وثانياً : أنّها لا تنفع في انحلال العلم الاجمالي ودفع محاذير المقدّمة الثانية ، لقلّة مواردها وانحصارها في طائفة خاصّة من محتملات التكاليف. فينحصر الكلام في هذه المقدّمة بالاستصحابات المثبتة للتكليف ، ولا إشكال في أنّها لا توجب انحلال العلم الاجمالي الكبير ، ولو ضممنا إليها المعلومات القطعية من الأحكام ، إذ لا يكون مجموع ما علم قطعياً من الأحكام وما جرت فيه الاستصحابات المثبتة بمقدار ذلك المعلوم الاجمالي الكبير.
وأمّا ما أشكل به شيخنا قدسسره (١) على هذه الاستصحابات من العلم الاجمالي في مؤدّاها على الخلاف ، فيمكن المناقشة فيه بمنع العلم الاجمالي بمخالفة بعض تلك الاستصحابات للواقع.
نعم ، في خصوص أصالة عدم ترتّب الأثر في باب المعاملات ربما أمكن أن يقال بأنّا لو جرينا على طبق هذا الأصل في جميع موارد الشكّ في صحّة المعاملة ، يحصل لنا القطع بعدم مصادفة جملة من موارد ذلك الأصل للواقع ، ولكن لو أسقطنا الأصل المذكور ماذا تكون النتيجة. نعم تكون النتيجة أشبه شيء بالدوران بين المحذورين بالنسبة إلى العوض والمعوّض ، فإنّ المعاملة إن كانت صحيحة كان التصرّف فيما انتقل عنه حراماً ، وإن كانت فاسدة كان التصرّف فيما انتقل إليه حراماً ، فيكون اللازم على كلّ من المتعاقدين هو اجتناب ما انتقل عنه وما انتقل إليه ، وهو محصّل أصالة الحرمة في الأموال ، ولعلّ ذلك موجب للعسر والحرج خصوصاً في مثل النكاح ، إلاّ إذا جدّد العقد بما هو القدر المتيقّن إن كان في البين قدر متيقّن.
وكيف كان ، فإنّ هذا الأصل وهو أصالة الحرمة في الأموال قد عرفت أنّه لا
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٢٣٦.