تعلّق الوجوب التخييري بالطرف الثاني الذي هو الصيام فيما ذكرناه من المثال ، فتكون عين الاستصحاب الذي ادّعاه الشيخ قدسسره ومنعه شيخنا قدسسره أشدّ المنع ، مع اعترافه قدسسره بأنّ الوجوب التخييري في مقام الثبوت مركّب من جعلين ، ومع بنائه قدسسره على أنّ التعيينية مركّبة من أمر وجودي وهو تعلّق الطلب بالعتق وآخر عدمي وهو عدم جعل الصيام بدلاً عنه ، ومع ذلك منع من الاستصحاب المذكور ، نظراً منه قدسسره إلى أنّ المستصحب إن كان هو عدم الجعل فهو لا يثبت عدم المجعول إلاّبالأصل المثبت ، وإن كان هو عدم المجعول فهو مع أنّه ليس له حالة سابقة غير نافع في إثبات التعيينية إلاّبالأصل المثبت ، لأنّها وإن كانت مركّبة من ذلك الأمر العدمي ، إلاّ أنّ اعتباره فيها يكون من قبيل عدم الملكة ، فراجع ما حرّره عنه السيّد سلّمه الله في ص ٢١٦ (١). وإذا كان الاستصحاب المذكور ساقطاً فكيف صحّ لنا إثبات التعيين بأصالة العدم ، وهل هي أعني أصالة العدم إلاّعبارة عن الاستصحاب المذكور.
ومن ذلك يتّضح لك التأمّل فيما أُفيد في هذا التحرير بقوله : وأمّا الطرف الآخر الذي يحتمل أن يكون عدلاً لما تعلّق الوجوب به ، فالبحث عمّا يقتضيه الأصل بالنسبة إليه بعد البناء على أصالة التعيينية ساقط ، إذ لا أثر للبحث عن جريان أصالة البراءة أو أصالة عدم وجوبه ـ إلى قوله ـ فلا فائدة في جريان أصالة البراءة أو عدم الوجوب فيه ... الخ (٢).
وحاصله : أنّه بعد ثبوت أصالة التعيين لا حاجة إلى الاستصحاب المذكور ، فإنّه يتوجّه عليه أنّه كيف نقول لا حاجة إلى الاستصحاب المذكور مع فرض توقّف ثبوت أصالة التعيين عليه ، كما يعطيه قوله : التعيينية عبارة عن تعلّق الارادة
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) فوائد الأُصول ٣ : ٤٣٥ ـ ٤٣٦.