يكون التقابل بين الوجوب التعييني والوجوب التخييري في مقام الجعل من قبيل الأقل والأكثر ، بل لا يكون كلّ من الوجوبين إلاّجعلاً بسيطاً ، فإن كان متعلّقاً بالعتق كان تعيينياً ، وإن كان متعلّقاً بأحد الأمرين منه ومن الصيام كان تخييرياً ، وفي هذا النحو لا يمكن الرجوع في إثبات التعيين إلى أصالة العدم من الجعل الآخر.
ومن ذلك يظهر لك اندفاع ما قد يتوهّم لتقريب إجراء أصالة العدم من الجعل الثاني ، بأنّا نعلم قطعاً أنّ العتق قد دخل تحت الطلب ، سواء كان بالنحو الأوّل أو كان بالنحو الثاني ، حيث إنّه على كلّ منهما يكون العتق داخلاً تحت الطلب ، غايته أنّه على النحو الأوّل يكون داخلاً تحت الطلب بنفسه ، وفي النحو الثاني يكون داخلاً تحته بعنوان كونه أحد الأمرين ، وإذا كان دخول العتق تحت الطلب معلوماً لدينا ، فلم يبق إلاّ أنّا نشكّ في أنّ الشارع جعل له بدلاً فننفيه بالأصل ، وبذلك يثبت كون وجوبه تعيينياً ، بناءً على ما عرفت من أنّه عبارة عن تعلّق الطلب بشيء مع عدم جعل بدل له.
ووجه اندفاع هذا التوهّم هو ما أشرنا إليه وحاصله : أنّا وإن كنّا عالمين بأنّ العتق قد دخل تحت الطلب ، إلاّ أنّا لا يمكننا الحكم بأنّه تعييني إلاّبأن نضمّ إليه الجزء الآخر وهو عدم جعل الصيام بدلاً عنه ، وهذا الجزء لا يمكننا إثباته بأصالة العدم ، لأنّه يتوقّف على أن يكون جعل الصيام بدلاً عنه جعلاً زائداً على أصل جعل وجوب العتق ، وهو إنّما يتمّ فيما لو أحرزنا أنّ جعل وجوبه كان في مقام الثبوت على النحو الأوّل ، لما عرفت من أنّه لا محصّل لأصالة عدم جعل البدل لو كان الجعل في مقام الثبوت على النحو الثاني.
ثمّ لا يخفى أنّ أصالة عدم جعل البدل ليست إلاّعبارة عن استصحاب عدم