__________________
وجوب قتله بعد أن كان محرّم القتل ، لكن استصحاب الحرمة جارٍ ، وفي قباله أصالة البراءة من الوجوب ، فينحلّ العلم بجريان الأصل المثبت في أحد طرفيه والنافي في الآخر.
ومثاله في الاحتياط ما لو علم بارتداد زيد فطرياً ، ولكن تردّد في هذا الشخص الحاضر هل هو زيد المذكور أو غيره ، فإنّ أصالة الحرمة في النفوس توجب لزوم ترك قتله احتياطاً ، وإجراء أصالة البراءة من احتمال وجوبه. وهكذا لو كان قد ترك وطء زوجته لمدّة تزيد على أربعة أشهر فوجب عليه ذلك ، وحضرت عنده امرأة مردّدة بين كونها هي زوجته أو أجنبية ، فإنّه يحتاط بالترك ويجري البراءة في الوجوب ، إن لم نرجع ذلك إلى المثال الأوّل أعني الاستصحاب في أحد الطرفين ، بدعوى أنّ الأصل عدم طروّ الارتداد على هذا الشخص الحاضر ، والأصل عدم طروّ الزوجية على هذه المرأة الحاضرة.
ويمكن أن يقال : إنّه عند جريان الاستصحاب في أحد الطرفين تخرج المسألة عن الدوران بين المحذورين ، ويكون الطرف الآخر منتفياً بنفس جريان الاستصحاب المذكور من دون حاجة إلى البراءة. نعم لو كان الجاري في أحدهما هو الاحتياط كان الطرف الآخر محتاجاً إلى البراءة.
ومن ذلك يظهر لك أنّه يمكن للشارع أن يجعل الاحتياط في أحد الطرفين معيّناً ، بأن يقول عند الدوران بين المحذورين يجب الاحتياط بالترك ، ولو من جهة أنّ دفع المفسدة عنده أولى من جلب المصلحة. نعم لا دليل على هذا الاحتياط الشرعي ، لكنّا نقول إنّه لو احتمل المكلّف هذا الوجوب الشرعي الاحتياطي الذي هو في جانب الترك فقط ، أمكنه إجراء أصالة البراءة فيه ، لكنّه يبقى على حاله من التخيير الطبعي ، وأمكنه الاحتياط الاستحبابي في ذلك بالتزام الترك ، وكان العقل حاكماً بحسن هذا الاحتياط ولو لأجل احتمال أنّ الشارع أوجبه ، لكن ذلك خارج عمّا تقدّم من عدم