تلك الأخبار ، لا إلى ما أُفيد في الحاشية (١) وغيرها من ذلك التوجيه المبني على احتمال التنجّز بالعلم الماضي ، ممّا هو مخالف لقاعدة الشكّ بعد الوقت ولقاعدة البراءة في الزائد في مسألة الشكّ بين الأقل والأكثر غير الارتباطيين.
نعم ، هنا إشكال وهو أنّ نتيجة إجراء البراءة الشرعية أو العقلية هو القطع بعدم استحقاق العقاب على التكليف الذي جرت فيه لو فرض وجوده واقعاً ، مثلاً لو أجرينا البراءة العقلية أو الشرعية في وجوب الدعاء عند رؤية الهلال عندما نشكّ فيه ، تكون نتيجة ذلك هو القطع بعدم استحقاق العقاب لو اتّفق الوجوب واقعاً ، وحينئذ نقول : إنّ من مضت عليه مدّة من عمره وهو متمرّد عن جميع التكاليف ومشغول بنهب أموال الناس ، لو أدركته الرحمة الإلهية وقدم على التوبة ، وتردّد ما فاته من الصلاة والصيام عصياناً وما اشتغلت به ذمّته من أموال الناس عصياناً أيضاً بين الأقل والأكثر ، وأدّى المقدار المعلوم ، وأجرى البراءة فيما زاد على ذلك ، لا يحصل له القطع بعدم العقاب على ذلك الزائد لو فرض وجوده واقعاً ، فما فائدة جريان البراءة فيه في حقّ ذلك الشخص.
والجواب يتوقّف على ذكر مقدّمتين :
الأُولى : أنّه لا تنافي بين الحكم بعدم استحقاق العقاب وبين ثبوت الأثر الوضعي للتكليف الواقعي ، أعني الضمان في الماليات واشتغال الذمّة في العبادات ، فإنّ النائم لو كسر آنية الغير في حال نومه ولم يعلم بذلك حتّى مات لا عقاب عليه قطعاً ، لكنّه مشغول الذمّة بما أتلفه في نومه على وجه يجب على ورثته أو وصيّه تفريغ ذمّته من ذلك المال لو علموا بذلك ، بل إنّ لصاحب تلك الآنية الاقتصاص من ماله في حال حياته وبعد مماته.
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.