التعارض بأن يقال : إنّ دليل الحجّية لا يشمل المتعارضين منها ، فيسقطان معاً فيما تعارضا فيه ، وإن أمكن إعمالهما في نفي الثالث ، وحينئذ يكون التخيير بينهما عند التساوي على خلاف القاعدة ، ويبقى الإشكال في الترجيح ، ولا يبعد القول [ بأنّه ] على خلاف القاعدة أيضاً.
والخلاصة : هي أنّه ربما ابتلي العام بفردين لا يمكن إعماله فيهما معاً عقلاً كما في الغريقين ، بل وكما في الخبرين المتعارضين بناءً على السببية بالنسبة إلى عموم دليل الحجّية ، بل على الطريقية الصرفة أيضاً ، وعدم إمكان الجمع قد يكون عقلياً كما في الأمثلة المذكورة ، وقد يكون شرعياً كما في الأُختين بالنسبة إلى عموم ( ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ )(١). كما أنّه ربما كان عدم الامكان في فردين لعامين مثل إزالة النجاسة عن المسجد والصلاة ، فإن قلنا في أمثال ذلك بأنّ المرجع هو أحدهما ، لزم الترجيح بلا مرجّح فيتعيّن التساقط. وإن قلنا بمقالة شيخنا قدسسره من أنّ الجاري كلّ واحد منهما مقيّداً بعدم الآخر ، كان الحال كذلك ، لأنّه قبل الاجراء في واحد معيّن يتنجّز كلّ منهما لتحقّق شرطه ، وإن لم ينقلب عن الاشتراط إلى الاطلاق ، وحينئذ فإن أعمل المكلّف أحدهما المعيّن كان ذلك رافعاً لموضوع الآخر ، فيرد عليه أنّ اختيار هذا للعمل وجعل العمل به رافعاً لموضوع الآخر ترجيح بلا مرجّح ، فلِمَ لا تختار الآخر وتعمل به ليكون العمل به رافعاً لموضوع هذا ، وبعد الانتهاء إلى الترجيح بلا مرجّح يكون الأمر منتهياً إلى التساقط.
هذا بحسب مقتضى القاعدة في كلّ ما لا يمكن الجمع فيه ، إلاّفي موردين : أحدهما أن يكون المورد مورد وجوب حتمي مثل الغريقين ومثل الازالة
__________________
(١) النساء ٤ : ٣.