الشكّ إلاّبعد سقوط الطهارة التي موضوعها الاستصحاب ، الذي هو في مرتبة سقوط الطهارة في الاناء الكبير ، وفي هذه المرتبة لا يتوجّه على أصالة الطهارة في الاناء الصغير أنّها موجبة للمخالفة القطعية ، لأنّ ذلك إنّما يتوجّه على تقدير ارتكابهما معاً ، ومن الواضح أنّ المورد بالنقض لا يريد ذلك ، بل يريد أنّه لا ريب في أنّه لا تجوز المخالفة القطعية ، لكنّه يقول إنّه على مسلككم من أنّ سقوط الأصل في كلّ واحد من الأطراف إنّما يكون بالمعارضة ، وأنّ ذلك هو المستند في لزوم الموافقة القطعية ، لا يتمّ في مثل الفرض المذكور ، إذ لا معارضة فيه ، فيلزم على مسلككم أن يجوز ارتكاب الاناء الصغير وإن لم يجز ارتكاب الكبير أيضاً.
وقد اختلفت التقارير فيما ينقلونه عن الأُستاذ قدسسره في كيفية الجواب عن هذا النقض ، ففي بعضها يظهر منه تسليم أنّه لو فرض كون بعض الأطراف مجرى للأصل النافي والبعض الآخر لا أصل فيه ، لكان الحكم فيه هو جواز ارتكاب ما فيه الأصل ، غايته أنّه فرض محال ، وأنّ هذا الفرض الذي وقع به النقض ليس من هذا القبيل ، لأنّ الطهارة بجميع مراتبها معارضة بالطهارة في الطرف الآخر.
وفي بعض التقارير لم يتعرّض لأنّه لو فرض هذا المحال ماذا يكون حكمه ، بل اقتصر على الجواب عن النقض المذكور بما ذكر من أنّه ليس من هذا القبيل ، وزاد عليه بأنّه لو سلّمنا كونه من هذا القبيل لأمكن جواز الارتكاب في الاناء الصغير ، فراجع التقرير المطبوع في صيدا (١) ، فإنّ الظاهر أنّ جميع ما أُفيد فيه في كيفية الجواب عن النقض المذكور لا يخرج عن كونه تمسّكاً بالعلم الاجمالي ، وهو خلاف الفرض ، لأنّ المفروض هو أنّ مسلكه قدسسره على أنّ المانع من الأصل النافي ليس هو العلم الاجمالي ، وإنّما المانع هو التعارض الناشئ عن
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٤٢٢ وما بعدها.