في حرمته على تقدير كونه حراماً أقوى من المصلحة في وجوبه على تقدير كونه واجباً ، ويكون ذلك علّة في الأمر بالاحتياط في جانب الترك ، كما ربما يلتزم به في دوران الأمر في هذا الشخص بين كونه واجب القتل وكونه محرّم القتل. وبالجملة : نحن نحتمل أن يكون هذا الذي ابتلينا به ممّا دار بين الوجوب والتحريم هو نظير المثال في تقدّم احتمال الحرمة.
ومن جميع ذلك يتّضح لك التأمّل فيما أُفيد في هذا التحرير (١) أوّلاً وثانياً وثالثاً. أمّا التأمّل في الأوّل ، فلما عرفت من أنّا لا ندّعي الجزم وإنّما أقصى ما عندنا هو الاحتمال ، مضافاً إلى ما عرفت من عدم التزامنا بذلك كلّية. وأمّا التأمّل في الثاني فلأنّه قد حقّق في محلّه (٢) الفرق بين الواجب والحرام ، وأنّ الأوّل ما كان ناشئاً عن صلاح في الفعل والثاني ما كان ناشئاً عن فساد في الفعل ، ولو اتّفق أنّ فعلاً يكون في نفسه ذا صلاح ويكون تركه ذا فساد ، لم يكن ذلك الفعل واجباً محضاً ، بل كان تركه حراماً مضافاً إلى كون فعله واجباً ، فلو تركه كان مستحقّاً لعقابين ، عقاب ترك الواجب وعقاب فعل الحرام. وأمّا التأمّل في الثالث فلما عرفت من أنّ المراد هو ملاكات الأحكام لا المنافع والمضارّ الشخصية ، فلاحظ وتأمّل.
وينبغي الضرب على بقية البحث وعلى بقية الحواشي إلى حاشية قوله في ص ١٦٥ ، فيكون المضروب عليه هو من قولنا : ولكن شيخنا قدسسره ، إلى حاشية قوله في ص ١٦٥ : أو يكون أحدهما ... الخ (٣)
__________________
(١) فوائد الأُصول ٣ : ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٢) راجع المجلّد الثالث من هذا الكتاب ص ٩٨ والمجلّد الرابع منه ص ٣ ـ ٤.
(٣) [ ارتأينا إدراج ما أمر قدسسره بالضرب عليه في الهامش تتميماً للفائدة ، وهو ما يلي : ]