__________________
المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية.
فمن يقول بتقدّم المخالفة القطعية كشيخنا قدسسره ينبغي له أن يمنعه من التبعيض ، ويلزمه بأحد الأمرين من الترك في الليلتين أو الفعل فيهما ، فراراً من المخالفة القطعية وإن فاتته الموافقة القطعية ، وحينئذ ينبغي أن يكون التخيير بدوياً لا استمرارياً. إلاّ أن نقول : إنّ العلم الاجمالي لا أثر له في التدريجيات ، لخروج الليلة الثانية عن ابتلائه فعلاً. لكن قد عرفت أنّ ذلك أعني الخروج عن الابتلاء لم يكن هو الأساس عنده قدسسره في استمرارية التخيير.
أمّا من يقول بكونهما عرضيين فيتّجه عنده التخيير بين الأُمور الثلاثة : الفعل في الليلتين ، والترك فيهما ، والتبعيض ، وهو معنى كون التخيير استمرارياً.
والظاهر أنّه لا مدفع لهذه الجهة من التأمّل فيما أفاده شيخنا قدسسره إلاّ المنع من هذا العلم الاجمالي المدّعى ، أعني العلم بوجوب أحد الأمرين : الفعل في الليلة الأُولى والترك في الثانية وحرمة الآخر منهما ، فإنّه لا محصّل له ، إذ ليس في البين إلاّ العلم بالحرمة في كلّ من الليلتين أو الوجوب فيهما ، وليس التعبير بأنّ الوطء في الأُولى والترك في الثانية أو العكس أحدهما معلوم الوجوب والآخر معلوم الحرمة إلاّمغالطة صرفة ، إذ لا معنى لكون الترك معلوم الوجوب إلاّحرمة الوطء ، ولا معنى لحرمة الترك إلاّوجوب الفعل ، فقولنا : إمّا أن يكون الوطء في الليلة الأُولى واجباً وإمّا أن يكون الترك في الليلة الثانية واجباً ، لا يكون الشقّ الثاني فيه إلاّعبارة عن حرمة الوطء في الليلة الثانية ، فيكون حاصل الترديد أنّه إمّا أن يجب الوطء في الليلة الأُولى وإمّا أن يحرم في الليلة الثانية ، ومن الواضح أنّه لا مقابلة بينهما ، لأنّه إذا وجب في الليلة الأُولى كان واجباً أيضاً في الليلة الثانية ، وإذا كان حراماً في الليلة الثانية كان حراماً أيضاً في الليلة الأُولى.
وهكذا الحال في قولنا : إمّا أن يكون الوطء في الليلة الأُولى حراماً ، وإمّا أن يكون