__________________
الترك في الليلة الثانية حراماً ، فإنّه لا معنى لحرمة الترك في الليلة الثانية إلاّوجوب الفعل ، فيكون حاصل الترديد أنّه إمّا أن يكون الوطء في الليلة الأُولى حراماً ، وإمّا أن يكون الوطء في الليلة الثانية واجباً ، ومن الواضح أنّه لا مقابلة بينهما ، لأنّه إذا كان حراماً في الليلة الأُولى كان حراماً أيضاً في الثانية ، فلا يكون الحاصل حينئذ إلاّ أنّه إمّا أن يجب الوطء في الليلتين وإمّا أنّه حرام فيهما ، فلا يكون التكليف المعلوم إلاّواحداً مردّداً بين الوجوب والتحريم ، فلا تكون الموافقة القطعية واجبة بالنسبة إلى ذلك التكليف الواحد المعلوم ، لعدم القدرة عليها ، ولا يبقى في البين إلاّحرمة المخالفة ، للقدرة عليها بالتخالف بين الليلتين ، فتكون المخالفة المذكورة ممنوعة عقلاً ، ومقتضاه كون التخيير بدوياً ، فيلزمه إمّا الفعل فيهما وإمّا الترك فيهما.
وفي هذه المسألة يكون العقل حاكماً بالمنع من التخالف ، وملزماً بالتوافق بين الليلتين فعلاً أو تركاً ، ويكون التخيير في هذه الصورة بين الفعل فيهما أو الترك فيهما بحكم العقل ، لا أنّه تكويني بحكم الطبع. وعلى كلّ حال لا يكون التخيير إلاّبدوياً.
نعم ، لو قلنا بخروج الليلة الثانية فعلاً عن ابتلائه لم يكن العقل حاكماً بحرمة المخالفة القطعية ، وكان في كلّ ليلة مخيّراً بين الفعل والترك ، وكان التخيير استمرارياً تكوينياً ، فتأمّل جيّداً في أطراف ما ذكرناه ، وفيما أفاده شيخنا قدسسره في تحرير السيّد سلّمه الله ، وراجع ما أفاده الأُستاذ العراقي قدسسره في هذه المسألة فيما حرّرناه عن درسه وفيما أفاده في المقالة [ مقالات الأُصول ٢ : ٢٢٣ ].
والشاهد لما ذكرناه من كون هذا العلم الاجمالي مغالطة صرفة وأنّه لا واقعية له ، هو ما تقدّم في مثال الزوجتين ، وأنّ الاقدام على الوطء فيهما يكون محصّلاً للموافقة القطعية للوجوب المعلوم ، لكنّه مقارن للمخالفة القطعية للتحريم المعلوم ، وأنّ الترك في كلّ منهما يكون محصّلاً للموافقة القطعية بالنسبة إلى التحريم ، لكنّه مقارن للمخالفة القطعية للوجوب ، وصورة ذلك العلم الاجمالي في جانب الترك في كلّ منهما موجودة ، فإنّه يعلم أنّ أحد التركين واجب والآخر محرّم ، وحينئذ يكون الترك في كلّ