وهكذا الحال فيما لو فاتته فرائض مالية أو عبادية وهو لم يعلم بفوتها حتّى مات ، فإنّ على وارثه أو وصيّه إيفاء ذلك عنه ، وللحاكم الأخذ من ماله بما يكون وافياً بما اشتغلت به ذمّته ، بل لو كان ذلك الشخص قد التفت إلى ذلك واحتمله لكنّه أجرى قاعدة الشكّ بعد الوقت ، أو قاعدة الفراغ فيما شكّ في بطلانه من عباداته ، أو قامت البيّنة عنده على عدم شغل ذلك أو على صحّة عباداته ، أو أجرى [ البراءة ] فيما زاد على ما علمه ، وقد علم الحاكم أو وصيّه أو وارثه بخطأ ذلك ، كان لهم أو عليهم الأخذ من ماله وعليهم إيفاء ذمّته ، مع فرض كونه غير مستحقّ للعقاب على ذلك ، فلو لم يعلم أحد بذلك لم يكن في البين إلاّهذا الحكم الوضعي وهو انشغال ذمّته ، ولا أثر لذلك إلاّيوم القيامة ، والله سبحانه لا يؤاخذه على ما هو راجع إليه ، أمّا ما يرجع إلى الناس فذلك أيضاً راجع إليه تعالى ولعلّه يعوّضهم عنه.
المقدّمة الثانية : أنّ هذا الشخص لو أقدم على الأخذ بالزائد واحتاط بدفع الأكثر أو فعله ، لم يكن ذلك رافعاً للعقاب الذي استحقّه على عصيانه السابق ، فإنّ ذلك العصيان لا يرتفع إلاّبالتوبة وعفو الله تعالى ، فليس الغرض من إجراء البراءة من ذلك الزائد هو رفع ذلك العقاب المستحقّ بالعصيان السابق ، وإنّما أثرها هو رفع العصيان الفعلي ، وأنّه لو لم يفعله لا يكون مستحقّاً للعقاب على عدم فعله فعلاً بالنسبة إلى حالته الفعلية الحاضرة التي هي حالة الشكّ في الزائد وعدم العلم به ، ولا ريب أنّه بالنسبة إلى حالته الفعلية يكون مورداً لعدم العلم بذلك الزائد وعدم تنجّز وجوب أدائه ، وعدم استحقاق العقاب على ترك أدائه فعلاً ، وإن كان مستحقّاً للعقاب على تركه السابق وإقدامه على أخذ ذلك المال لو كان له وجود في الواقع ، وكان أثره الوضعي أيضاً ثابتاً وهو انشغال ذمّته به ، لما عرفت من أنّ