العلم الاجمالي (١) ، فألحق موارد أصالة الحرمة وما هو ملتقى العلمين بما علم تفصيلاً نجاسته ، وقد عرفت الفرق ، وأنّ ما علم تفصيلاً نجاسته ثمّ وقع طرفاً للعلم الاجمالي يكون من قبيل العلم التفصيلي والشكّ البدوي ، بخلاف ما يكون مورداً لأصالة الحرمة ، أو يكون ملتقى العلم الأوّل والعلم الثاني ، فإنّ عدم تأثير العلم الاجمالي فيه مبني على كون التنجيز ناشئاً عن تعارض الأُصول لا عن نفس العلم الاجمالي.
كما أنّ ما أفاده بقوله : لسبق التكليف بوجوب الاجتناب الخ (٢) ، لا يتأتّى في الموردين المذكورين ، وإنّما يتأتّى فيه ما أفاده بقوله : وبتقريب آخر الخ.
وهذا التقريب الآخر لا يتأتّى في الصور السابقة ، أعني صورة العلم التفصيلي أو الأمارة أو الاستصحاب ، فإنّ الموجب لسقوط العلم الاجمالي فيها ليس هو عدم التعارض ، وإن كان هو ـ أعني عدم التعارض ـ متحقّقاً فيها ، إلاّ أنّ الموجب لسقوط العلم الاجمالي فيها هو أنّه ليس بعلم إجمالي حقيقة ، بل هو علم تفصيلي وشكّ بدوي. كما أنّه ليس الموجب لسقوطه في تلك الصور هو مجرّد أنّه لا يعلم بحدوث تكليف آخر ، لما عرفت فيما قدّمناه من أنّ العلم بالحدوث لا يتوقّف عليه منجّزية العلم الاجمالي ، بل يكفي العلم بوجود التكليف وإن لم يكن التكليف في أحدهما قد حدث جديداً ، بل كان موجوداً قبل طروّ العلم الاجمالي ، فلاحظ وتأمّل.
وينبغي أن يعلم أنّ هذا الذي ذكرناه من كون جريان الأصل في المقام مبنياً على أنّ الموجب للتنجّز هو التعارض لا العلم نفسه وارد على من يقول بأنّ
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٧ ـ ٣٨.