لإمكان إرادة الشارع الأصلين معاً لو أمكن العمل بهما ولم يلزم من الجمع بينهما محذور المخالفة القطعية ونحوه ، والفرق هو وحدة المؤدّى في الخبرين المتعارضين على وجه نعلم أنّ الشارع لا يريد إلاّ أحد الطريقين ، بخلاف الأُصول في باب العلم الاجمالي فإنّ المؤدّى فيها متعدّد ، على وجه يمكن للشارع إرادة الجميع لو أمكن الجمع بينها. نعم لو كان المؤدّى والمورد واحداً في باب الأُصول كما في مسألة تعاقب الحالتين على شيء واحد بالطهارة والنجاسة مثلاً ، كان حال الأصلين في هذه الجهة حال الخبرين المتعارضين ، فتأمّل.
وكيف كان ، فحيث تحقّق أنّه في مسألة تعارض الخبرين لا يكون لنا إلاّ طريق واحد ، ولو من جهة القطع بأنّ الشارع لم يجعل لتلك الواقعة الواحدة طريقين مختلفين ، لا تكون المسألة منتهية إلى احتمال تقييد كلّ من الطريقين بعدم الآخر كي يتولّد من ذلك التخيير بينهما ، بل لا تكون المسألة إلاّمن باب التعارض والتساقط ببرهان عدم معقولية حجّية أحدهما غير المعيّن ، والتعيين ترجيح بلا مرجّح فيتساقطان ، وهو الذي أراده الشيخ قدسسره بقوله : ومن هنا يتّجه الحكم حينئذ بالتوقّف ـ إلى قوله ـ فيتساقطان من حيث جواز العمل الخ (١).
وقد أجاب المرحوم الأُستاذ العراقي قدسسره عن إجراء هذه القاعدة في تعارض الخبرين ـ بعد أن سجّلها في تعارض الأُصول بناءً على الاقتضاء ص ١٢ وص ٧٠ من مقالته (٢) ـ باباء الاطلاق عن مثل هذا التقييد لعدم معهوديته ، فراجع ما أفاده في بيان هذا الجواب في ص ١٩٢ (٣)
__________________
(١) فرائد الأُصول ٤ : ٣٨ ـ ٣٩.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٤ و ١٩٤.
(٣) مقالات الأُصول ٢ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠.