__________________
معقولية الاحتياط ، لأنّ ذلك هو الاحتياط في الطرفين وهو غير مقدور ، وهذا احتياط في أحدهما وهو الترك وهو مقدور ومعقول.
ومن ذلك يظهر لك إمكان الحكم شرعاً أو عقلاً بالتخيير في قبال ذلك الاحتمال ـ أعني احتمال تعيّن الترك شرعاً أو عقلاً ، احتياطاً من المفسدة وأنّ دفعها أولى من جلب المصلحة ـ بأن يحكم الشارع أو العقل بالتخيير بين الطرفين ، في قبال احتمال تعيّن الالتزام بالترك فراراً من الوقوع في المفسدة. لكنّه أيضاً غير ذلك التخيير السابق الذي كان لمجرّد التردّد بين لزوم الترك ولزوم الفعل ، الذي هو عبارة عن كونه طبعياً لا عقلياً ، فتأمّل.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ هذا التخيير الشرعي أو العقلي ليس في الحقيقة حكماً بالتخيير ، بل هو عبارة عن حكم الشرع أو العقل بعدم لزوم الاحتياط في ناحية الترك الناشئ عن ملاك كون دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة ، فليس هو في الحقيقة إلاّطرد ذلك الاحتمال ونفيه ، لا أنّه حكم بالتخيير ، وبعد طرد ذلك الاحتمال يبقى المكلّف وما يقتضيه طبعه.
وعلى كلّ حال ، أنّ هذا الأصل ـ أعني التخيير الشرعي ـ لا دليل عليه لو سلّمنا إمكانه. لكن يشكل الأمر في البراءة الشرعية في كلّ من الطرفين ، فإنّا إذا فتحنا باب إمكان جعل الاحتياط الشرعي في أحدهما ، إمّا في جانب الترك فلاحتمال أنّ الشارع رجّح دفع المفسدة المحتملة على جلب المصلحة المحتملة ، وإمّا في جانب الفعل
فلاحتمال أنّ الشارع رجّح جلب المصلحة المحتملة على دفع المفسدة المحتملة ، فإنّا وإن قطعنا بأنّه لم يجعل الاحتياط في كلّ منهما ولم يجمع بين الاحتياطين ، إلاّ أنّا نحتمل جعله في أحدهما المعيّن فقط ، بأن نحتمل أنّ الشارع جعل الاحتياط في جانب الترك فقط دون جانب الفعل ، كما أنّا نحتمل أنّه جعل الاحتياط في جانب الفعل فقط دون جانب الترك ، وحينئذ يكون لنا إجراء البراءة الشرعية في الترك في قبال