الجاري في المسألة ـ أعني العلم الاجمالي بترك الركوع أو السجدة ـ هو قاعدة الفراغ في الركوع وأصالة عدم الاتيان بالسجدة ، بناءً على تقدّم قاعدة الفراغ في الركوع رتبة عليها في السجدة ، أو لأنّ قاعدة الفراغ في السجدة لا تجري ، للعلم بعدم امتثال أمرها إمّا لبطلان الصلاة بترك الركوع ، وإمّا لعدم الاتيان بها ، فإنّ القاعدة أعني قاعدة الفراغ إنّما يمكن إجراؤها إذا قلنا إنّ العلم ليس بمانع من جريانها ، وأنّ المانع هو التعارض ، والمفروض أنّ ذلك لا يقول به هذان القائلان. أمّا القول الأوّل أعني القول بالتقدّم الرتبي فواضح ، لبقاء العلم الاجمالي بحاله. وأمّا على القول الثاني أعني سقوط قاعدة الفراغ في السجدة للعلم بعدم امتثال أمرها فكذلك ، ولا يمكنه ادعاء الانحلال وصيرورة المسألة من قبيل العلم التفصيلي السابق بنجاسة المعيّن ، وذلك لما قرّر في محلّه من [ أنّ ] العلم التفصيلي المتولّد من العلم الاجمالي لا يوجب انحلاله ، بل يلزم من انحلاله عدمه كما حقّق ذلك في مسألة عدم الانحلال العقلي في الشكّ بين الأقل والأكثر الارتباطيين (١).
نعم ، إنّهم في تلك المسألة التزموا بجريان البراءة الشرعية في الجزء المشكوك ، وادّعوا أنّها توجب انحلال العلم الاجمالي. ولا يخفى الفرق بين البراءة الشرعية هناك وبين مثل قاعدة الفراغ في الركن هنا ، لأنّ الأصل النافي هنا يراد إجراؤه في أحد طرفي العلم الاجمالي أعني فوت الركن ، بخلاف الأصل النافي هناك فإنّه إنّما يجري في الجزء المشكوك ، لا في تمام المركّب منه ومن
__________________
(١) راجع فوائد الأُصول ٤ : ١٥١ ـ ١٦٢ خصوصاً قوله رحمهالله في ص ١٦٠ : والعلم التفصيلي بوجوب الأقل ... وللمصنّف قدسسره حواش على المطلب تأتي في المجلّد الثامن من هذا الكتاب ص ٢٧١ وما بعدها.