الحكم بالطهارة في كلّ من الاناءين (٢) ، فهو أيضاً قابل للتأمّل ، لما هو واضح من أنّ الأصل الحاكم يوجب رفع موضوع الأصل المحكوم ، ففي مرتبة الأصل الحاكم لا يكون الحكم الناشئ عن الأصل المحكوم متحقّقاً ، كما يتّضح فيما لو كان الأصل الحاكم مخالفاً في الحكم للأصل المحكوم. وإذا تحقّق أنّ الحكم الناشئ عن الأصل المحكوم غير موجود في مرتبة الأصل الحاكم ، نقول إنّ المعارضة إنّما تقع بين الطهارة الاستصحابية في الاناء الصغير مع الطهارة في الاناء الكبير ، ولا تنوجد الطهارة التي موضوعها
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٧ ـ ٤٩.
(٢) قد يتوجّه النقض على ذلك بالرجوع إلى قاعدة الطهارة فيما لو تعاقبت الحالتان الطهارة والنجاسة ، وقد أجبنا عن ذلك في التنبيه التاسع من تنبيهات الاستصحاب [ منه قدسسره ، راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، صفحة : ٢٣٨ وما بعدها ].