__________________
التخيير.
لا يقال : في الشبهة غير المحصورة لا تكون المخالفة القطعية مقدورة ، فينبغي أن لا يكون العقل حاكماً بجواز ارتكاب بعض أطرافها ، ولا إشكال في حكمه في ذلك بالتخيير وجواز ارتكاب البعض.
لأنّا نقول : مرادنا من التخيير العقلي الذي منعناه عند عدم التمكّن من المخالفة القطعية هو إلزام العقل بأحد الأطراف تخييراً ، لا التخيير في أحدها بين الفعل والترك الذي هو الاباحة. والحاصل : أنّ العقل عند عدم التمكّن من الموافقة القطعية مع فرض التمكّن من المخالفة القطعية ، يكون حاكماً بلزوم بعض الأطراف فراراً من المخالفة القطعية ، وهذا هو التخيير العقلي الذي قلنا إنّه لا يتأتّى في صورة عدم التمكّن من المخالفة القطعية ، ومن الواضح أنّ العقل لا يلزم بأحد الأطراف في الشبهة غير المحصورة. نعم هو يحكم بالتخيير فيها بين الفعل والترك ، وهذا هو عبارة أُخرى عن الإباحة.
وأمّا بقية الوظائف من قاعدة الحل والبراءة العقلية والشرعية والاستصحاب ، فقد تعرّض لها شيخنا قدسسره فيما سيأتي ، فراجع هذا التحرير وتحرير السيّد ، فلعلّ بيانه أوفى لكونه من الدورة المتأخّرة عن هذا التحرير.
ومن جملة ذلك ما حرّره [ في أجود التقريرات ٣ : ٤٠٠ ] بقوله : الثانية أنّ المراد من الأصل المدّعى عدم جريانه في المقام هو الأصل الجاري في كلّ من الطرفين ، أو الأصل الجاري في نفس الجامع المعلوم كأصالة الاباحة ، وأمّا الأصل الجاري في أحد الطرفين فقط من دون أن يكون معارضاً بجريانه في الطرف الآخر ، كما إذا كان المردّد بين الوجوب أو الحرمة مسبوقاً بالوجوب مثلاً ، فلا ريب في جريانه وانحلال العلم الاجمالي به ، وخروج مورده عن دوران الأمر بين المحذورين ، انتهى.
ومن هذا القبيل ما لو احتمل عروض الارتداد الفطري على المسلم ، فإنّه يوجب