حرمة ترك خصوصية الخاصّ المذكور ، وإمّا حرمة ترك نفس القدر المشترك الموجود فيه وفي الخاصّ الآخر ، الموجب لكون ترك ذلك الخاصّ الآخر حراماً ضمناً ، وحينئذ يكون حاصل العلم الثاني هو إمّا أن يكون ترك الخصوصية الخاصّة لذلك الخاصّ حراماً ، وإمّا أن يكون ترك الخاصّ الآخر حراماً ، ومقتضى ذلك الاحتياط باتيان ما يحتمل كون خصوصيته واجبة.
والحاصل : أنّه إذا علم إجمالاً إمّا وجوب القدر الجامع بين الفردين مثلاً ، وإمّا وجوب أحد الفردين بخصوصه ، يعلم من ذلك إجمالاً إمّا حرمة ترك خصوص ذلك الفرد الخاصّ ، وإمّا حرمة ترك مقابله حرمة ضمنية ، حيث إنّه على تقدير كون الوجوب متعلّقاً بالجامع يكون تركه بترك كلا الفردين ، فيكون ترك أحدهما المعيّن له الدخل في ترك ذلك الجامع ، فيكون حراماً ضمناً.
لا يقال : إنّه يكون من قبيل الأقل والأكثر ، لأنّه إذا علم بوجوب القدر الجامع بين زيد وعمرو أو وجوب زيد بخصوصه ، كان القدر الجامع معلوم الوجوب ، لأنّ الواجب الواقعي إن كان هو القدر الجامع فواضح ، وإن كان هو خصوص زيد كان القدر الجامع الموجود فيه واجباً ضمناً ، فيكون وجوب القدر الجامع معلوماً ، ووجوب خصوصية زيد مشكوكاً ، فينحل العلم الاجمالي.
لأنّا نقول : قد عرفت أنّ الضابط في الأقل والأكثر هو أنّ الأقل على تقدير تعلّق الوجوب بالأكثر يكون موجوداً بنفسه في ضمن الأكثر ، ومن الواضح أنّ القدر الجامع بما هو قدر جامع لا يكون موجوداً في زيد ، وإنّما الموجود فيه هو حصّة منه ، لا أنّه موجود فيه بنفسه ، انتهى ما حرّرته عنه.
وكيف كان ، أنّ الذي يظهر لك أنّ أغلب هذه الجهات التي أفادها في تقريب العلم الاجمالي وغيره راجعة إلى دعوى حرمة الترك عند وجوب الفعل.